تخطى إلى المحتوى

التوبة 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم
===============
التوبة
===
(أحد دروس سلسلة "إصلاح القلوب"، للداعية الأستاذ" عمرو خالد")

التوبة هي الرجوع، والعودة، والإنابة، وخوف في القلب يدفعك دفعاً إلى الرجوع إلى الله تبارك وتعالى.
والتوبة تبدأ بأن تعلم ذنوبك ومقام الله عز وجل فيدفعك هذا العلم إلى الخوف وإلى إرادة التوبة.
ومعنى نادم: أي واجل ، وخائف، و راجع، ومُنخلع من كل الذنوب ، وعائد إلى الله تعالى بكل كيانك…ولسان حالك يقول:" سأنخلع عن الذنب حباً لك وطاعة يا رب!!!"
إن كثير من الناس يظن أن التوبة لشديدي المعصية فقط،أو للذين يقترفون الكبائر فقط، خاصة النساء الفضليات اللاتي لا يفعلن المعاصي ، وكذلك العبَّاد والطائعين …ولذلك يغفل الكثير منهم عن التوبة ظانِّين أنها لا تخصُّهم ، بل تخص العصاة وغير الملتزمين …لذلك أحرص اليوم على تغيير هذا المفهوم…فالتوبة منزلة المنازل،وهي تخص كل المؤمنين بشتى درجات إيمانهم:
فالعاصي محتاج للتوبة ،
وصاحب الكبيرة محتاج للتوبة،
والذي يفعل الصغائر محتاج للتوبة،
والطائع محتاج لتجديد توبته.
والتوبة يا إخواني فرض من فرائض الإسلام تُمارَس مرات ومرات في اليوم والليلة.
ولكي يتولد عندك العزم على التوبة، يجب أن تعلم أين أنت من الله تبارك وتعالى!!!
وكم تُخطىء في حقه عز وجل!!!!!
لماذا يجب أن أتوب؟؟؟!!!
لكي تعرف إجابة السؤال ، دعني أعرض عليك ماذا يفعل كلٌ منا :
إننا نفعل الكبائر!!!
أكاد أسمعك تقول:" معاذ الله" أنا أفعل الكبائر؟؟؟!!!!
نعم كلنا يفعل:
* أليس تأخِير الصلاة عن وقتها كبيرة؟!
*أليس جمع الصلوات مع بعضها وعدم أداءها في وقتها كبيرة؟
*اليست تأدية صلاة الصبح بعد شروق الشمس كبيرة؟
إنها كبائر بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"" من جمع صلاتين بغير عُذر ،فقد أتى باباً من أبواب الكبائر"
و كلمة "بغير عذر" تعني أنك فعلت كل ما بوسعك واتخذت الإجراءات اللازمة ولكنك لم توفَّق،كأن تنام مبكرا وتضبط المنبه،أو توصي صديق بالاتصال بك لإيقاظك،وتخفف من وجبة العشاءلأنك تنوي صلاة الصبح في موعدها مثلاً.
ألم يقُل الله عز وجل: فوَيلٌ للمُصلِّين الذين هم عن صلاتهم ساهون"؟!!!!!
الويل هو وادي في جهنم، والساهون ليسوا هم الذين يضيِّعون الصلاة ويتركونها بالكلية،وإنما الذين يصلون الظهر قبل العصر بدقائق،والعصر قبل أذان المغرب بثوان، والأسوأ من ذلك أنهم يصلونها نقراً.
*أليس السباب والشتائم من الكبائر؟
قال صلى الله عليه وسلم:" إن من أكبر الكبائر أن يسُبَّ الرجل والديه، قيل يارسول الله ،وكيف يسب الرجل والديه؟ قال: يسبُّ أبا الرجل فيسبُّ أباه ويسبُّ أمَّه ، فيسب أمه"!!!
*أليس عقوق الوالدين كبيرة؟
أليس معاملة الوالدين بشكل غير مناسب مثل التلويح في وجه أحدهما،أو إغلاق الباب بعنف أمامهما أو اغتيابهما مع الأصحاب وغيرهم من الكبائر؟!!!إن الله تعالى يقول عن المغتابين:" أيُحبُّ أحدُكم أن يأكُلَ لحمَ أخيه مَيتاً فكرِهتموه"؟؟!!!فكيف بمن يغتاب أبيه وأمه؟؟!!!
*أليست مقدمات الزنا من الكبائر؟
إن المقصود هو زنا العين كالبحث عن القنوات الفضائية الخليعة أو المواقع الإباحية على الإنترنت،أوغيره من المجلات والكتب،أليس النظر لغير المحارم من مقدِّمات الزنا وأبوابه؟؟!!!حتى لو لم تصل إلى محطة الزنا التي توجب إقامة الحد، ولكنك مُقبل عليه ،ألم يقل صلى الله عليه وسلم:" العين تزني وزِناها النظر"؟؟!!!،ألم يقُل صلى الله عليه وسلم:" مَن حام حول الحِمى أوشك أن يقع فيه".؟؟؟!!!!
هناك أيضاً زنا الأُذن في المحادثات عبر الهاتف أو الدردشة عبر الإنترنت ،أو غير ذلك.
*أليس أكل المال الحرام من الكبائر؟
ولن استغرق في المزيد، ولكن تعالوا نتكلم عن آلاف الصغائر التي تُرتكب كل يوم وليلة، منها على سبيل المثال:
1- إطلاق البصر على المحرَّمات .
2-الحجاب غير الشرعي الذي ُيبرز المفاتن،هل تعرف كم عدد المعاصي التي ارتُكبَت بسبب هذا النوع من الحجاب؟ إنه عدد كُل مَن رأوا هذه المحجبة!!!!!
3- الغيبة.
4- الكذب.
5- سوء الخُلُق.
وغير ذلك الكثير…كم من الذنوب تحتاج إلى توبة؟؟؟!!!
ألسنا بحاجة إلى توبة عن غفلتنا عن الله سبحانه وتعالى؟؟!!
ألم يقُل الله تعالى :" وما خلقتُ الإنسَ والجنَ إلا ليعبدون"؟؟!!هل عرفت الآن لماذا خُلقت؟؟؟ لقد خُلقت لتعرف الله عز وجل ،ولتعبده.
والآن لو سألت كم مِمَّن في الأرض عرف الله تعالى حق المعرفة، وأدى فرائضه، وشكره على نعمه حق الشكر، كم يكون يكون عددهم؟؟!!!
والآن أليست غفلتنا عن الله محتاجة إلى توبة؟؟!!!!!
مَن الذي خلقك وسوَّاك ورزقك وعلَّمك وأنعم عليك وصبر عليك وأنت تبعد عنه وهو يتودد إليك، ويرزقك كل يوم، بل ويرد إليك روحك ، فتعصاه كما تشاء؟؟؟!!!!أليس هذا هو ربك؟؟!!
متى آخر مرة بكيت من خشية الله؟
متى آخر مرة شعرت بحلاوة السجود؟
متى آخر مرة خشعت في صلاتك؟ متى آخر مرة شعرت بجلال الله؟
ومتى ومتى ومتى؟!
نعم نحن بشَر خطَّاءون، لكن الرسول صلى الله وسلم يقول:"وخيرُ الخطائين التَّوابون"
فليس العيب أن تأتي يوم القيامة عاصياً ولكن كل العيب أن تأتي يوم القيامة وأنت لا تدري عنه شيئا… لذلك فالغافل أسوأ من العاصي لأن العاصي يأتي عليه يوم ويمل المعصية فيتوب ،أما الغافل فيرى نفسه على حق، فلماذا يتوب؟؟؟!!!!
ولذلك فإن شيطان الغافل لا يُوقعه في المعاصي حرصا ًمن هذا الشيطان على أن يبقى الغافل غافلاً !!!!فلو أنه ارتكب معصية سيفيق من غفلته!!!! لذلك لا يوسوس له الشيطان بمعصيةأبداً!!!.
هل من المعقول أنَّ نُقطة مَنِيّ في رحم المرأة يخرج منها عقل يفكر ويبتكر وعين تُبصر وأذن تسمع ورجل تمشي ، ويد تبطش؟
ألا نشعر بمِنّة الخالق علينا ؟؟!!
لماذا لا نتوب الآن ونرتاح من كم الذنوب؟؟؟
يقول "سفيان الثوري"- وهو أحد أئمة التابعين ،ومن أعلام علماء المسلمين –يقول:"جلستُ يوما ًأعدُّ ذنوبي ، فقلت لنفسي:" يا سفيان تَلقى الله يسألك عن ذنب ذنب ؟"(هذا أحد أئمة التابعين، فما بالك بنا؟) فقلتُ لنفسي:" هذا ما أذكره ، فماذا عن الذي أحصاه الله ونسيته؟"
ثم قلتُ لنفسي:" تُب الآن يا سفيان قبل أن تلقى الله… فجلستُ أتذكر عمري سنة سنة منذ بلوغي، وكل ذنب اقترفته وظللتُ أتوب عن سنة سنة، فلما انتهيتُ قُمتُ خفيفاً !!!!"
أنظر إلى رحمة الله تعالى وكيف يريدنا أن نتوب؟؟!!!يقول الله تعالى:" قُل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفُسهِم لا تقنَطوا من رحمةِ الله ،إن اللهَ يغفرُ الذنوب جميعاً إنه هو الغفورُ الرحيم"
قارِن بين هذه الآية وبين كل ذنوبك ، وكل ما فعلته في حق الله عز وجل.
يقول تعالى:" وأنيبوا إلى ربِّكُم وأسلِموا له من قبلِ أن يأتيَكم العذاب ُ ثم لا تُنصرون، واتَّبِعوا أحسن ما أُنزِل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذابُ بغتةً وأنتُم لا تَشعرون"

أمازلتم لا تفكرون في التوبة؟
تأملوا معي الموقف يوم القيامة في الآية التالية:"أنْ تقول نَفسٌ يا حَسرتا على ما فرطتُ في جَنْبِ الله وإن كُنتُ لَمِن الساخرين" ( يا حسرتا على ما بدَر مني في حق الله لقد كنت أسخر من الدين والمتدينين!!!! )"أو تقولَ لو أن اللهَ هداني لكُنتُ من المتقين،أو تقولَ حين ترى العذابَ لو أن لي كَرَّةً؟؟؟!!!!فأكون من المُحسنين"
فلماذا لا نتوب قبل أن يحدث ذلك؟!!
يقول الله تعالى :" ويومَ القيامةِ ترى الذين كَذَبوا على اللهِ وجوهُهم مُسودَّة،أليسَ في جهنم مثوىً للمتكبرين؟!!!"
كل هذا لأن الله تعالى يعرض عليهم المغفرة، وهم يتكبرون عليه جلَّ جلاله !!!!!
" إن اللهَ يحب التوابين" (يحبك لو تُبت، فما رأيك؟! )إسمع معي:" واللهُ يريدُ أن يتوبَ عليكم"…ولكن ما المشكلة؟
نجد الجواب في بقية الآية:"ويريدُ الذين يتَّبعون الشهواتِ أن تميلوا ميلاً عظيما"…فالله سبحانه يريد لكم النجاة لكم بينما يريد لكم أصحاب السوء- مِمّنَ يتبعون الشهوات- الهلاك فأي الفريقين تتبعون؟؟؟!!!
، لذلك يزجرك الله عساك أن تتوب فيقول لك:" ومَن لم يَتُب فأولئك هم الظالمون"ولكنه ما يلبث أن يأخذ بقلبك بالآية التالية:" ألم يعلموا أن اللهَ هو يقبل التوبة عن عباده"؟! بل ويسمي نفسه :" غافر الذنب وقابل التَّوْب"!!
فلماذا الإصرار على عدم التوبة؟
يتبعلاكي

يقول تعالى:" وسارِعوا إلى مغفرةٍ من ربكم وجنَّةٍ عرضُها السماواتُ والأرض،أُعِدَّت للمتَّقين"….لاحِظ كلمة "وسارعوا"لأن أكثر أهل النار من المسوِّفين الذين يُكثرون من كلمة :"سوف"يؤجِّلون الطاعة ويؤجلون التوبة ،
وهم لايدرون أن "سوف" جندٌ من جنود إبليس!!!
فمثلاً، تقول أختنا: سوف أرتدي الحجاب بعد الزواج أو بعد الإنجاب، ويقول أخونا: سو ف أغض بصري بعد الزواج .
ولكن هل يتركهم الشيطان ؟ كلا ، لذلك فإن الله تعالى يريدنا أن نسارع بالخيرات لأن الموت يأتي فجأة….ولك أن تعرف أن أكثر صراخ أهل النار ليس من العذاب والألم،وإنما من الندم على ذنوب ارتكبوها في الدنيا كانوا يستطيعون أن يتوبوا عنها ولكنهم كانوا يسوِّفون، يقول الله تعالى:" إنَّما التوبةُ على اللهِ لِلَّذين يعملون السوء بجهالة ،ثم يتوبون من قريب"، المقصود بالجهالة ليس أنك لا تعرف أنه ذنب،ولكن أنك تفعل الذنب وأنت تجاهد نفسك لكي لا تعمله، والتوبة من قريب هي التوبة التي تلي المعصية فوراً، فالإنسان يخطىء بسبب ضعفه ولكن البطولة هي أن يتوب فوراً بالشروط التي سوف نوضحها.
يقول الله تعالى:" وتوبوا إلى اللهِ جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تُفلحون"
لماذا لا ننفذ أمر الله؟ إن كلمة جميعاً تعني:المؤمن والعاصي،التقي والفاجر،المبتدىء في التدين، والمُنتهي في التدين…جميعا.
والعجيب أن الله تعالى كلما تحدث عن العُصاة قال:" إلا مَن تاب وآمنَ وعمِل عملاً صالحاً"، فلماذا قدَّم التوبة على الإيمان؟؟!!! لأن عدم التوبة يُفسد الإيمان،ولا يُصلِح الإيمان ويرمِّمه مثل التوبة!!!
يقول الله عز وجل:" يا أيها الذين آمنوا تُوبوا إلى اللهِ توبةً نصوحا"… نصوحاً قد تعني معنيين:
1-التوبة الشاملة عن الذنوب بكل كيانك.
2-التوبة التي تنصح صاحبها ، أي أنها من شدة قوتها، كلما أراد صاحبها أن يعود إلى المعاصي نصحته بعدم العودة ،وذكََّرته بأنه تاب منها حتى يفيق ويتوقف.
والآن دعونا ننتقل من حديث الله سبحانه وتعالى إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالتوبة لنرى جميعاً كم هو الإسلام سهل وجميل …
َمن قال أن الإسلام توتُّر ، وتَشَدُّد، وتعقيد، وغِلظة؟؟؟!!!!
يقول صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس إستغفروا الله و توبوا إليه، فإني أستغفرُ الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة "
تأمَّل معي: رسولك المعصوم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة وأنت لا تريد أن تتوب؟ إنه يتوب توبة ارتقاء في الطاعة وليس عن المعاصي، فماذا عنك؟؟؟!!!
يقول الصحابة رضوان الله تعالى عليهم:"كنا نعدُّ لرسول الله في الجلسة الواحدة أكثر من مائة استغفار"
تخيل!!!
كان صلى الله عليه وسلم وهو جالس إلى أصحابه يتحدث إليهم، يتوقف ويقول :" أستغفر الله ،أستغفر الله، استغفر الله "ثم يعود للحديث ، ثم يتوقف ،ويستغفر، ويتوب مرة أخرى قائلاً: "أستغفرالله العظيم وأتوب إليه"، وهكذا!!!
أنظر كيف يعود –صلوات ربي وسلامه عليه – إلى ربه كل حين!!!!
يقول صلى الله عليه وسلم:" إن الله يبسط يدَه بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده
بالنها ر ليتوب مُسيء الليل " هل لاحظتَ أن التوبة تُبسط أكثر مما يُبسط الرزق؟؟!!
ومَن هو المفروض أن يبسط يده لِمَن؟!!!
العبد العاصي لربه الرحيم؟
أم الرب ذي الجلال والإكرام للعبد الفقير؟؟ !!!!
يقول صلوات ربي وسلامه عليه:" يتنزل ربنا سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا في الثُلُث الأخير من الليل ينادي:هل مِن مُستغفر فأغفر له؟ هل مِن تائب فأتوب عليه؟ هل مِن طالب حاجة فأقضيها له؟؟ وذلك كل ليلة "
هل سمعت؟!!! يناااادي ….فمَن يرد عليه سبحانه؟!!!
أما تستحي أن يبسط إليك يده كل ليلة ليقضي لك حاجاتك، وأنت تغط في نومٍ عميق؟؟!!!
يقول تبارك وتعالى في الحديث القدسي:
" إني والجن والإنس في نبأٍ عظيم!!
أخلُق ُ ويُعبد غيري.
وأرزق ويُشكر سِواي
خيري للعباد نازل وشرُّهم إليَّ صاعد
أتودد إليهم برحمتي، وأنا الغني عنهم
ويتبغَّضون إليَّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليَّ
أهل ذِكري: أهل مجالستي، فمَن أراد مجالستي فليذكرني
أهل طاعتي أهل محبتي!!!
أهل معصيتي ، لا أقنِّطهم من رحمتي ،
إن تابوا إليَّ فأنا حبيبهم
وإن لم يتوبوا،فأنا طبيبهم،أبتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من المعايب
مَن أتاني منهم تائباً تلقَّيتُه من بعيد
ومَن أعرض عني ناديته من قريب ،
أقول له: إلى أين تذهب؟؟!!ألَكَ ربٌ سِواي؟؟؟!!!!
الحَسنة عندي بعشر أمثالها، وأزيد
والسيئة عندي بمثلها، وأعفو
وعِزَّتي وجلالي، لو استغفروني منها لغفرتُها لهم !!!!

ما رأيكم ؟! أما نستحي بعد أن سمعنا هذا الحديث القدسي؟؟؟!!!! إسمع هذا:
يقول تعالى في حديث قدسي آخر:
يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجَوتني
غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي
يا بن آدم لو بَلَغَت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني
غفرتُ لك ولا اُبالي
يا بم آدم إنك لو لقيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تُشرِك بي شيئا لأتيتُك بقرابها مغفرة"!!!!
ماذا نريد بعد كل هذا الكرم؟؟؟؟!!!!!!
ألازال هناك أشخاص لا يتوبون إلا بعد أن تحدث لهم مصائب؟؟!!!
جاء في حديث قدسي أن إبليس قال:
" وعِزَّتُك وجلالُك لأُغويَنَّهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم،
فقال الله تعالى:" وعِزَّتي وجلالي لأغفرن لهم ما داموا يستغفرونني"
ماذا تريد أكثر من ذلك لكي تتوب؟؟؟!!!
ورد في الأثر أن الله عز وجل أوحى إلى داوود عليه السلام :" يا داوود لو يعلم المُدبرون عني شوقي لهم، وحبي لهم لذابوا شوقاً إليَّ يا داوود هذه إرادتي في المُدبرين عني فكيف بإرادتي بمن أحببتُه؟؟!!!وكيف إرادتي بمن أقبل عليَّ؟!
يقول صلى الله عليه وسلم:" إن الله ليفرح بتوبة عبده أكثر من فرح رجل تاهت منه الراحلة والطعام والشراب في الصحراء، فلم يُفلح في العثور عليهم، فأصابه اليأس حتى حفر قبره ونام فيه في انتظار الموت، فبينما هو نائم إذا براحلته فوق رأسه وعليها طعامه وشرابه، فمن شدة الفرح قال:" اللهم أنت عبدي وأنا ربُّك" !!!
فاللهُ أفرح بتوبة أحدكم من فرحة هذا الرجل!!!!
أرأيت لو تُبتَ الآن كيف سيفرح بك ربك الكريم؟؟!!!
كم نحن قُساة القلوب…وكم هو رحيم بنا!!!!!
يتيعلاكي

هناك حديث آخر رواه البخاري عن رجل من بني إسرائيل عصى الله ما شاء له أن يعصي، فلما جاءه الموت جمع أولاده، وقال لهم:" ما عصى الله أحد مثلي ، فإذا أنا مِتُّ فأوقدوا ناراً ثم ضعوني فيها(طبعاً هذا لا يجوز الآن في دين الإسلام)
،حتى إذا صرتُ رماداً إسحقوني ، ثم انثروني فوق رؤوس الجبال فإنه لو قدر عليَّ ربي ليعذِبَنِّي عذاباً لا يعذِّبه أحدا من العالمين ، فلما مات فعلوا ما قال لهم أبوهم ، ثم انتظروا يوماً عاصفا، فنثروه على رؤوس الجبال ، فقال له الله عز وجل:"كُن"، فكان ،فقال له الله سبحانه -وهو أعلم-: " ماحملك على ما فعلت"؟ قال:خِفتُك وخَفتُ ذنوبي"،فقال الله عز وجل :" بمخافتك إياي قد غفرتُ لك"!!!!! أُشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرتُ له وأدخلته الجنة "!!
جاء في الأثر أن رجل من بني إسرائيل عبد الله عشرين عاما، ثم عصاه عشرين عاماً آخرين…. فنظر في المرآة وقد رأى الشيب يملأ رأسه ، فقال :" يا رب لقد عبدتُك عشرين عاما ثم عصيتك عشرين عاما فهل إن عُدتُ إليك تقبلني؟؟!!!
ثم قال لنفسه:"هيهات!!!بعد مافعلت؟؟!! فنام ، ورأى في منامه قائل يقول له:
" أطعتنا فقرَّبناك ، ثم عصيتنا فأمهلناك ،وإن عُدتَ إلينا قبِلناك"
هذه الكلمات موجهة ليس إليه وحده،بل إلى كل عاصٍ عصى ربه
مثل مَن ارتدت الحجاب ثم خلعته : لا تقنطوا من رحمة الله!!!!
وما أعجب القصة التالية التي حدثت في عهد موسىعليه السلام ، حين انقطع المطر واجدبت الأرض، وكادالناس والبهائم أن يموتوا: فقال الناس :" ياموسى استسقِ لنا، فظل يدعو، وسبعين الفا يؤمِّنون على دعاءه وظل يدعو ويدعو والمطر لا ينزل، فقال موسى:
" يا رب لماذا لا ينزل المطر ونحن ندعوك ونتذلَّلُ إليك؟!! فأوحى الله تعالى إليه: أن يا موسى بينكم رجل يعصاني منذ أربعين سنة ، فبشؤم معصيته مُنِعتُم المطر"!!!!!(هل أدركنا الآن لماذا تمتلىء بيوتنا بالمشكلات والهموم والكآبة؟)
قال : يارب ماذا نفعل؟ قال" أخرِجوه من بينكم!!"
فقال لهم موسى إن بينا رجل يعصي الله منذ أربعين سنة،فليخرج من بيننا حتى ينزل المطر، ثم وقف موسى ينتظر أن يخرج الرجل ، فلم يخرج أحد، وإنما تاب هذا العبد بينه وبين ربه قائلا لربه:" يا رب إني أعصيك منذ أربعين سنة وتستُرني، يا رب إن أنا خرجتُ اليوم فُضحت، وإن بقيت هلكنا، يارب أنا اليوم أتوب إليك وأندم على ما فعلت، فتُب عليَّ واستُرني"
فنزل المطر!!!
فقال موسى: يا رب لقد نزل المطر ولم يخرج من بيننا أحد، فأوحى الله عز وجل إليه:" نزل المطر بتوبة عبدي الذي عصاني منذ أربعين سنة"فقال موسى دُلَّني عليه يا رب لأفرح به، فأوحى إليه ربه جل جلاله:
" لقد سترتُه وهو يعصاني منذ أربعين سنة ، أيوم يعود أفضحه؟؟؟!!!
ترى هل نستحق كل هذا ؟؟؟!!! لماذا لا نتوب الآن ؟ نعم في هذه اللحظة!!!
كيف نتوب؟
للتوبة النصوح شروط هي:
أ-التوبة عن المعاصي في حق الله:
1- الندم:
وهو حرقة في القلب وحزن للتفريط في حق الله، ويُعبَّر عنه بدمعة ندم أو بعبادة صادقة خالصة لله،أو بصدَقة مثلاً.
يقول عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما:"مَن ألمَّ بخطيئة فاهتزَّ لها قلبه مُحيت عنه في أم الكتاب"، فالندم يكون بالقلب وليس باللسان.
يقول صلى الله عليه وسلم:"التوبة: الندم"أي أن أساس التوبة هو الندم!!!!
2-الإقلاع :
أي التوقف عن الذنب.
3- نية عدم العودة إلى الذنب في المستقبل:
فالذي يندم ويُقلع عن الذنب ، لكنه عازم على العودة إليه كالمُستهزِىء بربه، والعياذ بالله.
هذه الشروط الثلاثة يجب تحققها كي تُمحى الذنوب وننجو من عذاب جهنم.
ولا يجوز ان تتوب عن ذنب معين ولكن بشكل غير كامل،كأن تقول:" تُبت عن الغيبة إلا عن اغتياب فلان"!!!
أو:" تُبت عن مصاحبة الفتيات،إلا فلانة"، فهذا لا يجوز.

ولكن يجوز أن تُقلع عن ذنب معين بشكل كامل،وأنت بعد لم تَتُب عن ذنب آخر،
كأن تتوب عن الغيبة،ولكنك مازلت لم تتب عن التدخين مثلاً.
ولعلك لاحظت أن الشروط الثلاثة تتم بالقلب،لأن الله سِتِّير، يحب الستر، يقول تعالى:
" والذين لا يدْعون مع اللهِ إلَها آخرَ، ولا يقتلون النفسَ التي حرَّم اللهُ إلا بالحق ، ولا يَزنون، ومَن يفعل ذلك يلقَ أثاماً، يُضاعَف لهُ العذابُ ويخلُد فيه مُهانا، إلا
مَن تاب وآمنَ وعمِل عملاً صالحاً،فأولئك يبدِّل ُ الله سيئاتهم حسنات "!!!!!
ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الآية فرحاً شديدا.
فالطائعين يوم القيامة سوف يحسدون العصاة الذين تابوا من كثرة السيئات التي بُدِّلت لهم حسنات!!!!
ب- التوبة عن المعاصي في حق عباد الله

لكي تتوب عن المعاصي في حق عباد الله كالغيبة، والنميمة ، والبُهتان، والظُلم ، والسبّ ،وأكل المال والاعتداء، وغير ذلك…فلابد من تحقق الشروط الثلاثة السابقة(الندم،والإقلاع ،والعزم على عدم العودة)بالإضافة إلى شرط رابع مهم ، وهو:
رد المظالم إلى أهلها
وكلنا يعرف الحديث شريف:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أتَدرون مَن المُفلس ؟! قالو:" المُفلس مَن لا درهم له ولا دينار" قال " بل المفلس يوم القيامة مَن أتى بحسنات كثيرة وأعمال صالحة،وقد سبَّ هذا وظلم هذا وأمل مال هذا، فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته،حتى لا يبقى من حسناته شيء،فيُلقي هذا عليه من سيئاته،وهذا من سيئاته،حتى لا يبقى من سيئاته شيءٌ، فيُلقى في النار"!!!!!
إذن لو كانت المَظلمة شيء مادي مثل مال أو بضاعة أو متاع ،أو غيره فيجب رده على الفور لصاحبه أو لورثة صاحبه،ابتغاء مرضاة الله واتقاء سخطه.
أما المظالم المعنوية كالغيبة مثلاً، فلا ينبغي أن نقول لصاحب الحق :"أنا اغتبتُك" بل تطلب منه أن يسامحك بشكل عام،أو تستغفر له(وُيستحب أن تدعو في صلاتك دائماً : اللهم اغفر لي ولوالديَّ ولمَن كان له حقٌ علي)،أو تقدم له هدية .

إذن فالتوبة عن الذنوب في حق الله تعالى أيسر بكثير من التوبة عن الذنوب في حق عباده!!!!!!

وماذا عن الذنوب التي لا تذكُرها؟؟؟!!!
يمكنك أن تدعو الله قائلاً:" يارب قد تُبتُ عن كل ما فعلتُ من ذنوب معاصي، وسأبدأ اليوم عهداً جدياً "…وبذلك يتوب الله عليك بجوده وكرمه وفضله، ويمحو لك كل ما فات!!!!

ما هو أول ذنب يرتكبه الناس بعد التوبة؟
إن أول ذنب يُكتب لبعض الناس هو عدم الاقتناع أو التصديق بأن الله قد غفر لك ومحى ذنوبك، فهذا ذنب في حد ذاته!!!!
فلابد من أن توقن يقيناً كاملاً بأن الله قد غفر لك ومحى كل ذنوبك، مادمت قد حققت الشروط التي ذكرناها للتوبة النصوح.

وماذا لوعُدتَ للذنب؟
لو حدث هذا فإن ما قد تُبتَ عنه لا يُحسب عليك لأنه مُحي ، وهذا من سعة رحمة الله تعالى ،وإنما يُكتب الذنب الجديد فقط!!! وهنا تحتاج إلى توبة جديدة.
فلو تُبتَ مثلاً من عقوق الوالدين،ثم أخطأتَ اليوم في حق أحدهما، أو كِلاهُما…يُمحى الماضي،ويُكتب ذنب اليوم إلا لو تُبت عنه هو الآخر، ولو جاء أجلك بعد التوبة،فأنت من أهل الجنة،لأن صحيفتك تكون بيضاء!!!
تريد الدليل؟؟؟
قال صلى الله عليه وسلم:" أذنب عبدٌ ذنباً فقال:" يارب قد أذنبتُ فاغفِر لي"،فقال الله تعالى :" علِم عبدي أن له ربٌ يغفر الذنب،فقد غفرتُ لعبدي" ثم عاد فأذنب ذنباً ،فقال :" يارب قد أذنبتُ فاغفِر لي"فقال الله تعالى :" علِم عبدي أن له ربٌ يغفر الذنب،فقد غفرتُ لعبدي"،ثم عاد فأذنب،فقال:" يارب قد أذنبتُ فاغفِر لي"فقال الله تعالى :" علِم عبدي أن له ربٌ يغفر الذنب،فقد غفرتُ لعبدي"، ثم عاد فأذنب، فقال: " يا رب قد أذنبتُ فاغفِر لي" فقال الله تعالى :" علِم عبدي أن له ربٌ يغفر الذنب، فليفعل عبدي ما شاء ،مادام يستغفر ويتوب!!!!"
فلا تيأس ولا تمل من كثرة التوبة ،لأن الله جل جلاله لا يمَلّ من قبول توبتك.
ودليل آخر؟
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:" يا رسول الله أفرأيت إن أتيتُ ذنباً فهل يُكتب عليَّ؟" قال:"يُكتب"،قال:" فإن تُبتُ"، قال :" يُمحى" قا ل:"فإن عُدت؟" قال:
" يُكتب"، قال: يا رسول الله أفرأيت إن عُدت؟ قال: يُمحى"، قال:" فإن عُدت؟" قال:" يُكتب "، قال فإن تُبت؟" قال يُمحى، فقال:" يارسول الله ،إلى متى يُمحى؟"
قال صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا يمل من المغفرة حتى تمَلُّوا من الاستغفار"!!!!!

بعد كل هذا، هل هناك من يقول:" أنا نادم ولكني لا أستطيع أن أعزم على عدم العودة"؟؟؟!!!
إذا كنت منهم ، فأنت مُصاب بضعف شديد في قلبك، والعلاج هو :
1- الدعاء لله بتضرع شديد لكي يمنُّ عليك بتوبة نصوحا ، فمهما تغلغلت الذنوب في قلبك، فالله قادر على أن ينزعها منه إذا أحسنت التضرع إليه بالدعاء.
2- صحبة الصالحين الذين يعينونك على عدم العودة إلى المعاصي.
والآن تعالوا بنا نرى نماذج لبعض التائبين
1-الرجل الذي قتل مائة نفس

قتل رجل تسعة وتسعين نفساً،ثم سأل:" هل لي مِن توبة؟"فدَلّوه على عابد فسأله، فقال له مستنكراً:" تقول أنك قتلت تسعة وتسعين نفساً،وتسأل: هل لك من توبة؟؟!!!" فقتله ، فأتم به المائة!!! ولكنه كان لا يزال حريصاً على أ ن يتوب، فسأل مرة أخرى فدُلَّ على رجل عالِم،فسأله،فقال له:" ومَن يحجُب توبة الله عز وجل عن عباده؟" ولكن اترك الأرض التي تعيش بها، فإن بها قوم سوء،(أرأيتم كيف تؤثِّر الصُحبة في صاحبها؟)و اذهب إلى أرض كذا (إترك الصحبة السيئة الطالحة واذهب إلى الصحبة الصالحةلتعينك على التوبة )،فإن بها قوماً صالحين،ولأنه كان حريصا ولديه عزم على التوبة ،فقد نفذ ما قاله العالم،وشد رحاله إلى أرض الصلاح، وبينما هو في الطريق، مات!!!!! فاختلفت فيه الملائكة، فقالت ملائكة الرحمة : إنه أتى تائباً،وقالت ملائكة العذاب : إنه قتل مائة نفس،ولم يفعل شيئاً قط!!!
فأرسل الله تعالى إليهم ملَكاً يحكم بينهم فقال لهم:"قيسوا ما بين الأرضين فإلى أي الأرضين أقرب أخذته الملائكة الخاصة به، فقاسوا بينهما، فقرَّبه الله تعالى إلى أرض الصلاح
فصار أقرب إليها منه إلى أرض المعصية بمقدار شبر واحد!!!!
فقبضته ملائكة الرحمة.
يتبع

2-مثال آخر:
رجل جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلاً:" يا رسول الله أرأيت من عمل الذنوب كلها ولم يترك منها شيئا وهو في ذلك لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أتاها فهل له من توبة؟ قال له صلى الله عليه وسلم:"هل أسلمت"؟ قال:" أشهد ان لا إله إلا الله، وأنك رسول الله" فقال له: دليل توبتك أن تفعل الخيرات وتترك المنكرات ،فقال الرجل : وإن فعلتُ هذا غُفرت ذنوبي؟ قال: نعم، قال:" وغدَراتي وفجَراتي؟!!!!" قال: "وغدراتك وفجراتك" ، فمضى الرجل يصيح قائلاً:" الله أكبر،الله أكبر"….حتى توارى عن أعين الناس.
3- المرأة الغامدية
هي امرأة صحابية عاشت في المدينة المنورة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت متزوجة من صحابي،أسلمت على يد النبي صلى الله عليه وسلم،،وكانت تتلقى القرآن من فمه الشريف، ورغم كل هذا وقعت في الزنا!!
هي على كل حال بشر، ونحن أيضاً بشر، والبشر خطَّاءون، ولكن خير الحطَّائين التوابون!!!
إستمع إلى قصتها كي لا تيأس من رحمة الله .
ذهبت المرأة الغامدية إلى النبي صلى الله عليه وسلم،وقالت له:
"يا رسول الله،إني زنيت وإني حُبلَى!!
"طهِّرني يا رسول الله!!"
لقد فعلَت ذلك وهي تعلم أن الحد هو أن تُرجَم حتى تموت، وكانت تستطيع أن تتو ب بينها وبين ربها، ويُمحى ذنبها…ولكنها كانت تشعر بفداحة ذنبها، و مُصرَّة على أن تنا ل جزاءها. فقال لها صلى الله عليه وسلم:" إذهبي حتى تضعي"….ولو أنها لم تعُد هل يقام عليها الحد؟؟ لا!! ولو أن أحداً عيَّرها يُجلد ثمانين جلدة، ولكنها كان مصرة على التوبة.
هناك من الأخوات مَن ينفعلن مع درس ديني، فيرتدين الحجاب مثلاً ، ثم بعد أن يهدأ حماسها تخلعه، ولكن انظر إلى هذه المرأة التي عادت بعد أن وضعت وهي تحمل وليدها، فقال لها المبعوث رحمة للعالمين:" إذهبي حتى تفطميه"!!!
هل تصدقون؟! بعد سنتين؟؟!!!
فذهبت وعادت إليه وابنها في يده لقمة، لتبين له أنها فطَمته!!!وقالت :
" طهِّرني يا رسول الله"!!!!
،فقال لها صلى الله عليه وسلم:" إعطني الولد،(ولكن حتى لا يُقال أنه ابن الزانية،لأن هذا ليس من أخلاق الإسلام)،قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه:" مَن يكفل هذا الغلام،ويكون رفيقي في الجنة"؟؟!!
ما هذا التكريم للغلام؟!
ثم تُرجم الغامدية، وهي ثابتة لا تتحرك،وتظل صامدة حتى تموت …فيقف النبي صلى الله عليه وسلم،قائلاً لأصحابه:"إني مُصَلٍّ عليها ، فاصطفٌّوا خلفي"، فقال عمر رضي الله عنه:" يا رسول الله أتُصلي عليها وهي زانية؟"
فقال له صلى الله عليه وسلم وقد غضب:" ويحك يا عمر ، والله لقد تابت توبة،لو وُزِّعَت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، أما يكفيك أنها جادت بنفسها؟؟!!
4- كعب بن مالك
هو الصحابي" كعب بن مالك"رضي الله عنه،الذي تخلف عن إحدى الغزوات بدون عُذر، فقرر الرسول صلى الله عليه وسلم مقاطعته ، فقاطعه المؤمنون أيضاً لمدة خمسين يوماً!!وبعد أن تاب الله تعالى عليه بنزول آيات من القرآن الكريم أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم فرِحاً مبتهجاً، فقال له صلى الله عليه وسلم:
" أبشِر يا كعب بخير يومٍ طلع عليك منذ ولدتك أمك،لقد تاب الله عليك"!!!

ترى ما هو أجمل يوم في حياتك؟! هل هو يوم ميلادك،أم يوم تخرجك من الكلية؟أم أم يوم زواجك أم ماذا؟!!!!
5-"مالك بن دينار"
نموذج ثالث للتائبين هو "مالك بن دينار"وهو أحد أئمة التابعين،المعروف عنه أنه كان كل ليلة يبكي طوال الليل ويقول:
" إلهي،أنت وحدك الذي يعلم ساكن الجنة من ساكن النار، فأيُّ الرجلين أنا؟؟؟؟!!!!"
" اللهم اجعلني من سكان الجنة ، ولا تجعلني من سكان النار"
هذا الرجل كانت بدايته مختلفة تماماً،إستمع إليه وهو يحكي عن نفسه، يقول:" بدأتُ حياتي ضائعاً سِكِّيراً عاصياً ظالماً ،آكُل حقوق الناس،آكُل الربا،أضرِب هذا وأبطِش بهذا،أفعل المُنكرات والفواحش، شديد الفُجور، يتحاشاني الناس من شدة فجوري…غير أني في يوم من الأيام اشتقت لأن أتزوج وتكون لي طفلة، فتزوجتُ وأنجبتُ فاطمة، وأحببتها حبا شديداً، وكلما كبرَت فاطمة زاد الإيمان في قلبي ،ونقص منه حب المعصية،ولربما رأَتني فاطمة أمسك بكأس الخمر،فأزاحته – وهي لم تكن تعدَّت السنتين- وكأن الله ألهمها أن تفعل هذا ،وكلما كبرت فاطمة زاد الإيمان في قلبي،واقتربت من الله تعالى خطوة، وبدأتُ أبتعد عن المعاصي شيئا فشيئا…حتى أكملت فاطمة سنواتها الثلاث، فماتت!!!
ولم يكن عندي من الصبر ماهو عند المؤمن، فيقويتي، فتلاعب بي الشيطان حتى قال لي
:" لتسكرنَّ الليلة سكرة، ما سكرت مثلها من قبل!!!" فعزمتُ أن أسكر، وظللت طوال الليل أشرب…حتى سقطتُ ، فرأيتُني تتقاذفني الأحلام، والرؤى،حتى رأيت رؤيا ،وهي أنني في يوم القيامة،وقد أظلمت الشمس،وتحولت البحار إلى نار وقد زُلزلت الأرض واجتمع الناس أفواجاً وأنا بينهم ،اسمع المنادي ينادي :
" فلان بن فلان،هلُمَّ للعرض على الجبار!!"
،يقول:" فأرى فلاناً هذا يتحول وجهه إلى سواد شديد من شدة الخوف، حتى سمعت المنادي يقول:" مالك بن دينار،هلُمَّ للعرض على الجبار!!" ، يقول:" فاختفى البشر من حولي، وكأنه لا أحد من حولي في أرض المحشر، ثم رأيتُ ثعباناً عظيماً شديداً قوياً، يجري نحوي،فاتحاً فمه …وأنا في شدة لخوف، فوجدت رجلاً عجوزاً ضعيفاً،فاستنجدت به فقال لي:" يا ُبني أنا ضعيف لا أستطيع مساعدتك،ولكن اجري في هذا الاتجاه، لعلك تنجو"
فجريت حيث أشار والثعبان خلفي، فوجدت النار تلقاء وجهي،فقلتُ:" أأهرب من الثعبان،لأجد النار؟؟!!!،ففررت منهما،والثعبان خلفي،فرآني العجوزفقلتُ له :" أنقذني، فقال لي:أنا ضعيف كما ترى ،لا أستطيع مساعدتك،ولكن اجري تجاه هذا الجبل، لعلك تنجو…فجريت نحو الجبل والثعبان يكاد يخطفني ، فرأيتُ على الجبل أطفالاً صغاراً فسمعتُ الأطفال يصرخون:" يا فاطمة ، أدركي أباكِ"،يقول :" فعلمتُ أنها ابنتي،فعرفتها وفرحت أن لي ابنة ماتت وهي ابنة ثلاث سنوات لتنقذني في هذا الموقف،فأخذتني بيدها اليُمنى، ودفعت عني الثعبان بيدها اليُسرى، وأنا كالميت من شدة الخوف، فقالت لي :" يا أبتِ ألم يَأنِ للذبن آمِنوا أن تخشع قلوبهم لذِكرالله؟!"
فقلتُ يا بنيتي خبِّريني عن هذا الثعبان فقالت هذا عملك السيء ،فأنت كبَّرته،ونمَّيته،حتى كاد أن يأكلك،أما تدري أن الذنوب تأتي على هيئتها يوم القيامة؟؟!!
قال:" قلت لها، ومن الرجل العجوز؟؟!! قالت:" هذا عملك الصالح أنت أضعفته وأوهنته،حتى بكى لحالك،ولم يعد يستطيع مساعدتك، ولولا أنك أنجبتني يا أبتِ،ولولا أني مِتُّ صغيرة، ما كان هناك شيء ينفعك"!!!
يقول:" فأفقتُ من نومي وأنا أصرخ:" قد آن يارب ، قد آن يا رب!!"
يتبع

يقول:" فاغتسلتُ وخرجت إلى المسجد لصلاة الفجر،أريد العودة إلى الله والتوبة،فإذا بإمام المسجد يقرأ الآية:" ألَم يأنِ للذين آمنوا أن تخشع قلوبُهم لذِكر الله؟؟!!!" وتاب مالك بن دينار، واشتهر بأنه كان كل يوم يقف أمام المسجد ويقول:
" أيها العبد العاصي عُد إلى مولاك،أيها العبد الغافل عُد إلى مولاك،
مولاك يناديك بالليل والنهار يقول لك:
" مَن تقرب إليَّ شبراً تقربتُ إله ذراعاً،ومَن تقرب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً
ومَن أتاني يمشي أتيتُه هرولة!!!!
ألَم يأنِ الأوان يا مؤمنين؟؟!!!!
***
أسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا التوبة النصوح،آمين.
إني داعٍ فأمِّنوا:
" يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين، يا أرحم الراحمين،يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا مَن سميت نفسك الودود، يا ودود، يا كريم، يا قريب، يا سميع الدعاء، يا غفور، يا رحيم، يا تواب، ياغافر الذنب،
يا قابل التَّوْب، يا قابل التَّوْب، يا قابل التَّوْب،
يا مَن أنت أقرب إلينا من حبل الوريد،يا مَن تسمع كلامنا، وترى مكاننا، ولا يَخفى عليك شيءٌ من أمرنا….نسألك مسألة المساكين، ونبتهل إليك ابتهال الضعفاء ،وندعوك دعاء الأذِلاَّء،ونخضع لك خضوع الضعفاء، وندعوك دعاء العُصاة المُذنبين،ندعوك دعاء مَن كَثُرت ذنوبه، وعَظُمت مصيبتُه، وقلَّت حيلتُه، وضعُفت قوته، ندعوك دعاء مَن أغرقته المعاصي، وتاه في الظُّّلُمات، والغَفلات، ونسيك!!!! ندعوك دعاء مَن علم أنك الرحيم الودود، فعاد إليك ووقف ببابك،وبين يديك ….
اللهم اغفِر لنا أجمعين، اللهم اغفِر لنا أجمعين، اللهم اغفِرلنا أجمعين،
اللهم اغفِر لنا ذنوبنا كُلَّها، دِقَّها وجُلَّها،أولها وآخرها، علانيتها وسِرَّها، ما علِمنا منها وما لم نعلم،إغفر لنا جدَّنا وهَزلَنا،خطأنا وعَمدنا،وكل ذلك عندنا،اللهم اغفر الذنوب جميعا،عظيمها و حقيرها،إغفر ما اجترأنا عليك فيه.
إغفر لنا أجمعين، تُب علينا أجمعين،إرحمنا أجمعين.
اللهم ارحَمنا فإنك بنا راحم، ولا تُعذِّبنا فإنك علينا قادر،اللهم لا تعذِّبنا ونحن ندعوك، ولا تخيِّبنا ونحن نرجوك… تُب علينا الآن يارب، تُب علينا لنتوب،إغفر لنا الكبائر،إغفر لنا عقوق الوالدين،إغفر تأخير الصلوات،إغفر ما كان من تَرك الحجاب،إغفر لمن ارتدت الحجاب ثم خلَعته،إغفر لنا ولوالدِينا، ولكل مَن كان لهُ حقٌ علينا.
اللهم اغفر لمن اذنب بالليل والنهار.
إغفر يارب على نِعَم أنعمتَ بها علينا ثم استخدَمناها في معصيتك!!!
اللهم إنا نشكو إليك بَدَناً غُذِّي بنعمتك،ثم تقوى بها على معصيتك!!!
اللهم إنا نشكو إليك قلباً خلقته بيديك الكريمتين ثم غفل عنك،ونسيك!!!
ونشكو إليك عقلاً فهم بأمرك وقدرتك،ثم فعل الحرام وعصَاك !!!
يا رب اغفر لنا ، يا رب تُب علينا،يا رب ارحمنا، يا رب ارحم ضعفنا،واجبُر كَسرَنا،يمِّن كتابنا ويسِّر حسابنا، وتولَّ أمرنا،اللهم أخرِجنا من الدنيا تائبين.
نسألُك قبل المَوت توبة، نسألُك قبل المَوت توبة، نسألُك قبل المَوت توبة،
يا مَن يبسُط يده بالليل ليتوب مُسيءُ النهار،،ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيءُ الليل ،نتوبُ إليك عمَّا فات فتُب علينا ، يا أرحم الراحمين ،يا مَن يتنزَّل في الثُلُث الأخير من الليل ينادي:" هل مِن تائبٍ فأتوبُ عليه؟ ها نحن نتوبُ إليك!!!!
نتوب إليك من ترك صلاة الجماعة،فتُب علينا،
نتوبُ إليك من كذب وغِش، وخديعة، ونفاق، ورياء، فتُب علينا،
نتوب إليك من غفلات الليل والنهار، فتُب علينا،
نتوب إليك عن كل ما مضى وفات، فتُب علينا.
اللهم إنا ندعوك دعاء المساكين…فارحمنا واغفِر لنا، ارحمنا واغفِر لنا، ارحمنا واغفِر لنا.
يا مَن يقبل ُالتائبين ليس لنا سِواك، يارب انقطع الرجاء إلا مِنك، وأُغلقت في وجوهنا كل َّالأبواب إلا بابُك،يا رب عبيدك سوانا كثير،أما نحن ففقراء إليك، ليس لنا رباً سواك نرجوه، ليسلنا إلا أنت فاقبلنا برحمتك وفضلك يا رب، وليس بعدلِك!!!!
يا رب تُب علينا كُلَّنا الآن، يا رب مَن كان فينا مُصِرَّاًعلى معصية فأخرجها من قلبه الآن يا رب اقبلنا أجمعين، يا رب كَثُرَت شهواتُنا، وضَعُفت نفوسنا،فمُنَّ علينا بتوبةٍ كتوبة الغامدية، مُنَّ علينا بتوبة كتوبة مَن قتل المائة نفس،إختم لنا بتوبة من عندك، نعوذُ بعِزَّتِك ، يا رب يا ذا الجلال والإكرام، يا سميع يا قريب،يا الله…نقف ببابك نرجوك،وندعوك أن تُصلح سرائرنا،وتقوِّي عزائمنا على التوبة، وترزقنا التوبة .
يا رب تُب علينا لنتوب.
يا ودود، ياودود، يا ودود
يا ذا العَرش المجيد
يا فعَّالاً لما يُريد،
يا مَن أنت غَنِيٌ عنَّا، يا مَن أنت غنيٌ عن عذابنا، نشكو إليك ضعف قوَّتنا ، وقِلَّة حيلتنا، وهواننا على الناس ،أنت ربُّ المُستضعفين، وأنت ربُّنا،إلى مَن تَترُكنا يا رب ؟؟؟
أإلى أنفُسنا فنبتعد عنك ونعصيك؟؟!!
أم إلى أصحاب السوء فيفتنوننا؟؟!!
أم إلى الشهوات فتجرنا إلى نار جهنم؟؟!!
أم إلى الشياطين فتصدَّنا عنك؟؟!!!
يا رب إن لَم يكُن بك علينا غضبٌ فلا نُبالي، ولكن رحمتك هي أوسع لنا!!!!
يا ر ب ارفع مَقتَك وغضبك عنَّا
يا ر ب ارفع مَقتَك وغضبك عنَّا
يا ر ب ارفع مَقتَك وغضبك عنَّا
يا رب اجعل هذا اليوم أسعد أيامنا بتوبتنا إليك، يا رب يا ذا الجلال والإكرام، يا مَن تتودد إلينا بنِعمك ونتبغَّضُ إليك بالمعاصي،،يا مَن خيرُك إلينا نازل وشرُّنا إليكَ صاعد، يا مَن تَعرض التوبة كل يوم علينا ،يا مَن أنت أفرحُ بتوبتنا من ذلك الرجل الذي تاهت راحلته في الصحراء.
يارب نُلِحُّ عليك
ونرجوك
ونتذَلَّلُ إليك
أن تغفر لنا ذنوبنا وتتوب علينا،وأن ترحمنا وتبدِّل سيئتنا حسنات
حتى نلقاك وأنت راضٍ عنَّا
يا ربّ استجِب
يا ربّ استجِب
يا ربّ استجِب
اللهم هذا الدعاء ومِنك الإجابة وهذا الجُهد وعليك التُّكلان،ولا حول ولا قوة إلا بك يا علي يا عظيم.
وصلِّي اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ،ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.