هل قضيت وقتًا ممتعًا مع طفلك اليوم في نزهة بالنادي، أو تجوَّلتما معًا في صباح يوم مشرق، لكن الوقت قد حان للرحيل، وهو لا يريد العودة؛ يصرخ.. يبكي.. ثم يصيح، وقبل أن تستوعبي الأمر، يرتمي على الأرض.. يضرب بقدميه، ويصكّ على أسنانه إذا لم يحصل على ما يريد.
قد يتكرر ذلك المشهد دون أن تدركي الطريقة الصحيحة للتعامل معه، باختصار لقد تملَّكَت طفلك "نوبة غضب"، ولكن لا داعي للخوف من تلك النوبات التي قد تعتبرينها لحظات شديدة الإحباط، وأحيانًا شديدة الحرج.
لماذا تحدث نوبات الغضب؟
قد تبدو الوالدة مرهقة – ما في ذلك شك – وأنت تشاهدين طفلك يترنح بين مشاعر عدة؛ ففي لحظة يكون مبتهجًا.. ممتلئًا بالنشوة، وفي أخرى يكون مشحونًا ومملوءاً بالألم، خاصة في أثناء نوبة غضبه، ولكن ما لا تعلمينه أن نوبة الغضب هذه تشكل صمام أمان لطفلك، يمرر من خلالها توتره بطرق يعتبرها مألوفة بالنسبة له، هذا التوتر الذي يشتمل على جميع أنواع المشاعر التي تنطلق في صورة: صرخات.. صيحات.. ضرب.. تشبث، وغيرها من ردود أفعال.
كتبت د. "دارلافيرس ميلر" في كتابها "مرشد الطفل الإيجابي" أن قدرة الطفل على الفرح.. الحذر.. الغضب تتكون لديه قبل أن يتم ستة أشهر، وعند وصوله إلى تسعة أشهر يحدث تطور وزيادة مفاجئة في انطلاق هذه المشاعر، وحينما يكبر الأطفال يتعلمون تدريجيًّا التعبير عن هذه المشاعر بطريقة مقبولة اجتماعيًّا، ولكنهم لا يطوّرون قدرتهم على التحكم بنفس القدر التي تتطور به المشاعر والأحاسيس لديهم، ومن هنا؛ فإن الأطفال عادة ما يندفعون في نوبات غضب على غير عادة الكبار الذين يتعلمون التفكير أولاً.
لن تحتاج إلى خبير سيكولوجي
نعم.. يمكنك التعامل مع نوبات غضب طفلك الصغير بدون الحاجة إلى دراسة سيكولوجية الطفل، ويأتي "التواصل الفعَّال" على قمة العوامل الناجحة في هذا الشأن، وهذا يستدعي أمرين: الاستماع المؤثر، والاستجابات المؤثرة؛ "تلك الاستجابات التي قد تكون شفهية أو غير شفهية".
فحتى تعرفي ما يريده طفلك عليك الاستماع له، ومن الجوانب المؤثرة في مهارات الاستماع: الوضع أو الجلسة الصحيحة مثل: الانحناء إلى مستواه، والانتباه المركز له كالتواصل بالعينين والصمت حينما يحاول شرح احتياجاته، والاستجابة المناسبة التي تتضمن الخطاب الهادئ، والابتعاد عن كلمات الوعيد والتهديد، واستخدام اللغة اللامنطوقة (غير الشفهية) مثل: الإيماء، والابتسام، واللمس؛ فإن توظيف عاملَيْ الاستماع المؤثر والاستجابات المؤثرة معًا يتناسب – وبشكل رائع – في التعامل مع نوبات الغضب.
سيناريو نموذجي بين أم وطفلتها
رافقت هبة – 4 سنوات – والدتها في رحلتها إلى السوق، وسألت هبة أمها أن تشتري لها حلوى، رفضت الأم.. كررت هبة طلبها باستجداء وأكدت أنها جائعة.
انحنت الأم وقالت لابنتها بعطف: "أتفهَّم أنك تريدين الحلوى، ولكنها ضارة بأسنانك، أحب ابنتي وأتمنى لها أسنانًا قوية.. صحية.. لامعة؛ ولذلك عليَّ أن أرفض".. بالمقابل أخذت هبة "نوبة غضب"، ولكن أمها لم تتراجع، بل قالت في صوت هادئ: "أعلم أنك غاضبة، أحيانًا أشعر أنني شديدة الاضطراب مثلك، ولكني الآن أحتاج لحضن من ابنتي".. تنظر هبة إلى الأم وتقترب منها لتأخذها في حضنها الدافئ.. تقترح الأم تفاحة بدلاً من الحلوى.
بالطبع تبدو لنا مهمة الأم ناجحة بشكل لا يصدّق، ولكن بتحليل الحوار بين هبة ووالدتها بشكل دقيق يمكننا إدراك تكوين هذا الخطاب:
1- أقدر مشاعرك (الاعتراف بتقدير مشاعر الطفل بطريقة متعاطفة).
2- ولكن حينما يحدث ذلك (حدّد الموضوع بطريقة بعيدة عن التهديد، ركز في نقدك على الفعل لا الشخص).
3- أشعر… (حدد مشاعرك).
4- لأن… (أعرض السبب)
5- أحبك.. (أعد التأكيد على حبك له وإن عدم موافقتك لا تعني عدم الاهتمام به)
6- اجعلنا نفعل كذا بدلاً من ذلك (قدم بديلا يفي برغبته ويصرف نظره عن الرغبة الأولى).
وبالرجوع للمشهد في جوهره، فما حاولته والدة هبة هو جدال متفاهم، يمتلئ حبًّا وهدوءاً دون التراجع من أجل مرور الوقت بسلام وعدم الإحراج.
وأخيرًا تصف "د. فيس بيلر" هذه النوبات بأنها قد تتشابه مع الأسئلة التي يطرحها الطفل رغبة في المعلومة أو التأثير، فقد يسأل الطفل "أين أمي؟"؛ لأنه يريد المعلومة وهو نفس السؤال الذي قد يترجم رغبته في الانتباه إليه، فقد يكون السؤال مناشدة أو التماسًا مثل "اسمعي، وأظهري اهتمامك بي".
فلنحاول أن نفهم الرسائل التي يبعث بها الصغار إلينا حتى لو كانت رسائل غاضبة بعض الشيء
جزيت خيرا
وفيه فائدة
الله يجزيك الخير
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
جزاكم الله كل الخير
اختي سهاير
ليس بالاسم الذي تلفضينه انما هو شعائر