يا كثر البكاء أظنك ممن ……… صيرته الذنوب مثلي ظليلاً
إخوتي كيف لا يطول بكائي …….. وبجهلي عصيت رباً جليلاً
قم فناد إذا الخلائق نامو يا مقيل العثرات كن لي مقيلا
واخر:
لله ساهر ليله ما يهجع ………. وكل الفؤاد من الذنوب مصدع
يبكي بدمع ساكب هفواته …….. والليل في جلبابه متبرقع
ندماً على ما كان من عصيانه …. ملكاً تذل له المللوك وتخضع
يا رب ما للذنب غيرك غافر …… وإليك منك يا إلهي المفزع
يا رب عبدك ضارع فاغفر له …. ما لم يزل يدعوك فيه ويضرع
وقال عيس عليه السلام: (( طوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته ))
وقال بعضهم: (( كنا نجلس إلى بعض العباد فيبكي ويبكينا ويقول:
كل ذي غيبة سيرجع يوماً…………. غير غياب زائرات القبور
وسئل بعض من بكى عند حضرة الموت فقال:
تذكرت ساعة أضعت مرورها ………. من العمر الماضي فأنى لي الذكرى
فلم ينحصل لي الان غير دميعة ………. تسيل وما تجدي وقد حقت العسرى
وجملة الامر انك اذا ذكرت سعة رحمة الله التي سبقت غضبه ووسعت كل شيء ثم كنت من هذه الامه المرحومه الكريمة على الله تعالى ثم غاية فضله العظيم عليك وعلى غيرك ثم كثرة أياديه إليك ونعمه الظاهره والباطنه لديك من غير إحسان سبق منك وتذكرت من جانب اخر كمال عظمته وجلاله وهيبته وعظيم سلطانه ثم شدة غضبه الذي لا يقوم له السموات والارض ثم غاية غفلتك وكثرة ذنوبك وجفوتك مع رقةأمره وخطر معاملته وفي إحاظة علمه وبصره بالغيوب ثم حسن وعده وثوابه الذي لا تبلغ كنهه الاوهام وشدة وعيده وأليم عقابه التي لا تحتمل ذكره القلوب تارة تنظر الى فضله وتارة تنظر الى عذابه وتاره تنظر الى رحمته وتاره تنظر الى نفسك وجفواتها وخياناتها تؤدي بك جميع ذلك الى الخوف والرحاء. وكنت قد سلكت السبيل الاقصد والمنهاج الارشد وعدلت عن الجانبين المهلكين الامن والاياس فلم تغتر ببرودة الرجاء حتى تهلك مع الامنين ولا بحرارة الخوف حتى تهلك مع الايسين بل شربت من النهرين واستقيت من العينين فوجدت النفس قد جدت في الطاعه راجيه ثوابها واجتنبت المعاصي راهبة عقابها كما قال بعض الماضين: (( إنه إذا ذكرت الجنه طال شوقه وإذا ذكرة النار طار نومه )) فصرت حينئذ من الاصفياء العابدين الذين وصفهم اللع تعالى في قوله: (( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين )) سورة الانبياء -90-. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله اجمعين محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين.