جريدة البيان
الحديث عن الطفولة حديث شيق فهو حديث عن خصائص عمرية بالتعرف إليها نحصل على مفاتيح للدخول إلى ذات الطفولة والوقوف على أسرارها. فلكل سن معينة اسلوب يجب انتهاجه،
فالتربية السليمة لا تتأتى بشكل عشوائي وهي كما يعرفها «دوركايم» «عملية تنشئة اجتماعية منهجية للجيل الجديد» فدور الأم في توجيه سلوكيات الطفل والعمل على صقل الصحيح وطرد السقيم أمر ذو أهمية كبرى تبدأ مع الأشهر الأولى من حياة الطفل في تلبية متطلباته وكيفية التعامل معها والتوقيت السليم للايجاب والرفض. وبما أن أكثر من ثلاثة أرباع وقت الطفل ينقضي في النوم، فإن لنوم الطفل أهمية لا تقل عنها حال استيقاظه، وهي مسألة تثير الكثير من التساؤلات وتوقع الأمهات في حيرة من أمرهن بخصوص المكان الأنسب لنوم الطفل أين سينام في سريري أم في سرير خاص؟ في غرفتي أم في غرفة مجاورة؟ بأي سن يجب أن يفارق غرفتي؟ هل أبقى بقربه حتى ينام أم لا بأس ان تركته لوحده بغية التعويد؟! وللغوص في هذا الموضوع محاولة للاجابة عن مثل هذه الأسئلة كان لـ «دنيا الناس» هذه الوقفة.
فراغ عاطفي
تقول ليلى محمد توفيق (موظفة): لم أكن أعلم قبل أن يرزقني الله بالأولاد بأن تربيتهم صعبة وتحمل المشقة لهذه الدرجة فليس الأمر بالسهل ولا بالهين وخاصة عند الأطفال الصغار الرضع تراه يبكي ولا تعلم أسباب بكائه فهو لا يعرف بعد لغة التخاطب ويعبر عن شعوره ومتطلباته دائما بالبكاء غير ان الممارسة والتدريب شيئا فشيئا تبدأ الأم بمعرفة مستلزمات أولادها وأسباب بكائهم أو قلقهم وبالنسبة لنوم الأطفال الصغار في غرف والديهم أو على أسرتهم فأرى ان من الضروري أن يبقى الطفل قريبا من أمه سواء على سريرها وأفضل أن يكون في سرير صغير بجانب سريرها له حواجز مرتفعة كي لا يتعرض الصغير للوقوع أو إيذاء نفسه وألا تتركه في غرفة خاصة به وخاصة أصحاب السنة والسنتين فهم صغار لا يتركون وقد يتسبب تركهم لفترات بعيدين عن أمهاتهم بفراغ عاطفي قد تظهر عليهم آثاره في الكبر فالولد الصغير إذا بكى واستيقظ من نومه ولم يجد بجانبه أمه أو من يحضنه ويهزه ويشعره بالحنان فأظن انه سيواجه نقصا في الحنان الأسري وهذا أمر ليس بالهين واني لأبدي تعجبي من بعض الأمهات اللاتي يتركن أولادهن الصغار ليناموا في غرف مجاورة لغرفهن دون الاكتراث لحالهم بكوا أم ناموا أم استيقظوا وأتعجب أيضا من الأمهات اللاتي يتركن أولادهن طيلة الوقت بين يدي الخادمة تحمله وتطعمه وقد ترضعه فتراه يحب الخادمة ويحن لها أكثر من أمه وكثيرا ما سمعت عن أمهات يتركون أبناءهم ينامون في غرف الخادمات ولهذا الأمر سلبيات كثيرة معلومة للجميع فأنصح الأمهات بأن يبقوا أولادهن بجانبهن أثناء يقظتهم أو أثناء نومهم ويلبوا لهم جميع مطالبهم لكي تبقى صلة المحبة والألفة والعاطفة قائمة بينهم فتكون الأم بذلك قد أدت دورها الصحيح دون نقص أو خلل فتربية الأبناء ليست سهلة وتحتاج منا بذل الجهد وتقصي المنافع وتجنب المخاطر لكي نؤدي الأمانة على وجهها الصحيح.
الفصل بعد الثالثة
يقول محمد صالح زيدان (موظف): من المعلوم أن الطفل في أشهره وسنينه الأولى يكون بحاجة ماسة لأن يبقى قرب أمه وأبيه فهي أوقات تحتاج رعاية كبيرة من الوالدين ومراقبة تامة لتحركاته وتلبية مطالبه واحتياجاته فهو لا يعرف الكلام ليعبر عما يريد ولغته الوحيدة البكاء فعلى الأم أن تكون واعية ومثقفة ثقافة أسرية تعرف منها كيفية التصرف مع المولود الصغير وكيفية فهمه وأرى انه في سن معينة يجب فصل الولد في غرفة خاصة به وأرى ان يكون الفصل بعد الثالثة من عمره وألا يكون الفصل مباشرا بأن يكون في حضن أمه أو بين ذراعيها حتى ينام وبعد نومه تأخذه لتضعه في غرفته الخاصة وفي سريره الخاص وألا يكون الفصل طوال الليل بأن تقوم أثناء الليل لتطمئن عليه خوفا من أن يكون مستيقظا يبكي أو انه خائف من شيء ما أو رأى مناما مزعجا فهذه الأمور لا تجعله يشعر بالارتياح في حال فصله عن أمه أو عند استيقاظه دون أن يراها بجانبه أما إذا تم فصل الولد عن غرفة والديه بشكل تدريجي فهو الأفضل لانه لن يشعر بفارق كبير إلا في بداية الأمر وسيعتاد على ذلك وهناك أجهزة يمكن أن يستخدمها الأهل لمراقبة أولادهم الصغار وتحركاتهم للاطمئنان عليهم فيمكن وضع جهاز نقل الصوت في غرفة الأولاد فإذا ما بكى أحدهم سمعت الأم أو الأب الصوت فتذهب لرؤية أسباب بكائهم ويمكن وضع عدسة مراقبة لمزيد من الاطمئنان فبهذه الحالة تبقى الأم على اطلاع دائم بحركة أولادها الصغار. وأنا أرى انه من الأفضل للأم وللأب على حد سواء أن يبقى الطفل دون سن الثالثة في غرفة والديه تحاشيا لاصابته بأمراض نفسية أو أضرار جراء البكاء الكثير ولاعطائه ما يستحق من حنان ورعاية أثناء نومه ويقظته وكلنا يعلم صعوبة ذلك فالولد الصغير كثيرا ما يبكي ولا يعرف لذلك سببا وكثيرا ما يوقظك من نومك ببكائه وهذه ضريبة لابد أن يدفعها كل من رزقه الله بالبنين والبنات فهم زهرة الحياة الدنيا ولهذه الزهرة مستحقات ويلزمها رعاية وعناية على الوجه الصحيح لكي يكونوا أصحاء معافين بعيدين عن الخطر والأمراض والعلل.
طول البكاء
وتقول سوسن اسبيتة اخصائية التوعية الصحية في جونسن اند جونسن يعاني الاطفال في الاشهر الاولى من حياتهم من اضطرابات النوم بنسبة طفل واحد بين كل اربعة أطفال وتجدر الاشارة الى ان الخبراء والاطباء ينصحون بترك الطفل يبكي حتى يجد النوم طريقه الى عينيه ولكن في الواقع اذا نجحت هذه الوسيلة مع بعض الاطفال فإنها قد لا تنجح مع اطفال آخرين. ووفقا لما تشير اليه الدراسات فإن الاطفال الحديثي الولادة يمضون حوالي 16 ساعة من النوم الخفيف في اليوم وتقتصر هذه الفترة عند الاطفال بدءا من عامهم الاول لتبلغ 12 ساعة وتكمن المشكلة في ان الطفل في هذه السن لا ينام فترات طويلة غير متقطعة او حتى من ينام بشكل جيد منهم يستيقظ عدة مرات خلال الليل ويرى العديد من الاشخاص انه من الضروري جعل الطفل ينام وحده منذ الصغر خارج سرير والديه ويرى احد الخبراء ان وضع الطفل في السرير وتركه يبكي حتى ينام يعزز عادات جيدة للنوم وقد دامت هذه الفكرة منذ 1945 حتى السبعينيات حتى لاحظ الباحثون ان البكاء المطول قد يؤثر في نوم الطفل الخفيف بشكل سلبي حتى ينتهي الامر بأن يصبح منزعجا وتبدو عليه الاضطرابات التي تمنعه النوم من جديد فبدل ترك الطفل في السرير يبكي يمكن للأم ان تعطيه وقتا اضافيا من البكاء قبل ان تلجأ الى حمله وبهذه الطريقة يمكن مساعدته على التعود على النوم مباشرة وبشكل تدريجي دون ان يذوق الكثير من الدموع ويعتبر هذا الاسلوب هو الاسلم للطفل والافضل للأهل غير انها لا تخلو من الصعوبة في ترك هذا الانسان الصغير الضعيف يبكي لفترات ولو كانت قصيرة لكنها مؤلمة ومزعجة بالنسبة للأبوين معا وفي حالات اخرى نلاحظ ان 20% من الامهات يقمن بتقاسم السرير مع طفلهن خلال الشهر الاول بعد الولادة وذلك وفقا لتقرير اجري مؤخرا فبعد يوم عمل كامل فإن الجسم بحاجة الى ان ينعم بساعات نوم كافية ومريحة ولهذا فإن الأم تفضل ان ينام طفلها بجانبها وهي عادة جيدة اذ تجنب القلق للاثنين معا غير ان عددا كبيرا من اطباء الاطفال لا يحبذون فكرة مشاركة الطفل سرير والديه لانه بحسب قولهم ينبغي على الطفل ان يعتاد على النوم بمفرده اذ ينمي ذلك الاستقلالية لديه هذا من جهة. ومن جهة ثانية يشير خبراء اخرون الى ان الاطفال الذين يشاركون اهاليهم السرير للنوم في مراحل اعمارهم الاولى يعانون من مشاكل سلوكية اقل من غيرهم مثل الاعتماد على الوالدين في كل شيء.
وتضيف قائلة: يطرح الاطباء مسألة التنفس خلال النوم في السرير مع الأب او الام اذ في العام الماضي اشارت الاحصاءات الى ان 64 حالة وفاة قد حدثت بين الاطفال بسبب الاختناق اثناء النوم في اسرة اهاليهم وذلك قد حدث في الولايات المتحدة الامريكية ومن جانب آخر لاحظ الاطباء الباحثون سرعة استجابة الاهل للطفل عندما يكون بجانبهم وهذا يجنبه مخاطر الاصابات الناجمة عن مشاكل في التنفس ووفقا لما سبق يمكن القول انه في تربية ورعاية الاطفال يجب على الاهل ان يروا ما يناسبهم ويتوافق مع اطفالهم ويعملون به لأن ما يكون مناسبا لهذه العائلة قد لا يكون مناسبا لأخرى لذلك لا تعتبر مشاركة السرير نفسه خطوة سليمة وجيدة بالنسبة للمجتمع دون استثناء إلا ان فكرة جعل الطفل يلهث من كثرة البكاء لم تعد مستحبة كثيرا في ايامنا هذه.
ويقول الدكتور يوسف عبدالفتاح اختصاصي نفسي يجب ان ننوه في البداية الى ان الطريقة التي يربى بها الطفل في سنواته الاولى لها دور مهم في تكوينه النفسي، فأسلوب التربية الذي يثير مشاعر الخوف وانعدام الامن في مواقف التفاعل يترتب عليه تعرض الطفل لمشكلات نفسية او اضطرابات نفسية او تأخر في نواح مختلفة من النمو.
والعلاقة بين الطفل والوالدين هي المحور الاساسي لهذا البناء النفسي وهذه العلاقة متناهية من مرحلة لأخرى وفقا لطبيعة التفاعل بين الطفل والوالدين.
ان علاقة الطفل بالوالدين والأم بوجه خاص تبدأ في وقت مبكر ربما يمتد الى شهور الحمل وقبل الولادة، فالطفل المنتظر قد يكون محبوبا بدعم عواطف الوالدين قبل ميلاده وحين يولد وبعد الولادة.
فالطفل يولد ولديه استعدادات عامة للتفاعل مع الآخرين والتعلم منهم مثل الحب والخوف والغيرة وغيرها. ومن ثم فإن علاقة الطفل الاولى بالأم تمثل اساسا قويا لأمنه النفسي والاجتماعي.
ويضيف وقد ثبت من الدراسات والبحوث العلمية: ان احتضان الأم للطفل بعد الميلاد واثناء الرضاعة يمنحه الاحساس بالدفء والراحة والأمن النفسي. كما ان التماس الجسدي بين الأم والطفل الرضيع له أثر بارز في دعم هذه العلاقة وتقويتها. ومن هنا تكون شدة الاحباط الذي يصاب به الطفل الرضيع عند فراقه او انفصاله عن الأم وهو ما يسميه علماء التربية والنفس بقلق الانفصال الذي ينتشر بوجه خاص بين الابناء الرضع لأمهات عاملات.
في ضوء ذلك يمكن القول بأن مرافقة الطفل لوالديه خلال السنة الاولى من العمر يحقق له الامن والأمان النفسي ويساعد على تلبية حاجاته للرضاعة او تغيير الملابس في الوقت المناسب ومع بداية السنة الثانية يبدأ تدريب الطفل على النوم منفردا وبالتدرج كأن يكون ذلك خلال فترات النهار من البداية او في النصف الاول من الليل وبالتدريج يتعود الطفل على النوم بمفرده، فهي عملية اشبه بالفطام التدريجي بدلا من الفطام المفاجيء. وفي جميع الحالات يجب تنمية شعور واحساس الطفل بأن الأم موجودة كلما احتاج اليها حتى لا يصاب بقلق الانفصال المشار اليه.
لدي تعليق على بعض النقاط:
– ليس هناك طريقة خطأ في التربية، وما أعنيه هو أن كل طفل مختلف عن آخر، منهم من تنجح معه فكرة وآخرون لا تنجح. فعلى الأم التجربة حتى تجد الطريقة الصحيحة في تربية ابنها.
وبهذا أصل إلى نقطة، مثلاً بعضهم يعتقد أن الأفضل أن تتركي الطفل يبكي حتى ينام، أنا أعتقد أن هذا يسبب للطفل القهر مما يدفعه للاستيقاظ في الليل يبكي بشدة، أو يصحو صباحاً باكياً. ولكن في نفس الوقت أتركه يبكي لخمس دقائق، إذا نام خلالها ممتاز، وإذا بكى أكثر أذهب لأرضيه. وهذا ما نصحتني به الطبيبة، قالت: اتركيه يبكي ولكن على قدرٍ تستحمليه أنت، أي إذا لم تعودي تستحملين بكاءه، هذا يعني أنه استنفذ حده، وأيضاً يعني أن لا تتركيه يبكي أكثر من خمس دقائق.
– بالنسبة لفصل الطفل، أيضاً اختلفت الآراء، رأيي لا يوافق الرأي القائل أن تتركيه في غرفتك أو سريرك حتى سن الثالثة، لماذا؟ أولاً سيعتاد الطفل على هذا، خاصة أنه أصبح كبيراً ويفهم الفرق. وستكون مرحلة انتقاله كبيرة عليه، ولن يتأقلم معها بسهولة. أنا أحب فصل الطفل عندما يصبح ينام الليل، يعني حوالي 9 شهور. حتى أنني فصلت ابني وعمره 6 أشهر، ولكنه كان كثير الاستيقاظ في الليل، فأذهب فوراً إليه، أرضعه وأعود إلى سريري. أقضي الليل كله بين غرفته وغرفتي، ثم اعتاد ولم يعد يستيقظ. ولكن هذا لم ولن يسبب له أي أزمة نفسية، فهذا ما فعلته مع كل أطفالي، والحمد لله علاقتهم بي وعلاقتي بهم ممتازة، لا عقد ولا يحزنون. ثم أن نوم الطفل في غرفة أهله يجعله يستيقظ أكثر في الليل، حيث يشتم رائحة الحليب فيشعر بالرغبة في الرضاعة، طبعاً هذا الطفل الذي لا يزال يرضع. وأنا أتكلم عن تجربة. أما بالنسبة للنوم في سرير الأم، فقد قالت لي ممرضة عندما ولدت ابنتي الكبرى أن أضعها في سريري لتنام معي عندما كنت في المستشفى، حيث لم تنم طوال الليل. قلت لها أنني أخاف أن أنام عليها وتختنق، قالت: لا تخافي ما من أم تنام على طفلها! وهذا كلام خاطىء. أولاً أنا لن أنام على طفلي لأنني أبقى مستيقظة خوفاً من أن أقلب عليها في نومي، ولكن هذه طبيعتي أنا. ولكن أعرف أماً نامت على طفلها وعمره 7 شهور. استيقظت صباحاً لتجد طفلها ميتاً عافانا الله. ونسمع الحوادث الكثيرة عن هذا الموضوع. كما أعرف أختاً لا يزال أطفالها ينامون في سريرها، وأصبح عمر الصغيرة 5 سنوات. حاولت فصلهم ولم تنجح لأن سنهم كبير. المهم كل طفل له حالة خاصة. كانت هذه فقط آرائي الشخصية، وأحببت أن أعرضها. وجزاكم الله خيراً لتحملي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل الخير
وجعله الله في ميزان حسناتك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اعتقد والله اعلم ان طريقتك صح يا اخيتي