تخطى إلى المحتوى

مفهوم السعاده 2024.

أسباب تحصيل السـ ع ـادة :-

1- الإيمان والعمل الصالح :

وتحصل السعادة بالإيمان من عدة جوانب :

أ – إن الإنسان الذي يؤمن بالله تعالى وحده لا شريك له إيمانا كاملا صافيا من جميع الشوائب ، يكون مطمئن القلب هادئ النفس ، ولا يكون قلقا متبرما من الحياة بل يكون راضيا بما قدر الله له شاكرا للخير صابرا على البلاء . إن خضوع المؤمن لله تعالى يقوده إلى الراحة النفسية التي هي المقوم الأول للإنسان العامل النشط الذي يحس بأن للحياة معنى وغاية يسعى لتحقيقها قال الله تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } .

ب- إن الإيمان يجعل الإنسان صاحب مبدأ يسعى لتحقيقه فتكون حياته تحمل معنى ساميا نبيلا يدفعه إلى العمل والجهاد في سبيله وبذلك يبتعد عن حياة الأنانية الضيقة ، وتكون حياته لصالح مجتمعه وأمته التي يعيش فيها ، فالإنسان عندما يعيش لنفسه تصبح أيامه معدودة وغاياته محدودة أما عندما يعيش للفكرة التي يحملها فإن الحياة تبدو طويلة جميلة تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتها لوجه الأرض ، وبذلك يتضاعف شعوره بأيامه وساعاته ولحظاته .

ج – إن الإيمان ليس فقط سببا لجلب السعادة بل هو كذلك سبب لدفع موانعها . ذلك أن المؤمن يعلم أنه مبتلى في حياته وأن هذه الابتلاءات تعد من أسباب الممارسة الإيمانية فتتكون لديه المعاني المكونة للقوى النفسية المتمثلة في الصبر والعزم والثقة بالله والتوكل عليه والاستغاثة به والخوف منه وهذه المعاني تعد من أقوى الوسائل لتحقيق الغايات الحياتية النبيلة وتحمل الابتلاءات المعاشية كما قال الله تعالى : { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ } .

2- التحلي بالأخلاق الفاضلة التي تدفعه للإحسان إلى الخلق :

إن الإنسان كائن اجتماعي لا بد له من الاختلاط ببني جنسه ، فلا يمكنه الاستغناء عنهم والاستقلال بنفسه في جميع أموره فإذا كان الاختلاط بهم لازم طبعا ,ومعلوم أن الناس يختلفون في خصائصهم الخلقية والعقلية فلا بد أن يحدث منهم ما يكدر صفو المرء ويجلب له الهم والحزن ، فإن لم يدفع ذلك بالخصال الفاضلة كان اجتماعه بالناس -ولا مفر له منه – من أكبر أسباب ضنك العيش وجلب الهم والغم . لذلك اهتم الإسلام بالناحية الأخلاقية وتربيتها أيما اهتمام ويظهر ذلك في النماذج الآتية :

أ – قال الله تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } .

ب – وقال تعالى في ذلك أيضا : { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ } .

ج – وقال تعالى : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } .

د – وقال تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } . { وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } .

هـ – وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق » .

و- وقال صلى الله عليه وسلم : « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر » .

3- الإكثار من ذكر الله تعالى والشعور بمعيته دائما : إن الإنسان يكون رضاه بمتعلقه بحسب ذلك المتعلق به وعظمته في نفس المتعلق والله تعالى هو أعظم من يطمئن له القلب وينشرح بذكره الصدر ؛ لأنه ملاذ المؤمن في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره لذلك جاء الشرع بجملة من الأذكار تربط المؤمن بالله تعالى مع تجدد الأحوال زمانا ومكانا عند حدوث مرغوب أو الخوف من مرهوب , وهذه الأذكار تربط المؤمن بخالقه فيتجاوز بذلك الأسباب إلى مسببها فلا يبالغ في التأثر بها فلا تؤثر فيه إلا بالقدر الذي لا يعكر عليه صفوه ، كما أنه لا يستعظمها فيجاوز بها أقدارها إذ لا تعدو أن تكون أسبابا لا تأثير لها بذواتها وإنما أثرها بقدر الله تعالى .

ومن النصوص التي تدل على ذلك :

أ – قال الله تعالى : { أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } .

ب – أمر النبي (صلى الله عليه وسلم ) أن يقول المسلم عند زواجه من المرأة : « اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه » .

ج – وأن يقول عند هيجان الريح : « اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به » .

د – وقال (صلى الله عليه وسلم ) في بيان وجوب الأخذ بالأسباب والاستعانة بالله وعدم الحزن على تخلف النتائج المرغوبة : « احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان » .

4- العناية الصحية : والصحة هنا تشمل جميع الجوانب البدنية والنفسية والعقلية والروحية .

الصحة البدنية : إن الصحة البدنية مما فطر الناس على الاهتمام به لأنها تتعلق بغريزة البقاء كما أنها السبيل لتحقيق الغايات المادية من مأكل ومشرب وملبس ومركب .
وقد اهتم الإسلام بالإنسان فنهى عن قتله بغير سبب مشروع كما نهى عن كل ما يضر ببدنه وصحته ، كما قال الله تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } وقال تعالى : { وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ } وقال (صلى الله عليه وسلم ) : « لا ضرر ولا ضرار » .

الصحة النفسية : يغفل كثير من الناس أهمية الصحة النفسية أو يغفلون السبيل لرعايتها والحفاظ عليها مع أنها ركن أساسي في تحقيق السعادة لذلك حرص الإسلام على تربية النفس الفاضلة وتزكيتها بالخصال النبيلة فكان أهم ما سعى إليه هو تكوين النفس السوية المطمئنة الواثقة . وقوام استواء النفس يكون بالإيمان ثم بالتحلي بالأخلاق الفاضلة والابتعاد عن الخصال الذميمة من الغضب والكبر والْعُجْبِ والبخل والحرص على الدنيا والحسد والحقد وغير ذلك مما يكسب الاضطراب والقلق .
قال الله تعالى : { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } وقال صلى الله عليه وسلم : « إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه » وقال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } . { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ }

الصحة العقلية : إن العقل هو مناط التكليف في الإنسان لذلك أمر الشارع الحكيم بالحفاظ عليه وحرم كل ما يؤدي إلي الإضرار به أو إزالته ومن أعظم ما يؤدي إلي ذلك المسكرات والمخدرات لذلك حرمها الله تعالى بقوله : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ }

الصحة الروحية : لقد اعتنى الشرع بوضع الوسائل الكفيلة بالحفاظ علي الصحة الروحية فندب المؤمن إلى ذكر الله تعالى على كل حال كما أوجب عليه الحد الأدنى الذي يكفل له غذاء الروح وذلك بشرع الفرائض من الصلاة والصيام والزكاة والحج ثم فتح له بابا واسعا بعد ذلك بالنوافل وجميع أنواع القربات . هذه العبادات تربط الإنسان بربه وتعيده إليه كلما جرفته موجات الدنيا لذا كان الرسول (ص) يقول : « وجعلت قرة عيني في الصلاة » وكان يقول : « يا بلال , أرحنا بالصلاة » وقد نهى الشارع عن الأمور التي تؤدي إلى سقم الروح وضعفها فنهى عن اتباع الأهواء والشبهات والانهماك في الملذات ؛ لأنها تعمي القلب وتجعله غافلا عن ذكر الله لذلك قال الله تعالى في وصف الكفار : { إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ } وقال تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ } .

5- السعي لتحقيق القدر المادي اللازم للسعادة : لقد تقرر فيما سبق أن الإسلام لا ينكر أهمية الأسباب المادية في تحقيق السعادة إلا أن هذه الأشياء المادية ليست شرطا لازما في تحقيق السعادة وإنما هي من جملة الوسائل المؤدية لذلك . وقد تناولت كثير من النصوص هذه الحقيقة منها : قال الله تعالى : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } وقال صلى الله عليه وسلم : « نعم المال الصالح للعبد الصالح » وقال صلى الله عليه وسلم : « من سعادة ابن آدم : المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح » .

6- تنظيم الوقت : يعتبر الوقت رأس مال الإنسان ، فهو فترة بقائه في هذه الدنيا لذلك اعتنى الإسلام بالوقت وجعل المؤمن مسئولا عن وقته وأنه سوف يسأل عنه يوم القيامة . وقد جاءت شرائع الإسلام بحيث تعين الإنسان على ترتيب وقته وإحسان استغلاله وذلك بالموازنة بين حاجاته الحياتية والمعيشية من جانب وحاجاته الروحية والعبادية من جانب آخر وقد حث الإسلام المؤمن على استثمار وقته وإعماره بالخير والعمل الصالح .
قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } . { مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } .

هذا وصلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

منقول

جزاك الله خيرا

جزاك الله خير …

موضوع متكامل عن السعادة وطرق الوصول إليها …

وقد قيل كلمات في السعادة …

بقول ( أبن ماجه ):

يمكن بلوغ السعادة عن طريق التفكير … والعلم .

قل الإمام علي -رضي الله عنه – :

السعادة الحقيقية هي سعادة الاخرة وهي أربعة أنواع : بقاء بلا فناء , وعلم بلا جهل , وقدرة بلا عجز , وغنى بلا فقر .

مشكوووره

جزاكِ الله خيراً أختي على النقل الطيب ..
جعلنا الله و إياكِ من سعداء الدارين ..

أدعو الجميع لمشاركتنا في دورة ( سعادتي في عبادتي )
حيث نتعلم مع الشيخ الفاضل كيف نطبق هذا الكلام عملياً إن شاء الله ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.