الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
http://www.youtube.com/watch?v=mCDSPrV1kSE
فبقدر طاعة العبد لربه يكون قربه منه، وكلما ازداد العبد امتثالاً للشرع بطاعة أوامره واجتناب نواهيه، ازداد قرباً من الله تعالى، وذلك لأن الأعمال الصالحة تزيد الإيمان، والمعاصي والذنوب تنقصه، والقرب والبعد من الله تعالى يكون بحسب زيادة الإيمان ونقصانه، قال حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله في سلم الوصول:
إيماننا يزيد بالطاعات === ونقصه يكون بالزلات
وأهله فيه على تفاضل === هل أنت كالأملاك أو كالرسل
والفاسق الملي ذو العصيان === لم ينف عنه مطلق الإيمان
لكن بقدر الفسق والمعاصي === إيمانه مازال في انتقاص
وقد وعد الله تعالى المؤمنين الذين اتصفوا بصفات الإيمان أن يرحمهم ويغفر لهم، فقال الله عز وجل: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56].
وقال الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:156].
والمؤمن لا يزال يترقى في مراتب الدين ومدارج القرب حتى يكون أقرب ما يكون من الله تعالى، ومراتب الدين ثلاث:
1- الإسلام 2- الإيمان 3- الإحسان.
فالإسلام أركانه خمسة وهي معروفة، من استوفاها وقام بها فقد ترقى في مراتب الدين درجة، والإيمان أركانه ستة، من استوفاها ترقى درجة ثانية، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهذه هي أعلى مراتب الدين، وأبلغ درجات القرب.
الأسباب الجالبة لحب الله تبارك وتعالي‎ – YouTube
قال حافظ بن أحمد الحكمي في سلم الوصول:
وثالث مرتبة الإحسان === وتلك أعلاها لدى الرحمن
وهي رسوخ القلب في العرفان === حتى يكون الغيب كالعيان
ألا تريدين الفرج؟ ألا تريدين أن يرزقك الله جل وعلا من حيث لا تدرين ولا تحتسبين؟ ألا تريدين تيسير الأمور، ألا تريدين رضا الله؟ إذن: فعليك بتقوى الله؛ قال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ))[الطلاق:2-3] وقال تعالى: ((ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا))[الطلاق:5]. وقال تعالى: ((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا))[الطلاق:4].
ألا تريدين أن تعرفي طريقك واضحاً فتيسيرين على نور وهدى؟ فعليك بقول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))[الأنفال:29] فهذا هو سبيلك.
وعليك بصحبة الصالحات، عليك باستبدال رفقة السوء بصحبة الصالحات القانتات، عليك بأن تحرصي على القرب من ربك بدعائه والتضرع إليه بل وبفعل الخيرات، وأيضاً عليك بالاقتصاد والتوسط في عبادة الله، فليس المطلوب هو كثرة النوافل، وليس المطلوب هو إرهاق نفسك، ولكن عليك أن تجمي نفسك بالأمور المباحة مع اجتناب الحرام وفعل الواجبات؛ فحينئذ فقد تمت نعمة الله عليك لتكون فتاة مؤمنة طائعة لربها فييسر الله أمرك في الدنيا والآخرة، وحينئذ يرغب فيك الصالحون ويرغب فيك أهل الخير وأهل الأخلاق وأهل الفضل، فما عليك إذن إلا أن تصلحي ما بينك وبين الله حتى يصلح الله أمرك جميعاً، قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11] وقال جل وعلا: ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))[الأنفال:53].
ولمعرفة أسباب القرب من الله بمزيد من التفصيل والفائدة راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 27513، 18073، 4014، 8372، 20879، 24565.
والله أعلم.