::
::
عندما كنت في الصف الرابع الإبتدائي شرحت لنا معلمة مادة التعبير معنى السعادة .
وبعد شرح مستفيض طلبت ْ منا أن تعبّر َ كل واحدة بنصف صفحة : ماذا تعني السعادة بالنسبة لك ِ ؟
أمسكت ُ قلمي وأنا أشعر أنني أغرق في بحر ٍ لُجّي ّ !
ما ذا أكتب ؟
كيف أترجم ُ ما أشعر به ؟
أصلا ً ّ أنا ! بماذا أشعر ؟
وما هي السعادة بالنسبة لي ؟
كانت مدرستي تردد دائما ً : بُدور غير شكل
ولا أدري لماذا في ذلك الوقت بالذات أحببت ُ بعقلي الطفولي أن أُثبت َ لها أنني فعلا ً غير شكل . !
وحتى أكون كذلك .. يجب ان أكتب ما لا تكتبه الأخريات
نظرت إليهن وهن غارقات في الكتابة :
زميلتي عايدة المقربة مني غنية ومتواضعة , إلا أنها محدودة الذكاء .. وقد تكتب أن سعادتها تكمن في التفوق الدراسي
أما سُعاد فهي لا تقبل إلا ان تكون دائما ً عرّيفة الصف
وقد تكتب أن سعادتها تأتي عندما يشير إليها الناس وينظرون
ولكن .. حياة الطالبة الغيورة الحسودة .. مسكينة !! ماذا ستكتب ؟
كان بيت أهلي عاديا ً في بنائه وأثاثه .. وكنت في حقيقة الأمر أتخيل مدى سعادتي وانا أسكن فيللا فاخرة بأثاث فاخر
ولكنني عدلت عن كتابة ذلك
لأن معظم بنات الفصل رقيقات الحال .. ولا شك أن سعادتهن ستكون في اقتناء الأموال … ووووووووووووو
فإذا توافقتُ معهن .. فكيف سأكون غير شكل ؟
تااااااااااااه عقلي الصغير وهو يبحث عن السعادة المفترضة
تاه في الثوب العملاق الذي حاولت ارتداءه
ويومها كتبت ُ ما معناه :
وعدت ُ زميلتي فاتن أن أذهب إليها .. ومنعتني أمي .
استبعدت ْ أمي فستانا ً أعجبني كثيرا ً ,,, واشترت لي آخر ــ قد يكون جميلا ً ولكنني أكرهه ـــ
أبكي عندما يزجرني أبي صارخا ً بي : إذهبي إلى فراشك ونامي … وانا أريد أن أسهر معهم قليلا ً .
أبكي كل يوم على السحور في رمضان . لأنني أستيقظ لأتسحر ويمنعني أبي من الصوم بحجة أنني صغيرة وهو يخاف على صحتي .
وفي النهاية كتبت ُ بقلب ٍ وعقل ٍ وقلم ٍ طفولي :
أكون سعيدة لمّا أفعل اللي أحبه واللي أريده !
وأذكر أن المدرّسة يومها أعطتني محاضرة ً في العظْم .. أن البنت لا تعرف مصلحتها ,
وأن الأم والأب هما اللذان يعرفان الصح والغلط , وأن الأبناء يجب أن يمتثلوا لأوامر الآباء والأمهات , ولا يناقشوا ,,
حتى لو لم يقتنعوا !
والحقيقة أنني لا أعرف : هل فهمت المدرسة قصدي وتغافلت ْ عن المعنى ؟
أم أنها لم تفهم أصلا ً ماذا أقصد ؟
ومع مرور الأيام تضمحل وتتلاشى حتى تختفي تماما .
بينما بعضها يرسخ في عقله
يترك بصمة
يقبع في زاوية من زوايا وجدانه
ربما يبقى هكذا على حاله
وربما يكبر
ويكبر
ويكبر
كان موضوع السعادة من الأحداث التي قبعت في عقلي الصغير
ومع الأيام
كبرت ُ أنا
وكبرت ْ معي
وبعد سنوات وجدت نفسي أنظر إلى الناس , وأقيّمهم بحسب منظار السعادة لديهم
وصرت ُ أستسخف الفتاة التي تنتظرُ فارسَ الأحلام الذي يشبه الممثل الفلاني , وطوله بطول علّان العلّاني .
احتقرت زميلتي حياة مع أنني كنت أعلم يقينا ً أنها تحبني , وفارقتُها , لأنها كانت تجد ُ سعادتها بدموع الآخرين .
ثم تبلورت فكرة السعادة في ذهني حتى صارت واضحة ً جلية ,, لا لبس فيها ولا غموض
كبرت ُ أكثر ,, وكبر معي معنى السعادة ,,
ليرتبط بمعنى الحرية
لا أذكر أنني يوما ً طلبت ُ حرية ً بمعنى الانفلات , أو التحرر من قيود الدين أو القيم الاجتماعية
وإنما طلبت ُ حرية ً أكون معها سيدة ً في
قراراتي ,
وآرائي ,
وأفكاري ,
وقناعاتي
لقد أدركت ُ أن سعادتي تكمن …….. في أن أكون ما أريد ……..
لا …………………….. ما يريدون
في بعض الأحيان .. كان يتملكني شعور بأنني صعبة المراس
بل كنت أقرأ ذلك في عيون أمي وأخواتي
و كنت أكره الأوامر المباشرة … وأشد ماكنت أكره الشخصيات المتسلطة
ومع الأيام توضحت شخصيتي أكثر .. وبدأتُ أفهم نفسي
وتبلورت فكرة السعادة في ذهني بشكل ٍ أصفى , وأنقى
لتتبين َ لي حقيقة ٌ أسعدتني ………..
وهي أن معاناتي لا تنبع من كوني صعبة المراس
وإنما تنبع من طلبي لشيئ صعب المنال !!!!!!
لقد كنت أطلب الحرية !
ومع مرور الوقت صرت ُ أتمثّل عبارة :
المؤمن ُ عبد ٌ لله ……… سيد ٌ في الكون
وبدأت أترجم هذه العبارة في حياتي
و ….
وقتها فقط صرت ُ أشعر برضى داخلي تام عن معنى السعادة في داخلي.
يعبر فيها عن السعادة كما يراها هو .. أو كما يراها المؤمن الحق
تأثرت ُ بها كثيرا ً ……..
وذبت ُ ذوبانا ً وأنا أقرؤها
ذبت ُ في معانيها
تلك المعاني التي كنت ُ أعايشها … ولا أستطيع ان أترجمَها
أو أنقل َ صورتها
لقد استطاع أن يجسدها بأبسط كلمة …
………… وأبسط أسلوب
….. وأسهل نظم
قرأتها
فكأنها تخرج من قلبي , وعقلي , ووجداني :
في العيش بين الأهــل لا عيش المهاجر والطريد
سعادة ٌ ينشدها البعض في الركون والدعة
في الكسل واللامبالاة
ينشدها البعض ُ في :
في لقمة تــأتي إليـك بغيـر ما جهد جهيــد
هي سعادة اللقمة ……. بلا تعب ٍ ,, ولا تفكير ,, ولا هدف
يتساوى فيها مع البهائم
فالبهائم أيضا ً تأكل !
في المشي خـلف الركب في دعة وفي خطوٍ وئيد
هي أن تسير مع القطيع وأن تـقاد ولا تقـود
ومرة ً أخرى !
هي السعادة التي تشبّهُ صاحبَها بالبهائم
فالقطيع يسير بإشارة الراعي دون أن يدري إلى أين
وهل يهمُّه ُ الهدف ؟
فَ كل همِّه ِ المُعتَلَف !
وهكذا بعض البشر !
هي أن تقول كما يقال فلا اعتراض َ ولا ردود
هي أن تعيش كمـا يراد ولا تعيش كمـا تـريد
وهذا ما نبّهنا إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
لقد حذّر َ عليه الصلاة والسلام المسلم َ أن يكون هَمَلا ً .. أو إمّعة … أو تبعا ً لكل ناعق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا.
( يصح وقفه على ابن مسعود )
لقد أمرنا حبيبنا المصطفى أن نكون أصحاب قرار ينبع من دواخلنا ,, ويصدر بحسب قناعاتنا .
قلتُ السعادة هي التحرك لا السكون ولا الهمـود
وهي التفاعل والتطور لا التحجر والجـمـود
نعم .. هذه هي السعادة الحقة
أن تكون فاعلا ً مؤثرا ً
لا مفعولا ً .. مؤثُّرا ُ فيه
الحياة الحقة هي أن تكون كتلة ً من النشاط , والحركة الدؤوبة
وهي التلذذ بالمتاعب لا الـتـلذذ بالرقـود
هي أن تذود عن الحياض وأي حـر لا يــذود
يا لها من سعادة لا يُحِسُّها إلا مَنْ ذاق طعمها
يتلذذ القاعدون الجبناء بقعودهم ,, ,, ,, كما يتلذذ الخروف الجالس باجترار علفه
بينما يحلق أصحاب الهمم العالية بسماء الكرامة , والبذل , والعطاء
إنهم يحلقون بسماء المجد , رفعتهم إليها نفوس ٌ عِظام ٌ , لا تعرف الخنوع , ولا الذُل َّ , ولا الانقياد .
هي أن تحس بأن كأس الذل من مـاء صديد
فمن ترعرعتْ نفسُه بأحضان العزة
واستنشقتْ أنفاسَ الإباء
ورفرفت ْ في سماءِ العُلا
لن ترضى ولو لثوان ٍأن تغوص َ في أوحال المهانة والذلة
ولقد رددها شعبُنا البطل في سوريا :
الموت ….. ………. ………. ولا المذلة
هذه المقولة لم تأت ِ من فراغ
لقد قالها قبلهم الشاعر عنترة العبسي :
لا تسقني ماء َ الحياة ِ بذلّة ٍ ********** بل فاسقني بالعز ِّكأس َ الحنظل
وما أروع مقالة قطري بن الفجاءة .. ذلك العربي البطل المغوار , الذي رضع لبانَ الشمّم والكرامة والمروءة :
وما للمرء ِ خير ٌ في حياة ٍ ************* إذا ما عُدَّ من سَقَط ِ المتاع ِ
الخلافة تعني أن تكون سيدا
فَ مَن ْ جانَب َ السيادة فقد جانَب َ الغاية َ والهدف
والسيادة ابتداءً تكون سيادة …….. نفس ٍ
………………………. …… ……… وذات ٍ
………………………………………….. ……. وهوية ٍ
………………………………………….. …………….. و … وجود
فإذا كنت َ سيد َ نفسك تحققت ْ فيك العبودية
ل ِ تجد َ نفسك بعدها سيدا ً في هذا الكون على رحابته واتساعه
مع التنبيه على أنها سيادة ُ حق ٍ وعدالة
لا . . . . سيادة ظلم ٍ وجهالة
ينبعُ من تلك السيادة أن :
وتقول لا وبملءِ فيك َ لكل جبــار ٍ عنيـد
سيادة ٌ تُملي عليك أن تكون حرا ً في رفضك وقبولك
حرا ً في سلوكك
حرا ً في انتمائك
و . . . . وحرا ً في صوتك
فتصرخ : لا …. وبملء فيك لكل جبار ٍ عنيد
هذي الحياة وشأنها من عهد آدم والجدود
وهكذا هي سنة الحياة :
تفاعل ٌ يتبعُه قرار
إرادة ٌ يتبعُها عمل ٌ وحوار
مطالب ٌ يقمعُها ظلم ٌوطغيان
حرية ٌ تُبَّذَل ُ فداء ً لها الأبدان
وخلافة ٌ لا تكون إلا لمن عبَد َالواحد َ الّديّان
فإذا خَلَت ِ الحياة ُ من هذه المعاني , والأهداف , والقناعات
فأيُّ طعم ٍ لها ؟
وأي معنى ؟
وأي فرق ٍ بين أهلها وسكان اللحود ؟
فإذا ركِنْت َإلى السُكون فلُذْ بسكان اللُّحود
………..
كتبته : بُدور
السّعادَه ,, السّعادَه
جَميعُنَا يَبْحَث عَنْ السّعَادَه .. مَا هِيَ .. مَا مَعْنَاهَا .. وَمَا مَذَاقهَا ؟!
أَسْئِلَه كَثِيرَه تَتْبَعُهَا عَلامَات تَعَجّب وَاسْتِفْهَام
وَدَائَمَاً مَا نَنْسَى أَنْ نَبْحَث عَنْهَا بِدَاخِل أَنْفُسنَا
فَإِذَا فَتّشْنَا جَيّداً سَنَجِدْهَا بِقُلُوبِنَا ,, وَلَكِنّهَا شِبْه مَطْمُوسَه مِنْ كَثْرَةِ التّذَمّر مِنْ المَتَاعِب الّتِي تُواجِهنَا
ابْحَثُوا عَنْ السّعَادَه جَيّداً وَسَتَجِدُونَهَا فِي كَثِيرٍ مِن الأَشْيَاء بِدَاخِلِكُم وَحَوْلَكُم
بُورِكْتِ غَالِيَتِي ,, فَقَدْ اسْتَمْتَعتُ حَقّاً بالتَعَمّق فِي القِرَاءَه
تسلسل الكتابة رائع تبارك المولى مُعطي القلم .. وواهب الحكم ..
رأيتِ السعــادة كمــا أراها في دُنيا زائلة ..
قرأت حروفكم من البارحة إلا الآن عدة مرات و مرات وما زلت أستمتع بجمالها ..
الحــرية العدالة التي تقيم شرع الله هي ما تبحث عنها الشعوب ..
فرج المولى لإهلنا في سوريا ونصرهم بنصرِ من عنده ..
جزيتِ الجنان غاليتي ..
سلمت يمناكِ
موضوع قيم وشيق ومعاني راقية وواقعية للسعادة …
السعادة بتقوى الله ومناجاته في الرخاء والشدة…
جزاك الله خير
احيانا نعيش ونموت ونحن نبحث عن السعادة
قد يجدها البعض وقد لا يجدها
الاهم ان يقدر على فهمها وعيشها واستيعابها
فالقناعة هي سعادة والرضا سعادة
وقد يكون الرضا لسجين محروم معذب سعيد بقضاء الله وقدره
اعجبني ان تبحث الطفلة عما يسعدها فعلا
واتمنى ان تدرك فتياتنا وصبياننا كنه السعادة حقاااااااااااا
وان يفهموا الفرق بين القشرة والدرة المكنونة داخلها
فيسعوا للدرة ويتركوا القشرة
بوركت اختي كلمات غاية في الروعة
لا شك أن السعادة موجودة عند الكثيرين
ولكنها تختلف من شخص لآخر
ف شتان بين سعادةٍ قوامها حطام الدنيا .. وسعادةٍ قوامها شعور الإنسان بإنسانيته ووجوده .. وشعوره بأن ربه رضي عنه فجعله سيدا .
بوركت ..
أدام الله عليك سعادة تغمرك بالرضا والسكينة
لا أدري أيها أختار لأعلق عليها وأبث مشاعري تجاه إعجابي بها .,
وقفت حروفي عند باب إبداعكــ … رائع بمعنى الكلمــــة .,
ورائعة تلكــ السعادة التي ترينها .!
بالله لا تحرمينا إبداع قلمك ,, فلقد سرني ما خطت أناملك كثيرا
كوني بالقرب
سعيدة جدا بمرورك هنوف
وشاكرة لك دعاءك الجميل لبلدي الجريح
أسأل الله العظيم ان يجعلنا من سعداء الدنيا والآخرة
حفظك الله يا غالية ورعاك .
وأنا تشرفتُ حين مرّتْ على صفحتي مشرفتنا الحبيبة باسمة
أسعد الله قلبك يا غالية كما أسعدتِ قلبي بهذه الكلمات الجميلة
حياك ربي
وبارك بك
دمت بخير وهناء
كم أنتِ بحق مختلفة يابدور
كل حرف هنا جعلني سعيدة بكل ماتحمله الكلمة من معنى
حفظك ربي سعيدة بقلب راض