تخطى إلى المحتوى

معينات الخوف من الله (للشيخ عبدالله بن محمد العسكر 2024.

كيف ننمي الخوف من الله في قلوبنا

الخوف من الله هو دليل الإيمان ، وعلامة الصلاح والاستقامة ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ).
وكم نحن بحاجة إلى تنمية خوف الله في قلوبنا خاصة في هذا الزمن الذي ضعفت فيه خشية الله وسهل الاجتراءُ على حرماته والتطاولُ على حدوده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ومما ينمي خشية الله في قلب المؤمن :
أولا استشعار عظمة الباري جل في علاه :
فالله أعظم من كل عظيم وأكبر من كل كبير سبحانه جل شانه وتعالى سلطانه لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء تأمل معي هذه الآيات واسرح بخيالك في معانيها العظام وحلق معي في سماء الفكر لتعلم من هو الله ، سبحانه وبحمده . يقول تعالى :{أمّن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءًا فأنبتا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الأرض قراراً وجعل خلالها أنهاراً وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزاً أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون* أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكسف السوء ويجعلُكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلاً ما تذكرون * أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عمّا يشركون* أمن يبدؤاْ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود أن حبرا من أحبار اليهود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَسَائِرَ الْخَلَائِقِ عَلَى إِصْبَعٍ ثم يهزهن فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
إن نظرة واحدة في بعض مخلوقات الله لتدلك على عظمة الخالق : جاء عند الطبراني بسند صحيح يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : " أُذن لي أن أحدث في صفة ملك من ملائكة عرش الرحمن ، رجلاه في الأرض السفلى ، وفوق قرنه عرش الرحمن ، وما بين شحمة أُذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام !! " .
انظر إلى الشمس وتأمل عظمتها يقول علماء الفلك : إن حجم الشمس أكبر من حجم الأرض بمليون وثلاثِ مئة ألف مرة .!! ، وإن المسافة بين الأرض والشمس تقدّر بمئة وخمسين مليون كم !! ، وحرارتها تصل إلى عشرة ملايين درجة مئوية !! ولا يصلنا من حرارتها إلا ما نسبته واحد على مليار فقط .جاء في الأثر أن هذه الشمس تلقى في جهنم يوم القيامة ليزداد بها حرّ النار أجارني الله وإياكم منها . هذه الشمس على عِظم خَلْقها ما هي إلا شيء يسير من مخلوقات الله العظيمة التي لا يحصيها إلا ربها وموجدُها .ثبت في البخاري من حديث أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِي حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ :أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ :فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلَا يُقْبَلَ مِنْهَا وَتَسْتَأْذِنَ فَلَا يُؤْذَنَ لَهَا ، يُقَالُ لَهَا : ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :{ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ }
ثانيا: ومما يساعد على تنمية جانب الخوف من الله التأملُ في عذابه وما أعدّه للعصاة والمقصرين . وياله من عذاب !! إنها سقر ، وما أدراك ما سقر ؟، لا تبقي ولا تذر لواحةٌ للبشر ، عليها تسعة عشر . {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ- وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ}
جاء في صحيح الترغيب والترهيب وحسنه الألباني 3668 عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال النبي صلى الله عليه وسلم :"قال لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون وفيهم رجل من أهل النار فتنفس فأصابهم نفسه لاحترق المسجد ومن فيه " .
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال لكعب الأحبار يوما : يا كعب خوفنا ( أي بربنا ) فقال كعب : يا أمير المؤمنين لو أن رجلا من أهل النار بالمشرق وفُتِح من النار قَدرُ مِنْخر ثور بالمغرب لغلى دماغه حتى يسيل من حرها .
ثالثا: ومما يساعد على تنمية الخوف في قلب العبد النظرُ في عاقبة أقوام عملوا ذنوبا كانت في أعينهم صغيرة ومع هذا فقد كان شأنها عند الله عظيم .وكم من معصية استهان بها صاحبها فعوقب عليها عقابا لم يخطر له على بال ( وبدا لهم من الله مالم يكونوا يحتسبون ) .
جاء عند النسائي وحسنه الألباني عن أبي رافع قال: مررنا بالبقيع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أف لك أف لك قال فكبر ذلك في ذرعي فاستأخرت وظننت أنه يريدني فقال : ما لك ؟ امش . فقلت أحدثت حدثا قال ما ذاك قلت أففت بي قال لا ولكن هذا فلان بعثته ساعيا على بني فلان فغلّ نمرة فدرع الآن مثلها من نار" . تأمل " نمرة !!" عباءة !! فكيف بمن هو غارق في المعاصي , وفي بحور الغفلة يقذف بنفسه في ظلمات الشهوات والإلحاد والشركيات . لا يرعى لله حرمة . ولا يعظم الله في خلوة
في سنن أبي داود وصححه الألباني عن أبي هريرة أنه قال أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له مدعم حتى إذا كانوا بوادي القرى فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا فلما سمعوا ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شراك من نار أو قال شراكان من نار".
وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم الله عليه الجنة فقال له رجل وإن كان شيئا يسير يا رسول الله ؟ قال وإن كان قضيبا من أراك . رواه مسلم
هذه بعض العوامل المساعدة على تنمية خوف الله في قلوبنا ، نسأل الله بمنه وكرمه أن يرزقنا خشيته في الغيب والشهادة ، ويملأ قلوبنا بهيبته وتعظيمه

جزاك الله خير
وجعل الفردوس الأعلى مثواك

اللهم إنا نسألك الأمان يوم الخوف
والستر يوم الإعلان
والنجاة من المهالك

جزاكِ الله خير

اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الأخرة حسنة وقنا عذاب النار

بوركتِ أخية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.