تخطى إلى المحتوى

علمتني الحياة ، علمتني السنوات 2024.

  • بواسطة
علمتني الحياة، علمتني السنوات الماضيات أن حسن الظن بالله ليس كلمة تُقال، وإنما هو يقين يُخالط شغاف القلوب، وخلجات الصدور.. حسن الظن بالله سكينة في الملمات، وثابت عن المدلهمات، نور في الظلمات. (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون).
البلاء والمحن والفتن سنة ماضية، وطريقة جارية لمن أراد اللهَ والدارَ الآخرة، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتنون) كلما عَظُمت أهدافك، وسَمَت غاياتك هان عليك ما تلاقيه من محن وفتنة وبلاء. … ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر… (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزُلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).

قالوا مُنعتَ فقلت ليس
بضائري منعي وأي مهند لا يُغمدُ

والشمس لولا أنها محجوبةٌ
لاكي
عن ناظريك لما أضاء الغرقدُ

والنار في أحجارها مخبوءة

لا تسطلي إن لم تُثرها الأزندُ


علمتني الحياة، وعلمتني تلك السنون عدم تعلُّق القلب بالخلق أو الركون إليهم مع انقطاع الرجاء منهم، لأن من تعلّق بشيء وكل إليه. مع تمام التعلق بالله واللجوء إليه، وطلب النصر والفرج منه. (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون).

تماسكت صبراً واحتساباً فإنني
أرى الصبر سيفاً ليس فيه خذولُ

عذابي أن أشكو إلى الناس أنني

عليلٌ ومن أشكو إليه عليلُ

وإن الذي يشكو إلى غير راحمٍ

ويُفشي بما في نفسه لجهولُ

إذا اُبتليت فَثِق بالله وارض به

إن الذي يكشف البلوى هو الله

اليأس يقطع أحياناً بصاحبه

لا تيأسنَّ فإن الصانع الله

إذا قضى الله فاستسلم لقدرته

فما ترى حيلة فيما قضى الله

وتعلمتُ وجوب الأخذ بالأسباب الشرعية، وعدم تضييع الفرص إذا سنحت. يقول المصطفى – صلى الله عليه وسلم -: "لو دُعيت كما دعي يوسف لأجبت الداعي" وفي رواية "لاستبقت الباب" ،فقد تضيع فرصة سنحت فتندم على ذلك، ولاتَ حين مندم.
تعلمت الواقعية والاعتدال وعدم تحميل النفس ما لا تحتمل. فـ(لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) و(لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها). وكل امرئ أعرف بنفسه.. والقصدَ القصد، ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه… بين النصر والهزيمة لحظة. فإياك والاستعجال. فلو صبرت لظفرت. سُئل عنترة وهو جاهلي مشرك، كيف كنت تغلب أعداءك؟! فقال: تعلمت ذلك في الصغر. قالوا: كيف؟ قال: كنت ألعب أنا والصبيان، فكلٌ منا يضع إصبعه في فم الآخر فأيُّنا سحب إصبعه الأول انهزم. فكلما أردت أن أسحب إصبعي من فمه، قلت: لعله هو يريد أن يفعل ذلك. فإذا هو يفعله فأنتصر أنا. وهكذا الصولة والجِوال في المعركة. فهكذا تعلمت؛ وهكذا انتصرت.
الحياة فرص.. وفرص البلاء تكون أعظم من فرص الرخاء. فإذا هبَّت رياحك فاغتنمها. البلاء – أيها الإخوة – والفتن نِعَم من الله جلّ وعلا.. إخوان لكم ابتلوا وقبل البلاء لم يكونوا يحفظون كتاب الله فما انقضى البلاء إلا وهم – لا أقول يحفظون كتاب الله بل يهذّونه هذّاً ويجوّدونه تجويداً. لما بدأ البلاء أقسم بعضهم أنه لم يكن يحفظ أكثر من مائة حديث، وخرج وهو يحفظ أكثر من خمسة آلاف حديث. سمعت بأُذني هاتين من يُقسِم بالله، وقد مضى عليه سنوات لم يرَ أبناءه يقسم أنه لا يتصور أنه يوجد على ظهر الأرض مَن هو أسعد منه. فالبلاء والمحن والفتن فرص فاغتنمها.. إذا هبّت رياحك فاغتنمها.. وأي رياح أفضل من تلك الرياح. فالحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه… كما أن النعم لا تدوم فكذلك البلاء والمحن (تلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا) فلا تفرح لمنحة، ولا تحزن لمحنة (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).
أما تعلم أنك إن أعسرت شهراً فقد أيسرت دهراً؛ وإن مارست الشدة أياماً فقد لابست النعمة أعواماً.. فكما لم تّدُم مدة السراء لم تدم مدة الضراء. وكما لم تلبث نوبة المنحة لا تلبث نوبة المحنة. فلا تيأس من روح الله فاليأس كفر. ومع العسر يسر.. وكأني بالله قد كشف ضرك وبلواك وأغناك وأقناك، وأعطاك مُناك. فلا تكن من الظانين بالله ظن السوء فإنه تعالى أولى بالجميل فلا تكن من القانطين. فإنه – عزّ ذكره – يُفرج عما قليل، وقوله – جلّ جلاله – أصدق قيل.. وانتظر الخروج من الضيق إلى السعة. ومن الانزعاج إلى الدِعة، وأبشر بعيشة راضية، ونعمة كافية

ولا تجزع وإن أعسـرت يوماً
فقد أيسرت في الزمن الطويلِ

ولا تيأس فإن اليـأس كفـر

لعل الله يغني عما قليلِ

ولا تظنّن بربك ظـن سـوءٍ

فإن الله أولى بالجميلِ

وما هذه الأيام إلا منازلٌ

فمن منزل رحـبٍ إلى منزل ضنكِ

أما في نبي الله يوسف أسوةٌ

لِمِثلك محبـوس عن الظلم والإفكِ

أقام جميل الصبر في السجن برهةً

فآل به الصبر الجميل إلى الملكِ

السعادة الحقة ما تراه وما تحس به، لا ما يراه الآخرون، وأعظم السعادة في الدنيا سعادة القلب لا سعادة الجوارح.. يقول شيخ الإسلام – يرحمه الله -: "ما ينقم مني أعدائي. أنا جنتي في صدري. قتلي شهادة، وتسفيري سياحة، وسجني خلوة".
قلت لكم سمعت أكثر من مرة ممن اُبتلي فصبر يقول: والله لا أظن أن على وجه الأرض أسعد مني، والناس يتصورون أنه من أشد الناس بلاء… لأن الله كريم ورحيم ورحيم.. الشدة – أيها الإخوة – والفرج متلازمان. الشدة والفرج متلازمان، وقرينان. لا يفترقان، فكلما اشتدت الأمور قرُب الفرج. (فإن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً) تأملت في سورة يوسف – عليه السلام – فرأيت أن الشدة قد لازمها الفرج في مواضع عدة: وهو يُلقى في البئر. (وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون) (فاستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً إلا أن يُسجن أو عذاب أليم). وفي نهاية السجن يرى الملك تلك الرؤيا فيأتيه الفرج حتى يقول الملك: (ائتوني به أستخلصه لنفسي).
ويعقوب – عليه السلام – عندما تولى عن أولاده (وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) فإذا الفرج ياتي بعد لحظات أو بعد أيام.. الفرج والشدة – كما قلت أيها الإخوة – قرينان، لا ينفصلان أبداً..

إذا اشـتملت على البؤس القلـوب
وضاق بما به الصدر الرحيب

وأوطنت المكاره واطمأنت

وأرست في مكامنها الخطوب

ولم نر لانكشاف الضر وجهاً

ولا أغـــنى بحيــلته الأريــب

أتاك على قنوط منك غوث

يـَمـّن به اللطيف المستجيب

تصبَّر أيها العبد اللبيب

لعلّك بعد صبرك ما تخيب

وكل الحادثات إذا تنامت

يكون وراءها فرج قريب

ولرب نازلة يضيق بها الفتى

ذرعاً وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فرجت وكنت أظنها لا تفرج

</SPAN></SPAN>
منقولة من محاضرات الفجر الصادق للشيخ / ناصر العمر بارك الله فيه

كلمات رائعه جزاك الله الجنه 00
وجزاكي أختي الكريمة على الإهتمام والرد
سلمت يداك على النقل… الموضوع رائع و يمس شغاف القلوب…و كم من محتاج لتلك الكلمات الصادقة فى هذا الزمن ..زمن المحن و الفتن
حسن الظن بالله سكينة فى الملمات و ثبات عن المدلهمات و نور فى الظلمات
فإياك و الإستعجال فلو صبرت لظفرت
فإذا هبت رياحك فاغتنمها
فلا تكن من الظانين بالله ظن السوء فإنه تعالى أولى بالجميل فلا تكن من القانطين
الشدة و الفرج متلازمان و قرينان لا يفترقان
شكرا لك وارفة على حسن إختيارك و جزاك الله خير الجزاء

الاخت العزيزة وارفة جزاءك الله خيرا على نقل هذا الموضوع الجميل …
لاكي
ومشكووورين أخواتي على التواصل والرد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.