من هو الإمام سفيان الثورى
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى
كان أبوه من مشاهير المحدثين
ولد سنة خمس أو سبع و تسعين من بالكوفة
حياته وتعليمه
اتجه سفيان تلقائيا لدراسة الحديث و طلبه و عن ذلك يقول:
"طلبت العلم فلم تكن لى نية ثم رزقنى الله بالنية"
و شجعته والدته على هذا الاتجاه
فعن وكيع أن والدة سفيان قالت له:
"يابنى اطلب العلم و أنا أعولك بمغزلى و إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى فى نفسك زيادة فى الخير فإن لم تر ذلك فلا تتعبن نفسك"
وعن يحيى بن يمان :
قال سفيان: "لما هممت بطلب الحديث و رأيت العلم يدرس قلت :
أى يارب, أنه لابد لى من معيشة, فاكفنى أمر الرزق, وفرغنى لطلبه, فتشاغلت بالطلب فلم أر الا خيرا"
اشتغل سفيان بالتجارة و سافر متاجرا وكان يرى بذلك ليكفى العابد نفسه الاحتياج الى سؤال الناس
وفى ذلك يروى عبد الرازق :
أن سفيان سافر الى اليمن متاجرا فلما حضر من اليمن ذهب اليه ابن عيينه فسلم عليه ورد وهو متكئ على عصاه
فقال ابن عيينه: يا أبا عبد الله عاب عليك الناس خروجك الى اليمن
فقال سفيان :عابوا غير معيب طلب الحلال شديد وخرجت أريده
و لم تكن تجارته فى الغالب تدر الربح الضخم بل كانت تكفيه مؤونة الوقوف بأعتاب الملوك و سؤال الناس
يا أبا عبد الله تمسك هذه الدنانير؟ و كان فى يد سفيان خمسين دينارا
فقال سفيان: اسكت لولا هذه الدنانير لتمندل (جعلونا كالمناديل فى أياديهم) بنا هؤلاء الملوك
و عن أبو نعيم قال سفيان:
لولا بضاعتنا لتلاعب بنا هؤلاء
مواقفه من الحكام
صدامه مع
كان سفيان الثورى يتجنب العمل مع الخلفاء و الولاة و كثيرا ما دعاه الخليفة أبو جعفر المنصور فكان يرفض
و يقول فى ذلك: "مايريد منى أبو جعفر ؟فوالله لئن قمت بين يديه لأقولن له: قم من مقامك فغيرك أولى به منك"
و يلتقي سفيان بابى جعفر فى منى فيقول له سفيان:
" اتق الله فإنما أنزلت هذه المنزلة و صرت فى هذا الموضع بسيوف المهاجرين و الأنصار و أبناؤهم يموتون جوعا
حج عمر بن الخطاب فما أنفق الا خمسة عشر دينارا وكان ينزل تحت الشجر"
فيقول له المنصور: أتريد أن أكون مثلك؟
فيقول له سفيان:لاتكن مثلى ولكن كن دون ما أنت فيه وفوق ما أنا فيه
فيقول له المنصور:أخرج.
و يحكى عبد الرازق:أخذ أبو جعفر بتلباب الثورى و حول وجهه الى الكعبة فقال:
برب هذه البنية أى رجل رأيتنى؟
قال: برب هذه البنية بئس الرجل رأيتك
و بسبب هذا الجفاء المتواصل و شدة الثورى على أبا حعفر يأمر أبا جعفر بصلب سفيان الثورى
و لكن يموت المنصور قبل تنفيذ هذا الأمر
صدامه مع الخليفة المهدى :
و يحاول المهدى مع سفيان فيما فشل فيه المنصور فلا يستطيع
فعن يحيى بن يمان يقول:
سمعت أبى يقول سمعت سفيان الثورى يقول:قال لى المهدى :أبا عبد الله اصحبنى حتى أسير فيكم سيرة العمرين
فقلت له :أما وهؤلاء جلساؤك فلا
قال:فإنك تكتب الينا حوائجك فنقضيها
قال سفيان: و الله ما كتبت اليك كتابا قط
وقال لى سفيان:
إن اقتصرت على خبزك و بقلك لم يستعبدك هؤلاء
شيوخه:
يقال أن عدد شيوخه600 شيخ وكبارهم الذين حدثوه عن أبي هريرة وجريربن عبدالله وابن عباس وامثالهم
أما الرواة يقال انهم اكثر من 20240 الف
ومن أهم كتبه:
كتاب الجامع
قال عنه العلماء
قال عنه أبو نعيم :
" أنه الامام المرضى و الورع الدرى أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثورى رضى الله تعالى عنه
كانت له النكت الرائقة و النتف الفائقة مسلم له فى الامامة مثبت به الرعاية العلم حليفه و الزهد أليفه"
وقال عنه أبوبكر بن عياش
"إنى لأرى الرجل يصحب سفيان فيعظم"
وعبد الله بن احمد بن حنبل
"سمعت أبى يقول: كان يحي بن سعيد لايعدل بسفيان الثورى أحدا"
قال عنه بن عيينه"مارأيت أحدا أفضل من سفيان و لا أرى سفيان مثل نفسه"
سأل إبراهيم بن محمد الشافعى بن المبارك :
هل رأيت مثل سفيان الثورى؟
فيقول ابن المبارك:
و هل رأى سفيان الثورى مثل نفسه؟
يقول قتيبه
"لولا الثورى لمات الورع ولولا أحمد لأحدثوا فى الدين"
من نصائحة وأقواله :
يقول سفيان الثورى رحمه الله:
أصلح سَريرتك يصلح اللهُ علانيتَك، وأصلح فيما بينك وبين الله يصلحِ الله فيما بينك وبين الناس
واعمل لآخرتك يكفِك الله أمر دنياك، وبع دنياك بآخرتك تربَحْهما جَميعاً، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعاً.
ويقول ايضا:
اعمل للدنيا بقدر بقائك فيها و للآخرة بقدر بقائك فيها.
ويقول ايضا:
يأتي على الناس زمان تموت القلوب وتحيى الأبدان.
ويقول ايضا:
ما أحسن تذلل الأغنياء عند الفقراء وما أقبح تذلل الفقراء عند الأغنياء.
ويقول ايضا:
ما عالجت شيئاً أشد علي من نفسي؛ مرة عليَّ، ومرة لي.
ويقول ايضا:
قال بشر بن الحارث: قيل لسفيان: أيكون الرجل زاهداً، ويكون له مال؟
قال: نعم إذا ابتلي صبر وإذا أعطي شكر.
ويقول ايضا:
احذر سخط الله في ثلاث: احذر أن تقصر فيما أمرك، احذر أن يراك وأنت لا ترضى بما قسم لك،
وأن تطلب شيئاً من الدنيا فلا تجده أن تسخط على ربك.
ويقول ايضا:
لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحاً، وحزناً، وشوقاً إلى الجنة، أو خوفاً من النار.
ويقول ايضا:
ثلاثة من الصبر: لا تحدث بمصيبتك، ولا بوجعك، ولا تزك نفسك.
ويقول ايضا:
إذا زارك أخوك فلا تقل له: أتأكل؟ أو أقدم إليك؟ ولكن قدِّم، فإن أكل وإلا فارفع.
ويقول ايضا:
إذا عرفت نفسك فلا يضرك ما قيل فيك.
ويقول ايضا:
لا تتكلم بلسانك ما تكسر به أسنانك.
ويقول ايضا:
إني لأريد شرب الماء، فيسبقني الرجل إلى الشربة، فيسقينها، فكأنما دق ضلعاً من أضلاعي، لا أقدر على مكافئته.
ويقول ايضا:
عليك بالمراقبة ممن لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرجاء ممن يملك الوفاء، وعليك بالحذر ممن يملك العقوبة.
ويقول ايضا:
إلهي البهائم يزجرها الراعي فتنزجر عن هواها، وأراني لا يزجرني كتابك عما أهواه؛ فيا سوأتاه.
ويقول ايضا:
ما أعطي رجل من الدنيا شيئاً إلا قيل له: خذه، ومثله حزناً.
ويقول ايضا:
لو أن البهائم تعقل ما
ويقول ايضا:
إنما مثلُ الدنيا مثلُ رغيفٍ عليه عسلٌ مرَّ به ذبابٌ، فقطع جناحيه، وإذا مر برغيف يابس مرَّ به سليماً.
ويقول ايضا:
لم أنهكم عن الأكل، ولكن انظر من أين تأكل كيف أنهاكم عن الأكل وقد قال الله تعالى
[خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا].
ويقول ايضا:
لأن تلقى الله بسبعين ذنباً فيما بينك وبينه أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد.
ويقول ايضا:
إذا هممت بأمر من أمور الآخرة فشمر إليها وأسرع من قبل أن يحول بينها وبينك الشيطان.
ويقول ايضا:
لا تبغض أحد ممن يطيع الله، وكن رحيماً للعامة والخاصة، ولا تقطع رحمك وإن قطعك، وتجاوز عمن ظلمك تكن رفيق الأنبياء والشهداء.
ويقول ايضا:
عليك بقلة الأكل تملك سهر الليل، وعليك بالصوم فإنه يسد عليك باب الفجور، ويفتح عليك باب العبادة
وعليك بقلة الكلام يلين قلبك، وعليك بالصمت تملك الورع.
ويقول ايضا:
لا تكن طعاناً تنجُ من ألسنة الناس، وكن رحيماً محبباً إلى الناس.
ويقول ايضا:
عليك بالسخاء تسترِ العورات، ويخففِ الله عليك الحساب والأهوال.
ويقول ايضا:
عليك بكثرة المعروف يؤنسك الله بقبرك، واجتنب المحارم تجدْ حلاوة الإيمان.
ويقول ايضا:
ارض بما قسم الله تكن غنياً، وتوكل على الله تكن قوياً.
وفاته
توفى إلى رحمة تعالى بالبصرة سنة احدى و ستين و مائة
إلى اللقاء بمشيئة الله مع واحدا من السلف الصالح لنتعلم منه