أعلنت منظمة اليونسكو عن تكريم جلال الدين الرومي شيخ الطريقة المولوية كشخصية عالمية. ولا شك أن المنظمة العالمية للثقافة والعلوم التابعة للأمم المتحدة ترى في شخصية جلال الدين الرومي صفات تؤهله للاقتداء العالمي، فهو بحسب بيان المنظمة الشاعر والفيلسوف والمعلم الروحي.
يشار إلى أن الاحتفال بالذكرى الـ 800 لجلال الدين الرومي ستُقدَّم في أكثر من 18 بلداً تمتد من الأرجنتين وصولاً إلى إندونيسيا، وسيتم خلالها تقديم الحضرة المولوية والموسيقى الصوفية والعسكرية التركية.
لقد اهتم الغربيون بكتابات جلال الدين الرومي حتى صح أن يقال: إن الغربيين هم الذين عرّفوا العالم به حين ترجموا له كافة كتبه إلى اللغات الأوروبية، ونشروا أفكاره في العالم.
وقد أمضى المستشرق الإنجليزي نيكلسون ثلاثين عاماً في ترجمة (المثنوي) بأجزائه الستة – وهو أشهر مؤلفاته – وألحقها بشروح وتعليقات، وترجم الشاعر الأمريكي المعاصر كولمان باركس معظم أعمال الرومي إلى اللغة الإنجليزية، وتُقبِل مختلف الجامعات الأوروبية والأمريكية حالياً على دراسة أعماله، وتهتم بها المجلات العلمية والثقافية، وقد نشرت صحيفة البيان الإماراتية أنه قد كُــرِّم (جلال الدين الرومي) – وهو شيخ الطريقة المولوية – باعتباره الشاعر الوحيد ضمن أصحاب قائمة أكثر الكتب مبيعاً.
وقد انتشرت الأماكن الصوفية التي ترتبط باسمه، وفي مدينة (دالاس) بمفردها ظهر ما يزيد على (30) تجمعاً خلال العام الماضي تقريباً. يقول علي أمين زاده، أحد مواطني تكساس والمولود في إيران، والذي ترك وظيفته ضابط أمن في مطار دالاس بواشنطن العاصمة ليصبح زعيماً لجماعة صوفية جديدة في تكساس: «حركة الصوفية مزدهرة للغاية هذه الأيام، والعديد من الأمريكيين باتوا يستجيبون لرسالة الإسلام الصوفي التي تدور حول الحب والصداقة والتفاهم»![ جريدة البيان: (10 /10/1423هـ)]
ولكن ما سر افتتان العقلية الغربية بكتابات جلال الدين الرومي؟
يقول الشاعر الأمريكي كولمان باركس أكبر مترجمي أعمال الرومي إلى الإنجليزية: «أشعار الرومي أبادت كل الحدود التي أقامتها العادات والقوميات في أذهان الناس والتي منعت انتشار الحب والصداقة بين أفراد البشرية».
• ما الحدود التي أبادتها أشعار جلال الدين الرومي؟
يقول جلال الدين الرومي: (انظر إلى العمامة أحكمها فوق رأسي، بل انظر إلى زنار زرادشت حول خصري، مسلم أنا ولكني نصراني وبرهمي وزرادشتي. ليس لي سوى معبد واحد؛ مسجد أو كنيسة أو بيت أصنام)[ في التصوف الاسلامي وتأريخه، نيكلسون 94].
ويقول أيضاً: (إن ملة العشق قد انفصلت عن كافة الأديان؛ فمذهب العشاق وملتهم هو الله)[انظر: كفافي 2/183].
ويقول أيضاً: (يا خلاصة الوجود! إن التباين بين المؤمن والمجوسي واليهودي ناشئ من الرأي والنظر)[ انظر: ولد جلبي 3/101].
إنها دعوة لصهر الديانات في بوتقة واحدة ومسخ الحدود الفاصلة بين الشرائع، وبذلك تزول معالم الديانة.
يقول المستشرق نيكولسن: (من المعروف جيداً أن مذاهب الصوفية المسلمين وتأملاتهم أثّرت في الإسلام تأثيراً قوياً، وإلى حد ما فإنها توفر أرضاً مشتركة يمكن أن يلتقي فيها أناس من ديانات مختلفة، مع بقائهم مخلصين للديانة التي يؤمن بها كل واحد منهم، يلتفون بروح التسامح والتفاهم المتبادل)[موسوعة المستشرقين (416)].
إن الدعوة إلى (وحدة الأديان) وصهرها في قالب واحد؛ الغرض منها خَلْطُ الحق بالباطل، وهدم الإسلام وتقويض دعائمه، وجرُّ أهله إلى ردة شاملة، كل ذلك بدعوى المحبة والتسامح والتفاهم. يقول الله ـ سبحانه ـ: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:٩٨].
إنها دعوة لإلغاء الفوارق بين الإسلام والكفر، والحق والباطل، والمعروف والمنكر، وكسر حاجز النفرة بين المسلمين والكافرين، فلا ولاء ولا براء، ولا جهاد ولا قتال لإعلاء كلمة الله في أرض الله. والله ـ جل وتقدس ـ يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْـحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْـجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [التوبة:٩٢] ، فهل يطمع اليهود والنصارى بفكر وثقافة أفضل من هذه؟
إن اختيار هذه الشخصيات الشاردة عن الهدى يجعلنا أمام استفهام كبير، لا نملك عنه إجابة محددة تنفي التهمة عن هذه الجهود لإحياء تراث الزنادقة.
يقـول البدر العيني شارح صحيـح البخـاري – رحمه الله – عن جلال الدين الرومي: (ألّف كتاباً وسماه المثنوي، وفيه كثير مما يردُّه الشرع والسنة المطهرة، وضلّت بسببه طائفة كثيرة ولا سيما أهل الروم)[ عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان 129].
ولْنورد أمثلة على زندقته التي يراد تعميمها. يقول الأفلاكي: (سأل مولانا – يقصد ابن الرومي – يوماً: ماذا يقول علماء النصارى في حقيقة عيسى؟ فأجابه سيريانوس: يقولون: عيسى هو الله. فقال مولانا: بعد الآن قل لهم: محمـدنا آلَـــهُ من الله (أو أعظم ألوهية من الله)، قالها ثلاثاً)[ الأفلاكي ج1 ص 471].
وقد كان المعلم الروحي ـ كما نعتته المنظمة العـالمية ـ ذا لسان فاحش بذيء. ولولا الحياء لذكرنا بعضا من أقواله.
ويقول الأفلاكي عن الرومي: (فخرج من السماع ، فبينا هو يمرّ بباب حانة خمارة في رأس المحلة، إذا بعزف ربابة يطرق أذنه المباركة، فوقف هنيهة ثم جعل يدور وهو مظهر غاية السعادة، وظل يطلق الصيحات إلى أن سمع صياح ديكة الفجر، فخرج الرعاع والسوقة، وجثوا بين قدمي مولانا فخلع عنه كل ملابسه وأعطاها لهم، فيقولون: إن جميع الرعاع كانوا من الأرمن ، فلما كان اليوم التالي، أقبل هؤلاء الأرمن إلى المدرسة وأعلنوا إسلامهم وغدوا مريدين له، ثم قاموا إلى السماع)[ (الأفلاكي ج1 ص 722)].
أما شأنه مع النساء فهو عجب من العجب، حيث لا خلق ولا مروءة ولا ديانة، وكما قال الأول:
وله مع الجنس اللطيف لطائف.. ..أبتِ المروءة شرحها للنافل
فهل من يقول ويفعل هذه الأفاعيل يعد معلماً روحياً؟!
يقول التفتازانـي، معلقــاً علـى بعـض كـلام الـرومي: (ولا يخفى على آحاد معاشر المسلمين فضلاً عن أئمة الدين، أن من تديّن بهذا للضلالة المبينة، وتجنّح بهذا المذهب الباطل اللعين بأنه أكفر الكافرين وأخسر الخاسرين)[ رسالة في الرد على أهل وحدة الوجود للتفتازاني].
إن تبنّي المنظمة لهذا الفكر المنحرف هي دعوة للزندقة وإشاعة للضلالة، وازدراء للأديان، ولنا أن نتساءل هنا: أين المنظمة العالمية من تكريم معلم الأمم محمد – صلى الله عليه وسلم -؟ أين هي من أصحاب المبادئ كأحمد بن حنبل وابن تيمية ونحوهم من أساتذة الدنيا؟
ولكنها دعوة لإبراز الوجه الآخر للمسلمين؛ وليستمر الضالون في
ضلالهم