معنى الحجاب :
أولاً معناه في اللغة :
الحِجَابُ :هو اسمُ ما احْتُجِبَ به ، وكلُّ ما حالَ بين شيئين هو حجاب , والجمع حُجُبٌ لا غير
وهو أيضاً السِّتْرُ أو كل ما يسْترُ
ويقالحَجَبَ الشيءَ يَحْجُبُه حَجْباً و حِجاباً
و حَجَّبَه سَترَه
وقد احْتَجَبَ و تحَجَّبَ إذا اكْتنَّ من وراءِ حِجابٍ
ويقال امرأَة مَحْجُوبةٌ قد سُتِرَتْ بِسِترٍ
و الحاجِبُ البَوَّابُ ، صِفةٌ غالِبةٌ ، وجمعه حَجَبةٌ
ويقال حَجَبَه : أَي مَنَعَه عن الدخول
وفي الحديث : قالت بنُو قُصَيٍّ : فينا الحِجابةُ ، يعنون حِجابةَ الكَعْبةِ ، وهي سِدانَتُها ، وتَولِّي حِفْظِها ، وهم الذين بأَيديهم مَفاتِيحُها
وقوله تعالى : وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ معناه : ومن بينِنا وبينِك حاجِزٌ في النِّحْلَةِ والدِّين
وهو مثل قوله تعالى : قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ إلاّ أَنَّ معنى هذا : أَنـَّا لا نُوافِقُك في مذهب
ثانياً المعنى الشرعي للحجاب :
هو كل ما تلبسه المرأة من ثياب لستر كل بدنها ( من أعلى رأسها إلى قدميها شاملا الوجه والكفين ) عن كل رجل أجنبي
وأن يكون مطابقاً لكل الشروط التي حددها الشارع
وقد يكون قطعة واحدة فيسمى ( جلبابا )
أو يكون أكثر من قطعة , فيكون الخمار لستر الرأس والكتفين , و النقاب لستر الوجه والقفازين لستر اليدين والملاءة أو العباءة لستر سائر الجسد حتى القدمين
معنى الجلباب :
هو اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن
وهو بمعنى الملاءة والعباءة
فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها وما على جسدها من زينة مكتسبة ممتداً إلى ستر قدميها
معنى الخمار :
هو قِطْعَةً مِنَ الثَّوْبِ تُغَطِّي بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا أَوْكَتِفَيْهَا
وخِمَارُ الرَّجُلِ : عِمَامَتُهُ
معنى النقاب :
هو ما تستر به المرأة وجهها
معنى القُفَّازُ : لباس الكفّ من نسيج أو جلد، وهما قفّازان
حكم الحجاب :
– حكمه واجب شرعاً على جميع نساء المؤمنين
– وثبت بالأدلة المتعددة من القرآن والسنة والإجماع العملي التزام الحجاب الشرعي الساتر لجميع البدن بما في ذلك الوجه والكفان والساتر لجميع الزينة المكتسبة من ثياب وحلي وغيرها عن كل رجل أجنبي
– وثبت هذا في نساء المؤمنين من عصر النبي صلى الله عليه وسلم مروراً بعصر الخلافة الراشدة فتمام القرون المفضلة مستمراً إلى انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري
– كما ثبت هذا الحكم بدلالة صحيح الأثر والقياس المطرد وبصحيح الاعتبار بجلب المصالح ودرء المفاسد
أدلة حكمه :
أولاً من كتاب الله :
1 – قال تعالى :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }
2 – قال تعالى :
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }
3 – قال تعالى :
{ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَولاً مَعْرُوفًا }
4 – قال تعالى :
{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
ثانياً من السنة :
وعند أبي داود ( 4102 ) بلفظ : } يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهنعلى جيوبهن } شققن أكثف مروطهن ( نوع من الثياب ) فاختمرن بها { أي غطين وجوههن
2 –عن عائشةرضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كنَّ يخرجن بالليلإذا تبرزن إلى المناصع ( أماكن معروفة من ناحية البقيع )
فكان عمررضي الله عنهيقول للنبيصلىالله عليه وسلم : احجب نساءك ،
فلم يكن رسول اللهصلى الله عليه وسلم يفعل ، فخرجتسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء , وكانت امرأةطويلة , فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزلالله آية الحجاب
3 –وعن أم عطيةرضي الله عنها قالت : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق، والـحُيَّض، وذوات الخدور، أمَّـا الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ،
قلت: يا رسول الله ! إحدانا لا يكون لها جلباب ؟
قال : لتلبسها أختها من جلبابها ))
– وهذا صريح في منع المرأة من بروزها أمام الأجانب بدون الجلباب
– وثبت في الصحيحين أن النبيصلى الله عليه وسلم أمر بخروج النساء إلى مصلى العيد
قلنا : يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب
فقال : (( لتلبسها أختها من جلبابها ))
– فدل على أن المعتاد عند نساء الصحابة ألا تخرج المرأة إلا بجلباب
4 –كذا ما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت :
( كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس )
وعن عروة أن عائشةرضي الله عنهاقالت : لقد كان رسول اللهصلى الله عليه وسلميصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن مايعرفهن أحد
5 –وعن عائشةرضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن معرسول اللهصلى الله عليه وسلم مُحْرِمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها منرأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه
رواه أبو داود ( 1833 ) وابن ماجه ( 2935 ) ، وصححه ابن خزيمة ( 4 / 203 ) وصححه الألباني في كتاب جلباب المرأةالمسلمة
6 –(( ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن ، فقالت : إن نساء قريش لفضلاء ، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار ، أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنـزيل ، لقد أنزلت سورة النور :
( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيه ، ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها ، فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رءوسهن الغربان ))
7 –حديث عائشةرضي الله عنها في قصة الإفك ، وفيه : وكان صفوان , يراني قبل الحجاب ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فَخَمَّرت وجهي عنه بجلبابي
8 –وعن عائشةرضي الله عنها حديث قصتها مع عمها من الرضاعة , وهو أفلح أخو أبي القعيس, لما جاء يستأذن عليها بعد نزول الحجاب ، فلم تأذن له حتى أذن له النبيصلى الله عليه وسلم لأنه عمها من الرضاعة
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في [ فتح الباري : 9 / 152 ] :
(( وفيه وجوب احتجاب المرأة من الرجال الأجانب )) انتهى
9 –عن ابن عمررضي الله عنهما قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم :
(( من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )) فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟
قال : (( يرخين شبراً ))
فقالت : إذاً تنكشف أقدامهن
قال : (( يرخينه ذراعاً لا يزدن عليه ))
والاستدلال من هذا الحديث بأمرين :الأول :
أن المرأة كلها عورة في حق الأجنبي عنها
وذلك بدليل أمره صلى الله عليه وسلم بستر القدمين
كذلك استثناء النساء من تحريم جر الثوب والجلباب لهذا الغرض المهم
الثاني :
دلالته على وجوب الحجاب لجميع البدن من باب قياس الأولى
فالوجه مثلاً أعظم فتنة من القدمين فستره أوجب من ستر القدمين وحكمة الله العليم الخبير تأبى الأمر بستر الأدنى وكشف ما هو أشد فتنة
10 –عن ابن مسعودرضي الله عنه قال:
قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : (( المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها ))
ووجه الدلالة من هذا الحديث :
أن المرأة إذا كانت عورة وجب ستر كل ما يصدق عليه اسم العورة وتغطيته
ثالثا الإجماع :
– معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة رضي ا لله عنهم فمن بعدهم حجة شرعية يجب إتباعها وتلقيها بالقبول وقد ثبت هذا في حجاب المرأة
– أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم
– قد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه ولا حاسرات عن شيء من الأبدان ولا متبرجات بزينة
– اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن
الحكمة من فرض الحجاب :
– هو أصلاً عبادة لأمر الإسلام ونهيه عن ضده في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
– هو أيضا وقاية لأنه يساعد على غض البصر الذي أمر الله سبحانه وتعالى بغضه
– ويساعد على قطع أطماع الفسقة الذين في قلوبهم مرض
– ويبعد المرأة عن مخالطة الرجال ومداخلتهم
– كما أنه يساعد على ستر العورات التي تثير في النفوس كوامن الشهوات
– والحكمة الأساسية في حجاب المرأة هي درأ الفتنة ، فإن مباشرة أسباب الفتنة ودواعيها وكل وسيلة توقع فيها من المحرمات الشرعية ومعلوم أن تغطية المرأة لوجهها ومفاتنها أمر واجب دل على وجوبه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح
متى فرض الحجاب :
فرض الحجاب على أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين بنزول آية الحجاب
( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهرلقلوبكم وقلوبهن )
في سورة الأحزاب شهر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة
سبب نزول آية الحجاب :
ثبت من حديث أنسرضي الله عنه قال:
قال عمررضي الله عنه :
قلت:
يا رسول الله ! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب
وهذه إحدى موافقات الوحي لأمير المؤمنين عمر بن الخطابرضي اللهعنه وهي من مناقبه العظيمة
ولما نزلت حجب النبيصلى الله عليه وسلم نساءه عن الرجال الأجانب عنهن وحجب المسلمون نساءهم عن الرجال الأجانب عنهن بستر أبدانهن من الرأس إلى القدمين وستر ما عليها من الزينة المكتسبة
فالحجاب فرض عام على كل مؤمنة مؤبد إلى يوم القيامة
الشروط الواجب توافرها في الحجاب :
– أن يكون ساتراً لبدن المرأة من الرأس إلى القدمين
– أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين
– أن بكون فضفاضاً
– لا يكون زينة في نفسه
– لا يضاف إليه ما يزينه من نقش أو تطريز أو خلافه
– لا يلفت النظر إليه ولا يضاف له ما يلفت النظر إليه
– لا يشابه ثياب غير المسلمات
وإن جاء فيه ما يخالف شرط من الشروط اللازمة فيه كان نقضاً لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة وتغطيتها عن عيون الأجانب عنها
لماذا جاء الأمر بالحجاب صريحاً في الوجه ؟
– لعظم فاحشة الزنا
– ولأهمية غض البصر وحفظ الفرج فذلك أزكى للمؤمنين في الدنيا والآخرة
– كما أن غض البصر سبب رئيسي للبعد عن الوقوع في هذه الفاحشة
– وحفظ الفرج لا يتم إلا ببذل أسباب السلامة والوقاية ومن أعظمها غض البصر
– وغض البصر لا يتم إلاّ بالحجاب التام لجميع البدن
– ولا يرتاب عاقل أن كشف الوجه سبب للنظر إليه والتلذذ به
– والعينان تزنيان وزناهما النظر
على من فرض الحجاب :
فرض الحجابعلى جميع نساء المؤمنين
قول الصحابة في الحجاب :
– قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها :كان الركبان يمرون بنا ونحن معرسول اللهصلى الله عليه وسلم مُحْرِمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها منرأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه
– قالت أم سلمة أم المؤمنينرضي الله عنها :
لما نزلت هذه الآية ( تقصد الآية 59 من سورة الأحزاب ) :
{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها
– قالت أم عطية رضي الله عنها :
(( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى ، العواتق، والـحُيَّض ، وذوات الخدور، أمَّـا الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ،
قلت: يا رسول الله ! إحدانا لا يكون لها جلباب ؟
قال : لتلبسها أختها من جلبابها ))
– قالت صفية بنت شيبة رضي الله عنها :أن عائشةرضي الله عنها كانت تقول : لما نزلتهذه الآية ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أخذن أُزُرَهن ( نوع من الثياب ) فشققنها منقبل الحواشي فاختمرن بها
– أما عمر رضي الله عنه :
فقد كان رضي الله عنهيقول للنبيصلىالله عليه وسلم :
احجب نساءك ، فلم يكن رسول اللهصلى الله عليه وسلم يفعل ،
فخرجتسودة بنت زمعة زوج النبيصلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي عشاء , وكانت امرأةطويلة , فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصاً على أن ينزل الحجاب ، فأنزلالله آية الحجاب
– قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه :
قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : (( المرأة عورة ، فإذا خرجت استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها ))
– وكذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه :
في قوله سبحانه : ( إلا ما ظهر منها )
أن المراد بهالملابس لقوله تعالى : ( والقواعد من النساء اللاتي لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهنوالله سميع عليم )
ووجه الدلالة من هذه الآية على وجوب تحجب النساء وهو سترالوجه وجميع البدن عن الرجال غير المحارم هو أن الله سبحانه رفع الجناح عن القواعداللاتي لا يرجون نكاحا وهن العجائز إذا كن غير متبرجات بزينة فعلم بذلك أن الشاباتيجب عليهن الحجاب وعليهن جناح في تركه
– قال عروة رضي الله عنه :عنعائشةرضي الله عنهاقالت :
لقد كان رسول اللهصلى الله عليه وسلميصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات في مروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن مايعرفهن أحد
قول الفقهاء في الحجاب :
1 – قال ابن تيمية :
– ثبت في الصحيح أن المرأة المحرمة تنهى عن النقاب والقفازين
وهذا ممايدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن
– وذلك يقتضيستر وجوههن وأيديهن
– وقد نهى الله تعالى عما يوجب العلم بالزينة الخفية بالسمع أوغيره فقال تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين منزينتهن )وقال تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )
فلما نزل ذلك عمد نساء المؤمنين إلى خمرهن فشققنهن وأرخينها على أعناقهن
والجيب هوشق في طول القميص
فإذا ضربت المرأة بالخمار على الجيب سترت عنقها
وأمرت بعد ذلكأن ترخي من جلبابها
والإرخاء إنما يكون إذا خرجت من البيت فأما إذا كانت في البيتفلا تؤمر بذلك انتهى
2 – قال ابن حجر في الفتح : ( 8 / 489 ) في شرح هذا حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها
وقوله ( فاختمرن ) : أي غطين وجوههن
3 – وعن سعيد بن جبير في قوله( يدنين عليهن من جلابيبهن )قال : يسدلن عليهن من جلابيبهن وهو القناع فوق الخمار , قال : ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلاأن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها
4 –قال القرطبي رحمه الله : ( ويدخل في هذه الآية جميع النساء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة
كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب الحجاب )
قول العلماء المعاصرين في الحجاب :
1 – قالالشيخ عبدالعزيز بن بازمفتي عام المملكةرحمه الله في مجموع فتاواه ومقالاته ( 3 / 354 – 455 ) :
– الحجاب أول الإسلام غير مفروض علىالمرأة
– وكانت تبدي وجهها وكفيها عند الرجال
– ثم شرع الله سبحانه الحجاب للمرأة
– وأوجب ذلك عليها صيانة لها وحماية لها من نظر الرجال الأجانب إليها وحسما لمادةالفتنة بها
وذلك بعد نزول آية الحجاب
وهي قوله تعالى في الآية من سورة الأحزاب :
( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهرلقلوبكم وقلوبهن )
– والآية المذكورة وإن كانت نزلت في زوجات النبيصلىالله عليه وسلم فالمراد منها هن وغيرهن من النساء لعموم العلة المذكورة والمعنى فيذلك
– إلى أن قال : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهرمنها )
– والزينة هي المحاسن والمفاتن والوجه أعظمها
– وقوله سبحانه : ( إلا ما ظهر منها )
المراد بهالملابس في أصح قولي العلماء كما قال الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي اللهعنهلقوله تعالى :
( والقواعد من النساء اللاتي لايرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهنوالله سميع عليم )
– ووجه الدلالة من هذه الآية على وجوب تحجب النساء وهو سترالوجه وجميع البدن عن الرجال غير المحارم
هو أن الله سبحانه رفع الجناح عن القواعداللاتي لا يرجون نكاحا وهن العجائز إذا كن غير متبرجات بزينة
– فعلم بذلك أن الشاباتيجب عليهن الحجاب وعليهن جناح في تركه – وهكذا العجائز المتبرجات بالزينة عليهن أنيحتجبن لأنهن فتنة
– ثم إنه سبحانه أخبر في آخر الآية أن استعفاف القواعد غيرالمتبرجات خير لهن
وما ذاك إلا لكونه أبعد لهن عن الفتنة
– وقد ثبت عن عائشة وأختهاأسماء رضي الله عنهما ما يدل على وجوب ستر المرأة وجهها عن غير المحارم ولو كانت فيحال الإحرام
– كما ثبت عن عائشةرضي الله عنها في الصحيحين ما يدل على أن كشف الوجهللمرأة كان في أول الإسلام ثم نسخ بآية الحجاب
– وبذلك نعلم أن أمر الحجاب للمرأةأمر قديم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم قد فرضه الله سبحانه
2 – قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله :
الحجابالشرعي :
هو حجب المرأة ما يحرم عليها إظهاره
أي سترها ما يجب عليها ستره ،وأولى ذلك وأوله : ستر الوجه ؛ لأنه محل الفتنة ومحل الرغبة
فالواجب علىالمرأة أن تستر وجهها عن من ليسوا بمحارمها
3 – وقال الشيخ صالح الفوزان :
الصحيح الذي تدل عليهالأدلة هو أن وجه المرأة من العورة التي يجب سترها ، بل هو أشد المواضع الفاتنة فيجسمها , لأن الأبصار أكثر ما توجه إلى الوجه , فالوجه أعظم عورة في المرأة , معورود الأدلة الشرعية على وجوب ستر الوجه
و من ذلك قوله تعالى :
{ وقلللمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربنبخمرهن على جيوبهن }
فضرب الخمار على الجيوب يلزم منه تغطية الوجه
وقال أيضاً :
لا بأس بستر الوجه بالنقاب أو البرقع الذيفيه فتحتان للعينين فقط ,
لأن هذا كان معروفاً في عهد النبيصلى الله عليه وسلم ومنأجلالحاجة ، فإذا كان لا يبدو إلا العينان فلا بأس بذلك ، خصوصاً إذا كان من عادةالمرأة لبسه في مجتمعها
كيف يكون الحجاب :
– الحجاب المفروض على المرأة إن كانت في البيوت فمن وراء الـجُدر والخدور
– وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فالحجاب باللباس الشرعي
– واللباس الشرعي يتحقق بلبس العباءة والخمار الساتر لجميع بدنها وزينتها المكتسبة
صفة الحجاب :
– وتتحقق صفته في الآية (وليضربن بخمرهن على جيوبهن )
وفيها يلقين بالخمار إلقاء محكماً على المواضع المكشوفة وهي : الرأس والوجه والعنق والنحر والصدر
ويكون ذلك بِلَفِّ الخمار الذي تضعه المرأة على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهذا هو التقنع
– وقال محمد بن سيرين :
سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل :
{ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ } فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى
متى يسمح للمرأة في الحجاب :
– قال القرطبيرحمه الله : ( ويدخل في هذه الآية جميع النساء بالمعنى ، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة
كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب الحجاب )
– وقد أجمع علماء السلف على وجوب ستر المرأة المسلمة لوجهها وأنه عورة يجب عليها ستره إلا من ذي محرم
– وقد روى البخاري وغيره : أن النبيصلى الله عليه وسلم قال في النساء وهن محرمات : (( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ))
فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب فوق رأسها على وجهها
وذلك لما روي عن عائشةرضي الله عنها قالت :
( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها
فإذا جاوزونا كشفنا )
وإنما منعت المرأة المحرمة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يصنع لستر الوجه خاصة ولم تمنع من الحجاب مطلقا
الأصناف التي يجوز للمرأةالمسلمة أن تبدي زينتها أمامها :
1 , 2 – الزوج والأب :
قال تعالى :
{ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
والمراد بالزينة هنا الباطنة
فلما ذكر في الآيةقبلها ما أ باح أن يراه غير ذوي المحرم من الزينة الظاهرة ، وذكر في هذهما أباحأن يراه الزوج وذوي المحارم من الزينة الباطنة . .
وبدأ بالبعولة وهم الأزواجلأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذاقال تعالى :
( والذين هملفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين )المؤمنون ( 6 )فالبعل هو الزوج والسيد في كلام العرب ، ومنه قول النبيصلى الله عليهوسلم في حديث جبريل :
( إذا ولدت الأمةبعلها ) يعني سيدها , فيأتي الأولادمن الإماء فتعتق كل أم بولدها وكأنه سيدها الذي منّ عليها بالعتق إذ كانالعتقحاصلا لها من سببه ، قاله ابن العربي . .فالزوج والسيد يرى الزينة من المرأةوأكثر من الزينة إذ كل محل من بدنها حلال له لذة ونظراً , ولهذا المعنى بدأ بالبعولة،لأن اطلاعهم يقع على أعظم من هذا
3 , 4 – الآباء و الأبناء : :والمراد بالآباء كل من له ولادة من والد وجد ، وبالأبناء كل من عليه ولادة من ولدوولد ولد .
– ولم يذكر في الآية من ذوي المحارم العم والخال ومذهب جمهور العلماءجواز رؤيتهما للمرأة ، لأنهما من ذوي المحارم ،وكره ذلك قوم
وقال الشافعي :إنما لم يذكر العم والخال لئلا يصفا زينة المرأة لأولادهما 5 , 6 – آباءوأبناء البعولة : :يريد ذكور أولاد الأزواج
ويدخل فيه أولاد الأولاد وإنسفلوا من ذكران كانوا أو إناث كبني البنين وبني البنات
وكذلك آباء البعولةوالأجداد وإن علوا من جهة الذكران لآباء الآباء وآباء الأمهات
وكذلك أبناؤهن وإنسفلوا
وكذلك أبناء البنات وإن سفلن فيستوي فيه أولاد البنين وأولاد البنات . .
7 – الإخوة مطلقا :
سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم
وذلك لقوله تعالى : ( أوإخوانهن )
8 , 9 – بنو الإخوة وبنو الأخوات وإن سفلوا :
كبني بني الأخوات وبني بناتالأخوات
وذلك لقوله تعالى : ( أو بني إخوانهن أوبني أخواتهن )
قال القرطبي :
لماذكر الله تعالى الأزواج وبدأ بهم ثنى بذوي المحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة
ولكن تختلف مراتبهم بحسب ما في نفوس البشر
فلا مرية أن كشف الأب والأخ على المرأةأحوط من كشف ولد زوجها
وتختلف مراتب ما يبدى لهم فيبدى للأب ما لا يجوز إبداؤهلولد الزوج
وقد ذكر القاضي إسماعيل :
أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانالا يريان أمهات المؤمنين
وقال ابن عباس : إن رؤيتهما لهن تحل
قال إسماعيل:أحسب أن الحسن والحسين ذهبا في ذلك إلى أن أبناء البعولة لم يذكروا في الآية التيفي أزواج النبيصلى الله عليه وسلم ، وهي قولهتعالى : ( لا جناح عليهن فيآبائهن ) (55 ) الأحزاب
وقال في سورة النور : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ) الآية
فذهب ابن عباس إلى هذه الآية ، وذهب الحسن والحسين إلى الآية الأخرىفجوز للنساء إبداء الزينة لهذه الأصناف لكثرة المخالطة ، وأمن الفتنة ،ولنفرة الطباع السليمة عن الأقارب .
10 – نِسَائِهِنَّ : نساء أهل دينهن المسلمات لأنه لا يحل لها أن تراها متجردة يهودية أو نصرانية أو مجوسية
11 – مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ : من الإماء دون العبيد
12 – التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ : ٱلتَّابِعِينَ لأزواجهن { غَيْرِ أُوْلِي ٱلإِرْبَةِ } الشهوة { مِنَ ٱلرِّجَالِ } والنساء يعني الخصي والشيخ الكبير الفاني
13 – الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ : يعني الصغير { ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ } لم يطيقوا المجامعة مع النساء ولا النساء معهم من الصغر ولا يعلمون من أمر الرجال والنساء شيئاً فلا بأس بأن يرى زينتهن هؤلاء بغير ريبة
الرخصة في الحجاب للقواعد :
رخَّص الله سبحانه للقواعد من النساء بوضع الحجاب ، وأن يستعففن خير لهن :
قال الله تعالى : ( والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميعٌ عليمٌ ) [ النور : 60 ]
شروط الرخصة للقواعد:
– رخَّص الله سبحانه للقواعد من النساء أي : العجائز اللائي تقدم بهن السنّ فقعدن عن الحيض والحمل ويئسن من الولد , أن يضعن ثيابهن الظاهرة من الجلباب والخمار، التي ذكرها الله سبحانه في آيات ضرب الحجاب على نساء المؤمنين ، فيكشفن عن الوجه والكفين
– ورفع تعالى الإثم والجناح عنهن في ذلك بشرطين:
الشرط الأول :
أن يَكُنَّ من اللاتي لم يبق فيهن زينة ولا هن محل للشهوة ، وهن اللائي لا يرجون نكاحاً ، فلا يَطْمعن فيه، ولا يُطْمَع فيهن أن يُنكحن, لأنهن عجائز لا يَشتهين ولا يُشتَهين
أما من بقيت فيها بقية من جمال ، ومحل للشهوة ، فلا يجوز لها ذلك
الشرط الثاني :
أن يكن غير متبرجات بزينة ، وهذا يتكون من أمرين :
أحدهما :
أن يكنَّ غير قاصدات بوضع الثياب التبرج ولكن التخفف إذا احتجن إليه
وثانيهما :
أن يكن غير متبرجات بزينة من حلي وكحل وأصباغ وتجمل بثياب ظاهرة إلى غير ذلك من الزينة التي يفتن بها
ثم قال ربنا جل وعلا : ( وأن يستعففن خير لهن )
وهذا تحريض للقواعد على الاستعفاف وأنه خير لهن وأفضل ، وإن لم يحصل تبرج منهن بزينة
– ولتحذر المؤمنة التعسف في استعمال هذه الرخصة ، بأن تدعي بأنها من القواعد ، وليست كذلك ، أو تبرز متزينة بأيٍّ من أنواع الزينة
قال ابن قدامة في المغنى :
( والمرأة إحرامها في وجهها ، فإن احتاجت سدلت على وجهها)
– وجملته أن المرأة يحرم عليها تغطية وجهها في إحرامها
– كما يحرم على الرجل تغطية رأسه ، إلا ما روي عن أسماء أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة
– وقد روى البخاري وغيره أن النبيصلى الله عليه وسلم قال في ذلك :
(( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ))
فأما إذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فإنها تسدل الثوب فوق رأسها على وجهها
وذلك لما روي عن عائشةرضي الله عنها قالت :
( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها
فإذا جاوزونا كشفنا )
وإنما منعت المرأة المحرمة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يصنع لستر الوجه خاصة ولم تمنع من الحجاب مطلقا
– قال أحمد : ( إنما لها أن تسدل على وجهها فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل )
– قال ابن رشد في البداية :
( وأجمعوا على أن إحرام المرأة في وجهها وأن لها أن تغطي ، رأسها وتستر شعرها وأن لها أن تسدد ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا تستتر به عن نظر الرجال إليها )
– إلى غير ذلك من كلام العلماء , فيؤخذ من هذا ونحوه أن علماء الإسلام قد أجمعوا على كشف المرأة وجهها في الإحرام ، وأجمعوا على أنه يجب عليها ستره بحضور الرجال ، فحيث كان كشف الوجه في الإحرام واجبا فستره في غيره أوجب
– وفسر الصنعاني رحمه الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم (( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ))
أي لا تلبس ما فصل وقطع وخيط لأجل الوجه كالنقاب ولأجل اليدين كالقفازين ، لا أن المراد أنها لا تغطي وجهها وكفيها كما توهمه البعض فإنه يجب سترهما لكن بغير النقاب والقفازين
بدايةالسفور بخلع الخمار :
كانت بداية السفور بخلع الخمار عن الوجه في مصر ، ثم تركيا ، ثم الشام ، ثم العراق ، وانتشر في المغرب الإسلامي ، وفي بلاد العجم ، ثم تطور إلى السفور الذي يعني الخلاعة والتجرد من الثياب الساترة لجميع البدن ، فإنا لله وأنا إليه راجعون
الرد على كل ما جاء من ادعاءات في الحجاب :
1 – الرد على من ادعى أن الآية ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكموقلوبهن ) خاصة بأزواج النبيصلى اللهعليه وسلم
بأن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوبالرجال والنساء من الريبة قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم
إذ لم يقل أحد منجميع المسلمين إن غير أزواج النبيصلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهنوقلوب الرجال من الريبة منهن
بل إن في هذه الآيةالكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء لا خاص بأزواجهصلى الله عليه وسلم
وإن كان أصل اللفظ خاصا بهن لأن عموم علته دليل على عموم الحكمفيه
2 –الرد على من ادعى أن الآيتين ( 32 , 33 ) من سورة الأحزاب فيهما خصوصية لنساء النبي :
فالرد هو قول الله تعالى :
( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً . وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً )
– وهذا شأن كل خطاب في القرآن والسنة ، فإنه يراد به العموم ، لعموم التشريع ، ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ما لم يرد دليل يدل على الخصوصية ، ولا دليل هنا
– بل في آيتي الأحزاب لِحاقٌ يدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن ، وهو قوله سبحانه : ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله )
وهذه فرائض عامة معلومة من الدين بالضرورة
قال الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً )
قال السيوطي رحمه الله تعالى : (( هذه آية الحجاب في حق سائر النساء ، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن )) انتهى
3 – الرد على من ادعى فقال بكشف الوجه لأن الله لم يصرح بذكره هنا
– فنقول له : إن الله سبحانه لم يذكر هنا : الرأس والعنق والنحر والصدر والعضدين والذراعين والكفين فهل يجوز الكشف عن هذه المواضع ؟
فإن قال : لا
قلنا : والوجه كذلك لا يجوز كشفه من باب أولى لأنه موضع الجمال والفتنة
– وأيضاً ما جوابكم عن فهم نساء الصحابة رضي الله عن الجميع في مبادرتهن إلى ستر وجوههن حين نزلت هذه الآية ؟
4 – الرد على من ادعى أن تفسير ( يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلايؤذين )إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسقفأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوهن :
– ونحننبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم أو وهلة فاضل عاقل أو افتراء كاذبفاسق
– لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين وهذه مصيبة الأبد
– وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة
– وأن الحدعلى الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة
– ولا فرق وأن تعرض الحرة في التحريمكتعرض الأمة ولا فرق
ولهذا وشبهه وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله صلىالله عليه وسلم إلا بأن يسنده إليه عليه السلام
1 – دليل صحيح صريح ، لكنه منسوخ بآيات فرض الحجاب كما يعلمه مَن حقق تواريخ الأحداث أي قبل عام خمس من الهجرة أو في حق القواعد من النساء أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء
2 – دليل صحيح لكنه غير صريح ، لا تثبت دلالته أمام الأدلة القطعية الدلالة من الكتاب والسنة على حجب الوجه والكفين كسائر البدن والزينة ومعلوم أن رد المتشابه إلى المحكم هو طريق الراسخين في العلم
3 – دليل صريح لكنه غير صحيح ، لا يحتج به ولا يجوز أن تعارض به النصوص الصحيحة الصريحة والهدي المستمر من حجب النساء لأبدانهن وزينتهن ومنها الوجه والكفان
ما بين قول ابن مسعود وقول ابن عباس :
فقوله سبحانه : ( إلا ما ظهر منها )
– فسره الصحابي الجليل عبد الله بن مسعودرضي الله عنه بأن المراد بذلك الملابس الظاهرة
لأن ذلك لا يمكن ستره إلا بحرج كبير
– وفسره ابن عباسرضي الله عنهما في المشهور عنه بالوجه والكفين
– والأرجح في ذلك قول ابن مسعود
– لأن أية الحجاب المتقدمة تدل على أو وجوب سترهما ولكونهما من أعظم الزينة فسترهما مهم جدا
– وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإن كشفهما في أول الإسلام ثم نزلت أية الحجاب بوجوب سترهما , ولأن كشفهما لدى غير المحارم من أعظم أسباب الفتنة ومن أعظم الأسباب لكشف غيرهما
أخيراً وبعد كل ما جاء في هذا البحث ,
نجد أنه لم يقل أحد في الإسلام بجواز كشف الوجه واليدين عند وجود الفتنة ورقة الدين وفساد الزمان بل هم مجمعون على سترهما كما نقله غير واحد من العلماء
أسأل الله العظيم ان يستر جميع نساء وبنات المسلمين
وان يرد المسلمين الى الدين ردا جميلا فهو ولى ذلك والقادر عليه
اختى الكريمه اود ان اعرف ما معنى السفور ؟؟
هل هو معناه كشف الوجه فقط فتسمى من تكشف وجهها سافرة
ام انه سب؟؟
انا الحمد لله منتقبه احمد الله على ذلك ولكنى اود معرفة معنى هذه الكلمه
وجزاكى الله خيرا