๑ || دمــــعة مـــــوحد | الإيمـان بالغيب — ๑ 2024.

لاكي

لاكي

الحمد لله نستعينه و نستغفرهُ ، و نعوذُ بالله من شرور

أنفسنا و سَيّئاتِ أعمالنا ، من يهدهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ

و من يُضللْ فلا هاديَ لهُ ، و أشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ

وحدهُ لا شريكَ لهُ و أشهدُ أنَّ مُحمدا عبدهُ

و رسولهُ صلّى اللهُ عليهِ و سلم ، أمّا بعدُ :

فإنَّ الإيمان بالمغيباتِ ركيزة فطرية و ضرورية حسية

لا تندفعُ عن الأذهانِ ، فالإنسانُ يؤمنُ بوجود هذا العالم

و ما يحويهِ من عجائبَ و إن لم يكن اطلع على كل دقائقه

و مكنونـاتهِ ، بل مُجرّدُ نقل الخبر من ناقل ثقةٍ يجعلنا نصدقهُ

فيما نقلَ لنـا ، فنحنُ و قبل وجود وسائل الإعلامِ نُؤمنُ بأن

الأهرامَ توجدُ بمصرَ و سورُ الصينِ حقيقةٌ لا تندفعُ

و إن كنا في الحقيقة لم نقف على هذه المشاهدِ بأنفسنا

و هذا يُعتبرُ أوّل درجة من درجاتِ الإيمانِ بالغيبِ الذي كلّفَ

الله العقولَ المودعةَ في القلوبِ بالإيمانِ بهِ ..

فما هوَ الغيبُ ؟ و ما هي أقسامهُ ؟

و هلِ استأثرَ الله نفسهُ بالغيبِ كلهِ ، أم أطلعَ بعض مخلوقاتهِ

على ما شاء منهُ متى شاء ؟

نجيبُ على هذه الأسئلة -بعد الإستعانة بالله-

فنقـولُ :

الغينُ و الياءُ و الباءُ أصلٌ صحيح يدل على تستُّرِ الشيءِ عن العينِ ،

ثمّ يُقاسُ من ذلك الغيبُ : ما غابَ ممّا لا يعلمهُ إلا الله (1). فكلُّ ما غابَ

سواءٌ كان عن العينِ أو غيرها من الحواسِّ و كُلُّ ما جُهِلَ فهوَ غيبٌ (2) .

لاكي
أقسامُ الغيبِ

يمكنُ تقسيم الغيبِ إلى عدّةِ أقسامٍ باعتباراتٍ مُختلفةٍ :

القسم الأول: تقسيمه باعتبار علمهِ و معرفتهِ :

أحدهما : غيبٌ مُطلق ، و هو الذي غاب عن جميع المخلوقين .

ثانيهما : غيبٌ مُقيد ، و هو ما علمه بعض المخلوقات من الملائكة

أو الجن أو الإنس و شَهِدوهُ .

فهذا إنما هو غيبٌ لمن غابَ عنهُ ، و أمّا من شهِدهُ فلا يُعَدُّ عندهُ غيباً (3)

القسم الثاني: باعتبار الزمـان :

ينقسمُ الغيبُ باعتبار الزمان إلى ثلاثةِ أقسام :

الأول : غيبٌ ماض ، و هذا كالأحداث التاريخيّة الماضية التي لم نشهدها

كقصة يوسف عليه السلام و الخضِرِ و البقرة و المائدة و غير ذلك من الأحداث

التي لم نشهدها .

الثاني : غيبٌ حاضر ، و ذلك كتسجيل الملائكة للأعمال ، و ما يجري اليوم من الأحداث.

الثالث : غيبٌ مُستقبلي ، مثل كسبِ الغَدِ ، و علم الساعة و نزول الغيث و غير ذلك (4)

القسم الثالث: باعتبار وُرودهِ :

و هذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

أحدها : غيبٌ جاء في القرآن

ثانيها : غيبٌ جاء في السنة الصحيحة متواترها و آحادها

ثالثها : غيب جاء عن طريق الإسرائيليات و الأخبار التي لا يُعلمُ صدقها و لا كذبها (5)

لاكي
اختصاصُ اللهِ وحدهُ بعلمِ الغيبِ

إن ممّا اختصّ اللهُ تعالى بهِ نفسَهُ علمُ الغيبِ ، فلم يَشركهُ في ذلك

ملكٌ مُقرب و لا نبي مُرسلٌ ، و قد جاءتِ النصوص صريحة في ذلك (6)

قال تعالى : { ألمَ اقل لكمُ إنّيَ أعلمُ غيبَ السّماواتِ و الاَرضِ و أعلمُ ما تُبدونَ

و ما كُنتمْ تكتُمونَ } [ البقرة : 33 ]

و قال تعالى : { و ما كانَ اللهُ ليُطلِعكُم على الغيبِ } [ آل عمران : 179 ]

و قال سبحانهُ : { فقلِ اِنّما الغيبُ للهِ } [ يونس : 20 ]

و قد تبرّأ من دعوى الغيبِ أوّلُ نبي و آخرُ نبيٍّ .

قال تعالى مُخبراً عن نبيِّهِ نوحٍ عليهِ السلامُ أنهُ قال :

{ و لا أقولُ لكُم عندي خزائنُ اللهِ و لا أعلمُ الغيبَ } [ هود : 31 ]

و قال عن نبيه محمد صلى الله عليهِ و سلّمَ :

{ قُلْ لا أقولُ لكم عندي خزائنُ اللهِ و لا أعلمُ الغيبَ } [ الأنعام : 50 ]

و قالَ تعالى : { قُلْ لا يعلمُ من في السماواتِ و الاَرضِ الغيبَ إلاّ اللهُ

و ما يشعُرونَ أيّانَ يُبعثُونَ } [ النمل : 65 ]

قال ابن كثير رحمه اللهُ : يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه و سلمَ

أن يقول مُعلّماً لجميع الخلق أنه لا يعلم أحد من أهل السماوات و الأرض

الغيب إلا الله ، و قوله تعالى : "إلا الله" استثناء مُنقطع : أي لا يعلم أحد ذلك

إلا الله عز و جل فإنه المُنفرد بذلك وحده لا شريط لهُ ، كما قال تعالى :

{ و عندهُ مفاتحُ الغيبِ لا يعلمُها إلا هوَ } الآية ، و قال تعالى :

{ إن اللهَ عندهُ علمُ الساعة و ينزل الغيثَ } إلى آخر السورة (7)

و عن جابر رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم

يُعلّمُ أصحابه الإستخارة في الأمور كلّها ، كما يعلم السورة من القرآن ،

يقول : إذا همّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير فريضة ، ثم ليقل :

اللهم إنّي أستخيرك بعلمك و أستقدرك بقدرتك ، و أسألك من فضلك ،

فإنّك تقدر و لا أقدر ، و تعلمُ و لا أعلمُ و أنتَ علاّمُ الغُيوبِ .. " الحديث (8)

و عن ابن عُمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :

" مفاتيحُ الغيبِ خمسٌ لا يعلمها إلا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله

و لا يعلمُ ما في غَدٍ إلا الله ، و لا يعلمُ متى المطر إلا الله ، و لاتدري بأي

أرضٍ تموتُ إلا الله " (9)

و الآياتُ و الأحاديثُ الدالة على اختصاصهِ سبحانهُ بعلم الغيبِ مُتظافرة

مُستفيضة ، لسنا بصدد حصرها و إنما مثلنـا بها .

لاكي
مَفاتِحُ الغيبِ

لقدِ اختصّ الله سبحانهُ و تعالى بمعرفة مفاتح الغيب ،

فما المرادُ بهذهِ المفاتح ؟

قال تعالى : { و عندهُ مفاتحُ الغيبِ لا يعلمُها إلا هوَ } [الأنعام :59]

عن سالم بن عبد الله عن أبيهِ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم

قال : " مفاتحُ الغيبِ خمسٌ : إن الله عنده علم الساعة و ينزل الغيث

و يعلم ما في الأرحام و ما تدري نفس ماذا تكسب غدا و ما تدري

نفس بأس أرض تموت ، إن الله عليم خبير " (10)

و عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم

قال : " مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله : لا يعلم ما في غَدٍ إلا الله

و لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، و لا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله

و لا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، و لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله " (11)

فالرسول صلى الله عليه و سلم فسّرَ كتاب الله تعالى بسنته حيثُ

بيّنَ أن المرادَ بمفاتح الغيب الوارد ذكرها في آية الأنعام هي الخمس

المذكورة في آية لقمـان .

و هذه الخمـس ليست هي الغيب كله و إنّما هي منـهُ (12) .

و إليكم بيان موجز لهذه الخمس :

لاكي
الأول : علم الساعة

علم الساعة من الأمور الغيبية التي لم يطلع الله تعالى أحداً على وقتها ،

و قد أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه و سلم أن يكل علم الساعة إلى الله .

و ذلك لأن كثيراً من الناس كانوا يسألون النبي صلى الله عليه و سلم عنها ،

فأمره تعالى بذلك .

قال تعالى : { يسئلونك عن الساعة أيّانَ مُرساها قل إنما علمها عند ربي

لا يجلّيها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات و الأرض لا تأتيكم إلا بغثة

يسئلونك كأنك حفيّ عنها قل إنما علمها عند الله و لكن أكثر الناس

لا يعلمـون } [الأعراف:187]

و قال تعالى : { يسئلُك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله

و ما يُدريك لعلّ الساعة تكون قريباً } [الأحزاب:63]

لكن النبي صلى الله عليه و سلم كان يُخبر عن أماراتها الدالة على قربها ،

حتى يكون الناس منها على حذر ، كما جاء في حديث جبريل الطويل .

فكام صلى الله عليه و سلم يجلي للناس أماراتها ، فإذا سُئل عن وقتها

أجاب صلى الله عليه و سلم : "ما المسؤول عنها بأعلم بالسائل " ،

فقد كان صلى الله عليه و سلم لا يعلم من ذلك شيئا .

فمن ادعى علم الساعة ، و متى تكون ، أو حدّدَها بوقتٍ و زمن

مُعيّنٍ ، فهو كافر ، لأنهُ خالف دلالاتِ الكتاب و السنة الصريحة

و المعلومة من الدين بالضرورة (13) .

و قد ظهرت في هذه الآونة الأخيرة ادعاءات بأن الساعة ستكون

يوم كذا بتاريخ كذا و كذا ، يبثّها في الناس و يعلنها من لا دين لهُ

و لا خلاقَ تضليلا للناس و تلبيساً على عقولهم ، و تغريراً بالسفهاء

و الضعفاء ، و هذا محض كفر بالله العظيم .

لاكي

الثاني : علم نزول الغيث

و هو علم متى نزوله ، هل ينزلُ ليلاً أو نهاراً

و قدْرُهُ و مَحِلّهُ .

استشكـال: هل توقُّعُ قُربِ نزولِ الغيثِ يُعَدُّ من ادّعاءِ الغيبِ ؟!

الجوابُ : الظاهرُ أنهُ لا يُعَدُّ من ذلكَ ، و ذلكَ أنّ توقعَ

قربِ نزولهِ إنما يُعرفُ بالتّجاربِ و المَقاييسِ ،

و هيَ بأمورٍ ظاهرَةٍ ، و ليستْ خفِيّةً ، فالتّجاربُ

دلّتْ مثلاً على أنّ السُّحُبَ الرُّكاميّةَ تكونُ غالباً مُمطِرةً ،

و أنَّ السحُبَ العاليةَ الخفيفةَ لا تكونُ مُمطِرَةً ، و هكذا

فهيَ توقُّعاتٌ مبنِيّة على مُقدّماتٍ مُستفادَةٍ من مراصِدِ

الأحوالِ الجويّةِ التّي تَتأثّرُ بالرّطوبَةِ و اليُبوسةِ و نحوِ ذلكَ

و لهذا فكثيراً ما يكونُ الأمرُ على خِلافِ ما قالواْ .(14)

فما تُعلِنهُ مراكِزُ الأرصادِ الجَوِّيّةِ فإنّما هيَ تُخبِرُ عنِ

المَطَرِ بعدَ رُؤيةِ أسبابِهِ و تمامِ خَلقِهِ .

أمّا إنشاءُ السّحُبِ و إنزالُ المطَرِ في أرضٍ كتَبَ

اللهُ عليها الجفافَ أو مَنْعَ السّحابِ و المطَرِ عن أرضٍ

كتَبَ اللهُ لها الحياةَ و الخُضْرَةَ ، فهذا لا يُمكِنُ لأحدٍ كما

أنَّ العلمَ بوقتهِ تحديداً و مُدّةِ نُزولهِ و نَفْعِهِ و موقِعِ كلِّ

قَطْرَةٍ منهُ ، فهذا لا يَعلمهُ إلاّ اللهُ سُبحانهُ و تعالى . (15)

لاكي

الثالث : علمُ ما في الأرحامِ

و هوَ العلمُ بكونهِ ذَكراً أم أنثى ، تامّاً أو ناقصاً

أحمرَ أو أسودَ ، شقِيّاً أو سعيداً ، فعلمُ ذلكَ موكولٌ

إلى اللهِ سُبحانهُ و تعالى .

ثُمَّ إنهُ بعدَ تطوّرِ الأجهزَةِ الطبّيّةِ الحديثةِ أصبحَ كثيرٌ

من الأطبّاءِ يَدَّعي أنّهُ يعلمُ ما في الأرحامِ هلْ هيَ

ذكورٌ أم إناثٌ ؟ و إذا كانَ كذلكَ ، فهلْ هذا يُنافي

ما في الآيةِ ؟

اعلمْ رحِمَكَ اللهُ أنَّ العلمَ بالجنينِ يُعَدُّ غيباً قبلَ أن يُنفخَ

فيهِ الروحُ ، و هوُ بعدَ نفخِ الروحِ فيهِ لا يُعَدُّ من الأمورِ

الغيبِيّةِ ، لأنَّ الملائِكَةَ تعلمُ ذلكَ ، فإنَّ ملكَ الرّحِمِ يكتُبُ

رزقهُ و أجَلهُ و شقِيّاً أو سعيداً و غيرَ ذلكَ مِمّا يُؤمَرُ

بكتْبِهِ ، فهُوَ يُخبِرُهُ اللهُ تعالى ، فلا يُعَدُّ إذا من المغيباتِ .

قالَ الشيخُ عبدُ الرحمـنُ بنُ سعدِي رحمهُ الله تعالى :

" و لهذا يسألُ الملَكُ المُوكّلُ بالأرحامِ ربّهُ : هل هوَ ذكَرٌ

أم أنثى ؟ فيقضي اللهُ ما يشاءُ " (16)

و إذن فإنَّ مُجرَّدَ الكشفِ عن ذكورَةِ الجنينِ أو أنوثتهِ

لا يُعَدُّ من علمِ الغيبِ (17)

لاكي
الرابع : علمُ كسبِ الغدِ

و هوَ العلمُ بما يكسبهُ في مستقبله من خير و شر

و طاعة و معصية ، و كُفرٍ و إيمانٍ ، و في آخرته من الثواب

و العِقــابِ .

لاكي
الخامسُ : علمُ الموتِ

و هوُ العلمُ بأي قطعةٍ من الأرضِ تموتُ ، أفي ديارِ الإسلامِ

أم في ديارِ الكُفرِ ، و متى الموتُ ؟ و غير ذلك .

لاكي

فصـلٌ

إن الإيمانَ بالغيبِ من أبرزِ سماتِ المُؤمنِ

و هوَ الفيصَلُ الحقيقيُّ بينهُ و بينَ الكافرِ ،

و لهذا امتدحَ الله عبادهُ المؤمنينَ و أثنى عليهم

و جعلَ كتابهُ هُدًى لهذه الطائفة التي قال تعالى فيها :

{ يؤمنون بالغيب } [ البقرة:3 ]

قال ابن مسعود و ابن عباس و قتادة : يؤمنون بجميع

مسائل الإيمان و جميع أمور الغيب (18)

و هذا الإيمان ينفع الإنسان ما لم يأتِ أجلهُ بعدُ

أو تظهرَ أشراطُ الساعة الكبـرَى ، و إلاّ فإن

فرعون آمنَ لمّا عاينَ الموتَ و أدركهُ الغرقُ

فهل نفعهُ إيمانهُ آنذاك ؟ قال الله تعالى :

{ آلآنَ و قد عصَيتَ من قبلُ و كنتَ من المُفسدينَ } [ يونس:91 ]

فمشاهدة ملك الموت و معاينة الملائكة أثناء الإحتضار

و كذلكَ مُشاهدة أشراط الساعة من طلوع الشمس من مغربِها

إلى غيرِ ذلكَ لا يُعَدُّ إيمانا بالغيبِ ، بل أصبحَ إيماناً بالشهادةِ

لأنهُ أصبحَ أمراً حِسِّيّاً مُشاهدا ،و لقد قرّرَ الله سُبحانهُ و تعالى

هذه الحقية في سورة الأنعام فقال جل من قائل :

{ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ

آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً } [ الأنعام:158 ]

و يا سَعْدَ المؤمنِ و إيمانهُ بالغيبِ ، فهوَ

إنارةٌ لفكرِهِ و تزكيةٌ لنفسهِ ، بلهْ و طُمأنينةٌ

لقبلـهِ ، و ما أسعدَ الصحابة بهذا الإيمانِ

و ما ذلكَ إلا لرسوخ قدمهم و سبقهم في هذا الباب

فهم على الحقيقةِ { الذينَ آمنوا و تطمئنُ قلوبهم

بذكرِ الله ، ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوبُ } [ الرعد:28 ]

فالإيمانُ بالغيبِ تثبيتٌ للقلبِ و تسليةٌ للنفسِ و رجاءٌ

لما عندَ الله . فالمظلومُ يصبرُ و يحتسبُ لأنهُ يؤمنُ

بأنَّ هُناكَ يوماً سوفَ ينتقم الله فيهِ مِمّن ظلمهُ ،

فيطمئِنَّ .

و عالم الدنيا أيها الأحبابُ ، مهما كبُرَ فهوُ صغيرٌ في عينِ

المُؤمنِ بالغيبِ ، لأنهُ يُؤمنُ بقول رسولِ الله صلى الله عليه و سلم:

" لموضعُ سوطِ أحدكم في الجنة خير ممّا بينَ السماء و الأرض " (19)

و قوله صلى الله عليه و سلم :

" لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة

ما سقى كافرا منها قطرة أبدا " (20)

فلماذا يلهثُ وراءها و يتصارعُ و يتشاحنُ ، و يُوالي

و يُعادي عليها ؟! فانصرفَ همّهُ بالدرجة الأولى

إلى الآخرةَ و جعل الفانية مزرعةً للباقية .

فكـان بهذا الإيمان باللهِ تبارك و تعالى و بالغيبِ سبيلاً

لطمأنينةِ الإنسانِ و المُجتمعِ المُسلمِ الطمأنينةَ الكاملةَ .

لاكي

ــــــــــــــــــ
(1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس [4/403]
(2) " لسان العرب " (غيب) [1/654]
(3) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام [16/110]
(4) " الإيمان بالغيب " بواسطة مقدمة تحقيق القول في علم النجوم [74]
(5) نفس المصدر السابق
(6) مقدمة تحقيق القول في علم النجوم [75]
(7) تفسير القرآن العظيم لابن كثير [6/72]
(8) أخرجه البخاري في " كتاب التوحيد " باب قول الله تعالى { قل هو القادر } [7390]
(9) أخرجه البخاري في " كتاب التوحيد " باب قول الله تعالى { أنّ الله هو الرّزاق ذو القوة المتين } [7379]
(10) أخرجه البخاري " كتاب تفسير القرآن " باب [ و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ] (4627)
(11) أخرجه البخاري " كتاب تفسير القرآن " باب [ الله يعلمُ ما تحمل كا أنثى و ما تغيض الأرحام ] ( 4697)
(12) القول في علم النجوم (88)
(13) المصدر السابق ( 89-90)
(14) شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للشيخ عبد الله الغنيمان ( 1/112 )
(15) "الإيمان بالغيب" (264-265) بواسطة "القول في علم النجوم" (92)
(16) "تفسير ابن سعدي [653] تحقيق عبد الرحمـن بن معلاّ اللويحق (مؤسسة الرسالة )
(17) لمن أرادَ البسطَ الجلي لهذهِ المسألةِ فليرجعْ إلى " مجموع فتاوى و رسائل فضيلة الشيخ
محمد بن صالح العثيمين " (3/76-79) رقم الفتوى (362) فإنَّ للشيخِ تَمّتَ كلامٌ نفيس لولا
مخافة الطول لنقلناهُ هنا برُمّتِهِ .
(18) تفسير ابن كثير [ 1/58 ]
(19) صحيح الترغيب و الترهيب ( 3767 )
(20) أخرجه ابن ماجة (3334) و صححه الألباني

لاكي

ما شاء الله لاقوة الابالله

جزاكم الله خيرا على هذه المواضيع القيمة
التي تصحّح الكثير من الأمور في كيفية وعينا وممارساتنا الدينية .
مواظبة على متابعتها .

ما شاء الله عليك
جزاك الله خير
مشكوره على الطرح~~~~
عن جد موضوع قمه في الروعه

بارك الله فيكم

جزاكم الله خيرا

بارك الله فيك وجزاك الله عنا كل الخير

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

بارك الله فيكم أخينا الفاضل ونفع بكم على متابعة سلسلة دمعة موحد
أسأل الله أن يجعل عملكم في ميزان يسركم يوم نلقاه ..

هنا لمن أرادت متابعة باقي السلسله .

لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.