.
.
الحمدُ لله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛
أيها الفضلاء ؛
بين أيديكم قصيدةٌ في هِجرةِ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ؛
وهذه من القصائد الجميلة التي وجدت أنها غير منتشرة على نحوٍ واسع في الشبكة ؛
وحتّى الجزءُ الموجودُ في الشبكة ؛
لا يحتوي القصيدة كاملة ؛
فـ آثرتُ أن آخذها نقلا عن ديوانِ عناقيدِ الضّياء ؛
لـ د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي ؛
والقصيدة بعُنوانِ :
حُداءٌ في موكبِ الهِجرة ؛
قصيدة فيها من المعاني الشيء الكثير ..
وفيها من الإشارات إلى أحداث الهجرة ..
وبعض المواقف التي حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؛
وكما قيل :
كلّ كلامٍ يخرُجُ وعليهِ كِسْوَةُ القلبِ الذي خرجَ منهُ ؛
أترككم مع القصيدة ؛
حُداءٌ في موكبِ الهِجرة ؛
الرَياض .. 20 – 12 – 1413 هـ ؛
.
.
تسري ؛ فيرتاحُ الظلامُ إلى السُّرى *.*.*.* ويفرّ من أجفانِ أنجمه الكرى
ويفيضُ وجهُ هلالهِ بسعادةٍ *.*.*.* فيصيرُ حين يراك بدرًا نيّرا
ويراكَ مصدرَ ما صَفا من نوره *.*.*.* أعْظِمْ بنورٍ كُنتَ فيه المصدرا
تسري ؛ فيلتهمُ الطريقُ خُطاكَ في *.*.*.* شوقٍ ؛ ويضحكُ تحت نعليكَ الثَّرى
يُلقي إليك الرملُ ألفَ تحيّةٍ *.*.*.* ولو استطاعَ لصار حقلًا أخضرا
ولو استطاع لصارَ تِبْرًا صافيًا *.*.*.* أو صار بين يديك مسكًا أذْفَرا
تسري ؛ فيهتفُ كلُّ نجمٍ لامعٍ *.*.*.* ويصيرُ أعسَرُ ما تواجه أَيْسَرا
ونواعسُ الكُثبانِ تفرُك عينها *.*.*.* مبهورةً ؛ ولمثلها أنْ يُبْهَرا
والغارُ يصبحُ واحةً من فرحةٍ *.*.*.* لمّا يرى في الليل وجهك مُسْفِرا
ما ضمّك الغارُ المحبُّ ؛ وإنما *.*.*.* ضمَّ الندى والغيثَ حتّى أزهرا
ضمّ النبوّةَ منبعًا يجري على *.*.*.* أرض الكرامةِ والأمانةِ كوثرا
ضمّ الحقيقةَ بعدما أظهرتَها *.*.*.* للعالَمينَ ؛ فما أجلّ المظهرا
تسري ؛ فيورقُ كلّ غصنٍ ذابلٍ *.*.*.* ويصيرُ من بعد الجفافِ الأنْضَرا
ويُدِرُّ ضَرْعُ الشّاة وهي هزيلةٌ *.*.*.* لبنًا ألذّ لشاربيه وأوفرا
يا راكبًا ؛ والليلُ يعلكُ صمتَهُ *.*.*.* والكُفرُ يكتبُ للخيانةِ مَحْضَرا
وعلى الفراشِ جَناحُ جبريلَ الذي *.*.*.* ألقى إليك الوَحْيَ غضًّا مُزْهِرا
أسْرجتَ خيل الحقّ في غسقِ الدُّجَى *.*.*.* وخَرجتَ والتاريخُ يُبصرُ ما جرى
ومررتَ من بين الرجالِ ؛ كأنّهم *.*.*.* خُشُبٌ ؛ وسلّمتَ الأمانةَ حَيْدَرا
أحثُ التّرابَ على الرّؤوسِ ولا تخفْ *.*.*.* فَعيونُ مَنْ رصدوا طريقَك لا ترى
هُمُو أتقنوا مكرا ؛ ولكن ما دروا *.*.*.* عن مكر من خلق الوجودَ وقدّرا
يا مقبلًا والمسرجون هَواهُمُوا *.*.*.* يتلفّتون إلى الوراء تذمّرا
أبصرتَ نورَ الحقّ بالقلبِ الذي *.*.*.* أضحى نقيًّا مِنْ هواهُ مطهّرا
غَسَلَتْهُ في الطّسْتِ الكريمِ ملائكٌ *.*.*.* حتى غدا أصفى وأنقى جوهرا
ورحلتَ نحو الفجر ؛ والليلُ الذي *.*.*.* خلّفْتَ أمسى بالضلالةِ مُقفرا
ودّعتَ مكةَ والفؤادُ يحبّها *.*.*.* وتركتَ فيها الكفر يلعب ميْسِرا
وتركتَ ليلَ الشرك يأكلُ بعضُه *.*.*.* بعضًا ؛ وقد بَرِمَتْ به أمّ القُرى
وحملتَ فجْرَكَ نحو طيبةَ ضاحكًا *.*.*.* متألّقا متهلّلا مستبشرا
تسري فيهتف من قباءٍ هاتفٌ *.*.*.* شَغَفًا ؛ ويلقاك العقيقُ مكبّرا
هذي ثنيّاتُ الوداعِ تألّقتْ *.*.*.* لمّا رأتْ ليلَ المدينةِ مُقمِرا
وتطيرُ بالأنصارِ فرحتُها ؛ وقد *.*.*.* نادى المنادي بالقدومِ وبشّرا
ويجيءُ سلمانُ المحبُّ وقد روى *.*.*.* لك وجهُه الحبّ الكبيرَ وصوّرا
سلمانُ فارس فرّ من نيرانها *.*.*.* وأبى السجودَ لها وعافَ المُنكرا
لمّا رآك رأى السعادةَ كلّها *.*.*.* قد أقبلتْ ؛ ورأى الشقاءَ المُدبِرا
يا قائدَ القَصْوَاءِ دعْها ؛ إنّها *.*.*.* مأمورةٌ فاعجبْ لها أن تُؤْمَرا
دعْها تَسر فلسوف تُلقي رَحْلَها *.*.*.* في موضعٍ سيكونُ بعدُ المِنْبَرا
ولسوف يغدو بعدَ ذلك روضَةً *.*.*.* مِنْ جنّة الفردوس يقصِدُها الوَرى
يا راكبَ القصواء قولُك صادقٌ *.*.*.* تمحو به قولَ الطّغاة المُفترى
ها أنتَ تسري ؛ والجبالُ تواضُعٌ *.*.*.* والبيدُ تحت خُطاكَ تصبحُ بَيْدَرا
تُطوى لك الأيامُ حتى أصبحتْ *.*.*.* أعوامُها في ظلّ عزمِك أشْهُرا
لمّا سريتَ ؛ رسمتَ دربَكَ واضحًا *.*.*.* وجعلتَ صِدقَكَ في الحوالكِ مِجْهَرا
خلَفْتَ أربابَ الضلال ؛ عيونهم *.*.*.* تأبى إلى نور الهدى أن تنظُرا
عرضوا عليك المالَ ؛ ضلّ رشيدُهم *.*.*.* لم يدرِ ” أن الصّيْدَ في جَوفِ الفرا “
عرضوا عليكَ الملكَ ؛ لم تنظر إلى *.*.*.* مُلْكٍ يظلُّ أمامَ دينك أصغرا
لو أنّ شمسًا في يمينكَ أشْمَسَتْ *.*.*.* أو أنّ بدْرًا في شمالِكَ أبْدَرًا
لمَضيتَ في دربِ الرسالةِ حاملًا *.*.*.* نورَ النبوّة منذرًا ومبشّرا
لا يستوي من سار نحوَ مُراده *.*.*.* قُدُمًا ؛ ومَنْ يمشي إليه القهقرى
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
تسري؛ فيحلف كلّ رِيْعٍ أنّ مَنْ *.*.*.* وافاهُ نورٌ في الحوالكِ نوّرا
يَهفو الطَّموحُ إلى الذُّرى لينالَها *.*.*.* وأراكَ ؛ تهفو كي تقارَبك الذُّرى
يُرضي انتصارُك كلّ قلبٍ مؤمنٍ *.*.*.* ويغيظُ شانئك العنيدَ الأبترا
فتطولُ أعمارُ الدعاة إلى الهُدى *.*.*.* وتصيرُ أعمارُ الطّغاةِ الأقصرا
أنشأتَ مدرسة النبوة ؛ فانبرت *.*.*.* للجهل تهزمُ فكره المتحجّرا
فلأنتَ قُدوَتُنا بنيتَ لنا الهُدى *.*.*.* صرحًا منيعًا حين تنفصمُ العُرى
علّمْتَنَا الصبرَ الجميلَ على الأذى *.*.*.* فالعجزُ كلُّ العجزِ ألا نصبرا
علّمْتَنَا معنى الثباتِ وإنْ طغى *.*.*.* طاغٍ وإن باعَ المبادئ واشترى
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يا راكبَ القصواءِ ما التفَتَ المَدى *.*.*.* إلا إليك مبجّلا ومقدّرا
ورأى على قممِ الهُدى طيفين ؛ لم *.*.*.* يتردّدا يومًا ؛ ولم يتأخّرا
سَرَيا على اسم الله في جُنْحِ الدّجى *.*.*.* سَرَيا وعينُ الله تَكْلأُ مَنْ سَرى
يتناجيانِ ؛ فلو وعى نجواهُما *.*.*.* حَجَرٌ ؛ لغيّر طبْعَهُ وتفطّرا
والغارُ منبهرٌ فلو كانتْ لهُ *.*.*.* شَفَةٌ معبّرةٌ لقالَ وأكثرا
هذي تباشيرُ الصّباحِ وهجرةٌ *.*.*.* عُظمى ؛ وينبوعُ اليقينِ تفجّرا
أَوَما ترى التاريخَ سلّ يراعَهُ *.*.*.* والكونُ كلّ الكونِ أصبحَ دفترا ؟
أوَما تراهُ يُصيخُ مُرْهَفُ سمعِه *.*.*.* وقد اعتراهُ من المهابةِ ما اعترى ؟
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
يا راكبَ القصْواءِ ؛ وجْهُ قصيدتي *.*.*.* طَلْقٌ ؛ وشعري ما استرابَ ولا امْتَرى
تسري فتهطلُ غَيْمَةُ الأوزان في *.*.*.* أُذُنِ المدى شعرًا بحبّك أمطرا
ويَظَلُّ يجري سيلُهُ متدفّقًا *.*.*.* من قمّةِ النجوى إليّ تحدّرا
شربتْ حروفي منه فانطفأ الظما *.*.*.* وغدتْ على تصويرِ حبّي أقدرا
أخرجْتُهُ من كهفِ صمْتِي فاعتلى *.*.*.* ظهرَ البلاغةِ والبيانِ مصوّرا
لكنه يبقى أمامك عاجزًا *.*.*.* مهما زكا لفظًا ؛ ومهما عبّرا
ماذا أقولُ إذا كتبتُ مدائحي ؟ *.*.*.* إني أراكَ من المدائحِ أكبرا
سأقولُ ما يُرضي عقيدَتَكَ التي *.*.*.* أجْرَيْتَ منها في المشاعرِ أنْهُرا
فلأَنتَ عبدُ الله ؛ أنتَ رسولُه *.*.*.* يُرضيكَ أنْ تُدعَى بذاكَ وتُذكرا
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
.
.
.
.
إذا كان المكانُ غير مناسب فأرجو وضعها في المكان المناسب ؛
بوركتم أيها الفضلاء ؛
أبو الوليد ؛
.
.