بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أليس من العجيب أن يمتلئ قلبك بحب أقوام من غير أرحام، ولا مصالح دنيوية، لا لشيء إلا لإيمانهم ومحبتهم لله -تعالى-، فهذا الحب من ثمرة محبة الله -تعالى-، وقد وعد الله -تعالى- بهذا الحب أهل الإيمان والعمل الصالح،
فقال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً)
(مريم:96).
وبالحب في الله-تعالى- يذوق العبد حلاوة الإيمان،
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-
: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار
(البخارىومسلم)
نعم الحب في الله والبغض في الله أصل من أصول الإيمان، وهو أوثق عُرى الإيمان.
وفي الحديث: "أوثق عرى الإيمان الحب في الله، والبغض في الله
"رواه الطبراني، وهو حديث حسن.
وأن تحب في الله وتبغض في الله معناه: أن تحب ما يحب الله من شخص، أو من فعل، أو من حكم، وتبغض ما يبغضه الله من شخص، أو فعل، أو حكم.
تحب الشخص لا لأنه قريب لك، ولا لأن بينك وبينه معاملة دنيوية ولا شراكة، وإنما تحبه في كونه مستقيم على طاعة الله -عز وجل- ولو كان بعيدا أعجميا، ولو كنت في المشرق وهو في المغرب، أو العكس، وتبغض العاصي، تبغضه ولو كان قريبا، ولو كان أخاك لأبيك وأمك، تبغضه بغضا دنيويا إن كنت تعامله، والمعاملة شيء آخر
هذا معتقد أهل السنة والجماعة، هذا الحب في الله؛
ولهذا قال:الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحى فى الشرح والإبانة (الإبانة الصغرى):
ان تحب في الله من أطاعه، وإن كان بعيدا منك، وخالف مرادك في الدنيا، وتبغض في الله من عصاه، ووالى أعداءه، وإن كان قريبا منك ووافق هواك في دنياك، وتصل على ذلك وتقطع عليه، ولا تُحدث رأيا، ولا تصغي إلى قائله؛ فإن الرأي يخطئ ويصيب
وحب الله وحب رسوله وحب المسلمين من أعظم الفرائض والواجبات التي على الأمة أن تتمسًّك بها، والناظر إلى واقعنا وحالنا يجد أن هذا الأصل قد ضاع أو ضُيِّع، وأن ألوانًا من الحب الزائف انتشرت، كالحب من أجل الشهوات؛ فالبعض يتحابون من أجل المال كما يتباغضون من أجل المال، والبعض يتحابون من أجل العشيرة أو القبلية، وقد يدفعهم ذلك إلى التعصب والعصبية "ليس منا من دعا إلى عصبية"، وارتكاب الجرائم من أجل القبيلة والعشيرة؛ فمقياس الحب والبغض عندهم هو القرابة والعشيرة لا الدين؛ فإذا كان الشخص من قبيلتهم أحبوه وفضَّلوه على غيره من المسلمين وانتصروا له بالحق وبالباطل، ولو كان تاركًا للصلاة مثلاً، وكذلك الشخص يبغضونه إن لم يكن منهم أو من قرابتهم ولو كان صالحًا تقيًّا ورعًا.
كما قال تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْأِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ
)الحجرات:7)
وعن معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم–
وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل الإيمان)
رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ح (380) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
إن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضي
ثمار الحب في الله والبغض في الله
– *تحقيق أوثق عرى الإيمان كما قال صلى الله عليه وسلم–
"أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله".
– *تذوق حلاوة الإيمان كما جاء في حديث أنس: "ثلاث من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان" وذكر منها صلى الله عليه وسلم-
: "أن يحب المرء لا يحبه إلا لله"
– *الدخول في ظل الله يوم لا ظلَّ إلا ظله؛ ففي الحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وذكر صلى الله عليه وسلم-
: "رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه".
– *تحصيل ولاية الله تبارك وتعالى، قال الله تعالى في الحديث القدسي: "وما تقرب عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، ولا يزال العبد يتقرب
إلى بالنوافل حتى أحبه".(البخارى )
*- النجاة والسلامة من فتن الاتباع:
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّتَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾
قال ابن كثير في تفسيره: "أي إن لم تُجانبوا المشركين وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو التباس واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع في الناس فساد كبير منتشر عريض طويل"
الحب فى الله والبغض فى الله
منقــــــــــــــــــــــــــــول