مفاتيح الرحمة
أمير بن محمد المدري
إمام وخطيب مسجد الإيمان – اليمن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مُجيبِ الدّعوات، مُجزل العطايا والهِبات، يجيبُ دعوةَ المضطرّين ويكشِف السوء ويُنزل الرّحمات، أحمده تعالى وأشكُره، وأُثني عليه وأستغفِره، ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، علَّق بربه رجاهُ وجنانَه، فأُجيب قبل أن يبرحَ مكانَه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
في هذه الرسالة نقف مع أجمل وأحلى شيء في الحياة ، شيءٌ لو دخل في حياتنا وبيوتنا صلُحت أمورنا كُلّها وعشنا أسعد حياة وأحلى حياة .
إنها رحمةُ الله الكريم القائل :﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾[يونس:58]
ما المخرج مما نحن فيه ؟ما النجاة من الهموم والمصائب والأزمات ؟إنها رحمةُ الله لا ملجأ ولا منجا منه إلا إليه .
دخول الجنة التي عرضها السموات والأرض،ليس بسبب طاعاتنا وصلواتنا وقُرباتنا إنما يدخل الله تعالى عبادَه السعداء جنتَه برحمته، وبمحض فضله وإحسانه وجوده وكرمه، ففي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم : «سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يُدخل أحدًا الجنةَ عملُه» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة» [أخرجه البخاري ومسلم].
إن رحمة الله لو فتحها سبحانه لأحد من خلقه ، فسيجدها في كل شيء ، وفي كل موضع ، وفي كل حال ، وفي كل مكان ، وفي كل زمان ، فإنه لا مُمسك لها ﴿مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[فاطر:2] . ما من نعمة من نعم الله ، يُمسك الله معها رحمته ، حتى تنقلب هي بذاتها نقمة ، وما من محنة تحفها رحمة الله ، حتى تكون هي بذاتها نعمة ، ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد وحرير ، وينام على الحرير وقد أُمسكت عنه رحمة الله، فإذا هو شوكٌ وعذاب .
إن الإنسان يواجه أصعب الأمور برحمة الله فإذا هي هوادة ويسر ، ويواجه أيسر الأمور وقد تخلت رحمة الله فإذا هي مشقة وعُسر ، ويخوض المخاوف والأخطار برحمة الله ، فإذاهي أمن وسلام ، ويعبرها بدون رحمة الله ، فإذا هي مهلكة وبوار. إنه لا ضيق مع رحمة الله .
فلنطلبها بفعل أسبابها والأخذ بمفاتيحها – يارب خصنا برحمتك يا من يختص برحمته من يشاء.
إن المال والولد والصحة والقوة والجاه والسلطان تصبح مصادر قلق وتعب ونكد إذا أُمسكت عنها رحمة الله ، فإذا فتح الله أبواب رحمته كان فيها السكن والراحة والسعادة والاطمئنان. يبسط الله الرزق مع رحمته – فإذا هو متاع طيب ورخاء ، وإذا هو رغد في الدنيا وزاد في الآخرة ، ويمسك رحمته عن هذا الرزق، فإذا هو مثار قلق وخوف ، وإذا هو مثار حسد وبغض .
إن رحمة الله من طلبها وجدها ومن أخذ بمفاتيحها نالها في أي مكان وفي أي حال. وجدها إبراهيم عليه السلام في النار، ووجدها يوسف عليه السلام في الجُب، كما وجدها في السجن، ووجدها يونس عليه السلام في بطن الحوت في ظلمات ثلاث ، ووجدها موسى عليه السلام في اليمّ وهو طفل رضيع مُجرّد من كل قوة ومن كل حراسة ، ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور فقال بعضهم لبعض: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً ﴾[الكهف:16] ووجدها رسول الله ^ وصاحبه في الغار، والقوم يتعقبونهم قائلاً :«لا تحزن إن الله معنا».
ووجدها شيخ الإسلام عندما أُدخل السجن فالتفت إلى السجناء، وتمثل قول الله تعالى: ﴿فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ﴾ [الحديد:13]وسيجدها كل من أخلص لله ، قاصداً باب الله ، دون الأبواب كلها.
إنه ما بين الناس ورحمة الله إلا أن يطلبوها مباشرة منه بلا واسطة ، ويعملون بأسبابها ويأخذون بمفاتيحها التي سنبدأ في عرضها.
1 – المفتاح الأول الإيمان : إن رحمة الله لا تحصل إلا لمن آمن ، الإيمان الحقيقي بجميع أركانه الستة : الإيمان بالله ، بملائكته ، وبكتبه ، ورسله ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، ، وقال جل وعلا : ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾ [الجاثية:30] .
2 – المفتاح الثاني طاعة الله وطاعة رسوله : إن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله ، ودخول الجنة مُعّلق بطاعة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم القائل: «كُل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، فقالوا: يا رسول الله من يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» [صحيح البخاري (6737)].، وقال جل وعلا : ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[آل عمران:132] . وقال جل وعلا : ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[النور:56]
3 – المفتاح الثالث إتباع الكتاب والسنة : إن إتباع كتاب الله هو الخير كل الخير ، والسنة لا يصح إتباع الكتاب إلا بإتباعها ؛ لأنها شارحة ومبينة للكتاب . قال تعالى : ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام:155] .أما إتباع السنة قال تعالى :﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ…..الاية﴾[الأعراف:157]
4 – المفتاح الرابع رحمة الخلق: كيف تُريد رحمة الله وأنت لا ترحم عباده ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء » [صحيح ، سنن أبي داود ح (4941) ، سنن الترمذي ح (1924) وقال : حسن صحيح].
إن المؤمن لا يكون مصدر إيذاء أبدا، وإلا ففي إيمانه نظر، قيل لرسول الله ^: فلانة تقوم الليل وتصوم النهار ولكنها تؤذي جيرانها؟ قال صلى الله عليه وسلم : «دعوها إنها من أهل النار» [قال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/169): رواه أحمد والبزار ، ورجاله ثقات]. من ادعى الإيمان وهو يؤذي الخلق ويُفزعهم فهو كاذب «من لا يرحم لا يُرحم»وأولى الناس برحمتك ولينك وعطفك اقرب الناس منك اهلك وأولادك .
إذا ترحلّت الرحمة من المجتمع، انقلب المجتمع إلى مجتمع غاب، يأكل القوي فيه الضعيف، وتُداس في الحقوق، ويشكو الوالد ولده، وتشكو الزوجة زوجها، والقضايا المتراكمة في المحاكم تشهد بذهاب خُلق الرحمة بين الناس. بل لقد أخبرنا الصادق المصدوق: «أن امرأةً بغياً رأت كلباً في يوم حار يطوف ببئر، قد أدلع لسانه من العطش، فنزعت له بموقها (أي أنها استقت له من البئر، والموق هنا هو الخف فغُفِر لها» [أخرجه البخاري (3318)، ومسلم (2619)، من حديث أبي هريرة].
إذا كانت الرحمة بالكلاب تغفر الخطايا للبغايا فكيف تصنع الرحمة بمن وحّد ربّ البرايا؟!
5- المفتاح الخامس التصالح والأخوة: قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[الحجرات:10] لا صلاح لأحوالنا ولاقتصادنا إلا بالأخوة والتصالح .
سفينة المجتمع إذا تم خرقها سنغرق جميعا فلنوحد صفوفنا ولا نسمح لأحد يشق صفنا واُلفتنا .ولنقدم مصلحة الدين ثم الوطن على كل الفئات والأحزاب والطوائف والأشخاص .
6- المفتاح السادس زيارة المريض: نعم اسمعوا الحبيب المصطفى وهو يقول: «من عاد مريضًا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها» [صحيح، موطأ مالك: كتاب العين (1694)، مسند أحمد (3/304] وغيرهم]
إنها رسالة أن نتواصى على الخير ،رسالة أن نتآخى، رسالة أن نتراحم ،رسالة أن لا نتفرق وهذا هو الإسلام، يقول عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام: «ما مِنْ مُسلمٍ يعودُ مُسلِمًا ـ أي: يزورُ مريضًا أو أخًا لهُ في الله ـ غُدوةً في أوَّلِ النَّهار إلاَّ صلَّى عليهِ سبعُونَ ألفَ ملَكٍ حتَّى يُمسي، وإن عادَهُ عَشيِّةً ـ أي: في المساء كذلك » [صحيح البخاري : كتاب الجنائز باب الأمر بإتباع الجنائز 2/70 ، وصحيح مسلم : كتاب السلام ، باب من حق المسلم للمسلم رد السلام 14/143]. اللهُ أكبر، هنيئًا والله لِمن حملَ نفسَهُ في زيارة أخٍ لهُ في الله، يزوره للاطمئنانِ عليه في مرضهِ أو في صحتهِ، هنيئًا لهُ بالجائزةِ الُكُبرى؛ يُصلّي عليهِ سبعون ألف ملكٍ من ملائكةِ الله.
7- المفتاح السابع التقوى : إن التقوى شرط لحصول الرحمة من الله ، ولا يمكن أن تحصل الرحمة والفضل والخير للفاجر العاصي ، قال سبحانه : ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ ، وقال تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[الحديد:28]
8 – المفتاح الثامن الاستماع إلى القرآن الكريم والإنصات له وتعلّمه : القرآن الكريم كلام الله هو كله بركة ورحمة وفضل ،وكلما اقترب منه العبد كلما حصل له الفضل والبر والرحمة ، قال عز من قائل : ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأعراف:204] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « . . وما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده»[ أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (4867)].
9 – المفتاح التاسع الاستغفار والتوبة : الإنسان محل الخطأ فهو ينسى وينام ويضعف ويكسل ويظلم ويجهل ، لكن الله بلطفه ورحمته وإحسانه وتكرمه شرع الاستغفار والتوبة من جميع الذنوب كبيرها وصغيرها ، جليلها وحقيرها فكان فضله وبره ورحمته ، قال سبحانه : ﴿ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل:46] ، وقال تعالى ذكره : ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[الأنعام:54]
أخي الحبيب: كُن على يقين من ثلاث :لا أحد ارحم بك من ربك ،ولا أحد أعلم بهمك من ربك ولا أحد يقدر على رفع الضر عنك إلا ربك .
10- المفتاح العاشر من مفاتيح الرحمة الصبر : فالدنيا جُبلت على كدر وتعب وهموم ومن ثم فأحلى حياة وأسعد حياة يعيشها المسلم بالصبر،و نتيجة الصبر محمودة ، بل الصابرون هم الذين تنالهم رحمة الله ، قال تعالى : ﴿وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ *الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ﴾[البقرة:157]
11- المفتاح الحادي عشر قيام الليل وإيقاظ الزوجين لبعضهم: عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول اللّهصلى الله عليه وسلم : « رحم اللّه رجلا قام من اللّيل فصلّى، ثمّ أيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم اللّه امرأة قامت من اللّيل فصلّت، ثمّ أيقظت زوجها فصلّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء» [ سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب: قيام الليل (1113)، وأخرجه أيضًا أحمد (2/250)، وهو في صحيح سنن أبي داود (1287)]
12- المفتاح الثاني عشر صلاة قبل العصر أربعاً : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : «رحم اللّه امرأ صلّى قبل العصر أربعا» [أخرجه الإمام أحمد (5944)، وأبو داود في الصلاة، باب: الصلاة قبل العصر (1271)].
13- المفتاح الثالث عشر انتظار الصلاة :قال صلى الله عليه وسلم :«لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، وتقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم أرحمه حتى ينصرف أو يحدث»[ صحيح مسلم]
14 – المفتاح الرابع عشر الهجرة والجهاد : ترك الأوطان ومفارقة الأحبة ، والتعرض للموت في سبيل الله من أشق العبادات على النفوس ، والتي بسببها يحصل العبد على الدرجات العلا والمغفرة والرحمة والرضوان ، قال سبحانه : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة:218] ،وقال عز من قائل : ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ ﴾ [التوبة:20] .
15 – المفتاح الخامس عشر الإحسان : الإحسان مع الله بمراقبته وخشيته ، ﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ﴾[القصص:77] ،الإحسان مع الوالدين، ﴿وبالوالدين إحسانا﴾ ،الإحسان في القول، ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ [البقرة:83] ، ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾[الإسراء:53].قال تعالى : ﴿ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف:56] .
16 – المفتاح السادس عشر خشية الله : إن الخوف من الله مع الرجاء في الله يورثان فضل الله ورحمة الله وغفرانه ، قال عز وجل : ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف:154] ، وأخرج البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أن رجلاً كان قبلكم رغسه الله مالا – أي رزقه – فقال لبنيه لما حضر : أي أب كنتم لكم ؟ قالوا : خير أب . قال فإني لم أعمل خيرا قط ، فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ، ثم ذروني في يوم عاصف ، ففعلوا ، فجمعه الله عز وجل فقال : ما حملك ؟ قال : مخافتك ، فتلقاه برحمته » [البخاري ومسلم ].
17- المفتاح السابع عشر الصلاح:والرسل وأتباعهم الى يوم القيامة هم الذين بصلاحهم وإصلاحهم يستحقون أن يدخلهم الله في رحمته ، قال عز وجل : ﴿ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الأنبياء:86] .الصالحون هم الذين يبنون لا يهدمون هم ينفقون ولا يبخلون يصلحون في الأرض لا يفسدونها .
18- المفتاح الثامن عشر اللجوء إلى الله تعالى والتضرع إليه : فكم من رحمة ظاهرة أو باطنة كانت بسبب الدعاء،ألا ترى أن الرسول^ وأصحابه والتابعين ومن تبعهم في أحلك الظروف وأصعبها لجأوا إلى الله بالدعاء،حتى تنزلت عليهم الرحمة ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾[الأنفال:9] كما أن الدعاء سبيل إلى رحمة الله عز وجل لحديث ابن عمر ب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة» [ضعفه الألباني]
19 – المفتاح التاسع عشر الإنفاق في سبيل الله : إن الإنسان جُبل على الإمساك ، لكن المؤمن الذي يرجو ما عند الله ينفق ولا يخشى الفقر ؛ لأنه يرجو ما وعد الله به عباده من فضل ورحمة ، قال سبحانه : ﴿ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة:99] ، وقال تعالى عن موسى : ﴿ وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف:156].
20 – المفتاح العشرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين، والهمّ الذي إبتعث الله به النبيين أجمعين، فلو طوي بساطه وأُهمل علمه وعمله لتفشّت الضلالة وعمّت الجهالة وخربت البلاد، وهلك العباد، وكثُر الفساد، فهو سبيل الفلاح في الدنيا والآخرة،الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصائص هذه الأمة ، بل هو من مهام الأنبياء والرسل بل وقدّمه الله تعالى على الصلاة والزكاة ولذلك استحق من يفعله الرحمة ، قال تبارك اسمه : ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾[التوبة:71]
نسأل الله جل وعلا أن يحُفّنا برحمته ، وأن يفيض علينا من رحمته ، وأن يغمرنا برحمته فإنه الرحمن الرحيم ، وهو الغفور الرحيم ، وهو على كل شيءٍ قدير.
أمير بن محمد المدري
21/ربيع الثاني 1445هـ