الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا وبعد
فمن المؤسف حقا أن تطرح قضية أقرها الشرع لتكون عرضة للقيل والقال وتبقى القضية رهن من يوافق ومن لا يوافق 000شيء عجيب حقا 00
إننا يجب أن نفرق بين أمرين : الأول أن نناقش أصل قضية التعدد فنجد من يأتي ليسأل : ما رأيك في التعدد ؟ أتدرون يا إخواني كم يحمل هذا الأمر من خطورة إن السؤال عن أصل قضية التعدد بأن يسألك سائل : ما رأيك في قضية التعدد ؟ هذا كمن يسألك ما رأيك في قضية الصلاة وما رأيك في تحريم الربا وشرب الخمر
أما الأمر الثاني هو أن نناقش مسألة أخرى وهي : هل فلان هذا يناسبه التعدد أم لا ؟
ومن هنا يتبين خطورة فتح المجال أمام كل لا شأن له بأمور الفقه في دين الله كي يطلق له العنان مبدياً رأيه فيما لامجال للآراء فيه فإباحة التعدد قضية ليست مطروحة للاستفتاء أو أخذ الآراء شأنها في هذا شأن الحكم بالشريعة الإسلامية
الطعن في أصل قضية التعدد ردة عن الإسلام
نعم الطعن في هذه القضية ردة عن الإسلام فهي قضية ليست عرضة لآراء الناس بين مؤيد ومعارض ، بل إن الطعن في تعدد الزوجات ردة عن الإسلام لإجماع العلماء على ردة من أنكر شيئا من كتاب الله تعالى أو كرهه فالذين ينكرون التعدد أو يرون فيه ظلما للمرأة أو إهدارا لحقوقها لا شك في مروقهم عن الدين
لماذا هذه الضجة ؟
إننا نعجب من هذه الضجة المثارة حول قضية التعدد والتي يتولى كبر الفتنة فيها أعداء الإسلام ممن دأبوا على وصف الإسلام بالرجعية والتخلف ووصف المسلمين بالتأخر والتخلف ، فتراهم يتهمون المسلم بالظلم للمرأة حين يتزوج بأكثر من واحدة ، ونراهم يبيحون لأنفسهم اتخاذ العشيقات والخليلات ولا يجدون أي نوع من الحرج أو الخجل في ممارسة الزنا واللواط والسحاق وسائر أنواع الشذوذ والانحراف…
بل نراهم يتجرأون على الطاهر المطهر حامل الرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كيف استحل لنفسه الزواج من تسع نساء ناسين أو متناسين أن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما ينفذ ما أمر الله به قال تعالى : ((قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي..))
المدافعون عن التعدد أين هم ؟
لقد ظن كثير منم المحبين للإسلام أن الإسلام يقع موقع المتهم بالنسبة لقضية التعدد فشرعوا يدافعون دفاعا هزيلا يتحدثون فيه على استحياء فيحاولون أن يختلقوا اعذارا للرسول صلى الله عليه وسلم في زواجه من 9 نساء ومرة يحاولون أن يظهروا الأسباب التي من أجلها شرع التعدد… ناسين أن الله يحكم ولا معقب لحكمه قال تعالى : ((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" [الأحزاب: 36] قال محمود الوراق:
توكل على الرحمن في كل حاجةٍ أردت فإن الله يقضي ويقدِر
إذا ما يرد ذو العرش أمرا بعبده يصبه وما للعبد ما يتخير
وقد يهلك الإنسان ومن وجه حذره وينجو بحمد الله من حيث يحذر
وقال آخر:
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم
وكذلك نسوا قول الله تعالى : ({فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما}
ومتجاهلين قوله تعالى ((والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب))
وقوله تعالى (("قل إن الأمر كله لله ))
إلى آخر هذه الآيات التي تدل على أن ما شرعه الله ليس مجالا للتصويت أو الاستفتاء فالقضية محسومة في كتاب الله ولا مجال لأنصاف المتعلمين أو مدعي التعالم للولوج فيها
هل للتعدد حكم وأسباب وفوائد ؟؟
رغم أننا قدمنا أننا لا نحتاج إلى بيان الحكمة من كل تشريع شرعه الله أو سنه ةلنا رسول الله صلى اله عليه وسلم إلا أنه لا بأس من بين بعض الحكم والفزائد من تشريع التعدد :
1- لا يستطيع أحد أن ينكر الإعجاز في إباحة التعدد فمما لا يختلف عليه اثنان أن أعداد النساء في زيادة مستمرة عن أعداد الرجال .. ولا أدل على ذلكم من أن بعض الدول التي كانت قد منعت التعدد عادت الآن ساعية لتعديل قوانينها كي تبيح التعدد مثل ألمانيا
2- مراعاة الفطرة والواقعية فكم من الرجال لا تكفيه واحدة فأي طريق يختار ؟ طريق الحرام باتخاذ العشيقات أم طريق الحلال بعفاف نفسه وإعفاف امرأة أخرى معه ؟؟؟
3- الواقع الذي نراه في كل البلدان التي تحارب التعدد أنها استعاضت عنه بالانحراف الجنسي الذي وصل الى حد الشذوذ متخطيا في طريقه الزنا والسحاق واللواط إلى آخره
4- إباحة التعدد هو أهم وسيلة لنمو العامل البشري وحفظه ولا ننسى أمر الرسول صلى الله عليه وسلم لنا بأنه سيباهي بنا الأمم يوم القيامة أما أي نسل يأتي من زنا فهو مقطوع محكوم عليه بالموت أو التشرد والضياع كما هو مشاه ومعروف ولا ينكر ذلك إلا معاند
5- التعدد ضمان وصمام أمان لكثير من النساء الاتي مات عنهن أزواجهن الأوائل ففيه النفقة والستر والإعفاف والتحصين وحفظ أبنائها ورعايتهم قال تعالى : (0 ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير )) ، و‘ذا لم يكن التعدد فمن يحفظ نساء المسلمين الأرامل وخصوصا الشابات منهن أو اللاتي لا يجدن من يرعاهن والأمر بين ولله الحمد ولا مجال للإطالة فيه
6- المهم أن الفوائد عديدة وكثيرة والمجال لا يسمح للاستفاضة أكثر من هذا
ضوابط عند التعدد
قال تعالى ((فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا}.
وقال تعالى : (({ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما))
فبين الله تعالى أن القلب قد يميل نوعا ما إلي إحدى النساء إما لمزيد جمال فيها أو لحسن عشرتها لزوجها ولكن الله بين أن هذا الميل البسيط يجب ألا يتعدى الحد فيتحول إلى الظلم والإهمال في حق الأخريات من الزوجات وهذا ضابط مهم جدا يجب أن يراعيه الأزواج وأن ينقوا الله فيه ولهذا قال تعالى : ((وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما))
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن ماجه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط".
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال: كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن جابر بن زيد قال: كانت لي امرأتان، فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل.
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام، فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله.
فهجر المرأة ولو للعبادة أمر خطير:
**روي أن امرأة أتت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالت يا أمير المؤمنين : إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه ، وهو يعمل لطاعة الله عز وجل فقال لها : نعم الزوج زوجك ، فجعلت تكرر عليه القول ويكرر عليها الجواب فقال له كعب الأسدي : يا أمير المؤمنين : هذه المرأة تشكو زوجها من مباعدته إياها عن فراشه ، فقال عمر : كما فهمت كلامها فاقض بينهما
فقال كعب : علي بزوجها ، فأتي به فقال له : إن امرأتك هذه تشكوك ، قال : أفي طعام أو شراب
قال : لا فقالت المرأة
يا أيها القاضي الحكيم رشده
ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهده في مضجعي تعبده
فاقض القضا كعب ولا تردده
نهاره وليله ما يرقده
فلست في أمر النساء أحمده
فقال زوجها :
زهدني في فراشها وفي الحجل
أني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول
وفي كتاب الله تخويف جلل
فقال كعب :
إن لها حقا عليك يا رجل
نصيبها في أربع لمن عقل
فاعطها ذاك ودع عنك العلل
وللحديث بقية إن شاء الله لنرد على بقية الشبهات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم