التاريخ 13/11/1432 هـ
السؤال:
عملي كمعلم جميل، وفيه تضحية وصبر وإبداع، لكني لا أستطيع الانسجام مع زملائي المعلمين الآخرين؛ فأنا إنسان أحياناً اجتماعي وأحيانا انطوائي، مما يضطرني للغياب أحياناً، رغم كرهي الشديد للغياب، وغيَّرت مدرستي أكثر من مرة.. ساعدوني كيف العمل؟!
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم:
أسأل الله أن ييسر لك أمرك ويبارك لك في عمرك كما نشكرك على ثقتك بإخوانك مستشاري موقع المسلم ونسأله سبحانه أن نكون على قدر هذه الثقة وان ينفعنا وينفعكم بهذا العمل.
وبعد أخي الكريم:
فإن مهنة تعليم العلم لمن لا يعلمه ونشره بين الناس من أشرف المهن التي يمتهنها الإنسان في الدنيا، ويكفيها أن الرسل والأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام ما بعثوا إلا معلمين لمن حولهم يهدونهم طريق الخير ويذكرونهم بطرق الصلاح والقرب من الله وينشرون العلم النافع للناس في الدنيا والآخرة.
ورفع الله في كتابه قدر العلماء فقال سبحانه: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.
وحض النبي صلى اله عليه وسلم على تعلم العلم ومن ثم على تعليمه للناس بعد تعلمه، ففي باب تعلم القرآن وهو أحد أوجه تعليم الناس الخير أخرج البخاري في صحيحه عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
وبشر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم معلم الناس الخير ببشارات عظيمة، ففي سنن ابن ماجه وصححه الألباني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: "إنه ليستغفر للعالم مَن في السماوات ومَن في الأرض حتى الحيتان في البحر".
ولكن أخي الكريم:
بمرور الوقت وعدم تجديد الأساليب أو ربما لظروف شخصية، قد تعترينا بعض السآمة والملل من أعمالنا عامة، خاصة وأن الروتين اليومي والحياة الرتيبة قد يساهمان في زرع الرتابة والملل ويدب الخمول ويفتر الإنسان عن أداء عمله وهذا شعور يصيب الكثير منا بعد فترة فلا داعي لأن تتوقف أمامه طويلا واعلم أن لكل عمل شره ولكل شرة فترة.
ولكي تطرد عنك هذا الشعور وتنسجم مع إخوانك المعلمين وإدارتك في العمل أنصحك ببضعة أمور:
– أولا استحضر دوما نية عمل الخير وتوصيل العلم لطلابك مع استشرافك للأجر العظيم الذي جعله الله للمعلمين، وذكر نفسك دوما بهذا الأجر وذلك في كل يوم تذهب فيه لعملك حتى تقبل على عملك نشيطا ومستريح النفس.
– اعلم أن الناس طبائع شتى ويستحيل أن تجد منهم من يتطابق معك كلية ولن يسرك حالهم على الدوام، ولكن يمكنك أن تجد فيهم من يتفق معك في اهتماماتك وميولك، فلن تعدم الخير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنك ربما تجد فيهم خيرا كثيرا قد غفلت عنه وأنت في حالتك من الضيق والكرب، فحاول أن تكتشف فيهم ما يقربك منهم.
– ربما ينفعك تجديد الوسائل التعليمية بالنسبة لطلابك، فابتكارك في عملك في كل يوم جديدا يقضي على الرتابة والضيق ويربطك بطلابك ارتباطا كبيرا يصعب عليك الغياب عن عملك.
– احرص على الإتقان في أدائك لمهمتك التي جعلك الله عليها واعلم أنها أمانة موكولة لك جعلها الله بين يديك فاحرص على أداء أمانتك لان الله عز وجل سيوقفك ويسألك عن تلك الرعية، وبغيابك عنهم وعدم أدائك لعملك ربما يحاججك بعضهم أمام ربك.
– اعلم أن رضا الناس غاية لا تدرك فلا تنشغل برضا الناس أو سخطهم وليكن كل انشغالك برضا ربك سبحانه عنك، ومن أهم السبل لهذا الرضا أداؤك لعملك بإتقان على النحو الذي يرضي ربك سبحانه.
– لا تجعل من سفاسف الأمور منغصات لحياتك فكثير من المواقف التي يتعرض لها الإنسان وتحدث مشاكل كثيرة بالنسبة له يمكن إنهاؤها في بداياتها بكلمة طيبة أو ببسمة أو بكلمة اعتذار في وقتها. فلا تتردد عن الاعتذار إن كنت متجنيا واقبل اعتذار المعتذر إن جاءك
– لا تغير مدرستك للتخلص من مشكلاتك الحالية – إن لم تكن هناك أسباب أخرى أكبر – فالمشكلة ليست في المدرسة بقدر ما هي في تعاملك مع زملائك ومديريك وتعاملهم معك، وستجد غيرهم أمثالهم في كل مكان تنتقل إليه، فحاول أن تغير من نظرتك أنت وأقبل على عملك بحب ورغبة.
– حاول أن تتفانى في عملك وابذل فيه قصارى جهدك حتى تنجح وتبدع فيه كما ذكرت، فالإنسان الناجح محبوب يسعى الجميع لنيل صداقته والتقرب منه وربما يتحمل منه مالا يتحمل من غيره.
وفقك الله أخي الكريم لكل خير.