تخطى إلى المحتوى

اخلاص النية 2024.

  • بواسطة
آداب النية(*)

أخي الكريم :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه رسالة من أخ ناصح لك مشفق عليك يتمنى لك الفلاح في الدنيا والآخرة ، يحب لك الخير أينما كنت

أخي :

المسلم يؤمن بخطر شأن النية ، وأهميتها لسائر أعماله الدينية والدنيوية ، إذ جميع الأعمال تتكيف بها ، وتكون بحسبها فتقوى وتضعف ، وتصح وتفسد تبعاً لها ، وإيمان المسلم هذا بضرورة النية لكل الأعمال ووجوب إصلاحها ، مستمدّ أولاً من قول الله تعالى : {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدين}(1) .

وقوله سبحانه : {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}(2) .

وثانياً من قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لاكي(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))(3) .

وقوله لاكي(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم))(4) .

فالنظر إلى القلوب نظر إلى النيات ، إذ النية هي الباعث على العمل والدافع إليه ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من هم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة))(5) .

فبمجرد الهم الصالح كان العمل صالحاً يثبت به الأجر وتحصل به المثوبة وذلك لفضيلة النية الصالحة ، وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- لاكي(الناس أربعة : رجل آتاه الله عز وجل علماً ومالاً فهو يعمل بعلمه في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله تعالى مثل ما آتاه الله لعملت كما عمل ، فهما في الأجر سواء ، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ، فيقول رجل لو آتاني الله مثل ما آتاه عملت كما يعمل ، فهما في الوزر سواء))(6) .

فأثيب ذو النية الصالحة بثواب العمل الصالح ، ووزر صاحب النية الفاسدة بوزر صاحب العمل الفاسد ، وكان مردّ هذا إلى النية وحدها . ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- وهو بتبوك لاكي(إن بالمدينة أقواماً ما قطعنا وادياً ولا وطئنا موطئاً يغيظ الكفار ، ولا أنفقنا نفقة ، ولا أصابتنا مخمصة إلاّ شركونا في ذلك وهم بالمدينة)). فقيل له : كيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال : ((حبسهم العذر ، فشركوا بحسن النية)) (7) .

فحسن النية إذا هو الذي جعل غير الغازي في الأجر كالغازي ، وجعل غير المجاهد يحصل على أجر كأجر المجاهد ، ومن قوله –صلى الله عليه وسلم- : ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)) . فقيل : يا رسول الله هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ فقال : ((لأنه أراد قتل صاحبه))(8) .

فسوت النية الفاسدة والإرادة السيئة بين قاتل مستوجب للنار وبين مقتول لولا نيته الفاسدة لكان من أهل الجنة ، ومن قوله -صلى الله عليه وسلم- : ((من تزوج بصداق لا ينوي أداءه فهو زان ، ومن أدان ديناً وهو لا ينوي قضاءه فهو سارق))(9) .

فبالنية السيئة انقلب المباح حراماً ، والجائز ممنوعاً ، وما كان خالياً من الحرج أصبح ذا حرج .

كل هذا يؤكد ما يعتقده المسلم في خطر النية ، وعظم شأنها ، وكبير أهميتها فلذا هو يبني سائر أعماله على صالح النيات ، كما يبذل جهده في أن لا يعمل عملاً بدون نية ، أو نية غير صالحة ، إذ النية روح العمل وقوامه ، صحته من صحتها وفساده من فسادها، والعمل بدون نية صاحبه مراء متكلف ممقوت .

وكما يعتقد المسلم أن النية ركن(10) الأعمال وشرطها ، فإنه يرى أن النية ليست مجرد لفظ باللسان (اللهم نويت كذا ) ولا هي حديث نفس فحسب ، بل هي انبعاث القلب نحول العمل الموافق لغرض صحيح من جلب نفع ، أو دفع ضر حالا ، أو مآلا ، كما هي الإرادة المتوجهة تجاه الفعل لابتغاء رضا الله ، أو امتثال أمره .

والمسلم إذ يعتقد أن العمل المباح ينقلب بحسن النية طاعة ذات أجر ومثوبة وأن الطاعة إذا خلت من نية صالحة تنقلب معصية ذات وزر وعقوبة ، لا يرى أن المعاصي تؤثر فيها النية الحسنة فتنقلب طاعة ، فالذي يغتاب شخصاً لتطييب خاطر شخص آخر هو عاص لله تعالى آثم لا تنفعه نيته الحسنة في نظره ، والذي يبني مسجداً بمال حرام لا يثاب عليه، والذي يحضر حفلات الرقص والمجون ، أو يشتري أوراق اليانصيب بنية تشجيع المشاريع الخيرية ، أو لفائدة جهاد ونحوه ، هو عاص لله تعالى آثم مأزور غير مأجور ، والذي يبني القباب على قبور الصالحين ، أو يذبح لهم الذبائح ، أو ينذر لهم النذور بنية محبة الصالحين هو عاص لله تعالى آثم على عمله ، ولو كانت نيته صالحة كما يراها ، إذ لا ينقلب بالنية الصالحة طاعة إلاّ ما كان مباحاً مأذوناً في فعله فقط ، أما المحرم فلا ينقلب طاعة بحال من الأحوال .

__________________________________________

(*) من كتاب منهاج المسلم لأبي بكر الجزائري صـ 80 ط 2 ( بتصرف ) .

(1) البينة .

(2) الزمر .

(3) متفق عليه .

(4) متفق عليه .

(5) مسلم .

(6) ابن ماجة بسند جيد .

(7) أبو داود والبخاري مختصراً .

(8) متفق عليه .

(9) رواه أحمد ، ورواه ابن ماجة مقتصراً على الدين دون الصداق .

(10) النية ركن باعتبار البداية ، وشرط باعتبار الاستمرار0.

************************************************** ***********************************************

الإخلاص و إحضار النية فى جميع الأعمال

والأقوال و الأحوال البارزة و الخفية

قال الله تعالى : ( و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء و يقيموا الصلاة و يؤتوا الزكاة ، و ذلك دين القيمة )

البينة :5

و قال الله تعالى ( لن ينال الله لحوُمها و لا دماُؤها و لكن ينالُهُ التقوى منكم )

الحج :37

و قال تعالى قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)

آل عمران

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ) إنما الأعمال بالنيات، و لكل امرىء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله و رسوله ، و من كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه )

و عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم و آخرهم و فيهم أسوا ُقُهم و من ليس منهم ! ؟ قال : (يُخسف بأولهم و آخرهم ، ثم يبعثون على نياتهم )

و رواه البخارى ن أنس رضى الله عنه قال :رجعنا من غزوة تبوك مع النبى صلى الله عليه و سلم فقال ( إن أقواما خلفنا بالمدينة ما سلكنا ِشعْبا و لا واديا إلا و هم معنا ، حبسهم العذر ) .

و عن أبى هريرة عبد الرحمن بن صخر رضى الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ، و لا إلى صوركم ، و لكن ينظرإلى قلوبكم و أعمالكم )

و عن أبى موسى عبد الله بن قيس الأشعرى رضى الله عنه

قال : سئل ر سول الله صلى الله عليه و سلم عن الرجل يقاتل شجاعة ، و يقاتل حمية و يقاتل رياء ، أى ذلك فى سبيل الله ، فقال صلى الله عليه و سلم : (من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله )

و عن أبى بكر بكرة نفيع بن الحارث الثقفى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه و سلم قال لاكي إذا التقى المسلمان بسيفهما و المقتول فى النار ) قلت : يا رسول الله ، هذا القاتل فما بال المقتول ؟

قال لاكي إنه كان حريصا على قتل صاحبه )

و عن ابن العباس عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فيمن يرويه عن ربه ، تبارك و تعالى قال :

( إن الله كتب الحسنات و السيئات ، ثم بين ذلك : فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك و تعالى عنده حسنة كاملة ، و إن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، و إن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، و إن هم بها فعملها كتبها سيئة واحدة )

فهلموا يا إخوانى بعمل الحسنات و ترك السيئات و الشهوات

و لنحمد الله الواحد القهار، العزيز الغفار ، مكور الليل على النهار ، وتذكرة لأولى القلوب و الأبصار ، وتبصرة لذوى الألباب و الاعتبار، الذى أيقظ من خلقه من اصطفاه فزهدهم فى هذه الدار ، و شغلهم بمراقبته و إدامة الأفكار ، و ملازمة الاتعاظ و الادكار ، ووفقهم للدأب فى طاعته ، و التأهب لدار القرار ، والحذر مما يسخطه و يوجب دار البوار ، والمحافظة على ذلك مع تغاير الأحوال و الأطوار.

أحمده أبلغ حمد و أزكاه ، و أشمله وأنماه .

و أشهد أن لا إله إلا الله البر الكريم الرؤوف الرحيم ، و أشهد أن محمد عبده و رسوله ، و حبيبه و خليله ، الهادى إلى صراط مستقيم ، و الداعى إلى دين قويم . صلوات الله و سلامه عليه ، و على سائر النبيين ،و آل كل ، وسائر الصالحين .

من كتاب رياض الصالحين للامام النووى

رانيالاكي

بارك الله فيك اخت رانيا وجزاك الله كل خير
موضوع رائع أسال الله يصلح النيه
لنا ولكم وللمسلمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.