السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى : ( ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) ، و قال تعالى : ( فَأُوْلَـٰئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً )
و العفوّ : هو الذي يمحو السيئات ، و يتجاوز عن المعاصي ، و هو قريب من الغفور ، و لكنه أبلغ منه ، فإنّ الغفران ينبئ عن السِّتر ، و العفو ينبئ عن المحو ، و المحو أبلغ من السِّتر ، و هذا حال الإقتران ، أما حال انفرادهما فإن كلّ واحد منهما يتناول معنى الآخر .
و عفوه تعالى نوعان :
النوع الأول : عفوه العام عن جميع المجرمين من الكفار و غيرهم ، بدفع العقوبات المنعقدة أسبابها ، و المقتضية لقطع النّعم عنهم ، فهم يؤذونه بالسَّب و الشَّرك و غيرها من أصناف المخالفات ، و هو يعافيهم و يرزقهم و يدرّ عليهم النعم الظاهرة و الباطنة ، و يبسط لهم الدّنيا ، و يعطيهم من نعيمها و منافعها و يمهلهم بعفوه و حلمه سبحانه .
و النوع الثاني : عفوه الخاص ، و مغفرته الخاصّة للتائبين و المستغفرين و الدّاعين و العابدين ، و المصابين بالمصائب المحتسبين ، فكلّ من تاب إليه توبة نصوحا _ و هي الخالصة لوجه الله العامة الشّاملة التي لا يصحبها تردُّد و لا إصرار _ فإنّ الله يغفر له من أي ذنب كان ، من كفر و فسوق و عصيان : و كلّها داخلة في قوله تعالى : (قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ )
و أبواب عفوه و غفرانه مفتوحة ، ولم يزل و لا يزال عفوّاً غفوراً ، و قد وعد بالمغفرة و العفو لمن أتى بأسبابها كما قال سبحانه : ( وَإِني لَغَفَّارٌ لمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ ).