لغةً:
" هذا حديث وقفه فلان على الزهري، أو على عطاء ونحو ذلك ".
كحديث الأعرج عن أبي هريرة روايةً: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوماً صغار الأعين " متفق عليه، واللفظ لمسلم.
"صل وعليه بدعته ".
تعريفه:
في اللغة:
اسم مفعول من علق الشيء بالشيء، ومنه، وعليه بمعنى أناطه به، والعلق: التشبث بالشيء، يقال: علق الصيد في حبالته.
واصطلاحاً:
هو الذي حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر، ولو إلى آخر الإسناد.
صور المعلق:
للحديث المعلق صور كثيرة، منها:
1. أن يحذف جميع السند مع إضافته لقائل.
كقول البخاري: وقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب القبر: "كان لا يستتر من بوله ".
وهذه الصورة لم يذكرها المزي تعليقا في الأطراف.
2. أن يحذف جميع السند مع عدم الإضافة إلى قائل.
كقول البخاري: "كانت أم الدرداء تجلس في الصلاة جلسة الرجل ، وكانت فقهيه ".
3. أن يحذف جميع السند إلا الصحابي.
كقول البخاري وقال أنس: "حسر النبي صلى الله عليه السلام عن فخذه ".
وهذه الصورة كالأولى لم يذكرها المزي في الأطراف تعليقاً.
4. أن يحذف جميع السند إلا الصحابي والتابعي.
كقول البخاري: وقال حميد عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبزق في القبلة ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ).
5. أن يحذف من حدثه ويضيفه إلى من فوقه.
كقول البخاري بعد أن ذكر حديث أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: (اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ).
قال: وقال غندر عن شعبة: "إذا أتى الخلاء ".
وليس من صيغ المعلق ما عزاه المصنف لشيخه بصيغة "قال "، بل حكمها حكم المعنعن، فيشترط للحكم باتصاله شيئان:
1. لقاء الراوي لمن روى عنه.
2. سلامته من التدليس.
ومثال ذلك: قول الإمام البخاري: وقال هشام بن عمار حدثنا صدقة بن خالد حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثنا عطية بن قيس الكلابي حدثنا عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال حدثني أبو عامر، أو أبو مالك الأشعري، والله ما كذبني سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ..) الحديث.
فلا التفات إلى زعم أبي محمد بن حزم الظاهري أن الحديث منقطع فيما بين البخاري وهشام، وجعل حكمه بانقطاعه جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف، وأخطأ في ذلك من وجوه. والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح، لأن البخاري قد لقي هشاماً وحدث عنه بأحاديث، ولم يصف البخاري أحد بالتدليس. بل هو من أبعد خلق الله عن التدليس.
حكم المعلق:
الحديث المعلق ضعيف، لأنه فقد شرطاً من شروط القبول، وهو اتصال السند بحذف راو أو أكثر من أول إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف.
المعلقات التي في صحيح البخاري ومسلم على أحوال:
الحالة الأولى: ما كان معلقا وجاء موصولا في الكتاب نفسه، وهذا هو الكثير الغالب على معلقات الصحيحين.
وحكمها حكم الأحاديث الموصولة في الصححين.
وسبب التعليق: أنه كثيرا ما يحتاج إلى تكرار الحديث لتعدد ما يستفاد منه من أحكام، فمتى احتاج إلى التكرار لجأ إلى الاختصار ، فعلق الإسناد خشية التطويل، ويندر جدا أن يكرر حديثا بسنده ومتنه.
الحالة الثانية: ما لم يوجد إلا معلقا، إذ لم يوصل في موضع آخر من الكتاب، وهذه لا تخلو من صورتين:
الصورة الأولى: أن يصدر الحديث المعلق بصيغة الجزم، مثل: قال، وروى، وأمر، وذكر، وحكى، فهذه الصيغة يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من الرجال، فمنهم من هو على شرط الصحيح، ومنهم من قد لا يلتحق بشرطه، أما ما كان على شرطه فلا غبار عليه، وأما ما لا يلتحق بشرطه، فقد يكون صحيحا على شرط غيره، وقد يكون حسناً صالحاً للحجة، وقد يكون ضعيفاً لا من جهة قدح في رجاله، بل من جهة انقطاع يسير في إسناده.
الصورة الثانية: أن يصدر الحديث المعلق بصيغة التمريض، مثل: روي، أو يروى، أو يذكر، أو في الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم وما أشبهها، فهذه الصيغة لا يستفاد منها الصحة ولا الضعف، ففيها ما هو صحيح على شرط الصحيح، وفيها ما هو صحيح ليس على شرطه، وفيها ما هو حسن، وفيها ما هو ضعيف، قال ابن الصلاح: "ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا يؤنس به ويركن إليه ".
وقال الحافظ ابن حجر: "الضعيف الذي لا عاضد له في الكتاب قليل جداً، وحيث يقع ذلك فيه يتعقبه المصنف بالتضعيف ".
ومثال ذلك: قول البخاري: ويذكر عن أبي هريرة رفعه: "لا يتطوع الإمام في مكانه " ولم يصح ".
وطريق معرفة الصحيح من غيره من هذه المعلقات هو البحث عن إسناد الحديث والحكم عليه بما يليق به، وقد تولى ذلك بالنسبة لصحيح البخاري الحافظ ابن حجر في كتابيه العظيمين: فتح الباري، وتغليق التعليق، فجزاه الله خيرا.
5. المرسَـــل
1. تعريفه:
لغةً: هو اسم مفعول من "أرسل " بمعنى "أطلق " فكأن المرسِل أطلق الإسناد ولم يقيده براوٍ معروف.
ب. اصطلاحاً: هو ما سقط من آخر إسناده من بعد التابعي.
2. صورته:
وصورته أن يقول التابعي سواء كان صغيراً أو كبيراً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، أو فعل بحضرته كذا، وهذه صورة المرسل عند المحدثين.
3. مثاله:
ما أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب البيوع قال: "حدثني محمد بن رافع حدثنا حجين حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة ".
فسعيد بن المسيب تابعي كبير، روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بدون أن يذكر الواسطة بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أسقط من إسناد هذا الحديث آخره وهو من بعد التابعي، وأقل هذا السقط أن يكون قد سقط الصحابي، ويحتمل أن يكون قد سقط معه غيره كتابعي مثلاً.
4. المرسل عند الفقهاء والأصوليين:
ما ذُكر من صورة المرسَل هو المرسَل عند المحدثين، أما المرسَل عند الفقهاء والأصوليين فأعم من ذلك، فعندهم أن كل منقطع مرسل على أي وجه كان انقطاعه، وهذا مذهب الخطيب أيضاً.
5. حكمه:
المرسَل في الأصل ضعيف مردود، لفقده شرطاً من شروط المقبول وهو اتصال السند، وللجهل بحال الراوي المحذوف، لاحتمال أن يكون المحذوف غير صحابي، وفي هذه الحال يحتمل أن يكون ضعيفاً.
لكن العلماء من المحدثين وغيرهم اختلفوا في حكم المرسل والاحتجاج به، لأن هذا النوع من الانقطاع يختلف عن أي انقطاع آخر في السند، لأن الساقط منه غالباً ما يكون صحابياً، والصحابة كلهم عدول، لا تضر عدم معرفتهم.
ومجمل أقوال العلماء في المرسل ثلاثة أقوال هي:
أ- ضعيف مردود: عند جمهور المحدثين وكثير من أصحاب الأصول والفقهاء. وحجة هؤلاء هو الجهل بحال الراوي المحذوف، لاحتمال أن يكون غير صحابي.
ب- صحيح يحتج به: عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك وأحمد في المشهور عنه، وطائفة من العلماء بشرط أن يكون المرسِل ثقة ولا يرسل إلا عن ثقة. وحجتهم أن التابعي الثقة لا يستحل أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا سمعه من ثقة.
ج- قبوله بشروط: أي يصح بشروط، وهذا عند الشافعي وبعض أهل العلم. وهذه الشروط أربعة، ثلاثة في الراوي المرسِل، وواحد في الحديث المرسَل. واليك هذه الشروط:
1. أن يكون المرسِل من كبار التابعين.
2. وإذا سمى من أرسل عنه سمي ثقة.
3. وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه.
4. وأن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة واحد مما يلي:
أ. أن يُرْوَى الحديث من وجه آخر مسنداً.
ب. أو يُرْوَى من وجه أخر مرسَلاً، أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.
ج. أو يوافق قول صحابي.
د. أو يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم.
فإذا تحققت هذه الشروط تبين صحة مخرج المرسَل وما عضده، وأنهما صحيحان، لو عارضهما صحيح من طريق واحد رجحناهما عليه بتعدد الطرق إذا تعذر الجمع بينهما.
5. مرسَل الصحابي:
هو ما أخبر به الصحابة عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله، ولم يسمعه أو يشاهده، إما لصغر سنه أو تأخر إسلامه أو غيابه، ومن هذا النوع أحاديث كثيرة لصغار الصحابة كابن عباس وابن الزبير وغيرهما.
6. حكم مرسَل الصحابي:
الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه صحيح محتج به، لأن رواية الصحابة عن التابعين نادرة، وإذا رووا عنهم بينوها، فإذا لم يبينوا، وقالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالأصل أنهم سمعوها من صحابي آخر، وحذف الصحابي لا يضر، كما تقدم.
وقيل إن مرسَل الصحابي كمرسَل غيره في الحكم ، وهذه القول ضعيف مردود.
7. أشهر المصنفات في المراسيل:
أ. المراسيل لأبي داود.
ب. المراسيل لابن أبي حاتم.
ت. جامع التحصيل لأحكام المراسيل للعلائي.
بورك فيكِ غاليتي
شكرا لك غاليتي