مكارم الأخلاق 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجالات حسن الخلق :

أولاً / حسن الخلق في معاملة الخالــق :

حسنُ الخلق في معاملة الخالق يجمع ثلاثة أمور

1- تلـقــي أخبــار الله بالتصـــديـــق

2- وتلقي أحكامه بالتنـفيذ والتطبيق

3- وتلقــي أقداره بالصبر والرضــا

هذه ثلاثة أشياء عليها مدار حسن الخلق مع الله

تعـالـى : 1 / تلقي أخبار الله بالتصديق : بحيـث

لا يقع عند الإنسان شك أو تردد في تصديق خبر

الله تبـارك و تعالى لأن خبر الله تعالى صادر عن

علم ,وهو سبحانه أصدق القائلين كما قال تعالى

عن نفسه( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً ) النساء,

ولازم تصديق أخبار الله أن يكون الإنسان واثقـاً

بها مدافعاً عنها ومجاهداً بها وفي سبيلها بحيث

لا يداخله شك أو شبـهة فـي أخبار الله عز وجـل

وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم. وإذا تخلق

العبــد بهــذا الخـلق أمكـنــه أن يدفــع أي شبهة

يوردهــا المغرضون عـلى أخــبار الله ورسولــه

صلى الله عليه وسلم سواء أكانوا من المسلمين

الذين ابتدعوا في دين الله ما ليس منه أم كانوا

مــن غيــر المسلميـن الذين يلقون الشبه في

قلوب المسلمين بقصد فتنتـهم وإضلالهم

2/ ومن حسن الخلق مع الله عز وجل, أن يتلقى

الإنسان أحكام الله بالقبول والتنفيذ والتطبيق فلا

يرد شيئاً مـن أحكام الله فـإذا رد شيئاً مـن أحكام

الله فهذا سوء خلق مــع الله عــز وجــل , سواءٌ

ردها منكراً حكمها , أو ردها مستكبراً عن العمل

بها , أو ردها متهاوناً بالعمل بها , فإن ذلك كله

منافٍ لحسن الخلق مع الله عز وجل . مثال على

ذلك – الصوم – الصوم لا شك فيـه أنه شاقٌ على

النفوس , لأن الإنسـان يترك فيـه المألوف , من

طعـام وشـراب و نكاح وهــذا أمــر شــاق عــلى

الإنسـان ولكــن المؤمن حسـن الخـلــق مــع الله

عز وجـل , يقبل هذا التكليف أو بعبارة أخـرى :

يقبل هــذا التشريف فهذه نعمة من الله عز وجل

في الحقيقة ,فالمؤمن يقبل هذه النعمة التي في

صورة تكليف بانشراح صدر وطمأنينة ,وتتسع

لها نفسه فتجده يصوم الأيام الطويلة فـي زمـن

الحر الشديد , وهو بذلك راضٍ منشرح الصدر,

لأنه يحسن الخلق مع ربه لكن سيئ الخلق مع

الله عـز وجــل يقـــابــل هــذه العبــادة بالضجر

والكراهية , ولولا أنه يخشى من أمر لا تُحمد

عقباه , لكان لا يلتزم بالصيـــام .

3 / ومن حسن الخلق مع الله تعالى : تلقي أقدار

الله تعـالى بالرضا والصبر , وكـلنا نعلم أن أقدار

الله عز وجل التـي يجريها على خلقه ليست كلها

ملائمة للخلق بمعنى أن منهــا ما يوافق رغبـات

الخلق ومنها ما لا يوافقها فالمرض مثلاً لا يلائم

الإنسان فكــل إنســان يحــب أن يكــون صحيحاً

معافى ، وكذلك الفقر لا يلائم الإنسان ,فالإنسان

يحب أن يكون غنياً . وكــــذلك الجهل : لا يلائم

الإنسـان فالإنسان يحــب أن يكــون عالماً لكــن

أقدار الله عز وجــل تتنوع لحكمــة يعلمهــا الله

عز وجل , منها ما يلائم الإنسان ويستريح له

بمقتضى طبيعـتـــه ومنها ما لا يكــون كذلك .

فما هو حسن الخلق مع الله عز وجل نحو أقدار

الله ؟

حسن الخـلق مع الله نحو أقداره : أن ترضى بما

قدر الله لك , وأن تطمئن إليه وتعلم أنه سبحانه

وتعـالــى ما قــدره إلا لحكـمــة عظيمــة وغايــة

محمودة يستحق عليهـا الحمد والشكر . وعــلى

هـذا فإن حسن الخلق مع الله نحو أقداره هو أن

يرضى الإنسان ويستسلم ويطمئن ولهذا امتدح

الله الصابرين فقال ( وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ، الَّذِيــنَ

إِذَا أَصَابَتْهُـم مُّصِيبَـةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْـــهِ

رَاجِعونَ ) سورة البقرة 156

ثانياً : حسن الخلق في معاملة الخَلق :

أما حسن الخلق مع المخلــوق فعرّفــه بعضُهــم

بأنه كفُّ الأذى وبـــذلُ النّـدى و طلاقة الوجه .

ويذكر ذلك عن الحسن البصري :

1/ معنـى كـف الأذى : معنى كف الأذى أن يكف

الإنســـان أذاه عــن غيره سواء كـان هـذا الأذى

بالمال أو يتعلق بالنفس أو يتعلق بالعرض فمن

لم يكف أذاه عن الخلق فليس بحسن الخلـق بل

هـو سيـئ الخلق . وقد أعلن الرسول صـلى الله

علـيه وسلم حُرمة أذية المسلم بـأي نوع مــــن

الإيذاء وذلك فـي أعظـم مجمع اجتمع فيه بأمته

حيـث قـال ( إن دماءكم و أموالكم حرام عليـكم

كحرمـة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم

هـــذا ) رواه مسلم .

2 / معنى بذل الندى : الندى هــو الكرم والجود

يعنـي : أن تبذل الكرم والجود والكرم ليس كمـا

يظنه بعض الناس أنه بذل المال فقط، بل الكـرم

يكون في بذل النفس ، وفي بذل الجاه وفـي بذل

المال وفي بذل العلــم . إذا رأينـا شخصاً يقضي

حوائج النـاس يساعدهم يتوجه في شئونهم إلى

من لايستطيعون الوصول إليهم ينشر علمه بين

النــاس ، يبــذل ماله بين الناس، هل نصفُ هذا

بحسن الخلق ؟ نعم ، نصفه بحسن الخلق ،لأنه

بذل الندى ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم

( اتق الله حيثما كنـت ، وأتبــع السيئة الحسنة

تمحُها وخالــق النــاس بخلـق حسن ) ( رواه

الترمذي وحسنه الألباني ) .

ومن مخالقة الناس بخلق حسن : أنك إذا ظُلمت

أو أسيء إليك ، فإنك تعفو وتصفح وقــد امتدح

الله العافين عن الناس ، فقــال فــي أهـل الجـنة

(الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِـي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ

الْغَـيْــظَ وَالْعَــافِــينَ عَــنِ النَّــاسِ وَاللّهُ يُحِــبُّ

الْمُحْسِنِينَ ) سورة آل عمران 134

3/ طــلاقة الوجـه : و طلاقة الوجـه هو إشراقه

حين مقابلة الخلق وضـدُّ ذلك عبوس الوجـــه .

ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام(لا تحقرن

مـــن المعروف شيئـاً ولو أن تلقى أخاك بوجــه

طلق ) رواه مسـلم ، وقد روي عن ابــن عباس

رضـي الله عنه أنـه سئل عــن البر فقـال ( وجه

طلق ولسان ليّن ) فطـلاقة الوجه تُدخل السرور

على الناس وتجذب المودة ، والمحبة ، وتوجب

انشراح الصدر منك وممن يقابلك. لكن إذا كنـت

عبوساً ، فإن الناس ينفرون منك ولا ينشرحون

بالجلوس إليك ولا بالتحدث معك، وربما تصاب

بعُقدٍ نفسيه وربما تصاب بالمرض الخطير وهو

ما يسمى بالضغط فإن انشراح الصدر وطلاقة

الوجه من أنجع العقاقير المانعة من هذا الداء

من علامات حسن الخلق مع الخـــلق :

أن يكــون الإنســان حســن المعاشرة مـــع مــن

يعاشره مــن أصدقاء وأقــارب , لا يضيق بهـــم

ولا يضيق عليه , بل يدخل السرور على قلوبهم

بقدر ما يمكنه في حدود شريعة الله , وهذا القيد

لا بد منه لأن من الناس من لا يسر إلا بمعصية

الله – والعياذ بالله – فهـذا لا ينبغي أن نـوافــقــه

عليه , لكن إدخال السرور على من يعاشرك من

أهـل , و أصدقاء و أقارب في حدود الشرع مـن

حسـن الخــلق . و لهـذا قال النبي عليه الصلاة

والسلام ( خيركم خيركــم لأهلــه , وأنا خيركم

لأهلي ) ( رواه الترمذي و صححه الألباني )

كيفية اكتساب مكارم الأخلاق :

يكون الإنسان حسن الخلق لأمور منها :

1- أن ينــظــر فـي كتاب الله وفي سنــة رسولـه

صلى الله عـليـه وسلـــم ، ينظر النصوص الدالة

على مدح ذلك الخلق العظيم الذي يريد أن يتخلق

به فالمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئاً مـن

الأخلاق أو الأفعال , فإنه سوف يقوم به.

2- أن يصاحب من عرفوا بحسن الأخلاق والبعد

عـن مساوئ الأخلاق و سفاسف الأعـمال حتــى

يجعل من هذه الصحبة مدرسة يستعينُ بها على

حسن الخلق فـإن النبـي صــلى الله عليه وسلــم

قـال ( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من

يخالل ) ( رواه ابو داود وحسنه الألباني )

3 – أن يتأمل الإنســان ماذا يترتب علــى ســوء

خلقه: فسيئ الخلق ممقوت سيئ الخلق مهجور

سيئ الخلق مذكور بالذكـــر القبيح فـــإذا علـــم

الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا فإنه

يبتعـد عنه .

4 – أن يستحضر الإنســان دائمــا ًصورة خُــلُق

رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكيف أنه كان

يتواضع للخلق ويحلــم عـليهم , ويعـفو عنهــم

و يصبر عـلى أذاهم , فإذا استـحضـر الإنســان

أخـلاق النبي صلى الله عليه و سلم وأنــه خيـر

البشر وأفضل من عبد الله تعالى , هانت عـلى

الإنسان نفـسه وانكسرت صـولة الكبر فيهــا

فكان ذلك داعياً إلى حسن الخلق .

صور من مكارم الأخلاق :

1- أن تصـل من قطعك : من الأقارب ممن تجب

صلتــهم عـليك إذا قطعوك فصلهم ولا تقل : من

وصلني وصلته ! فإن هذا ليـس بصلة, كما قال

النـبـي عليه الصـــلاة والسـلام (ليـس الواصل

بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمـه

وصلها ) رواه البخاري

2- وكـذلك عــليــك أن تعـــطـــي مــن حرمك .

3- وتعـفــو عمن ظلمك فأنت تعفو مع قدرتـك

على الانتقــام لأمور :

أ / رجــاء لمغـــفرة الله عــز وجــل و رحمـتــه

ب / لإصلاح الـود بينك وبيــن صاحبـك لأنك إذا

قابلت إساءته بإساءة ,استمرت الإساءة بينكما

وإذا قابلت إساءته بإحسان ,عاد إلى الإحسان

إليـك وخجل .

4- بر الوالدين : وذلك لعظم حقهما . فـلم يجعل

الله لأحد حقاً يلي حقه وحـق رسوله صــلى الله

عـليه وسلــم إلا للوالدين فـقــال ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ

وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)النساء

5- صلـة الأرحام : فـصــلة الأرحـــام واجـبـة ,

وقطعها سبـب للعنة والحرمان من دخول الجنة

قــال تعالى ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُـمْ أَن تُفْسِدُوا

فِـي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ، أُوْلَئِـكَ الَّــــذِينَ

لَعَـنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) محمد،

وقـال النبي عـليـه الصلاة والسـلام ( لا يدخل

الجنة قاطع ) رواه مسلم

6 – حسن الجــوار مطلقاً : أياً كــان الجار ومن

كان أقرب فهو أولى .

7-الإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل

8 – الرفـق بالمملوك والخادم : والمملوك يشمل

المــمــلوك الآدمي والبهــيـم , فالرفق بالمملوك

الآدمـي بــأن تطعمـه إذا طعمت وتكــســــوه إذا

اكتسيت ولا تكلـفـه ما لا يطيق.والرفق بالبهائم

يختلف بحسب ما تحتاج إليه ففي الشتاء تجعل

فـي الأماكن الدافئة إذا كانـت لا تتحــــمل الحـر

ويؤتى لهـا بالطعام , وبالشراب إن لم تحصـل

عليه بنفسها بالرعي , وإذا كانت مما تحـمل ,

فلا تحمل ما لا تطيق .

9- تـــرك الفخــر والخيلاء والبغــي والاستطالة

عـلى الخــلق بحق أو بغــير حــق قـال تــعــالى

( وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحـاً إِنَّكَ لَـــن تَخْرِقَ

الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ) الإسراء

كتاب : مكارم الأخلاق للشيخ محمد العثيمين (( بتصرف))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بااااااااارك الله فيك اخيتى ازهار
والله افتقدتك عوداً محمود ان شاااء الله
هلا ومرحبااا موضيعك دائما رااااائعة

جـــــــــزاك اللــــــــه خيــــــــــــر
لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.