الدقائقُ الغاليةُ :
ذكر التنوخيُّ : أن أحدُ الوزراءِ في بغداد – وقد سمَّاه – اعتدى على أموالِ امرأةٍ عجوزٍ هناك ، فسلبها حقوقها وصادر أملاكها ، ذهبتْ إليه تبكي وتشتكي من ظلمِه وجوْزِه ، فما ارتدع وما تاب وما أناب ، قالت : لأدعونَّ الله عليك ، فأخذ يضحكُ منها باستهزاءٍ ، وقال : عليك بالثلثِ الأخيرِ من الليل . وهذا لجبروتِه وفسْقِه يقول باستهزاءٍ ، فذهبتْ وداومتْ على الثلثِ الأخير ، فما هو إلا وقتٌ قصيرٌ إذ عُزِل هذا الوزيرُ وسُلبتْ أموالُه ، وأُخذ عقارُه ، ثم أُقيم في السوقِ يُجلدُ تعزيراً له على أفعالِه بالناسِ ، فمرَّتْ به العجوزُ ، فقالتْ له : أحسنتَ! لقد وصفت لي الثلث الأخير من الليلِ ، فوجدتُه أحسنَ ما يكونُ .
إنَّ ذاك الثلث غالٍ منْ حياتِنا ، نفيسٌ في أوقاتنا ، يوم يقولُ ربُّ العزةِ : (( هلْ منْ سائلٍ فأعطيه ، هلْ منْ مستغفرٍ فأغفرَ له ، هلْ منْ داعٍ فأجيبه )) .
لقد عشتُ في حياتي على أني شابٌّ . وسمعتُ سماعاتٍ وأثر في حياتي حادثاتٌ لا أنساها أبد الدهرِ ، وما وجدتُ أقرب من القريبِ ، عنده الفرجُ ، وعنده الغوْثُ ، وعنده اللطفُ سبحانه وتعالى .
ارتحلتُ مع نَفَرٍ من الناسِ في طائرٍة من أبها إلى الرياضِ في أثناءِ أزمةِ الخليجِ ، فلما أصبحْنا في السماءِ أُخبِرْنا أننا سوف نعودُ مرةً ثانيةً إلى مطارٍ أبها لخللٍ في الطائرِة ، وعدْنا وأصلحُوا ما استطاعُوا إصلاحه ، ثم ارتحلْنا مرةً أخرى ، فلما اقتربنا من الرياضِ أبتْ العجلاتُ أنْ تنزل ، فأخذ يدورُ بنا على سماء الرياضِ ساعةً كاملةً ، ويحاولُ أكثر منْ عشْرِ محاولاتٍ يأتي المطار ويحاولُ الهبوط فلا يستطيعُ ، فيرتحلُ مرةً أخرى ، وأصابنا الهلعُ ، وأصاب الكثير الانهيارُ ، وكثرُ بكاءُ النساءِ ، ورأيتُ الدموع تسيلُ على الخدودِ ، وأصبحْنا بين السماءِ والأرضِ ننتظرُ الموت أقرب منْ لمحِ البَصَرِ ، وتذكرتُ كلَّ شيءٍ فما وجدتُ كالعملِ الصالحِ ، وارتحل القلبُ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وإلى الآخرةِ ، فإذا تفاهَةُ الدنيا ، ورخصُ الدنيا ، وزهادةُ الدنيا ، وأخذْنا نكرِّر : (( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملكُ وله الحمدُ وهو كلِّ شيءٍ قديرٌ )) ، في هتافٍ صادقٍ ، وقام شيخٌ كبيرٌ مسنٌّ يهتفُ بالناسِ أن يلجؤُوا إلى اللهِ وأنْ يدعوهُ ، وأنْ يستغفروهُ وأنْ ينيبُوا له .
وقد ذكر اللُهِ عن الناسِ أنهم: ﴿ فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾.
ودعوْنا الذي يجيبُ المضطر إذا دعاه ، وألححْنا في الدعاءِ ، وما هو إلا وقتٌ ، ونعودُ للمرةِ الحادية عشرة والثانية عشرة ، فنهبطُ بسلام ، فلما نزلْنا كأنا خرجْنا من القبورِ ، وعادتِ النفوسُ إلى ما كانتْ ، وجفتِ الدموعُ ، وظهرتِ البَسَماتُ ، فما أعظم لطف اللهِ سبحانه وتعالى .
كـــمْ نطلــبُ الله في ضُـــرِّ يحِلُّ بِنـا ….. فإنْ تولَّتْ بلايانا نَسِيَناهُ
ندعــوه في البحرِ أنْ يُنْجي سفينتَنا … فإنْ رجعنا إلى الشاطي عصيناهُ
ونركبُ الجـوَّ في أمـنٍ وفي دَعَــةٍ …. وما سقطْنا لأنَّ الحافظ اللهُ
إنهُ لطفُ الباري سبحانه وتعالى ، وعنايتُه ، ليس إلا .
من كتاب لاتحزن للشيخ عائض القرني -حفظه الله –
جزاك الله خيرا
عزيزتى بنت المزاحميه
جعل الله ما قدمتيه فى ميزان حسناتك ونفع به
أختيار موفق من كتاب لاتحزن ..
جعله الله في موازين أعمالكِ الصالحة ..
سبحان الله
جزاك الله خيرااااااااااااااا بنت المزاحميه
سبحان الله..يلطف بعباده ويجيب دعاءهم ويفرج همهم ولكن أكثر الناس لا يشكرون..
جزاكِ الله خيرا أختي الكريمة..