بقلم الاستاذ / يحيى البوليني
موقع المسلم
لا يستطيع أحد أن ينكر حكم الإسلام في التعدد وإباحته له حيث سمح الله سبحانه بتعدد الزوجات للرجل , فقال سبحانه وتعالى :
" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ "
ولكن رغم إباحته للتعدد أمر الله بالعدل بين الزوجات وشدد في ذلك فقال سبحانه وتعالى :
" وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ "
وتختلف نظرة الناس للوفاء بين الزوجين عند نظرتهم لقضية التعدد فمعظم الرجال يتعاملون مع التعدد بأنه لا يعارض الوفاء مطلقا في حين تنظر إليه أكثر النساء أنه يضاد الوفاء للزوجة الأولى ويعتبرونه منقصة في حق الرجل , والأمر يحتاج لنوع من التبيين والتفصيل نلخصه في نقاط :
1- ليس التعدد في ذاته دليلا على عدم الوفاء :
لو تأملنا سيرة أكمل الناس إيمانا وأعظمهم خلقا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عاش فترة طويلة في حياته بزوجة واحدة وعاش فترات أخرى معددا بين الزوجات لوجدناه مثالا للوفاء لزوجاته في الفترتين والحالتين حتى لمن ماتت منهن قبل التعدد , فقد كان يذكر خديجة رضي الله عنها بكل خير في كل مناسبة يرد فيها ذكرها ويتذكرها كلما رأى أحدا من أهلها أو صويحباتها
ففي البخاري ومسلم تروي عائشة وتقول :
" استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك فقال ( اللهم هالة ) .
قالت فغرت فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيرا منها "
وعند أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عن خديجة رضي الله عنها فقالت عائشة رضي الله عنها :
" ان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغرت يوما فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيرا منها
قال : ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء "
وكان يذكر حسن صحبتها عندما يرى من كن يأتينهم أيام خديجة ففي الثابت من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة رضي الله عنها " جاءت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من أنت ؟
قالت : أنا جثامة المزنية
فقال : بل أنت حسانة المزنية
كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟
قالت بخير بأبي أنت وأمي يا رسول الله
فلما خرجت قلت : يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال
فقال : إنها كانت تأتينا زمن خديجة وإن حسن العهد من الإيمان"
وكان يذكرها في كل خير حتى عندما يرزق بذبح شاة او نحوها كان يختص صاحبات خديجة فيرسل لهن الطعام
2-للوفاء صوره العديدة ولا يضاده تعدد الزوجات إن قام الرجل بحق زوجته
فمن صور الوفاء للزوجة :
أ – الدفاع عنها إذا غابت , فكثيرا ما تحاول الزوجات الطعن او الغمز واللمز على الزوجة الأخرى من ناحية صفاتها الخلقية أوالخُلقية , ولهذا سمين بالضرائر .
ب – الثناء عليها وعلى صفاتها الصالحة في غيبتها فضلا عن حضورها أمام الجميع فمن الرجال من يستحي أن يذكر محاسن أخلاق زوجته أمام باقي زوجاته والوفاء غير ذلك كثنائه صلى الله عليه وسلم على حفصة الصوامة القوامة
ت – تحمل ما بدر منها وعدم اللجوء لتطليقها لأقل هفوة منها نظرا لعدم حاجته لها بوجود زوجات أخريات فالمرأة تشعر أنها معلقة وينتظر زوجها منها خطأ واحدا للتخلص منها لاستغنائه عنها , ومن الوفاء تحمل ما يبدر منها كما تحمل النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من تصرفات زوجاته رضي الله عنهن .
ج- إكرام أقارب الزوجات كلهن حتى لو كان الزوج على خلاف مع أحدهم ولنضرب مثلا بذلك بعتقه صلى الله عليه وسلم أقارب جويرية بنت الحارث رضي الله عنها وتلميحه للصحابة بذلك لعتق أهلها وإكرامهم كأصهار النبي وأيضا وصيته بأهل مصر إكراما لمارية القبطية لأم ولده إبراهيم ..
3- لعدم الوفاء مظاهر منها التعدد في أحوال معينة :
عدم الوفاء خلق سيئ لا يرتبط فقط بتعدد الزوجات بل هو خلق متمكن من المتصف به ويكون التعدد في بعض الأحوال حين يقترن بظلم المرأة الأولى وإهدار حقوقها مظهرا من مظاهره فمثلا :
ب- من المعروف أن المرأة إذا عاشت في معاناة مادية في حياة ملؤها الكفاح والعمل, أنها تهرم سريعا قبل الرجل ويذبل عطرها وربما تعتادها الأمراض والأوجاع , في حين أن الرجل في كثير من الأحيان يحتفظ بقواه وصلاحيته أكثر من المرأة ولا يهرم إلا بعدها , فهل يُصدر لها ذلكم الإحساس المؤلم أنها لم تكن له إلا وسيلة لإشباعات معينة فان ذهبت مؤهلاتها وإمكاناتها تركها واتجه لأخرى مع إهماله للأولى بل يصل الأمر إلى محوها بالكلية من سجلات حياته وهذا ليس من الوفاء ..
إن هذه التصرفات الحمقاء والظالمة من بعض الأزواج لم يكن التعدد إلا محاولة لتقنينها شرعيا ولإضفاء عليها نوعا من الدعم الشرعي وهي إذا اقترنت بضياع الحقوق واهمال الواجبات فما هي إلا ممارسة للنزوات وحب النفس وخبث الطوية , فلم تكن المشكلة يوما في التعدد , إنما في تضييع الحقوق ونسيان العهد والأنانية , وتغليف ذلك باسم الدين والشرع .
ويخطئ بعض الرجال حينما يريدون أن يُقحموا الدين كطرف في صالحهم ليحسموا به نزاعا حين يطالبهم الناس بالوفاء وحفظ الحقوق ويشهروا سلاح الدين لكل من يطالبهم بالعدل والحق , كي يشبعوا رغباتهم ويظهروا سوء نيتهم بدعوى أن الله سمح لهم بالتعدد , – فالتعدد حق لا ينازع فيه أحد – ولكنه لايمكن أن يستغل مطية لأطماع البعض ولسوء تصرفاتهم , ولن يكون الشرع الإسلامي أبدا معينا لظالم على ظلم الناس وسلب حقوقهم .
4- التوصيف الصحيح للأزمة
هناك عدم وعي من بعض النساء اللاتي يتصورن أن قضيتها هي منع التعدد بكل أشكاله وصوره , وتصوير التعدد بصورة الظلم في ذاته , فتضيع جهودهن في معركة خاسرة قبل أن تبدأ , لأنهن يصطدمن بشرع حنيف عادل لا يظلم أحدا ولا يحابي طرفا على حساب طرف ..
" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يعظكم لعلكم تذكرون "
إن هذه التصرفات الحمقاء والظالمة من بعض الأزواج لم يكن التعدد إلا محاولة لتقنينها شرعيا ولإضفاء عليها نوعا من الدعم الشرعي وهي إذا اقترنت بضياع الحقوق واهمال الواجبات فما هي إلا ممارسة للنزوات وحب النفس وخبث الطوية , فلم تكن المشكلة يوما في التعدد , إنما في تضييع الحقوق ونسيان العهد والأنانية , وتغليف ذلك باسم الدين والشرع .
وعليكم السلام و رحمه الله و بركاته
هنا مربط الفرس يا ام يوسف الغاليه ….. هذه الجمله ما شاء الله تلخص الموضوع اجمل تلخيص …
بكل اسف ان هناك الكثير من الرجال يغلفون اطماعهم و انانيتهم
بأسم الدين و الشرع و هذه هى قمه عدم الوفاء و الجهل معاً ….
وديننا الأسلامي الحنيف منهم براء …
جزا الله خيرا شيخنا الفاضل( يحيى البوليني) على هذه الكلمات الرائعه جعلها الله في موازين اعماله الصالحه اللهم امين .
اختي الغاليه ام يوسف بارك الله فيك على الأختيار الموفق لهذا الموضوع الأكثر من رائع .
لك خالص الود .
بارك الله فيك حبيبتي
جزا الله خيرا شيخنا الفاضل( يحيى البوليني) على هذه الكلمات الرائعه جعلها الله في موازين اعماله الصالحه اللهم امين .
اللهم امين
جزانا واياكم واكرمك الله حبيبتي
اختي الغاليه ام يوسف بارك الله فيك على الأختيار الموفق لهذا الموضوع الأكثر من رائع .
لك خالص الود .
اكرمك الله حبيبتي وجزاك الله خيرا
دائما تتصدين للموضوعات الصعبة
و الحقيقة لا اجد تعليقا وافيا
فقد ابلغ الشيخ بارك الله فيه
و انت حبيبتى قدمتيه فى اجمل عرض
بارك الله فيك و جزاك من كل الخيرات
اختى الغاليه , جزاك الله خيرا على الهدية الرائعة من حضرتك
من الخلق والدين عدم إيذاء الزوجة وعندما يكرر الزوج على مسامع الزوجة سأتزوج! هذا يؤذيها ويجرح مشاعرها، لكن أنى له أن يقدر هذا الأمر من لا يعرف الرفق واللين، فأين وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم حين وصى: (رفقاً بالقوارير)..
والرجل العربي -وهذا ليس على العموم- يظن أن من حقه الزواج في أي سن وعلى حساب الزوجة والأبناء ويا ليته يتزوج ثم يعدل بين الزوجات لكان الأمر أهون.
ولكن –عادة- يكون هناك ظلم للزوجة الأولى إلا ما ندر، وأنا لا أقصد الميل القلبي فهذا لا يملكه إلا الله تعالى، ولكن قصدي العدل في الأمور الأخرى من المبيت والعطايا والرعاية وغيرها..
أنا لا أتكلم عن حق التعدد فهذا ما قرره الله تعالى ولا نعارض حكمه وتشريعه معاذ الله تعالى.
لهذا مربض الفرس فى نظرى , هو التفقه فى ديننا
فلو تفقهنا جيدا – رجال و نساء – لحلت المشكل
مجددا لك منة كل الاحترام و الاعجاب باختياراتك الموفقة
جزاك الله خيرا
بالتاكيد ليس هناك عيب او خلل في شرع الله ولكن الخلل في عدم تطبيق شرع الله بحذافيره
جزاك الله ألف خير على التلخيص المفيد وبارك الله فيك
وفعلا انا مع الاخوات ان مفهوم الرجال للموضوع وبالذات رجال هذه الايام فية كثير من الافكار المخلوطة بالطمع النفسى والغرور الذاتى واهم شئ ارضاء الغريزة الانسان من ناحية واحدة فقط وليس تنفيذ الشرع بما يرضى الله الاحد الصمد
وان يكون فى هذه الزيجات ليس لارضاء غرور الانسان ولكن تنفيذ لااوامر الله وبالقواعد والحدود الذى وضعها الله لهذا التعدد وليس انه حق قد اعطة لهذا الرجل ولكن كيفية استعملة لهذا الحق هل فعلا راعى الله فيها
وجزاكى الله كل الخير والبركة اختنا الكريمة
وما ذنب من تتعب وتجتهد وتتحمل اصعب فترات الحياة في ظروف مادية قاسية وعندما تتحسن الظروف بدل من ان ينعما معا بفترة راحة وتصالح مع الدنيا وتقرب إلى الله بالنعم التي انعمها عليهما معا تجد نفسها ركنت على الرف وبحث عن الصغيرة الجميلة التي تعيد اليه شبابه وهي المسكينة يجب ان تصبر وتتححمل لانها اين ستذهب تجلس كما اراد لها زوجها على الرف تنظر إلى سنوات عمرها وتعبها وتعيش باقي عمرها بدل من الهم المادي تعيش في تعب نفسي وحزن باقي عمرها والله المستعان