تخطى إلى المحتوى

موضوع يزيد القلب القلب شوقا للجنان 2024.

  • بواسطة

هذه المحاضرة من محاضرات الشيخ محمد حسان حفظه الله ورعاه
(لا تنسونا من دعواتكم)
وصف الجنة

الحديث عن الجنة يحرك القلوب، ويهيج النفوس إلى مجاورة الملك القدوس؛ لأن الجنة دار كرامة الله لأوليائه وأحبابه وأصفيائه، فقد بناها وغرسها الله بيده، وجعل فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأعظم نعيم لأهل الجنة فيها هو النظر إلى وجه الرب عز وجل
التوبة والعمل الصالح سبب في دخول الجنة
الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وما كان معه من إله, الذي لا إله إلا هو فلا خالق غيره ولا رب سواه, المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، ذلك بأن الله هو الحق, وأن ما يدعون من دونه الباطل، وأن الله هو العلي الكبير. أحمدك يا رب وأستعينك وأستغفرك وأستهديك, لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، جل ثناؤك، وعز جاهك، ولا إله غيرك, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, هو الواحد الذي لا ضد له, وهو الصمد الذي لا منازع له, وهو الغني الذي لا حاجة له, وهو القوي الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء, وهو جبار السماوات والأرض, لا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه وأمره. وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا ومعلمنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمد رسول الله.
يا مصطفى ولأنت ساكن مهجتي روحي فداك وكل ما ملكت يدي

إني وقفت لنصر دينك همتـي وسعادتي ألا بغيرك أقتدي

لك معجزات باهرات جمة وأجلّها القرآن خير مؤيد

ما حرفت أو غيرت كلماتـه شلت يد الجاني وشاه المعتدي

وأنا المحب ومهجتي لا تنثنـي عن وجدها وغرامها بمحمد

قد لامني فيه الكفور ولو درى بنعيم إيماني لكان مساعد

يا رب صل على الحبيب محمد واجعله شافعنا بفضلك في غد
اللهم صلاةً وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله، يليقان بمقامك يا أمير الأنبياء! ويا سيد المرسلين! أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام: تعالوا بنا لنواصل مسيرتنا المباركة في شرحنا لآيات من كتاب ربنا جل وعلا، ومع اللقاء التاسع والعشرين ما زلنا بفضل الله وطوله وحوله ومدده وتوفيقه نطوِّف معكم في بستان سورة مريم المباركة, وقد انتهينا في اللقاء الماضي بفضل الله جل وعلا من الحديث عن التوبة وعن شروطها وأركانها, ونحن اليوم بمشيئة الله عز وجل على موعد مع حديث عن الجنة. يقول سبحانه وتعالى في سورة مريم:

(إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً ) [مريم:60] أي: إلا من رجع عن ترك الصلوات واتباع الشهوات، وتاب إلى الله عز وجل قبل الله توبته, وأدخله الله عز وجل الجنة: (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ )[مريم:61] لأن الجنة -يا أحبابي- غيب من غيب الله جل وعلا, آمنا بها لإيماننا بالله, ولتصديقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو جزاء الله الذي وعده للتائبين.. هذا جزاء الله الذي وعده للمتقين.. هذا جزاء الله الذي وعده للموحدين.. إن وعد الله صدق, وإن وعد الله حق, وإن وعد الله لا يخلف: (إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً )[مريم:61].. (تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيّاً) [مريم:63
الجنة كرامة الله لأوليائه وأحبابه وأصفيائه
أيها الأحباب الكرام! والحديث عن الجنة يحرك القلوب إلى أجلِّ مطلوب, ويفضي النفوس إلى مجاورة الملك القدوس جل وعلا؛ لأن الحديث عن الجنة حديث عن كرامة الله جل وعلا لأوليائه وأحبابه وأصفيائه, ولقد ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر, ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول الله عز وجل: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )[السجدة:17]) وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه ابن ماجة من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الجنة يوماً لأصحابه فقال: (هي ورب الكعبة نور يتلألأ, وريحانة تهتز, ونهر مضطرب, وقصر مشيد, وزوجة حسناء جميلة, وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وحلل كثيرة) ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعدما بين لهم الجنة، قال لهم: (ألا من مشمر للجنة؟ فقال الصحابة: نحن المشمرون لها يا رسول الله, فقال صلى الله عليه وسلم لهم: قولوا إن شاء الله عز وجل)..
بعض صفات الجنة وأهلها
واعلموا -أيها الأحبة الكرام- أنه لن يدخل الجنة أحد إلا بجواز, والحديث خرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله تعالى لفلان بن فلان، يا ملائكتي أدخلوا عبدي جنة عالية قطوفها دانية). فتعالوا -أيها الأحباب- لنعيش في هذه اللحظات المباركة حتى ولو بأرواحنا في جنة ربنا جل وعلا، إلى أن يمن الله علينا برحمته، فنأخذ هذا الجواز لنعيش في جنته بأرواحنا وأبداننا مع نبينا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم, تعالوا بنا لنعيش في الجنة -وأسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها- هذه اللحظات المباركات الطيبات وأنا والله أحس بنفحات الجنة، وأحس برحمات رب الجنة جل وعلا تتنـزل على هذا الجمع الطيب الموحد لله عز وجل, إي والله الذي لا إله غيره، ما دخلت في هذه اللحظات إلى هذا البيت إلا وقد أحسست بنفحات ورحمات رب الجنة على هذا الشباب المتوضئ الطاهر, وعلى هؤلاء الأخوات الطاهرات الفاضلات, وأسأل الله سبحانه أن يمنحنا هذا الجواز، لنعيش في الجنة بأرواحنا وأبداننا مع قرة أعيننا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم. …
المخبر والمحدِّث عن الجنة هما الله ورسوله
اعلموا أن الذي يحدثنا عن الجنة هو الله الذي غرس كرامتها بيديه جل وعلا, واعلموا أن الذي يحدثنا عن الجنة: هو رسول الله الذي رآها بعينيه في ليلة الإسراء والمعراج، وكما ورد في صحيح مسلم عليه رحمة الله، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، في صلاة الكسوف (أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي صلاة الكسوف صنع شيئاً لم يصنعه قبل ذلك، فتعجب الصحابة وقالوا: يا رسول الله! رأيناك صنعت شيئاً ما صنعته قبل ذلك، رأيناك تناولت في مقامك شيئاً ثم رأيناك تكعكعت -أي: تأخرت عن ذلك الشيء، أتدرون ماذا قال الحبيب؟- قال لهم صلى الله عليه وسلم: إني رأيت الجنة ومددت يدي لأتناول عنقوداً من الجنة، ولو أخذته لأكلتم منه بقيت في الدنيا). لقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم الجنة في ليلة الإسراء والمعراج، ورآها في الدنيا وهو قائم يصلي صلاة الكسوف, فقال لهم: (لقد رأيت الجنة وامتدت يدي لعنقود من ثمارها ومن فاكهتها، ولكنني تأخرت عنه، ولو أخذته لأكلتم منه بقيت الدنيا). فتعالوا بنا ليحدثنا ربنا عن الجنة، وليحدثنا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن الجنة, فماذا قال من غرس كرامتها بيديه في حقها؟ انتبهوا أيها الشباب.. انتبهوا أيها المؤمنون.. يقول جل وعلا: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً * عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً * إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً )[الإنسان:5-22] هذا كلام من غرس كرامتها بيديه جل وعلا. فماذا قال في حقها من رآها بعينيه صلى الله عليه وسلم؟ يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد و الترمذي و البزار و الطبراني و ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, قال أبو هريرة : (قلنا: يا رسول الله! حدثنا عن الجنة ما بناؤها؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة) فما هي المادة التي تمسك اللبنتين يا رسول الله؟ -أتدرون ما هي المادة التي وضعت ما بين اللبنتين؟ إنها من المسك- هذا هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لبنة من ذهب، ولبنة من فضة وملاطها -أي: مونتها- المسك، وحصباؤها -الحصى الذي هو موجود في الجنة- اللؤلؤ والياقوت, وترابها الزعفران, من دخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت, لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه)
صفة أهل الجنة
في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري و مسلم و أحمد و الترمذي وغيرهم من أصحاب السنن والمسانيد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر في ليلة البدر) إن أول زمرة من الموحدين، هكذا يقول لكم! قد تنزلت عليكم نفحات الجنة ورحماتها، يقول صلى الله عليه وسلم: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر في ليلة البدر، ثم الذين يلونهم -أي: الفرقة التي تأتي بعد هذه المجموعة الأولى- على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون) لا بول ولا غائط في الجنة, إذاً: أين يذهب الطعام والشراب؟ يخرج على الأجساد مسكاً؛ لأنه لا يحق إطلاقاً أن يكون عند الله في جنته بول أو براز (لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يمتخطون ولا يتفلون – لا مخاط ولا تفل في الجنة- أمشاطهم الذهب والفضة) المشط الذي تسرح به شعرك، كلها من الذهب والفضة (ورشحهم المسك، وأزواجهم من الحور العين، على صورة أبيهم آدم، ستون ذارعاً في السماء) والحديث في صحيح مسلم . وفي رواية الإمام البيهقي أنه قال: (جمالهم كجمال يوسف، وقلبهم كقلب أيوب) جمال أهل الجنة كجمال يوسف، وقلوب أهل الجنة على قلب أيوب الصابر الذي صبر على بلاء وقضاء الله، وعلى قدره جل وعلا. يقول الحبيب: (إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، ولا يمتخطون ولا يتفلون، أمشاطهم الذهب، رشحهم المسك، وأزواجهم من الحور العين، على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء) وفي رواية للبيهقي : (على جمال يوسف وعلى قلب أيوب).
صفة طعام أهل الجنة ولباسهم وترابهم وأرائكهم
أما إن سألتم -أيها الأحباب- عن طعام أهل الجنة، وعن تراب أهل الجنة، وعن لباس أهل الجنة، وعن أرائك أهل الجنة، وعن أسرِّة أهل الجنة، فيأتينا جواب رب الجنة جل وعلا، يقول: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنْزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ الْلُؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً * وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ * وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً * عُرُباً أَتْرَاباً * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ )[الواقعة:10-40] هذا عن طعامهم، وعن شرابهم، وعن آرائكهم وسررهم, وعن لباسهم: (وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ )[فاطر:33].
صفة أزواج أهل الجنة
أما إن سألتموني عن أزواج أهل الجنة، فسوف يوافيكم الجواب من رب الجنة جل وعلا، يقول سبحانه: (فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ )[الرحمن:70-78] هذه زوجتك من الحور العين في الجنة. ولقد ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني في الأوسط ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حدثني جبريل عليه السلام …) استمعوا أيها الشباب, يا من تعانون من أزمات الزواج.. انتبهوا فقال: (يدخل الرجل …) من أهل التوحيد, أو من أهل الطاعات, أو من أهل الإيمان (… على الحوراء في الجنة …) الحوراء من الحور العين (فتستقبله بالمعانقة والمصافحة، فبأي بنان تعاطيه؟ لو أن بعض بنانها بدا -أي: ظهر- لغلب ضوؤه ضوء الشمس والقمر, ولو أن تاقة من شعرها -أي: خصلة من شعرها- بدت -أي ظهرت- لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها، وبينما هو متكئ معها على أريكته …) (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ )[المطففين:23], بينما أنت يا ولي الله، يا من وحدت الله جل وعلا متكئ مع حوريتك على أريكتك (إذ أشرف عليه نور من أعلى، فيظن أن الله قد أشرق على الناس بنوره جل وعلا, فينظر فيرى صوت المنادي عليه) وهو متكئ معها على أريكته، يسمع صوتاً فينظر فيرى النور، وينبثق من مصدر هذا النور صوت رقيق عذب، إنه صوت حورية أخرى من حور الجنة، تقول له: (يا ولي الله! أما لنا فيك من دولة؟) نحن في شوق إليك, نحن في انتظارك يا ولي الله (فيقول لها: من أنت يا هذه؟ فترد عليه الحوراء وتقول: أنا من اللواتي قال الله فيهن: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ )[ق:35] فيترك الأولى ويذهب إلى الحورية الثانية فيراها أجمل وأحسن, يرى عندها من الحسن والجمال والكمال ما لم يره عند الأولى، وبينما هو متكئ مع الثانية على أريكته فإذ به يرى نوراً وصوتاً يقول له: يا ولي الله! أما لنا فيك من دولة؟ فيقول لها: من أنت يا هذه؟ فتقول له: أنا من اللواتي قال الله فيهن: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )[السجدة:17]) فيظل الموحد لله جل وعلا، الذي فاز بالجنة عند الله عز وجل ينتقل من زوجة إلى زوجة. أما زوجتك المؤمنة في الدنيا المنتقبة الطاهرة العفيفة في الدنيا.. أما المتوضئات.. أما الطاهرات.. أما الحافظات لفروجهن.. أما الصوامات لشهرهن.. أما القائمات ليلهن.. أما الحافظات لأزواجهن.. استمعوا واعلموا أن الزوجة المؤمنة من نساء الدنيا يكون جمالها في الجنة يفوق جمال الحور سبعين ضعفاً, أنتم سمعتم وصف الحور فأي حال ستكون عليه زوجتي إن كانت من أهل الجنة؟ أي حال ستكون عليه زوجتك إن كانت من أهل الجنة؟ يفوق جمالها جمال الحور العين سبعين ضعفاً، لماذا؟ لأنها هي التي صامت وقامت، وهي التي كابدت أتعاب الدنيا، وهي التي حاربت الشهوات، وهي التي صبرت معك على الأذى والبلاء، فحق على الله أن يكافئها: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً )[الواقعة:35] إنشاء جديد وآخر، إذا ماتت زوجتك المؤمنة وهي عجوز شمطاء كبيرة والتقيت بها في الجنة وجدتها في سن الشباب، وجدتها جميلة وحسناء: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً )[الواقعة:35] إنشاء آخر ومن جديد. (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً )[الواقعة:36] إذا جامعتها ألف مرة وجدتها بكراً في كل مرة. (عُرُباً أَتْرَاباً )[الواقعة:37] عرباً: جمع عروب، والعروب: هي المرأة التي تتفنن في كلمات الحب والعشق والغرام لزوجها, هذه هي المرأة من نساء أهل الدنيا إن كانت من أهل الجنة, فالذي حرم من هذا الكلام في الدنيا يسمعه عند الله جل وعلا في الجنة من زوجته إن كانت من الصابرات من أهل الجنات عند رب الأرض والسماوات جل وعلا: (عُرُباً أَتْرَاباً )[الواقعة:37] في سن واحدة: (لأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنْ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنْ الآخِرِينَ )[الواقعة:38-40].
غناء أزواج أهل الجنة
ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن الحوريات يستقبلن أزواجهن في الجنة يغنين لهم بأحلى الكلمات، وبأعذب الأصوات، وبأرقى وأنقى العبارات, يستقبلن نساء الدنيا في الجنة أزواجهن في الجنة يغنين لهم, ومما قاله صلى الله عليه وسلم من غناء نساء أهل الجنة لأزواجهن يقلن لهم: (نحن الخالدات فلا نمتنه, نحن الآمنات فلا نخفنه, نحن المقيمات فلا نظعنه, نحن الخيرات الحسان, أزواج قوم كرام, ننظر بقرة أعيان, طوبى لمن كنا له وكان لنا) هل وجدتم أحسن من هذا..؟ هل وجدتم أعذب وأغلى من هذه الكلمات؟ (نحن الخالدات فلا نمتنه, ونحن الآمنات فلا نخفنه, ونحن المقيمات فلا نظعنه) لا نهجر ولا نترك: (نحن الخيرات الحسان, أزواج قوم كرام, ننظر بقرة أعيان, فطوبى لمن كنا له وكان لنا) وصدق الله عز وجل إذ يقول: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ * عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ )[المطففين:22-28].. (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ)[المطففين:26].. (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ )[الصافات:61] ولمثل هذا فليتسابق المتسابقون, والموضوع في الجنة طويل.
أدنى أهل الجنة منزلة وآخر من يدخلها
لقد بقي لنا أن نعرف: من هو أقل الناس منـزلة في الجنة؟ ومن هو آخر الناس سيدخل الجنة؟ في صحيح مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سأل موسى بن عمران عليه السلام ربه جل وعلا وقال: يا رب! ما أدنى -أي: من أقل- أهل الجنة منزلة؟ فقال له رب العزة جل وعلا: أدنى الناس منزلة في الجنة يا موسى رجل يأتي بعدما يدخل أهل الجنة الجنة, فيقال له: ادخل الجنة, فيقول العبد لربه: يا رب! كيف أدخل الجنة وقد أخذ الناس أماكنهم وأخذاتهم, لقد وجدتها ملأى, فيقول الله عز وجل له: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت يا رب, فيقول الله عز وجل له: لك ذلك وعشرة أمثال ذلك معك, ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك, يقول موسى: يا رب! فهذا أدنى أهل الجنة منزلة، فكيف يكون حال أعلاهم منزلة؟ فقال الله جل وعلا: يا موسى! أولئك الذين غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر) هذا هو أدنى أهل الجنة منـزلة.
آخر الناس دخولاً الجنة
أما حال آخر الناس دخولاً الجنة؟ فقد جاء في صحيح مسلم أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (إن آخر رجل يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط مرة ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة, حتى إذا ما جاوز الصراط …) (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ )[آل عمران:185] (… نظر إلى خلفه -أي: إلى للنار- وقال لها: تبارك الذي نجاني منك, الحمد لله الذي أعطاني ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين من خلقه) وهو الذي قد زحزح عن النار وغيره من السابقين الأولين قد سبقوه؛ لأن من أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: (… وهنا يمكث فترة فيرفع الله له شجرة غرسها الله بيديه, وهنا يقول العبد: أدنني منها -قربني من هذه الشجرة- أستظل بظلها وأشرب من مائها؟ فيقول الله جل وعلا: عبدي فهلاّ إن أعطيتكها -أي: إن أعطيتك وقربتك إلى هذه الشجرة- هل ستسألني شيئاً غير ذلك؟ يقول: لا يا رب لا أسألك غير ذلك أبداً, لقد نجيتني من النار، وسوف تقربني إلى هذه الشجرة أستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك شيئاً بعد ذاك، يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: وربه يعذره؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فيقربه الله من الشجرة, فيستظل العبد بظلها، ويشرب من مائها, بعد فترة يرفع الله له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول العبد بعد فترة: يا رب! فيقول الله جل وعلا: ماذا تريد يا عبدي؟ فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة, أستظل بظلها وأشرب من مائها؟ فيقول الله جل وعلا: عبدي ألم تعط العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي سألت؟ فيقول: وعزتك لا أسألك غير هذا، قربني من هذه ولن أسأل بعد ذلك, فيقربه الله عز وجل؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فيمكث العبد تحت هذه الشجرة الثانية، وبعد فترة يرفع الله له شجرة على باب الجنة, فينظر إليها ويقول: يا رب! أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها؟ فيقول الله جل وعلا: عبدي ألم تعط العهود والمواثيق ألا تسأل غير الذي سألت؟ فيقول: وعزتك لا أسأل غير هذا, فيقربه الله عز وجل؛ لأنه يرى ما لا صبر له عليه, فإذا ما جاء العبد تحت هذه الشجرة التي هي على باب الجنة, استمع إلى أصوات أهل الجنة قال: يا رب! أدخلني الجنة -أتدرون ماذا يقول له رب العزة؟- يقول له رب العزة جل وعلا: عبدي ما الذي يرضيك مني؟ أترضى أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ فينظر العبد إلى الرب جل وعلا ويقول: أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟ فيضحك عبد الله بن مسعود ويقول للصحابة: لماذا لا تسألوني عن سبب الضحك؟! فيقولون له: مم تضحك؟ فيقول ابن مسعود : أضحك لضحك رسول الله, حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فضحك فسأله الصحابة: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: أضحك لضحك رب العزة) لأن العبد حينما يقول لربنا: أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟! يضحك الله من عبده ويقول: (إني لا أستهزئ بك ولكني على ما أشاء قادر) هذا هو آخر رجل سيدخل الجنة عند ربنا جل وعلا.
رؤية الله في الجنة
أيها الأحباب الكرام.. اعلموا علم اليقين أن نعيم الجنة الحقيقي ليس في لبنها، ولا في ثمرها، ولا في حريرها، ولا في عسلها، ولا في بنائها، ولا في قصورها، ولا في حورها، ولكن نعيم الجنة الحقيقي في رؤية وجه ربها: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ)[القيامة:22-25] .. (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )[يونس:26] والحسنى: هي الجنة، والزيادة: هي التمتع بالنظر إلى وجه رب الجنة جل وعلا, هذه هي غاية المنى، وهذا هو غاية المراد، أن نتمتع بالنظر إلى وجه رب الأرباب جل وعلا, إلى النظر إلى وجه الكريم التواب عز وجل, والحديث رواه أكثر من عشرين صحابياً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين و السنن والمسانيد. وهذه رواية الإمام مسلم عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي عليهم رب العزة جل وعلا ويقول: يا أهل الجنة! هل أزيدكم شيئاً؟ فيقول أهل الجنة: يا رب! وأي شيء تزيدنا؟ ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئاً أعظم من النظر إلى وجه الكريم التواب) وفي حديث آخر أخرجه الإمام البخاري وأخرجه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا ما دخل أهل الجنة الجنة نادى عليهم رب العزة جل وعلا وقال: يا أهل الجنة! يا أهل الجنة! فيقول أهل الجنة: لبيك ربنا وسعديك، والخير كله في يديك, فيقول لهم ربنا: يا أهل الجنة! إني قد رضيت عنكم فهل رضيتم عني؟ فيقولون: سبحانك ربنا وما لنا لا نرضى وقد أدخلتنا الجنة, وبيضت وجوهنا، ونجيتنا من النار؟ فيقول الله جل وعلا: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقول أهل الجنة: وأي شيء أفضل من ذلك يا ربنا؟ فيقول الله جل وعلا: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً) هذا هو النعيم الأبدي, وهذه هي غاية المنى والمراد. فيا أيها الأحباب.. إن أعلى نعيم الجنة هو أن نتمتع بالنظر إلى وجه الله عز وجل؛ لأن الله سبحانه سيكلمنا ليس بيننا وبينه ترجمان، والحديث في صحيح البخاري: عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر العبد أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر العبد أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم, وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه, فاتقوا النار ولو بشق تمرة). هذه هي الجنة، والحديث عن الجنة طويل, وهذا كل ما سمعتموه إنما هي قطرة من محيط, وإنما هو قليل من كثير, لماذا؟ لأن في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر, وهذا كله ما هو إلا تقريب للمعاني وتقريب للكلمات، ويعجبني الكلام الذي قاله أحد العلماء، حينما استقبل في قصر من قصور الضيافة في أمريكا ، وانبهر الناس من حول هذا العالم بهذا البناء والإعداد, نظروا إلى أعلى وإلى أسفل وانبهروا بهذا الإعداد, فقال لهم هذا العالم: هذا إعداد البشر للبشر، فما بالكم بإعداد رب البشر, ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه..
نداء لمن يطلبون الجنة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من سار على دربه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام.. هذا قليل من كثير عن الجنة؛ لأنه لا يعلم حقيقة الجنة إلا ربها, وإلا من رآها بعينيه صلى الله عليه وسلم, ألا هل من مشمّر للجنة! من منكم من سيشمر عن ساعديه ليفوز بهذه العروس الغالية؟ (ألا إن سلعة الله غالية.. ألا إن سلعة الله الجنة). يا من تطلبون الجنة بغير عمل! يا من تطلبون الجنة بغير صلاة! يا من تطلبون الجنة بغير قيام الليل! يا من تطلبون الجنة بمعاصي الله جل وعلا! يا من تطلبون الجنة بالذنوب والشبهات والشهوات! أين أنتم من الطاعات؟ أين أنتم من قيام الليل لرب الأرض والسماوات؟ أين أنتم من قراءة القرآن؟ أين أنتم من عمارة بيوت الله عز وجل؟ أين أنتم مما يقربكم إلى الجنة؟ يا من تتشدقون بالكلمات وتزعمون أنه إن لم يدخلنا ربنا الجنة فمن يدخلها؟ اعتبروا واعلموا أنه ما أقل حياء من طمع في جنة الله ولم يعمل بطاعة الله، ولا بشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم, إن طالب الجنة لا ينام, وصدق علي بن أبي طالب رضي الله عنه حينما قال:
واعمل لدار غد رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها

قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها

أنهارها لبن مصفى ومن عسل والخمر يجري رحيقاً في مجاريها

والطير تجري على الأغصان عاكفة تسبح الله دهراً في مغانيها

من يشتري الدار في الفردوس يعمرهـا بركعة في ظلام الليل يخفيها
فيا من تطلبون من الله الجنة..! ويا من تسألون الله الجنة..! اعلموا بأن الإيمان ليس بالتمني، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل, فلن تفوز بالجنة إلا إذا عملت بعمل أهل الجنة. وهكذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: [لو أن منادياً يوم القيامة نادى وقال: كل الناس يدخلون الجنة إلا واحداً لظننت أنه عمر ] فاعلموا أن الإيمان قول وعمل, قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجواح والأركان؛ لأن مصيبة المصائب أننا في أيامنا هذه لا نجيد إلا الدمع والاستماع، لا نتقن العمل، والكسل عندنا أحلى من العسل, لا نبالي أن نذهب إلى الملاعب قبل وقت المباريات بساعات، وإذا ما نودي علينا للصلاة لم نؤد الصلاة ولم نلتفت إلى الأذان، أذن من طين وأذن من عجين. أمضينا الوقت وأفنينا العمر أمام المسلسلات والمباريات والأفلام، وهاهو رمضان قد أقبل علينا، وإعلامنا يدبر ويخطط كيف يشغل الموحدين عن ربهم؟! كيف يبعد الموحدين عن جنة ربهم جل وعلا؟! أحذر نفسي وإياكم من هذا الإعلام الذي يشغل الموحدين عن رب العالمين جل وعلا, يا من أفنيتم الأعمار أمام التلفاز..! يا من أفنيتم الأعمار أمام المسلسلات..! يا من أفنيتم الأعمار أمام المباريات..! يا من أفنيتم الأوقات أمام سماع المغنين والمغنيات الأحياء منهم والأموات..! انتبهوا.. واعلموا أن طالب الجنة لا ينام, فمن طلب الجنة ولم يعمل فهو منافق، وهو مخادع، وهو كاذب فاجر على نفسه ومخادع لنفسه؛ لأن طالب الجنة لا ينبغي له أن ينام؛ لأن طالب الجنة ينبغي له أن يعمل ويستعد. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياكم إلى ما فيه صالح العمل, وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صالح الأعمال. اللهم اغفر لنا ذنوبنا، واستر لنا عيوبنا، وآمن لنا روعاتنا. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, اللهم لا تدع لأحد منا في هذا الجمع المبارك ذنباً إلا غفرته, ولا مريضاً إلا شفيته, ولا ديناً إلا أديته, ولا هماً إلا فرجته, ولا ميتاً إلا رحمته, ولا عاصياً إلا هديته, ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين! اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل اللهم فينا ولا منا ولا بيننا شقياً ولا محروماً, اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض, اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى. اللهم اجعل بلدنا مصر بلد الأمن والأمان, اللهم اجعل بلدنا مصر بلد الأمن والأمان, اللهم اجعل بلدنا مصر بلد الأمن والأمان, اللهم ارفع عنا كل الفتن يا رب العالمين! اللهم ارفع عنا الغلاء يا أكرم الأكرمين! اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا يا أرحم الأرحمين! ووفق ولاة أمور هذا البلد الطيب للعمل بكتابك، والاقتداء بشرع نبيك صلى الله عليه وسلم. أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم, سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. …..

السلام عليكم
يااااااااااه يااااااااااه يااااااااااه
جزاك الله الجنة غاليتي على هذا الموضوع الرائع
بوركتي اخيتي بوركت
اللهم يا ربي ثبتنا على طاعتك و خلينا من اهل جنتك اللهم يا ربي آآمين
احترامي

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.