أبها: نادية الفواز
تعتقد بعض الأمهات أن إلحاق الطفل بالحضانة في سن مبكرة عن السن القانوني يعجل في نموه العقلي، وهذا يعد خطأ ترتكبه الأمهات حيث تؤكد الأخصائية النفسية نجلاء عسيري أن دخول الطفل أولى مراحل التعليم "رياض الأطفال" قبل سن الرابعة أمر غير صحي وأوضحت نجلاء أن ذلك قد يعرضه لأن يكون عصبي المزاج وغير متوازن نفسيا وذلك يرجع إلى أن انفصال الطفل عن أمه وعن جو الأسرة الذي يعيش فيه وتلقيه جرعات من التعليم حتى لو كانت بسيطة تحرمه من المرور بمراحل النمو العاطفي والعقلي التي يستمتع بها من في سنه. فينشأ لديه شعور بافتقاد الأمان والحنان.
ففي هذه السن لا يكون الطفل معدا بعد للتعامل بمفرده مع المجتمع الخارجي وبخاصة مع ساعات اليوم الدراسي الطويل فيعبر عن خوفه نتيجة انفصاله عن الجو الأسري الذي اعتاد عليه بطرق كثيرة تظهر في صورة قلق أثناء النوم والشعور بالاكتئاب والحزن ورفض تناول الطعام والقي أو البكاء عند أي شعور بالغضب أو بالضيق داخل المدرسة.
وتقول الأستاذة فيحاء الشليخي موجهة بمكتب الإرشاد التربوي في خميس مشيط إن الطفل الأكبر سنا يكون أكثر استيعابا بصورة أسهل وأسرع من زميله الأصغر سنا الذي يجد صعوبة في فهم وحفظ ما يتلقاه من معلومات كما يشعر بالألم في يده وأصابعه بسبب عدم قدرته على الإمساك بالقلم ويوجه المتخصصون دائما نصيحة للوالدين بألا يتعجلا إلحاق طفلهما وهو في سن صغيرة بالمدرسة وذلك لإعطائه الفرصة للحصول على الحنان والرعاية الكافية في بيته وحتى ينمو عقله وجسمه بصورة طبيعية تتناسب مع فترة وجوده بالمدرسة والمواد الدراسية المقرر حيث إن الأخصائيين النفسيين حددوا هذه السن لدخول الطفل المدرسة وذلك لأخذهم في الاعتبار عددا من الجوانب منها النواحي النفسية والعقلية والاجتماعية التي يمكن من خلالها أن يتواءم الطفل مع هذه البيئة الجديدة.
وتضيف الأستاذة بريهان الصبان معلمة بمدارس عسير إنترناشيونال إن الطفل الصغير يكون في سنواته الأولى بحاجة إلى بيئته الأسرية أكثر من حاجته إلى الدراسة والمجتمع المدرسي ومن الظلم حرمان الطفل من ذلك الظلال الأسري الذي يتشبث به في بداية حياته الأسرية ونزعه منه وذلك لإلحاقه بالحضانة ولكن هناك العديد من الأمهات ممن يصررن لوضع أطفالهن في سن مبكرة في رياض الأطفال والحضانات وذلك لوجود عمل لدى الأم ومن هنا فهي تلجأ لوضع الطفل في دور الحضانة مضطرة وعلى الرغم من كل ما أكده علماء النفس والتربية من أثر ذلك على توازن الطفل النفسي ولكن على الأم أن تحرص على عدم فرض التعليم على الطفل في هذه المرحلة وأن تكون زيارته للحضانة ترفيهية ممتعة مليئة بالألعاب وأن لا تبحث عن تميز دراسي للطفل في هذه السن مع محاولة تعويض الطفل عن المدة التي قضاها بعيدا عنها باللعب معه والتقريب إليه وإشعاره بالحب والحنان والأمان.
__________________________________
جريدة الوطن….عدد..يوم الاحد 1/10/2017
——–
ابني الآن عمره 2.5 و أريد أن أسأل ،ما مدى أهمية دخول الطفل إلى الحضانة أو الروضة، قبل دخوله المدرسة؟ وهل يمكن دخول الطفل إلى المدرسة قبل السادسة من العمر؟ وفقنا الله وإياكم.
———–
الجواب :
هل رأيت فسيلة النخلة – أي النخلة الصغيرة الوليدة – كيف تُزرع؟! إنها أول ما تخرج من الأرض تكون ملتصقة بالنخلة الأم، وتظل كذلك تنمو بجانب الأم حتى تعلو عن الأرض قليلاً، ثم بعد ذلك لا بد أن تنقل إلى مكان جديد بعيدًا عن الأم حتى تأخذ احتياجاتها من الأرض، حتى تعلو وتعلو حتى تشق عنان السماء، وبعد ذلك تصبح أعلى الأشجار، وأطولها عمرًا، وأكثرها عطاء.
إن أطفالنا مثل هذه الفسيلة يحتاجون في بداية عمرهم إلى الالتصاق بنا والاعتماد علينا.. ينهلوا من نهر حناننا وعواطفنا وحبنا لهم، تمامًا مثل فسيلة النخل قبل أن يخرجوا لمواجهة العالم والتعامل معه.
فالطفل في السنين الثلاثة أو الأربعة الأولى من عمره يحتاج إلى الوجود بجانب أمه معظم الوقت، ويحتاج من الأبوين الرعاية، والحماية، والحنان، والتدليل، والحب الغامر؛ لأن كل هذا يُكسب الطفل ثقة في نفسه، وقوة في شخصيته، وإحساسًا بالأمان، وكل هذه المشاعر مهمة جدًّا؛ لينمو الطفل شخصية قوية واثقًا من نفسه، قادرًا على مواجهة العالم الخارجي، فكما أن الطفل عندما يكون جنينًا يحتاج إلى تسعة أشهر كاملة لينمو ويكتمل قبل خروجه إلى الدنيا، وإذا وُلِد قبل ذلك يكون ناقص النمو ومريضًا، كذلك فترة تربية الطفل الأولى من عمره يحتاج فيها إلى فترة حضانة في حضن والديه حتى عندما يخرج بعد ذلك يكون سليمًا قادرًا على الحياة بين الناس.
وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يذهبون إلى الحضانات في سن صغيرة جدًّا مثل 6 أشهر أو سنة يكونون على عكس المتوقع أكثر خوفًا، وأقل ثقة في النفس، وأقل قدرة على التعامل مع الناس من الأطفال الذين يأخذون حقَّهم وكفايتهم في حنان والديهم؛ ولهذا نقول إن فترة الإعداد قبل مرحلة الحضانة مهمة جدًّا، فقبل أن نترك الطفل يتعامل مع الناس وحده بدوننا، أليس علينا أولاً أن نعلمه كيف يتعامل مع الناس؟! ما هو الصح وما هو الخطأ؟.. ما الذي يقلده ويتعلمه وما الذي يرفضه؟ حتى لا نفاجأ بعد ذلك بابن لم نربِّه نحن، بل ربَّته الحضانة.
فيأتي السؤال المهم: هل الذهاب إلى الحضانة قبل المدرسة مهم؟
طبعًا مهم، ولكن في حينه كما قلنا، أي ليس قبل 3 سنوات ونصف أو أربع سنوات، حين تكون مرحلة الإعداد قد اكتملت.
ومرحلة الحضانة مرحلة مهمة جدًّا في حياة الطفل، حيث إنها أول اختبار له في مواجهة الحياة والتعامل مع الناس وحده، وهي في نفس الوقت بدون الأعباء والتكاليف الشديدة التي تصاحب دخول المدرسة من واجبات ومذاكرة؛ ولهذا ففي فترة الحضانة يتعود الطفل كيف يلعب مع زملائه، كيف ينشئ صداقة، كيف يحل مشاكله بنفسه، كيف يتعامل مع من هم أكبر منه، يتلقى تعليمات لأول مرة من أحد غير والديه، يتعلم الحفاظ على أدواته الخاصة، يتعلم الاعتماد على نفسه في الأكل وفي قضاء الحاجة، يتعلم أنه يقضي عددًا من الساعات بعيدًا عن والديه، يتعلم أنه يميز بين الخطأ والصواب، أن يحكي لوالديه ويشاورهم فيما يقابله في الحضانة، فيبدأ وجود حوار بينه وبين والديه.
كل هذه المعاني المهمة تساهم في نمو شخصية الطفل، وثقته في نفسه، وقدرته على التعامل مع المواقف المختلفة، فإذا جاءت فترة المدرسة التي فيها الكثير من الالتزام والواجبات يكون مؤهلاً للتعامل معها.
وطبعًا وجود الوالدين بجانب الابن في هذه المرحلة مهم جدًّا، فلا بد أن تعرف الأم بالتفصيل ما يحدث لابنها في الحضانة، وتوجهه باستمرار كيف يتصرف، وتكثر في زياراتها للحضانة ومقابلة المشرفين عليه؛ لمعرفة مدى استجابته ومشاكله، أو أي طارئ يحتاج للتدخل، وإذا وجدت أن المشرفة تتعامل معه بطريقة خاطئة فلا بد أن تتدخل للإصلاح.. يجب أن تعرف ما يقوله مع أصدقائه، وتنتبه كثيرًا لما يمكن أن يتعلمه الطفل وهو خطأ، وأي سلوك جديد يظهر عليه، حتى لا يكتسب الطفل عادات أو ألفاظ يصعب التخلص منها بعد ذلك، وكل هذه المواقف مهمة حتى نتعلم نحن والطفل كيف سنواجه المجتمع.
إن الحضانة ليست مرحلة تعليم، وليست مكانًا للتخلص من الطفل، ولكنها مرحلة لتهيئة الطفل للتعامل مع الدنيا، وبارك الله لكم فيه.