تخطى إلى المحتوى

أَبْيَاتٌ رَائِعَة:[فَضْل الكِتَاب] الجزء الأول 2024.

  • بواسطة

لاكي
بسم الله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

إن الإنسان في هذه الدنيا ليعيش متنقلاً بين أطوارها , وتقلبه صروفها وتحولاتها , فقد يجفوه القريب , ويبتعد عنه الحبيب , ويتوجس من الغريب , لكنما هنالك صديق حميم , وخلٌ وفي , وأخ عزيز , لا يقل وداده , ولا تتصرم حبال العلائق معه ..
ذلكم الجليس الحبيب , والصديق القريب : هو الكتاب ..

وخير مكان في الدنيا سرج سابح *** وخير جليس في الزمان كتاب

وقيل:

أنا من بدل بالكتب الصحاب *** لم أجد لي وافياً إلأ الكتابا

~~~~~~~
~~~~~~~

يقول الإمام الجرجاني -رحمه الله تعالى-:

ما تطعمت لذة العيش حــتى *** صرت للبيت والكتاب جليساً
ليس شيءٌ عندي أعز من الـ *** ـعلم فــما ابتغى سواه أنيساً
إنما الذل في مـخالطة الـناس *** فدعهم وعــش عزيزاً رئيساً

~~~~~~~
~~~~~~~

ابن الأعرابي -رحمه الله- يقول:
لنا جلساء ما نمل حديثهم *** ألباء مأمونون غيبا ومشهدا
يفيدوننا من علمهم علم ما مضى *** وعقلا وتأديبا ورأيا مسددا
بلا فتنة تُخشى ولا سوء عشرة *** ولا نتق منهم لسانا ولا يدا
فإن قلت أموات فلا أنت كاذب *** وإن قلت أحياء فلست مفندا

~~~~~~~~
~~~~~~~~

قال أبو نصر الميكالي : تذاكرنا المنتزهات يومًا وابن دُرَيْد حاضر، فقال بعضُهم: أنزه الأماكن غُوطة دمشق. وقال آخرون: بل نهر الأُبلَّة. وقال آخرون: بل سُغْد سمرقند. وقال بعضُهم: نهروان بغداد. وقال بعضُهم: شِعب بوَّان. وقال بعضُهم: نوبهار بلخ.
فقال(أي ابن دريد): هذه منتزهات العيون فأين أنتم عن متنزهات القلوب؟ قلنا: وما هي يا أبا بكر؟ قال: ((عيون الأخبار)) للقتبي، و((الزهرة)) لابن داود، و((قلق المشتاق)) لابن أبي طاهر. ثم أنشأ يقول:
ومَن تكُ نزهتَهُ قينةٌ *** وكأسٌ تحثُّ وكأس تُصَبْ
فنزهتُنا واستراحَتُنا *** تلاقي العيون ودَرْس الكتبْ

~~~~~~~
~~~~~~~

وقيل لرجلٍ: من يُؤنِسُكَ؟ فضربَ بيده إلى كتبه، وقال: هذه، فقيل: مِن الناسِ؟ فقال: الذين فيها:
خليلي كتابي لا يعاق وصالي *** وإن قَلَّ لي مال وولى جماليا
كتابي عشيقي حين لم يبق معشق *** أغازله لو كان يدري غزاليا
كتابي جليسي لا أخاف مِلاله *** محدث صدق لا يخاف مِلاليا
كتابي بحر لا يغيض عطائه *** يُفيض علي المال إن غاب ماليا
كتابي دليل لي على خير غاية *** فمن ثم إدلالي ومنه دلاليا.

~~~~~~~~
~~~~~~~~

لا شيء أنفع من كتاب يُدرَسُ *** فيه السلامةُ وهو خِلّ مُؤنِسُ
رسم يفيدك ما يفيد ذوو النُّهى *** أعمى أصم عن الفواحش أخرسُ

~~~~~~~
~~~~~~~

نعم النَّديم إذا خلوت كتاب *** إنْ خانك النُّدماءُ والأصحابُ
فأبحه سرك قد أمِنت لسانهُ *** أو أن يغيبك عنده مغتابُ
وإذا هفوت أمِنت غرب لسانه *** إن العتاب من النَّديم عذابُ

~~~~~~~
~~~~~~~

سهري لتنقيح العلوم ألذ لي *** من وصل غانية وطيب عِناقِ
وتمايلي طربا لحل عويصة *** أشهى وأحلى من مُدامة ساق
وصرير أقلامي على أوراقها *** أحلى من الدوكاء والعشاق
ألذ من نقر الفتاة لدُفها *** نقري لألق الرمل عن أوراقي
يا من يحاول بالأماني رتبتي *** كم بين مستفل وآخر راق
أأبيت سهران الدجى وتبيته نوما *** وتبغي بعد ذلك لِحاقي

~~~~~~~
~~~~~~~

يقول الإمام ابن حجر -رحمه الله- في معجمه : إنه قبل احتراق كتبه كان مستقيم الذهن , ولما احترقت كتبه أنشده شيخنا من نظمه مخاطباً له :

لا يزعجنك يـا سراج الدين *** إن لعبت بكتبك ألسن النيران
لله قـد قربتـها فتقبلـــت *** والنار مسـرعة إلى القربان

~~~~~~~
~~~~~~~

وفَقْدُ الكتاب كفقد الصواب *** فيا هول من قد أضاع الكتب

~~~~~~~
~~~~~~~

وما على وجه الأرض أشقى من محب *** وإن وجد الهوى حلو المذاقِ
تراه باكيا في كل حين *** مخافة فُرقة أو لاشتياقِ
فيبكي إن نأوا شوقا إليهم *** ويبكي إن دنوا خوف الفراقِ

~~~~~~~
~~~~~~~

وأيضا أن أحد العلماء كان له قراطيس مملوءة علم فكانت موضوعة في منزله، فكان لجيرانه شاة، فعدت هذه الشاة على منزل صاحبنا فأتت فأكلت قراطيسه وأوراقه، فدخل عليها فوجد أن علمه الذي كتبه قد ذهب، فقال لأهل هذه الشاة:
قل لبغاة الآداب ما وصلت *** منها إليكم فلا تضيعوها
ضمنوا علمها الدفاتر والحبر *** بحسن الكتاب أو عوها
إن اشتريتموا يومًا لأهلكم *** شاة لبوناً فلا تجيعوها
فإن عجزتم ولم يكن علفاٌ *** يشبعها عندكم فبيعوها

~~~~~~~
~~~~~~~

ولهذا كان أحدهم يقول ويكتب على كتابه:
كم من كتاب سهرت في طلبه *** وكنت من أبخل الخلائق به
حتى إذا مِتُّ وانقضى أجلي *** صار لغيري وعُدَّ من كتبه

~~~~~~~
~~~~~~~

قال صاحب (خلاصة الأثر) في ترجمة درويش بن محمد بن علي:
كان قبل يوم موته بأيام عَمَّر في داخل بيته بمحلة التعديل بيتا صغيرا وسمى هذه الغرفة "بيت الفتاوى وخزانة الكتب"، فجمع فيها جميع كتبه، ثم أقبل عليه وهو يقول:
أقلبها حفظا لها وصيانة *** فيا ليت شعري من يقلبها بعدي

~~~~~~~
~~~~~~~

قال ابن خلكان في ترجمة الشريف المرتضى أبي القاسم علي بن الطاهر ت (436) في كتابه: ((وفيات الأعيان)) : ((حكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التِّبْريزي اللغوي، أن أبا الحسن علي بن أحمد ابن علي بن سلَّك الفالي الأديب، كانت له نسخة بكتاب ((الجمهرة)) لابن دُرَيْد في غاية الجَوْدَة، فدعته الحاجة إلى بيعها فباعها، واشتراها الشريف المرتضى أبو القاسم -المذكور- بستين دينارًا، وتصفَّحها فوجدَ بها أبياتًا بخط بائعها أبي الحسن الفالي، وهي:
أنِسْتُ بها عِشرينَ حولاً وَبِعْتُها *** لقد طالَ وَجْدي بعدَها وحنيني
وما كان ظَنِّي أَنَّني سأَبيعها *** ولو خلَّدتني في السجون ديوني
ولكن لضعفٍ وافتقارٍ وصِبْيَةٍ *** صِغارٍ عليهم تَسْتَهِلُّ شُؤوني
فقلتُ ولم أَمْلك سوابق عَبْرةٍ *** مقالة مكويِّ الفؤادِ حَزِينِ:
((وقد تُخرجُ الحاجاتُ يا أمَّ مالكٍ كرائمَ من ربٍّ بهنَّ ضنينِ)) اهـ

والله الموفق

أهلاً بكِ معنا في المنتدى أختي الكريمة لاكي ..

لا شيء أنفع من كتاب يُدرَسُ *** فيه السلامةُ وهو خِلّ مُؤنِسُ

أبياتٌ رائعة.. قلّ من يعرف قيمتها في عصر التكنولوجيا الذي بات فيه الانترنت بديلاً للكثيرين عن الكتاب..!

جزاكِ الله خيراً ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.