آية" ان الذين جاءوا بالافك " اية 11 من سورة النور 2024.

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ

تفسير الجلالين:

"إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ" أَسْوَأ الْكَذِب عَلَى عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ بِقَذْفِهَا "عُصْبَة مِنْكُمْ" جَمَاعَة مِنْ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ : حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه ابْن أُبَيٍّ وَمِسْطَح وَحَمْنَة بِنْت جَحْش "لَا تَحْسَبُوهُ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ غَيْر الْعُصْبَة " شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ" يَأْجُركُمْ اللَّه بِهِ وَيُظْهِر بَرَاءَة عَائِشَة وَمَنْ جَاءَ مَعَهَا مِنْهُ وَهُوَ صَفْوَان فَإِنَّهَا قَالَتْ : "كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَاب فَفَرَغَ مِنْهَا وَرَجَعَ وَدَنَا مِنْ الْمَدِينَة وَآذَنَ بِالرَّحِيلِ لَيْلَة فَمَشَيْت وَقَضَيْت شَأْنِي وَأَقْبَلْت إلَى الرَّحْل فَإِذَا عِقْدِي انْقَطَعَ – هُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَة : الْقِلَادَة – فَرَجَعْت أَلْتَمِسهُ وَحَمَلُوا هَوْدَجِي – هُوَ مَا يُرْكَب فِيهِ – عَلَى بَعِيرِي يَحْسَبُونَنِي فِيهِ وَكَانَتْ النِّسَاء خِفَافًا إنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَة – هُوَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام مِنْ الطَّعَام : أَيْ الْقَلِيل – وَوَجَدْت عِقْدِي وَجِئْت بَعْدَمَا سَارُوا فَجَلَسْت فِي الْمَنْزِل الَّذِي كُنْت فِيهِ وَظَنَنْت أَنَّ الْقَوْم سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ فَغَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْت وَكَانَ صَفْوَان قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاء الْجَيْش فَادَّلَجَ – هُمَا بِتَشْدِيدِ الرَّاء وَالدَّال أَيْ نَزَلَ مِنْ آخِر اللَّيْل لِلِاسْتِرَاحَةِ – فَسَارَ مِنْهُ فَأَصْبَحَ فِي مَنْزِله فَرَأَى سَوَاد إنْسَان نَائِم – أَيْ شَخْصه – فَعَرَفَنِي حِين رَآنِي وَكَانَ يَرَانِي قَبْل الْحِجَاب فَاسْتَيْقَظْت بِاسْتِرْجَاعِهِ حِين عَرَفَنِي – أَيْ قَوْله إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ – فَخَمَّرْت وَجْهِي بِجِلْبَابِي أَيْ غَطَّيْته بِالْمُلَاءَةِ وَاَللَّهِ مَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْت مِنْهُ كَلِمَة غَيْر اسْتِرْجَاعه حِين أَنَاخَ رَاحِلَته وَوَطِئَ عَلَى يَدهَا فَرَكِبْتهَا فَانْطَلَقَ يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْر الظَّهِيرَة – أَيْ مِنْ أَوْغَرَ وَاقِفِينَ فِي مَكَان وَغْر مِنْ شِدَّة الْحَرّ – فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول" ا ه . قَوْلهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ "لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ" أَيْ عَلَيْهِ "مَا اكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْم" فِي ذَلِكَ "وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ" أَيْ تَحَمَّلَ مُعْظَمه فَبَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ وَأَشَاعَهُ وَهُوَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ "لَهُ عَذَاب عَظِيم" هُوَ النَّار فِي الْآخِرَة

تفسير الطبري:

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُمْ عَذَاب عَظِيم } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْكَذِبِ وَالْبُهْتَان { عُصْبَة مِنْكُمْ } يَقُول : جَمَاعَة مِنْكُمْ أَيّهَا النَّاس . { لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } يَقُول : لَا تَظُنُّوا مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ الْإِفْك شَرًّا لَكُمْ عِنْد اللَّه وَعِنْد النَّاس , بَلْ ذَلِكَ خَيْر لَكُمْ عِنْده وَعِنْد الْمُؤْمِنِينَ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّه يَجْعَل ذَلِكَ كَفَّارَة لِلْمَرْمِيِّ بِهِ , وَيُظْهِر بَرَاءَته مِمَّا رُمِيَ بِهِ , وَيَجْعَل لَهُ مِنْهُ مَخْرَجًا . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } : جَمَاعَة , مِنْهُمْ حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . كَمَا : 19548 – حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ عُرْوَة : أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان : كَتَبْت إِلَيَّ تَسْأَلنِي فِي الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ , وَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } وَأَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ مِنْهُمْ أَحَد إِلَّا حَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش , وَهُوَ يُقَال فِي آخَرِينَ لَا عِلْم لِي بِهِمْ ; غَيْر أَنَّهُمْ عُصْبَة كَمَا قَالَ اللَّه . 19549 – حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } هُمْ أَصْحَاب عَائِشَة . قَالَ ابْن جُرَيْج : قَالَ ابْن عَبَّاس : قَوْله : { جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } . .. الْآيَة , الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى عَائِشَة : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَحَسَّان بْن ثَابِت , وَمِسْطَح , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . 19550 – حُدِّثْت عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } الَّذِينَ قَالُوا لِعَائِشَة الْإِفْك وَالْبُهْتَان . 19551 – حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } قَالَ : الشَّرّ لَكُمْ بِالْإِفْكِ الَّذِي قَالُوا , الَّذِي تَكَلَّمُوا بِهِ , كَانَ شَرًّا لَهُمْ , وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يَقُلْهُ إِنَّمَا سَمِعَهُ , فَعَاتَبَهُمْ اللَّه , فَقَالَ أَوَّل شَيْء : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ } ثُمَّ قَالَ : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم } . وَقَوْله : { لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْم } يَقُول : لِكُلِّ امْرِئٍ مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ جَزَاء مَا اجْتَرَمَ مِنَ الْإِثْم , بِمَجِيئِهِ بِمَا جَاءَ بِهِ , مِنَ الْأُولَى عَبْد اللَّه . وَقَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : وَالَّذِي تَحَمَّلَ مُعْظَم ذَلِكَ الْإِثْم وَالْإِفْك مِنْهُمْ هُوَ الَّذِي بَدَأَ بِالْخَوْضِ فِيهِ . كَمَا : 19552 – حَدَّثَنَا عَنِ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : أَخْبَرَنَا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } يَقُول : الَّذِي بَدَأَ بِذَلِكَ . 19553 – حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , قَوْله : { عُصْبَة مِنْكُمْ } قَالَ : أَصْحَاب عَائِشَة ; عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَمِسْطَح , وَحَسَّان . قَالَ أَبُو جَعْفَر : لَهُ مِنَ اللَّه عَذَاب عَظِيم يَوْم الْقِيَامَة . وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله : { كِبْره } فَقَرَأَتْ ذَلِكَ عَامَّة قُرَّاء الْأَمْصَار : { كِبْره } بِكَسْرِ الْكَاف , سِوَى حُمَيْد الْأَعْرَج فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ : " كُبْره " بِمَعْنَى : وَالَّذِي تَحَمَّلَ أَكْبَره . وَأَوْلَى الْقِرَاءَتَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : الْقِرَاءَة الَّتِي عَلَيْهَا عَوَامّ الْقُرَّاء , وَهِيَ كَسْر الْكَاف ; لِإِجْمَاعِ الْحُجَّة مِنَ الْقُرَّاء عَلَيْهَا , وَأَنَّ الْكِبْر بِالْكَسْرِ : مَصْدَر الْكَبِير مِنَ الْأُمُور , وَأَنَّ الْكُبْر بِضَمِّ الْكَاف : إِنَّمَا هُوَ مِنَ الْوَلَاء وَالنَّسَب , مِنْ قَوْلهمْ : هُوَ كُبْر قَوْمه ; وَالْكِبْر فِي هَذَا الْمَوْضِع : هُوَ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ مُعْظَم الْإِثْم وَالْإِفْك . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , فَالْكَسْر فِي كَافه هُوَ الْكَلَام الْفَصِيح دُون ضَمّهَا , وَإِنْ كَانَ لِضَمِّهَا وَجْه مَفْهُوم . وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمَعْنِيّ بِقَوْلِهِ : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ } … الْآيَة , فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ حَسَّان بْن ثَابِت . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19544 – حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن قَزَعَة , قَالَ : ثنا مَسْلَمَة بْن عَلْقَمَة , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر , أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ : مَا سَمِعْت بِشَيْءٍ أَحْسَن مِنْ شِعْر حَسَّان , وَمَا تَمَثَّلْت بِهِ إِلَّا رَجَوْت لَهُ الْجَنَّة , قَوْله لِأَبِي سُفْيَان : هَجَوْت مُحَمَّدًا فَأَجَبْت عَنْهُ وَعِنْد اللَّه فِي ذَاكَ الْجَزَاء فَإِنَّ أَبِي وَوَالِده وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّد مِنْكُمْ وِقَاء أَتَشْتُمُهُ وَلَسْت لَهُ بِكُفْءٍ فَشَرّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاء لِسَانِي صَارِم لَا عَيْب فِيهِ وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرهُ الدِّلَاء فَقِيلَ : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ , أَلَيْسَ هَذَا لَغْوًا ؟ قَالَتْ ; لَا , إِنَّمَا اللَّغْو مَا قِيلَ عِنْد النِّسَاء . قِيلَ : أَلَيْسَ اللَّه يَقُول : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم } قَالَتْ : أَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَاب عَظِيم ؟ أَلَيْسَ قَدْ ذَهَبَ بَصَره وَكُنِّعَ بِالسَّيْفِ ؟ . 19555 – قَالَ : ثنا ابْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق قَالَ : كُنْت عِنْد عَائِشَة , فَدَخَلَ حَسَّان بْن ثَابِت , فَأَمَرَتْ , فَأُلْقِيَ لَهُ وِسَادَة ; فَلَمَّا خَرَجَ قُلْت لِعَائِشَة : مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا وَقَدْ قَالَ اللَّه مَا قَالَ ؟ فَقَالَتْ : قَالَ اللَّه : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم } وَقَدْ ذَهَبَ بَصَره , وَلَعَلَّ اللَّه يَجْعَل ذَلِكَ الْعَذَاب الْعَظِيم ذَهَاب بَصَره . 19556 -حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ شُعْبَة , عَنْ سُلَيْمَان , عَنْ أَبِي الضُّحَى , عَنْ مَسْرُوق , قَالَ : دَخَلَ حَسَّان بْن ثَابِت عَلَى عَائِشَة , فَشَبَّبَ بِأَبْيَاتٍ لَهُ , فَقَالَ : وَتُصْبِح غَرْثَى مِنْ لُحُوم الْغَوَافِل فَقَالَتْ عَائِشَة : أَمَا إِنَّك لَسْت كَذَلِكَ ! فَقُلْت : تَدْعِينَ هَذَا الرَّجُل يَدْخُل عَلَيْك وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّه فِيهِ : { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره } … الْآيَة ؟ فَقَالَتْ : وَأَيّ عَذَاب أَشَدّ مِنْ الْعَمَى ! وَقَالَتْ : إِنَّهُ كَانَ يَدْفَع عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 19557 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْوَاسِطِيّ , قَالَ : ثنا جَعْفَر بْن عَوْن , عَنِ الْمُعَلَّى بْن عِرْفَان , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن جَحْش , قَالَ : تَفَاخَرَتْ عَائِشَة وَزَيْنَب , قَالَ : فَقَالَتْ زَيْنَب : أَنَا الَّتِي نَزَلَ تَزْوِيجِي مِنَ السَّمَاء . قَالَ : وَقَالَتْ عَائِشَة : أَنَا الَّتِي نَزَلَ عُذْرِي فِي كِتَابه حِين حَمَلَنِي ابْن الْمُعَطَّل عَلَى الرَّاحِلَة . فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَب : يَا عَائِشَة , مَا قُلْت حِين رَكِبْتِيهَا ؟ قَالَتْ : قُلْت : حَسْبِي اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل ! قَالَتْ : قُلْت كَلِمَة الْمُؤْمِنِينَ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19558 – حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : كَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ : الْمُنَافِق عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَكَانَ يَسْتَوْشِيه وَيَجْمَعهُ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَمِسْطَحًا , وَحَسَّان بْن ثَابِت . 19559 – حَدَّثَنَا سُفْيَان , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِب , عَنْ عَلْقَمَة بْن وَقَّاص وَغَيْره أَيْضًا , قَالُوا : قَالَتْ عَائِشَة : كَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره الَّذِي يَجْمَعهُمْ فِي بَيْته , عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول . * – حَدَّثَنَا ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنِ ابْن شِهَاب , قَالَ : ثني عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَعَلْقَمَة بْن وَقَّاص , وَعُبَيْد اللَّه بْن عُتْبَة , عَنْ عَائِشَة , قَالَتْ : كَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ . 19560 -حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنِ ابْن جُرَيْج , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا } … الْآيَة , الَّذِينَ افْتَرَوْا عَلَى عَائِشَة : عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَحَسَّان , وَمِسْطَح , وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . 19561 -حَدَّثَنَا عَبْد الْوَارِث بْن عَبْد الصَّمَد , قَالَ : ثنا أَبِي , قَالَ : ثنا أَبَان الْعَطَّار , قَالَ : ثنا هِشَام بْن عُرْوَة فِي الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ : يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَانَ كِبْرُ ذَلِكَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , أَحَد بَنِي عَوْف بْن الْخَرْزَج ; وَأَخْبَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّث بِهِ عَنْهُمْ فَيُقِرّهُ وَيَسْمَعهُ وَيَسْتَوْشِيه . 19562 – حَدَّثَنَا يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : أَمَّا الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ , فَعَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول الْخَبِيث , هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ هَذَا الْكَلَام , وَقَالَ : امْرَأَة نَبِيّكُمْ بَاتَتْ مَعَ رَجُل حَتَّى أَصْبَحَتْ , ثُمَّ جَاءَ يَقُود بِهَا . 19563 – حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنِ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْره هُوَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَهُوَ بَدَأَهُ . وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ : قَوْل مَنْ قَالَ : الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْ عُصْبَة الْإِفْك , كَانَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ , وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَاف بَيْن أَهْل الْعِلْم بِالسِّيَرِ , أَنَّ الَّذِي بَدَأَ بِذِكْرِ الْإِفْك , وَكَانَ يَجْمَع أَهْله وَيُحَدِّثهُمْ , عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَفِعْله ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْت كَانَ تَوَلِّيه كِبْر ذَلِكَ الْأَمْر . وَكَانَ سَبَب مَجِيء أَهْل الْإِفْك , مَا : 19564 – حَدَّثَنَا بِهِ ابْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ مُحَمَّد بْن مُسْلِم بْن عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن شِهَاب , ثني عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَعَلْقَمَة بْن وَقَّاص , وَعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود , عَنْ حَدِيث عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حِين قَالَ لَهَا أَهْل الْإِفْك مَا قَالُوا , فَبَرَّأَهَا اللَّه , وَكُلّهمْ حَدَّثَنِي طَائِفَة مِنْ حَدِيثهَا , وَبَعْضهمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْض , وَأَثْبَت اقْتِصَاصًا , وَقَدْ وَعَيْت عَنْ كُلّ رَجُل مِنْهُمُ الْحَدِيث الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَة , وَبَعْض حَدِيثهمْ يُصَدِّق بَعْضًا : زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ , فَأَيَّتهنَّ خَرَجَ سَهْمهَا خَرَجَ بِهَا . قَالَتْ عَائِشَة : فَأَقْرَعَ بَيْننَا فِي غَزَاة غَزَاهَا , فَخَرَجَ سَهْمِي , فَخَرَجْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَاب , وَأَنَا أُحْمَل فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَل فِيهِ , فَسِرْنَا , حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوه وَقَفَلَ إِلَى الْمَدِينَة , آذَنَ لَيْلَة بِالرَّحِيلِ , فَقُمْت حِين آذَنُوا بِالرَّحِيلِ , فَمَشَيْت حَتَّى جَاوَزْت الْجَيْش ; فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي , أَقْبَلْت إِلَى الرَّحْل , فَلَمَسْت صَدْرِي , فَإِذَا عِقْد لِي مِنْ جَزْع ظَفَار قَدْ انْقَطَعَ , فَرَجَعْت فَالْتَمَسْت عِقْدِي , فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ . وَأَقْبَلَ الرَّهْط الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي , فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي , فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْت أَرْكَب , وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ . قَالَتْ : وَكَانَتْ النِّسَاء إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يُهَبِّلهُنَّ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْم , إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَة مِنَ الطَّعَام . فَلَمْ يَسْتَنْكِر الْقَوْم ثِقَل الْهَوْدَج حِين رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ , وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ , فَبَعَثُوا الْجَمَل وَسَارُوا , فَوَجَدْت عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْش , فَجِئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيب , فَتَيَمَّمْت مَنْزِلِي الَّذِي كُنْت فِيهِ , وَظَنَنْت أَنَّ الْقَوْم سَيَفْقِدُونَنِي وَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ , فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَة فِي مَنْزِلِي , غَلَبَتْنِي عَيْنِي , فَنِمْت حَتَّى أَصْبَحْت , وَكَانَ صَفْوَان بْن الْمُعَطَّل السُّلَمِيّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيّ , قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاء الْجَيْش , فَادَّلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْد مَنْزِلِي , فَرَأَى سَوَاد إِنْسَان نَائِم , فَأَتَانِي , فَعَرَفَنِي حِين رَآنِي , وَكَانَ يَرَانِي قَبْل أَنْ يُضْرَب الْحِجَاب عَلَيَّ , فَاسْتَيْقَظْت بِاسْتِرْجَاعِهِ حِين عَرَفَنِي , فَخَمَّرْت وَجْهِي بِجِلْبَابِي , وَاللَّه مَا تَكَلَّمْت بِكَلِمَةٍ وَلَا سَمِعْت مِنْهُ كَلِمَة غَيْر اسْتِرْجَاعه ! حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَته , فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتهَا , فَانْطَلَقَ يَقُود بِي الرَّاحِلَة , حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْر الظَّهِيرَة , فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ فِي شَأْنِي , وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , فَقَدِمْنَا الْمَدِينَة , فَاشْتَكَيْت شَهْرًا , وَالنَّاس يُفِيضُونَ فِي قَوْل أَهْل الْإِفْك وَلَا أَشْعُر بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ , وَهُوَ يَرِيبنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَعْرِف مِنْ رَسُول اللَّه اللَّه اللُّطْف الَّذِي كُنْت أَرَى مِنْهُ حِين أَشْتَكِي , إِنَّمَا يَدْخُل فَيُسَلِّم ثُمَّ يَقُول : " كَيْفَ تِيكُمْ ؟ " فَذَلِكَ يَرِيبنِي , وَلَا أَشْعُر بِالشَّرِّ , حَتَّى خَرَجْت بَعْدَمَا نَقَهْت , فَخَرَجْت مَعَ أُمّ مِسْطَح قِبَل الْمَنَاصِع , وَهُوَ مُتَبَرَّزنَا , وَلَا نَخْرُج إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْل , وَذَلِكَ قَبْل أَنْ نَتَّخِذ الْكُنُف قَرِيبًا مِنْ بُيُوتنَا , وَأَمْرنَا أَمْر الْعَرَب الْأُوَل فِي التَّنَزُّه , وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذهَا عِنْد بُيُوتنَا , فَانْطَلَقْت أَنَا وَأُمّ مِسْطَح , وَهِيَ ابْنَة أَبِي رُهْم بْن عَبْد الْمُطَّلِب بْن عَبْد مَنَاف , وَأُمّهَا ابْنَة صَخْر بْن عَامِر , خَالَة أَبِي بَكْر الصِّدِّيق , وَابْنهَا مِسْطَح بْن أُثَاثَة بْن عَبَّاد بْن الْمُطَّلِب . فَأَقْبَلْت أَنَا وَابْنَة أَبِي رُهْم قِبَل بَيْتِي حِين فَرَغْنَا مِنْ شَأْننَا , فَعَثَرَتْ أُمّ مِسْطَح فِي مِرْطهَا , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح ! فَقُلْت لَهَا : بِئْسَ مَا قُلْت ! أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ؟ فَقَالَتْ أَيْ هَنْتَاه , أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ ؟ قُلْت : وَمَا قَالَ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْل الْإِفْك , فَازْدَدْت مَرَضًا عَلَى مَرَضِي , فَلَمَّا رَجَعْت إِلَى مَنْزِلِي , وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : " كَيْف تِيكُمْ ؟ " فَقُلْت : أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِي أَبَوَيَّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَتْ : وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيد أَنْ أَسْتَثْبِت الْخَبَر مِنْ قِبَلهمَا , فَأَذِنَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَجِئْت أَبَوَيَّ , فَقُلْت لِأُمِّي : أَيْ أُمَّتَاهُ , مَاذَا يَتَحَدَّث النَّاس ؟ فَقَالَتْ : أَيْ بُنَيَّة , هَوِّنِي عَلَيْك ! فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ امْرَأَة قَطُّ وَضِيئَة عِنْد رَجُل يُحِبّهَا وَلَهَا ضَرَائِر , إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا . قَالَتْ : قُلْت : سُبْحَان اللَّه , أَوَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاس بِهَذَا وَبَلَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصْبَحْت لَا يَرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ , ثُمَّ أَصْبَحْت , فَدَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْر وَأَنَا أَبْكِي , فَقَالَ لِأُمِّي : مَا يُبْكِيهَا ؟ قَالَتْ : لَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ مَا قِيلَ لَهَا , فَأَكَبَّ يَبْكِي , فَبَكَى سَاعَة , ثُمَّ قَالَ : اسْكُتِي يَا بُنَيَّة ! فَبَكَيْت يَوْمِي ذَلِكَ لَا يَرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ , ثُمَّ بَكَيْت لَيْلِي الْمُقْبِل لَا يَرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ , ثُمَّ بَكَيْت لَيْلَتِي الْمُقْبِلَة لَا يَرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ , حَتَّى ظَنَّ أَبَوَايَ أَنَّ الْبُكَاء سَيَفْلِقُ كَبِدِي . فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَأُسَامَة بْن زَيْد , حِين اسْتَلْبَثَ الْوَحْي , يَسْتَشِيرهُمَا فِي فِرَاق أَهْله ; قَالَتْ : فَأَمَّا أُسَامَة , فَأَشَارَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَم مِنْ بَرَاءَة أَهْله وَبِالَّذِي فِي نَفْسه مِنَ الْوُدّ , فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , هُمْ أَهْلك , وَلَا نَعْلَم إِلَّا خَيْرًا . وَأَمَّا عَلِيّ فَقَالَ : لَمْ يُضَيِّق اللَّه عَلَيْك , وَالنِّسَاء سِوَاهَا كَثِير , وَإِنْ تَسْأَل الْجَارِيَة تَصْدُقك , يَعْنِي بَرِيرَة , فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَة , فَقَالَ : " هَلْ رَأَيْت مِنْ شَيْء يَرِيبك مِنْ عَائِشَة ؟ " قَالَتْ لَهُ بَرِيرَة : وَالَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ , مَا رَأَيْت عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصهُ عَلَيْهَا , أَكْثَر مِنْ أَنَّهَا حَدِيثَة السِّنّ تَنَام عَنْ عَجِين أَهْلهَا فَتَأْتِي الدَّاجِن فَتَأْكُلهُ ! فَقَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا , فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله , ثُمَّ قَالَ : " مَنْ يَعْذِرنِي مِمَّنْ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ؟ " يَعْنِي عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر أَيْضًا : " يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ , مَنْ يَعْذِرنِي مِنْ رَجُل قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي ؟ فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا , وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْت عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا , وَمَا كَانَ يَدْخُل عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي ! " فَقَامَ سَعْد بْن مُعَاذ الْأَنْصَارِيّ , فَقَالَ : أَنَا أَعْذِرك مِنْهُ يَا رَسُول اللَّه , إِنْ كَانَ مِنَ الْأَوْس ضَرَبْنَا عُنُقه , وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَاننَا الْخَزْرَج أَمَرْتنَا فَفَعَلْنَا أَمْرك , فَقَامَ سَعْد بْن عُبَادَة , فَقَالَ , وَهُوَ سَيِّد الْخَزْرَج , وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا , وَلَكِنْ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّة , فَقَالَ : أَيْ سَعْد بْن مُعَاذ , لَعَمْر اللَّه لَا تَقْتُلهُ , وَلَا تَقْدِر عَلَى قَتْله ! فَقَامَ أُسَيْد بْن حُضَيْر , وَهُوَ ابْن عَمَّة سَعْد بْن مُعَاذ , فَقَالَ لِسَعْدِ بْن عُبَادَة : كَذَبْت , لَعَمْر اللَّه لَنَقْتُلَنَّهُ , فَإِنَّك مُنَافِق تُجَادِل عَنْ الْمُنَافِقِينَ ! فَثَارَ الْحَيَّانِ : الْأَوْس وَالْخَزْرَج , حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا , وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِم عَلَى الْمِنْبَر , فَلَمْ يَزَلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا , ثُمَّ أَتَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي بَيْت أَبَوَيَّ , فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي , اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار , فَأَذِنْت لَهَا , فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي ; قَالَتْ : فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ جَلَسَ عِنْدِي , وَلَمْ يَجْلِس عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ , وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي بِشَيْءٍ ; قَالَتْ : فَتَشَهَّدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين جَلَسَ , ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْد يَا عَائِشَة فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا , فَإِنْ كُنْت بَرِيئَة فَسَيُبَرِّئُك اللَّه , وَإِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبٍ , فَاسْتَغْفِرِي اللَّه , وَتُوبِي إِلَيْهِ , فَإِنَّ الْعَبْد إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ " . فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَته , قَلَصَ دَمْعِي , حَتَّى مَا أُحِسّ مِنْهُ دَمْعَة ; قُلْت لِأَبِي : أَجِبْ عَنِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ ! قَالَ : وَاللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت لِأُمِّي : أَجِيبِي عَنِّي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : وَاللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت وَأَنَا جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ لَا أَقْرَأ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآن : إِنِّي وَاللَّه لَقَدْ عَرَفْت أَنْ قَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا , حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسكُمْ , حَتَّى كِدْتُمْ أَنْ تُصَدِّقُوا بِهِ , فَإِنْ قُلْت لَكُمْ : إِنِّي بَرِيئَة وَاللَّه يَعْلَم أَنِّي بَرِيئَة , لَا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ , وَلَئِنْ اعْتَرَفْت لَكُمْ بِأَمْرٍ وَاللَّه يَعْلَم أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَة , لَتُصَدِّقنِي , وَإِنِّي وَاللَّه مَا أَجِد لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُف : { وَاللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ } 12 18 ثُمَّ تَوَلَّيْت وَاضْطَجَعْت عَلَى فِرَاشِي , وَأَنَا وَاللَّه أَعْلَم أَنِّي بَرِيئَة وَأَنَّ اللَّه سَيُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي , وَلَكِنِّي وَاللَّه مَا كُنْت أَظُنّ أَنْ يَنْزِل فِي شَأْنِي وَحْي يُتْلَى , وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَر فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّم اللَّه فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى , وَلَكِنْ كُنْت أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَام رُؤْيَا يُبَرِّئنِي اللَّه بِهَا . قَالَتْ : وَاللَّه مَا رَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسه وَلَا خَرَجَ مِنَ الْبَيْت أَحَد حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه عَلَى نَبِيّه , فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذهُ مِنَ الْبُرَحَاء عِنْد الْوَحْي , حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّر مِنْهُ مِثْل الْجُمَان مِنَ الْعَرَق فِي الْيَوْم الشَّاتِي مِنْ ثِقَل الْقَوْل الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ . قَالَتْ : فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَك , كَانَ أَوَّل كَلِمَة تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة , إِنَّ اللَّه قَدْ بَرَّأَك ! " فَقَالَتْ لِي أُمِّي , قُومِي إِلَيْهِ ! فَقُلْت : وَاللَّه لَا أَقُوم إِلَيْهِ , وَلَا أَحْمَد إِلَّا اللَّه , هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي . فَأَنْزَلَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } عَشْر آيَات , فَأَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَات بَرَاءَة لِي . قَالَتْ : فَقَالَ أَبُو بَكْر , وَكَانَ يُنْفِق عَلَى مِسْطَح لِقَرَابَتِهِ وَفَقْره : وَاللَّه لَا أُنْفِق عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْد الَّذِي قَالَ لِعَائِشَة ! قَالَتْ : فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة } 24 22 . حَتَّى بَلَغَ : { غَفُور رَحِيم } 24 22 فَقَالَ أَبُو بَكْر : إِنِّي لَأُحِبّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لِي , فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ يُنْفِق عَلَيْهِ , وَقَالَ : لَا أَنْزِعهَا مِنْهُ أَبَدًا . قَالَتْ عَائِشَة : وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَل زَيْنَب بِنْت جَحْش عَنْ أَمْرِي وَمَا رَأَتْ وَمَا سَمِعَتْ , فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه , أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي , وَاللَّه مَا رَأَيْت إِلَّا خَيْرًا . قَالَتْ عَائِشَة : وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي , فَعَصَمَهَا اللَّه بِالْوَرَعِ , وَطَفِقَتْ أُخْتهَا حَمْنَة تُحَارِب فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ . قَالَ الزُّهْرِيّ بْن شِهَاب : هَذَا الَّذِي انْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْر هَؤُلَاءِ الرَّهْط . * – حَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة , عَنِ ابْن إِسْحَاق , عَنِ الزُّهْرِيّ , وَعَنْ عَلْقَمَة بْن وَقَّاص اللَّيْثِيّ , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَعَنْ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَعَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود . قَالَ الزُّهْرِيّ : كُلّ قَدْ حَدَّثَنِي بَعْض هَذَا الْحَدِيث , وَبَعْض الْقَوْم كَانَ لَهُ أَوْعَى مِنْ بَعْض , قَالَ : وَقَدْ جَمَعْت لَك كُلّ الَّذِي قَدْ حَدَّثَنِي . وَحَدَّثَنَا ابْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا سَلَمَة ; قَالَ : وثني مُحَمَّد بْن إِسْحَاق , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة . قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم الْأَنْصَارِيّ , عَنْ عَمْرَة بِنْت عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ عَائِشَة قَالَتْ ; وَكُلّ قَدْ اجْتَمَعَ فِي حَدِيثه قِصَّة خَبَر عَائِشَة عَنْ نَفْسهَا , حِين قَالَ أَهْل الْإِفْك فِيهَا مَا قَالُوا , وَكُلّه قَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثهَا عَنْ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا , وَيُحَدِّث بَعْضهمْ مَا لَمْ يُحَدِّث بَعْض , وَكُلّ كَانَ عَنْهَا ثِقَة , وَكُلّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهَا مَا سَمِعَ . قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ , فَأَيَّتهنَّ خَرَجَ سَهْمهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ . فَلَمَّا كَانَتْ غَزَاة بَنِي الْمُصْطَلِق , أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ كَمَا كَانَ يَصْنَع , فَخَرَجَ سَهْمِي عَلَيْهِنَّ , فَخَرَجَ بِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ . قَالَتْ : وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلَق لَمْ يُهَيِّجهُنَّ اللَّحْم فَيَثْقُلْنَ . قَالَتْ : وَكُنْت إِذَا رَحَلَ بَعِيرِي جَلَسْت فِي هَوْدَجِي , ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْم الَّذِينَ يَرْحَلُونَ بِي بَعِيرِي وَيَحْمِلُونِي , فَيَأْخُذُونَ بِأَسْفَل الْهَوْدَج يَرْفَعُونَهُ فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْر الْبَعِير , فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ . قَالَتْ : فَلَمَّا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَفَره ذَلِكَ وَجَّهَ قَافِلًا , حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَة , نَزَلَ مَنْزِلًا فَبَاتَ بَعْض اللَّيْل , ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاس بِالرَّحِيلِ . فَلَمَّا ارْتَحَلَ النَّاس , خَرَجْت لِبَعْضِ حَاجَتِي وَفِي عُنُقِي عِقْد لِي مِنْ جَزْع ظَفَار , فَلَمَّا فَرَغْت انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَمَا أَدْرِي ; فَلَمَّا رَجَعْت إِلَى الرَّحْل ذَهَبْت أَلْتَمِسهُ فِي عُنُقِي فَلَمْ أَجِدهُ , وَقَدْ أَخَذَ النَّاس فِي الرَّحِيل . قَالَتْ : فَرَجَعْت عَوْدِي إِلَى بَدْئِي , إِلَى الْمَكَان الَّذِي ذَهَبْت إِلَيْهِ , فَالْتَمَسْته حَتَّى وَجَدْته ; وَجَاءَ الْقَوْم خِلَافِي الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بِي الْبَعِير . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْو حَدِيث ابْن عَبْد الْأَعْلَى , عَنْ ابْن ثَوْر . 19565 – حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا , قَالَتْ : لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْت بِهِ , قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا وَمَا عَلِمْت , فَتَشَهَّدَ , فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله , ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْد أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاس أَبَنُوا أَهْلِي وَاللَّه مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي سُوءًا قَطُّ , وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللَّه مَا عَلِمْت عَلَيْهِ سُوءًا قَطُّ , وَلَا دَخَلَ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِر , وَلَا أَغِيب فِي سَفَر إِلَّا غَابَ مَعِي " فَقَامَ سَعْد بْن مُعَاذ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه , نَرَى أَنْ نَضْرِب أَعْنَاقهمْ ! فَقَامَ رَجُل مِنَ الْخَزْرَج , وَكَانَتْ أُمّ حَسَّان بْن ثَابِت مِنْ رَهْط ذَلِكَ الرَّجُل , فَقَالَ : كَذَبْت , أَمَا وَاللَّه لَوْ كَانُوا مِنْ الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَنْ تَضْرِب أَعْنَاقهمْ ! حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُون بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج فِي الْمَسْجِد شَرّ ; وَمَا عَلِمْت بِهِ . فَلَمَّا كَانَ مَسَاء ذَلِكَ الْيَوْم , خَرَجْت لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمّ مِسْطَح , فَعَثَرَتْ , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح ! فَقُلْت عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنك ؟ فَسَكَتَتْ , ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّانِيَة , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح ! قُلْت : عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنك ؟ فَسَكَتَتْ الثَّانِيَة , ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّالِثَة , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح ! فَانْتَهَرْتهَا , وَقُلْت : عَلَامَ تَسُبِّينَ ابْنك ؟ قَالَتْ : وَاللَّه مَا أَسُبّهُ إِلَّا فِيك , قُلْت : فِي أَيّ شَأْنِي , فَبَقَرَتْ لِي الْحَدِيث , فَقُلْت : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ وَاللَّه . قَالَتْ : فَرَجَعْت إِلَى بَيْتِي فَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْت لَهُ لَمْ أَخْرُج لَهُ , وَلَا أَجِد مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا . وَوُعِكْت , فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْت أَبِي ! فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلَام , فَدَخَلْت الدَّار فَإِذَا أَنَا بِأُمِّي أُمّ رُومَان , قَالَتْ : مَا جَاءَ بِك يَا بُنَيَّة ؟ فَأَخْبَرْتهَا , فَقَالَتْ : خَفِّضِي عَلَيْك الشَّأْن , فَإِنَّهُ وَاللَّه مَا كَانَتْ امْرَأَة جَمِيلَة عِنْد رَجُل يُحِبّهَا وَلَهَا ضَرَائِر إِلَّا حَسَدْنَهَا وَقُلْنَ فِيهَا . قُلْت : وَقَدْ عَلِمَ بِهَا أَبِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قُلْت : وَرَسُول اللَّه ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . فَاسْتَعْبَرْت وَبَكَيْت , فَسَمِعَ أَبُو بَكْر صَوْتِي وَهُوَ فَوْق الْبَيْت يَقْرَأ , فَنَزَلَ فَقَالَ لِأُمِّي : مَا شَأْنهَا ؟ قَالَتْ : بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَمْرهَا . فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ , فَقَالَ : أَقْسَمْت عَلَيْك إِلَّا رَجَعْت إِلَى بَيْتك ! فَرَجَعْت . فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي , فَلَمْ يَزَالَا عِنْدِي حَتَّى دَخَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ بَعْد الْعَصْر , وَقَدْ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ , عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي , فَتَشَهَّدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله , ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْد يَا عَائِشَة , إِنْ كُنْت قَارَفْت سُوءًا أَوْ أَلْمَمْت فَتُوبِي إِلَى اللَّه , فَإِنَّ اللَّه يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده " . وَقَدْ جَاءَتْ امْرَأَة مِنَ الْأَنْصَار وَهِيَ جَالِسَة , فَقُلْت : أَلَا تَسْتَحْيِ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَة أَنْ تَقُول شَيْئًا ؟ فَقُلْت لِأَبِي : أَجِبْهُ ! فَقَالَ : أَقُول مَاذَا ؟ قُلْت لِأُمِّي : أَجِيبِيهِ ! فَقَالَتْ : أَقُول مَاذَا ؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْت فَحَمِدْت اللَّه وَأَثْنَيْت عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله , ثُمَّ قُلْت : أَمَّا بَعْد , فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْت لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَل , وَاللَّه يَعْلَم أَنِّي لَصَادِقَة مَا ذَا بِنَافِعِي عِنْدكُمْ , لَقَدْ تُكُلِّمَ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبكُمْ ; وَإِنْ قُلْت إِنِّي قَدْ فَعَلْت وَاللَّه يَعْلَم أَنِّي لَمْ أَفْعَل لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسهَا , وَأَيْم اللَّه مَا أَجِد لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُف وَمَا أَحْفَظ اسْمه : { فَصَبْر جَمِيل وَاللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ } 12 18 . وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى رَسُوله سَاعَتئِذٍ , فَرُفِعَ عَنْهُ , وَإِنِّي لَأَتَبَيَّن السُّرُور فِي وَجْهه وَهُوَ يَمْسَح جَبِينه يَقُول : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة , فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّه بَرَاءَتك ! " فَكُنْت أَشَدّ مَا كُنْت غَضَبًا , فَقَالَ لِي أَبَوَايَ : قُومِي إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَقُلْت : وَاللَّه لَا أَقُوم إِلَيْهِ , وَلَا أَحْمَدهُ وَلَا أَحْمَدكُمَا , لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ , وَلَكِنِّي أَحْمَد اللَّه الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي . وَلَقَدْ جَاءَ رَسُول اللَّه بَيْتِي , فَسَأَلَ الْجَارِيَة عَنِّي , فَقَالَتْ : وَاللَّه مَا أَعْلَم عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَنَام حَتَّى كَانَتْ تَدْخُل الشَّاة فَتَأْكُل حَصِيرهَا أَوْ عَجِينهَا , فَانْتَهَرَهَا بَعْض أَصْحَابه , وَقَالَ لَهَا : اصْدُقِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَ عُرْوَة : فَعَتَبَ عَلَى مَنْ قَالَهُ , فَقَالَ : لَا , وَاللَّه مَا أَعْلَم عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَم الصَّائِغ عَلَى تِبْر الذَّهَب الْأَحْمَر . وَبَلَغَ ذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي قِيلَ لَهُ , فَقَالَ : سُبْحَان اللَّه ! مَا كَشَفْت كَنَف أُنْثَى قَطُّ . فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيل اللَّه . قَالَتْ عَائِشَة : فَأَمَّا زَيْنَب بِنْت جَحْش , فَعَصَمَهَا اللَّه بِدِينِهَا , فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا ; وَأَمَّا حَمْنَة أُخْتهَا , فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ , وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِيهِ : الْمُنَافِق عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول , وَكَانَ يَسْتَوْشِيه وَيَجْمَعهُ , وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَمِسْطَحًا , وَحَسَّان بْن ثَابِت , فَحَلَفَ أَبُو بَكْر أَنْ لَا يَنْفَع مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ , فَأَنْزَلَ اللَّه : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة } 24 22 . يَعْنِي أَبَا بَكْر , { أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين } 24 22 يَعْنِي مِسْطَحًا , { أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَاللَّه غَفُور رَحِيم } 24 22 قَالَ أَبُو بَكْر : بَلَى وَاللَّه , إِنَّا لَنُحِبّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَنَا ! وَعَادَ أَبُو بَكْر لِمِسْطَحٍ بِمَا كَانَ يَصْنَع بِهِ . 19566 – حَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن بِشْر , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن حَاطِب , عَنْ عَلْقَمَة بْن وَقَّاص وَغَيْره أَيْضًا , قَالَ : خَرَجَتْ عَائِشَة تُرِيد الْمَذْهَب , وَمَعَهَا أُمّ مِسْطَح , وَكَانَ مِسْطَح بْن أُثَاثَة مِمَّنْ قَالَ مَا قَالَ , وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاس قَبْل ذَلِكَ , فَقَالَ : " كَيْفَ تَرَوْنَ فِيمَنْ يُؤْذِينِي فِي أَهْلِي وَيَجْمَع فِي بَيْته مَنْ يُؤْذِينِي ؟ " فَقَالَ سَعْد بْن مُعَاذ : أَيْ رَسُول اللَّه , إِنْ كَانَ مِنَّا مَعْشَر الْأَوْس جَلَدْنَا رَأْسه , وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَاننَا مِنَ الْخَزْرَج , أَمَرْتنَا فَأَطَعْنَاك . فَقَالَ سَعْد بْن عُبَادَة : يَا ابْن مُعَاذ , وَاللَّه مَا بِك نُصْرَة رَسُول اللَّه , وَلَكِنَّهَا قَدْ كَانَتْ ضَغَائِن فِي الْجَاهِلِيَّة وَإِحَن لَمْ تُحْلَلْ لَنَا مِنْ صُدُوركُمْ بَعْد ! فَقَالَ ابْن مُعَاذ : اللَّه أَعْلَم مَا أَرَدْت , فَقَامَ أُسَيْد بْن حُضَيْر , فَقَالَ : يَا ابْن عُبَادَة , إِنَّ سَعْدًا لَيْسَ شَدِيدًا , وَلَكِنَّك تُجَادِل عَنْ الْمُنَافِقِينَ وَتَدْفَع عَنْهُمْ , وَكَثُرَ اللَّغَط فِي الْحَيَّيْنِ فِي الْمَسْجِد وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِس عَلَى الْمِنْبَر , فَمَا زَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُومِئ بِيَدِهِ إِلَى النَّاس هَا هُنَا وَهَا هُنَا , حَتَّى هَدَأَ الصَّوْت . وَقَالَتْ عَائِشَة : كَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره , وَالَّذِي يَجْمَعهُمْ فِي بَيْته , عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول . قَالَتْ : فَخَرَجْت إِلَى الْمَذْهَب وَمَعِي أُمّ مِسْطَح , فَعَثَرَتْ , فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح ! فَقُلْت : غَفَرَ اللَّه لَك , أَتَقُولِينَ هَذَا لِابْنِك وَلِصَاحِبِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ , وَمَا شَعَرْت بِالَّذِي كَانَ . فَحُدِّثْت , فَذَهَبَ عَنِّي الَّذِي خَرَجْت لَهُ , حَتَّى مَا أَجِد مِنْهُ شَيْئًا . وَرَجَعْت عَلَى أَبَوَيَّ أَبِي بَكْر وَأُمّ رُومَان , فَقُلْت : أَمَا اتَّقَيْتُمَا اللَّه فِيَّ وَمَا وَصَلْتُمَا رَحِمِي ؟ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي قَالَ , وَتَحَدَّثَ النَّاس بِالَّذِي تَحَدَّثُوا بِهِ وَلَمْ تُعْلِمَانِي فَأُخْبِر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّة , وَاللَّه لَقَلَّمَا أَحَبَّ رَجُل قَطُّ امْرَأَته إِلَّا قَالُوا لَهَا نَحْو الَّذِي قَالُوا لَك ! أَيْ بُنَيَّة ارْجِعِي إِلَى بَيْتك حَتَّى نَأْتِيك فِيهِ ! فَرَجَعْت وَارْتَكَبَنِي صَالِب مِنْ حُمَّى , فَجَاءَ أَبَوَايَ فَدَخَلَا , وَجَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَلَسَ عَلَى سَرِيرِي وِجَاهِي , فَقَالَا : أَيْ بُنَيَّة , إِنْ كُنْت صَنَعْت مَا قَالَ النَّاس فَاسْتَغْفِرِي اللَّه , وَإِنْ لَمْ تَكُونِي صَنَعْتِيهِ فَأَخْبِرِي رَسُول اللَّه بِعُذْرِك ! قُلْت : مَا أَجِد لِي وَلَكُمْ إِلَّا كَأَبِي يُوسُف { فَصَبْر جَمِيل وَاللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ } 12 18 . قَالَتْ : فَالْتَمَسْت اسْم يَعْقُوب , فَمَا قَدَرْت , أَوْ فَلَمْ أَقْدِر عَلَيْهِ . فَشَخَصَ بَصَر رَسُول اللَّه إِلَى السَّقْف , وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ وَجَدَ , قَالَ اللَّه : { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْك قَوْلًا ثَقِيلًا } 73 5 . فَوَالَّذِي هُوَ أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَاب , مَا زَالَ يَضْحَك حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُر إِلَى نَوَاجِذه سُرُورًا , ثُمَّ مَسَحَ عَنْ وَجْهه , فَقَالَ : " يَا عَائِشَة أَبْشِرِي , قَدْ أَنْزَلَ اللَّه عُذْرك ! " قُلْت : بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِك وَلَا بِحَمْدِ أَصْحَابك . قَالَ اللَّه : { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ } … 24 22 حَتَّى بَلَغَ : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة } 24 22 . وَكَانَ أَبُو بَكْر حَلَفَ أَنْ لَا يَنْفَع مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ , وَكَانَ بَيْنهمَا رَحِم , فَلَمَّا أُنْزِلَتْ : { وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ } . .. 24 22 حَتَّى بَلَغَ : { وَاللَّه غَفُور رَحِيم } 24 22 قَالَ أَبُو بَكْر : بَلَى , أَيْ رَبِّ ! فَعَادَ إِلَى الَّذِي كَانَ لِمِسْطَحٍ { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات } … 24 23 حَتَّى بَلَغَ : { أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَة وَرِزْق كَرِيم } 24 26 . قَالَتْ عَائِشَة : وَاللَّه مَا كُنْت أَرْجُو أَنْ يَنْزِل فِيَّ كِتَاب وَلَا أَطْمَع بِهِ , وَلَكِنْ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا تُذْهِب مَا فِي نَفْسه . قَالَتْ : وَسَأَلَ الْجَارِيَة الْحَبَشِيَّة , فَقَالَتْ وَاللَّه لَعَائِشَة أَطْيَب مِنْ طَيِّب الذَّهَب , وَمَا بِهَا عَيْب إِلَّا أَنَّهَا تَرْقُد حَتَّى تَدْخُل الشَّاة فَتَأْكُل عَجِينهَا , وَلَئِنْ كَانَتْ صَنَعَتْ مَا قَالَ النَّاس لَيُخْبِرَنَّك اللَّه ! قَالَ : فَعَجِبَ النَّاس مِنْ فِقْههَا .

تفسير ابن كثير:

هَذِهِ الْعَشْر الْآيَات كُلّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْن عَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا حِين رَمَاهَا أَهْل الْإِفْك وَالْبُهْتَان مِنْ الْمُنَافِقِينَ بِمَا قَالُوهُ مِنْ الْكَذِب الْبَحْت وَالْفِرْيَة الَّتِي غَارَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لَهَا وَلِنَبِيِّهِ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى بَرَاءَتهَا صِيَانَة لِعِرْضِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ " أَيْ جَمَاعَة مِنْكُمْ يَعْنِي مَا هُوَ وَاحِد وَلَا اِثْنَانِ بَلْ جَمَاعَة فَكَانَ الْمُقَدِّم هَذِهِ اللَّعْنَة عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول رَأْس الْمُنَافِقِينَ فَإِنَّهُ كَانَ يَجْمَعهُ وَيَسْتَوْشِيه حَتَّى ذَلِكَ فِي أَذْهَان بَعْض الْمُسْلِمِينَ فَتَكَلَّمُوا بِهِ وَجَوَّزَهُ آخَرُونَ مِنْهُمْ وَبَقِيَ الْأَمْر كَذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ شَهْر حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآن وَبَيَان ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق حَدَّثَنَا مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعُرْوَة بْن الزُّبَيْر وَعَلْقَمَة بْن وَقَّاص وَعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود عَنْ حَدِيث عَائِشَة زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين قَالَ لَهَا أَهْل الْإِفْك مَا قَالُوا فَبَرَّأَهَا اللَّه تَعَالَى وَكُلّهمْ قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثهَا وَبَعْضهمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْض وَأَثْبَتَ لَهُ اِقْتِصَاصًا وَقَدْ وَعَيْت عَنْ كُلّ رَجُل مِنْهُمْ الْحَدِيث الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَة وَبَعْض حَدِيثهمْ يُصَدِّق بَعْضًا : ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : " كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُج لِسَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ فَأَيَّتهنَّ خَرَجَ سَهْمهَا خَرَجَ بِهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَأَقْرَعَ بَيْننَا فِي غَزْوَة غَزَاهَا فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي وَخَرَجْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ بَعْدَمَا نَزَلَ الْحِجَاب فَأَنَا أُحْمَل فِي هَوْدَجِي وَأُنْزَل فِيهِ فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَته تِلْكَ وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنْ الْمَدِينَة آذَن لَيْلَة بِالرَّحِيلِ فَقُمْت حِين آذَن بِالرَّحِيلِ فَمَشَيْت حَتَّى جَاوَزْت الْجَيْش فَلَمَّا قَضَيْت شَأْنِي أَقْبَلْت إِلَى رَحْلِي فَلَمَسْت صَدْرِي فَإِذَا عِقْد لِي مِنْ جَزْع أَظْفَار قَدْ اِنْقَطَعَ فَرَجَعْت فَالْتَمَسْت عِقْدِي فَحَبَسَنِي اِبْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْط الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونَنِي فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْت أَرْكَب وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ قَالَتْ وَكَانَ النِّسَاء إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَثْقُلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْم إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعَلَقَة مِنْ الطَّعَام فَلَمْ يَسْتَنْكِر الْقَوْم خِفَّة الْهَوْدَج حِين رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ وَكُنْت جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ فَبَعَثُوا الْجَمَل وَسَارُوا وَوَجَدْت عِقْدِي بَعْدَمَا اِسْتَمَرَّ الْجَيْش فَجِئْت مَنَازِلهمْ وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيب فَتَيَمَّمْت مَنْزِلِي الَّذِي كُنْت فِيهِ وَظَنَنْت أَنَّ الْقَوْم سَيَفْقِدُونَنِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَة فِي مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْت وَكَانَ صَفْوَان بْن الْمُعَطَّل السُّلَمِيّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاء الْجَيْش فَأَدْلَجَ فَأَصْبَحَ عِنْد مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَاد إِنْسَان نَائِم فَأَتَانِي فَعَرَفَنِي حِين رَآنِي وَكَانَ قَدْ رَآنِي قَبْل الْحِجَاب فَاسْتَيْقَظْت بِاسْتِرْجَاعِهِ حِين عَرَفَنِي فَخَمَّرْت وَجْهِي بِجِلْبَابِي وَاَللَّه مَا كَلَّمَنِي كَلِمَة وَلَا سَمِعْت مِنْهُ كَلِمَة غَيْر اِسْتِرْجَاعه حِين أَنَاخَ رَاحِلَته فَوَطِئَ عَلَى يَدهَا فَرَكِبْتهَا فَانْطَلَقَ يَقُود بِي الرَّاحِلَة حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْش بَعْدَمَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْر الظَّهِيرَة فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنْ شَأْنِي وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول فَقَدِمْنَا الْمَدِينَة فَاشْتَكَيْت حِين قَدِمْنَاهَا شَهْرًا وَالنَّاس يُفِيضُونَ فِي قَوْل أَهْل الْإِفْك وَلَا أَشْعُر بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَرِيبنِي فِي وَجَعِي أَنِّي لَا أَرَى مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللُّطْف الَّذِي أَرَى مِنْهُ حِين أَشْتَكِي إِنَّمَا يَدْخُل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسَلِّم . ثُمَّ يَقُول " كَيْف تِيكُمْ ؟ " فَذَلِكَ الَّذِي يَرِيبنِي وَلَا أَشْعُر بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْت بَعْدَمَا نَقِهْت وَخَرَجَتْ مَعِي أُمّ مِسْطَح قِبَل الْمَنَاصِع وَهُوَ مُتَبَرَّزنَا وَلَا نَخْرُج إِلَّا لَيْلًا إِلَى لَيْل وَذَلِكَ قَبْل أَنْ نَتَّخِذ الْكُنُف قَرِيبًا مِنْ بُيُوتنَا وَأَمْرنَا أَمْر الْعَرَب الْأُوَل فِي التَّنَزُّه فِي الْبَرِّيَّة وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذهَا فِي بُيُوتنَا فَانْطَلَقْت أَنَا وَأُمّ مِسْطَح وَهِيَ بِنْت أَبِي رُهْم بْن الْمُطَّلِب بْن عَبْد مَنَاف وَأُمّهَا اِبْنَة صَخْر بْن عَامِر خَالَة أَبِي بَكْر الصِّدِّيق وَابْنهَا مِسْطَح بْن أُثَاثَة بْن عَبَّاد بْن عَبْد الْمُطَّلِب فَأَقْبَلْت أَنَا وَابْنَة أَبِي رُهْم أُمّ مِسْطَح قِبَل بَيْتِي حِين فَرَغْنَا مِنْ شَأْننَا فَعَثَرَتْ أُمّ مِسْطَح فِي مِرْطهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح فَقُلْت لَهَا : بِئْسَمَا قُلْت تَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا ؟ فَقَالَتْ أَيْ هَنْتَاه أَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ ؟ قُلْت : وَمَاذَا قَالَ ؟ قَالَتْ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْل الْإِفْك فَازْدَدْت مَرَضًا إِلَى مَرَضِي فَلَمَّا رَجَعْت إِلَى بَيْتِي دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ : " كَيْف تِيكُمْ ؟ " فَقُلْت لَهُ : أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِي أَبَوَيَّ قَالَتْ وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيد أَنْ أَتَيَقَّن الْخَبَر مِنْ قِبَلهمَا فَأَذِنَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْت أَبَوَيَّ فَقُلْت لِأُمِّي : يَا أُمَّتَاهُ مَا يَتَحَدَّث النَّاس بِهِ ؟ فَقَالَتْ : أَيْ بُنَيَّة هَوِّنِي عَلَيْك فَوَاَللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتْ اِمْرَأَة قَطُّ وَضِيئَة عِنْد رَجُل يُحِبّهَا وَلَهَا ضَرَائِر إِلَّا أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا . قَالَتْ فَقُلْت : سُبْحَان اللَّه أَوَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاس بِهَا ؟ فَبَكَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أَصْبَحْت لَا يُرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ ثُمَّ أَصْبَحْت أَبْكِي قَالَتْ فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَأُسَامَة بْن زَيْد حِين اِسْتَلْبَثَ الْوَحْي يَسْأَلهُمَا وَيَسْتَشِيرهُمَا فِي فِرَاق أَهْله قَالَتْ فَأَمَّا أُسَامَة بْن زَيْد فَأَشَارَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاَلَّذِي يَعْلَم مِنْ بَرَاءَة أَهْله وَبِاَلَّذِي يَعْلَم فِي نَفْسه لَهُمْ مِنْ الْوُدّ فَقَالَ أُسَامَة : يَا رَسُول اللَّه أَهْلك وَلَا نَعْلَم إِلَّا خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه لَمْ يُضَيِّق اللَّه عَلَيْك وَالنِّسَاء سِوَاهَا كَثِير وَإِنْ تَسْأَل الْجَارِيَة تَصْدُقك الْخَبَر قَالَتْ فَدَعَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَة فَقَالَ : " أَيْ بَرِيرَة هَلْ رَأَيْت مِنْ شَيْء يَرِيبك مِنْ عَائِشَة " فَقَالَتْ لَهُ بَرِيرَة : وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إِنْ رَأَيْت مِنْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصهُ عَلَيْهَا أَكْثَر مِنْ أَنَّهَا جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ تَنَام عَنْ عَجِين أَهْلهَا فَتَأْتِي الدَّاجِن فَتَأْكُلهُ . فَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمه فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول قَالَتْ فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَر : " يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرنِي مِنْ رَجُل قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي فَوَاَللَّهِ مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْت عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُل عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي " فَقَامَ سَعْد بْن مُعَاذ الْأَنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ أَنَا أَعْذِرك مِنْهُ يَا رَسُول اللَّه إِنْ كَانَ مِنْ الْأَوْس ضَرَبْنَا عُنُقه وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَاننَا مِنْ الْخَزْرَج أَمَرْتنَا فَفَعَلْنَا بِأَمْرِك . قَالَتْ فَقَامَ سَعْد بْن عُبَادَة وَهُوَ سَيِّد الْخَزْرَج وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَلَكِنْ اِحْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّة فَقَالَ لِسَعْدِ بْن مُعَاذ : كَذَبْت لَعَمْر اللَّه لَا تَقْتُلهُ وَلَا تَقْدِر عَلَى قَتْله وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطك مَا أَحْبَبْت أَنْ يُقْتَل فَقَامَ أُسَيْد بْن حُضَيْر وَهُوَ اِبْن عَمّ سَعْد بْن مُعَاذ فَقَالَ لِسَعْدِ بْن عُبَادَة : كَذَبْت لَعَمْر اللَّه لَنَقْتُلَنَّهُ فَإِنَّك مُنَافِق تُجَادِل عَنْ الْمُنَافِق فَتَثَاوَرَ الْحَيَّانِ الْأَوْس وَالْخَزْرَج حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَر فَلَمْ يَزَلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : وَبَكَيْت يَوْمِي ذَلِكَ لَا يُرْقَأ لِي دَمْع وَلَا أَكْتَحِل بِنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاء فَالِق كَبِدِي قَالَتْ فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي إِذْ اِسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فَأَذِنْت لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِس عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي شَيْء قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين جَلَسَ ثُمَّ قَالَ " أَمَّا بَعْد يَا عَائِشَة فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا فَإِنْ كُنْت بَرِيئَة فَسَيُبَرِّئُك اللَّه وَإِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّه وَتُوبِي إِلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْد إِذَا اِعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ وَتَابَ تَابَ اللَّه عَلَيْهِ" قَالَتْ فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَالَته قَلَصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسّ مِنْهُ قَطْرَة فَقُلْت لِأَبِي أَجِبْ عَنِّي رَسُول اللَّه فَقَالَ : وَاَللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت لِأُمِّي أَجِيبِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : وَاَللَّه مَا أَدْرِي مَا أَقُول لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ فَقُلْت وَأَنَا جَارِيَة حَدِيثَة السِّنّ لَا أَقْرَأ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآن : وَاَللَّه لَقَدْ عَلِمْت لَقَدْ سَمِعْتُمْ بِهَذَا الْحَدِيث حَتَّى اِسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْت لَكُمْ إِنِّي بَرِيئَة وَاَللَّه يَعْلَم أَنِّي بَرِيئَة لَا تُصَدِّقُونَنِي وَلَئِنْ اِعْتَرَفْت بِأَمْرٍ وَاَللَّه يَعْلَم أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَة لَا تُصَدِّقُونَنِي فَوَاَللَّهِ مَا أَجِد لِي وَلَكُمْ مَثَلًا إِلَّا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُف " فَصَبْر جَمِيل وَاَللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ " قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْت فَاضْطَجَعْت عَلَى فِرَاشِي قَالَتْ وَأَنَا وَاَللَّه أَعْلَم حِينَئِذٍ أَنِّي بَرِيئَة وَأَنَّ اللَّه تَعَالَى مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاَللَّه مَا كُنْت أَظُنّ أَنْ يَنْزِل فِي شَأْنِي وَحْي يُتْلَى وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَر فِي نَفْسِي مِنْ أَنْ يَتَكَلَّم اللَّه فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى وَلَكِنْ كُنْت أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّوْم رُؤْيَا يُبَرِّئنِي اللَّه بِهَا قَالَتْ : فَوَاَللَّهِ مَا رَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسه وَلَا خَرَجَ مِنْ أَهْل الْبَيْت أَحَد حَتَّى أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى عَلَى نَبِيّه فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذهُ مِنْ الْبُرَحَاء عِنْد الْوَحْي حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّر مِنْهُ مِثْل الْجُمَان مِنْ الْعَرَق وَهُوَ فِي يَوْم شَاتٍ مِنْ ثِقَل الْقَوْل الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ . قَالَتْ فَسُرِّيَ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَك فَكَانَ أَوَّل كَلِمَة تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة أَمَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَك " قَالَتْ فَقَالَتْ لِي أُمِّي : قُومِي إِلَيْهِ فَقُلْت : وَاَللَّه لَا أَقُوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَد إِلَّا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي وَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ " الْعَشْر الْآيَات كُلّهَا فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّه هَذَا فِي بَرَاءَتِي قَالَ أَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَكَانَ يُنْفِق عَلَى مِسْطَح بْن أُثَاثَة لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْره : وَاَللَّه لَا أُنْفِق عَلَيْهِ شَيْئًا أَبَدًا بَعْد الَّذِي قَالَ لِعَائِشَة فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى – إِلَى قَوْله – أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم " فَقَالَ أَبُو بَكْر : بَلَى وَاَللَّه إِنِّي لَأُحِبّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لِي فَرَجَّعَ إِلَى مِسْطَح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ يُنْفِق عَلَيْهِ. وَقَالَ وَاَللَّه لَا أَنْزِعهَا مِنْهُ أَبَدًا : قَالَتْ عَائِشَة وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَل زَيْنَب بِنْت جَحْش زَوْج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرِي فَقَالَ : " يَا زَيْنَب مَاذَا عَلِمْت أَوْ رَأَيْت ؟ " فَقَالَتْ يَا رَسُول اللَّه : أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي وَاَللَّه مَا عَلِمْت إِلَّا خَيْرًا قَالَتْ عَائِشَة وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَصَمَهَا اللَّه تَعَالَى بِالْوَرَعِ وَطَفِقَتْ أُخْتهَا حَمْنَة بِنْت جَحْش تُحَارِب لَهَا فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ . قَالَ اِبْن شِهَاب فَهَذَا مَا اِنْتَهَى إِلَيْنَا مِنْ أَمْر هَؤُلَاءِ الرَّهْط أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ . وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيّ كَذَلِكَ قَالَ : وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا وَحَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم الْأَنْصَارِيّ عَنْ عَمْرَة عَنْ عَائِشَة بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم . ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيّ وَقَالَ أَبُو أُسَامَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ وَمَا عَلِمْت بِهِ قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيَّ خَطِيبًا فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْد أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاس أَبَنُوا أَهْلِي وَاَيْم اللَّه مَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا وَمَا عَلِمْت عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوء وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاَللَّه مَا عَلِمْت عَلَيْهِ مِنْ سُوء قَطُّ وَلَا يَدْخُل بَيْتِي قَطُّ إِلَّا وَأَنَا حَاضِر وَلَا غِبْت فِي سَفَر إِلَّا غَابَ مَعِي " فَقَامَ سَعْد بْن مُعَاذ الْأَنْصَارِيّ فَقَالَ : يَا رَسُول اللَّه اِئْذَنْ لَنَا أَنْ نَضْرِب أَعْنَاقهمْ فَقَامَ رَجُل مِنْ الْخَزْرَج وَكَانَتْ أُمّ حَسَّان بْن ثَابِت مِنْ رَهْط ذَلِكَ الرَّجُل فَقَالَ كَذَبْت أَمَا وَاَللَّه لَوْ كَانُوا مِنْ الْأَوْس مَا أَحْبَبْت أَنْ تَضْرِب أَعْنَاقهمْ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُون بَيْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج شَرّ فِي الْمَسْجِد وَمَا عَلِمْت فَلَمَّا كَانَ مَسَاء ذَلِكَ الْيَوْم خَرَجْت لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمّ مِسْطَح فَعَثَرَتْ فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح فَقُلْت لَهَا : أَيْ أُمّ تَسُبِّينَ اِبْنك ؟ فَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّانِيَة فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَح فَقُلْت لَهَا : أَيْ أُمّ تَسُبِّينَ اِبْنك ؟ ثُمَّ عَثَرَتْ الثَّالِثَة فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَح فَانْتَهَرْتهَا فَقَالَتْ : وَاَللَّه مَا أَسُبّهُ إِلَّا فِيك فَقُلْت : فِي أَيّ شَأْنِي ؟ قَالَتْ : فَبَقَرَتْ لِي الْحَدِيث فَقُلْت : وَقَدْ كَانَ هَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ وَاَللَّه فَرَجَعْت إِلَى بَيْتِي كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْت لَهُ لَا أَجِد مِنْهُ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا وَوَعَكْت وَقُلْت لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْت أَبِي فَأَرْسَلَ مَعِي الْغُلَام فَدَخَلْت الدَّار فَوَجَدْت أُمّ رُومَان فِي السُّفْل وَأَبَا بَكْر فَوْق الْبَيْت يَقْرَأ فَقَالَتْ أُمّ رُومَان : مَا جَاءَ بِك يَا بُنَيَّة فَأَخْبَرْتهَا وَذَكَرْت لَهَا الْحَدِيث وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغ مِنْهَا مِثْل الَّذِي بَلَغَ مِنِّي فَقَالَتْ يَا بُنَيَّة خَفِّفِي عَلَيْك الشَّأْن فَإِنَّهُ وَاَللَّه لَقَلَّمَا كَانَتْ اِمْرَأَة قَطُّ حَسْنَاء عِنْد رَجُل يُحِبّهَا لَهَا ضَرَائِر إِلَّا حَسَدْنَهَا وَقِيلَ فِيهَا فَقُلْت وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قُلْت : وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ نَعَمْ وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَعْبَرْت وَبَكَيْت فَسَمِعَ أَبُو بَكْر صَوْتِي وَهُوَ فَوْق الْبَيْت يَقْرَأ فَنَزَلَ فَقَالَ لِأُمِّي مَا شَأْنهَا قَالَتْ بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنهَا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ " فَقَالَ أَقْسَمْت عَلَيْك يَا بُنَيَّة إِلَّا رَجَعْت إِلَى بَيْتك فَرَجَعْت وَلَقَدْ جَاءَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه لَا وَاَللَّه مَا عَلِمْت عَلَيْهَا عَيْبًا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُد حَتَّى تَدْخُل الشَّاة فَتَأْكُل خَمِيرهَا أَوْ عَجِينهَا وَانْتَهَرَهَا بَعْض أَصْحَابه فَقَالَ : اُصْدُقِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ فَقَالَتْ : سُبْحَان اللَّه وَاَللَّه مَا عَلِمْت عَلَيْهَا إِلَّا مَا يَعْلَم الصَّائِغ عَلَى تِبْر الذَّهَب الْأَحْمَر وَبَلَغَ الْأَمْر ذَلِكَ الرَّجُل الَّذِي قِيلَ لَهُ فَقَالَ سُبْحَان اللَّه وَاَللَّه مَا كَشَفْت كَنَف أُنْثَى قَطُّ . قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيل اللَّه قَالَتْ وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي فَلَمْ يَزَالَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْر ثُمَّ دَخَلَ وَقَدْ اِكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَحَمِدَ اللَّه تَعَالَى وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْد يَا عَائِشَة إِنْ كُنْت قَارَفْت سُوءًا أَوْ ظَلَمْت فَتُوبِي إِلَى اللَّه فَإِنَّ اللَّه يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده " قَالَتْ وَقَدْ جَاءَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فَهِيَ جَالِسَة بِالْبَابِ فَقُلْت أَلَا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَة أَنْ تَذْكُر شَيْئًا فَوَعَظَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَفَتّ إِلَى أَبِي فَقُلْت لَهُ : أَجِبْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فَمَاذَا أَقُول ؟ فَالْتَفَتّ إِلَى أُمِّي فَقُلْت : أَجِيبِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : مَاذَا أَقُول ؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْت فَحَمِدْت اللَّه وَأَثْنَيْت عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْله ثُمَّ قُلْت : أَمَّا بَعْد فَوَاَللَّهِ إِنْ قُلْت لَكُمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَل وَاَللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَد أَنِّي لَصَادِقَة مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدكُمْ لَقَدْ تَكَلَّمَتْ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبكُمْ وَإِنْ قُلْت لَكُمْ إِنِّي قَدْ فَعَلْت وَاَللَّه يَعْلَم أَنِّي لَمْ أَفْعَل لَتَقُولُنَّ قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسهَا وَإِنِّي وَاَللَّه مَا أَجِد لِي وَلَكُمْ مَثَلًا – وَالْتَمَسْت اِسْم يَعْقُوب فَلَمْ أَقْدِر عَلَيْهِ – إِلَّا أَبَا يُوسُف حِين قَالَ : " فَصَبْر جَمِيل وَاَللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ " وَأَنْزَلَ اللَّه عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَاعَته فَسَكَتْنَا فَرُفِعَ عَنْهُ وَإِنِّي لَأَتَبَيَّن السُّرُور فِي وَجْهه وَهُوَ يَمْسَح جَبِينه وَيَقُول : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَة فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّه بَرَاءَتك" قَالَتْ وَكُنْت أَشَدّ مَا كُنْت غَضَبًا فَقَالَ لِي أَبَوَايَ قُومِي إِلَيْهِ فَقُلْت : لَا وَاَللَّه لَا أَقُوم إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدهُ وَلَا أَحْمَدكُمَا وَلَكِنْ أَحْمَد اللَّه الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ وَلَا غَيَّرْتُمُوهُ وَكَانَتْ عَائِشَة تَقُول : أَمَّا زَيْنَب بِنْت جَحْش فَعَصَمَهَا اللَّه بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلَّا خَيْرًا وَأَمَّا أُخْتهَا حَمْنَة بِنْت جَحْش فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ وَكَانَ الَّذِينَ يَتَكَلَّم فِيهِ مِسْطَح وَحَسَّان بْن ثَابِت وَالْمُنَافِق عَبْد اللَّه اِبْن أُبَيّ بْن سَلُول وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيه وَيَجْمَعهُ وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ هُوَ وَحَمْنَة قَالَتْ فَحَلَفَ أَبُو بَكْر أَنْ لَا يَنْفَع مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ " يَعْنِي أَبَا بَكْر " وَالسَّعَة أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِين" يَعْنِي مِسْطَحًا إِلَى قَوْله " أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ وَاَللَّه غَفُور رَحِيم " فَقَالَ أَبُو بَكْر : بَلَى وَاَللَّه يَا رَبّنَا إِنَّا لَنُحِبّ أَنْ تَغْفِر لَنَا وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَع . هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ مِنْ هَذَا الْوَجْه مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْم عَنْ أَبِي أُسَامَة حَمَّاد بْن أُسَامَة أَحَد الْأَئِمَّة الثِّقَات . وَقَدْ رَوَاهُ اِبْن جَرِير فِي تَفْسِيره عَنْ سُفْيَان بْن وَكِيع عَنْ أَبِي أُسَامَة مُطَوَّلًا بِهِ مِثْله أَوْ نَحْوه وَرَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم عَنْ أَبِي سَعِيد الْأَشَجّ عَنْ أَبِي أُسَامَة بِبَعْضِهِ . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا هُشَيْم أَخْبَرَنَا عَمْرو بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة" رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي مِنْ السَّمَاء جَاءَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَنِي بِذَلِكَ فَقُلْت بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِك . وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا اِبْن عَدِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر عَنْ عَمْرَة أَيْضًا عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ وَتَلَا الْقُرْآن فَلَمَّا نَزَلَ أَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَة فَضُرِبُوا حَدّهمْ وَرَوَاهُ أَهْل السُّنَن الْأَرْبَعَة . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حَسَن وَوَقَعَ عِنْد أَبِي دَاوُد تَسْمِيَتهمْ حَسَّان بْن ثَابِت وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . فَهَذِهِ طُرُق مُتَعَدِّدَة عَنْ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة " رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فِي الْمَسَانِيد وَالصِّحَاح وَالسُّنَن وَغَيْرهَا وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيث أُمّهَا أُمّ رُومَان " رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَاصِم أَخْبَرَنَا حُصَيْن عَنْ أَبِي وَائِل عَنْ مَسْرُوق عَنْ أُمّ رُومَان قَالَتْ بَيْنَا أَنَا عِنْد عَائِشَة إِذْ دَخَلَتْ عَلَيْنَا اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فَقَالَتْ : فَعَلَ اللَّه بِابْنِهَا وَفَعَلَ فَقَالَتْ عَائِشَة وَلِمَ ؟ قَالَتْ إِنَّهُ كَانَ فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيث قَالَتْ وَأَيّ الْحَدِيث ؟ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ وَقَدْ بَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ وَبَلَغَ أَبَا بَكْر ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَخَرَّتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا مَغْشِيًّا عَلَيْهَا فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ قَالَتْ فَقُمْت فَدَثَّرْتهَا قَالَتْ فَجَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " فَمَا شَأْن هَذِهِ ؟ " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَخَذَتْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ قَالَ " فَلَعَلَّهُ فِي حَدِيث تُحُدِّثَ بِهِ " قَالَتْ فَاسْتَوَتْ عَائِشَة قَاعِدَة فَقَالَتْ : وَاَللَّه لَئِنْ حَلَفْت لَكُمْ لَا تُصَدِّقُونِي وَلَئِنْ اِعْتَذَرْت إِلَيْكُمْ لَا تَعْذِرُونِي فَمَثَلِي وَمَثَلكُمْ كَمَثَلِ يَعْقُوب وَبَنِيهِ حِين قَالَ : " فَصَبْر جَمِيل وَاَللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ " قَالَتْ فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ اللَّه عُذْرهَا فَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْر فَدَخَلَ فَقَالَ يَا عَائِشَة " إِنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ عُذْرك " فَقَالَتْ : بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِك فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْر : تَقُولِينَ هَذَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَتْ : وَكَانَ فِيمَنْ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيث رَجُل كَانَ يَعُولهُ أَبُو بَكْر فَحَلَفَ أَنْ لَا يَصِلهُ فَأَنْزَلَ اللَّه :" وَلَا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة " إِلَى آخِر الْآيَة فَقَالَ أَبُو بَكْر بَلَى فَوَصَلَهُ . تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيّ دُون مُسْلِم مِنْ طَرِيق حُصَيْن وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل عَنْ أَبِي عَوَانَة وَعَنْ مُحَمَّد بْن سَلَام عَنْ مُحَمَّد بْن فُضَيْل كِلَاهُمَا عَنْ حُصَيْن بِهِ وَفِي لَفْظ أَبِي عَوَانَة حَدَّثَتْنِي أُمّ رُومَان وَهَذَا صَرِيح فِي سَمَاع مَسْرُوق مِنْهَا وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ مِنْهُمْ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ وَذَلِكَ لَمَّا ذَكَرَهُ أَهْل التَّارِيخ أَنَّهَا مَاتَتْ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْخَطِيب وَقَدْ كَانَ مَسْرُوق يُرْسِلهُ فَيَقُول سُئِلَتْ أُمّ رُومَان وَيَسُوقهُ فَلَعَلَّ بَعْضهمْ كَتَبَ سُئِلَتْ بِأَلِفٍ اِعْتَقَدَ الرَّاوِي أَنَّهَا سَأَلَتْ فَظَنَّهُ مُتَّصِلًا قَالَ الْخَطِيب وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيّ كَذَلِكَ وَلَمْ تَظْهَر لَهُ عِلَّته كَذَا قَالَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَرَوَاهُ بَعْضهمْ عَنْ مَسْرُوق بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ أُمّ رُومَان فَاَللَّه أَعْلَم فَقَوْله تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ " أَيْ الْكَذِب وَالْبُهُت وَالِافْتِرَاء " عُصْبَة " أَيْ جَمَاعَة مِنْكُمْ " لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ " أَيْ يَا آلَ أَبِي بَكْر " بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ " أَيْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لِسَان صِدْق فِي الدُّنْيَا وَرِفْعَة مَنَازِل فِي الْآخِرَة وَإِظْهَار شَرَف لَهُمْ بِاعْتِنَاءِ اللَّه تَعَالَى بِعَائِشَة أُمّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا حَيْثُ أَنْزَلَ اللَّه بَرَاءَتهَا فِي الْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي" لَا يَأْتِيه الْبَاطِل مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفه " الْآيَة وَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَعَنْهَا وَهِيَ فِي سِيَاق الْمَوْت قَالَ لَهَا أَبْشِرِي فَإِنَّك زَوْجَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يُحِبّك وَلَمْ يَتَزَوَّج بِكْرًا غَيْرك وَنَزَلَتْ بَرَاءَتك مِنْ السَّمَاء. وَقَالَ اِبْن جَرِير فِي تَفْسِيره حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُثْمَان الْوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن عَوْن عَنْ الْمُعْلِي بْن عِرْفَان عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن جَحْش قَالَ : تَفَاخَرَتْ عَائِشَة وَزَيْنَب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَقَالَتْ زَيْنَب أَنَا الَّتِي نَزَلَ تَزْوِيجِي مِنْ السَّمَاء وَقَالَتْ عَائِشَة أَنَا الَّتِي نَزَلَ عُذْرِي فِي كِتَاب اللَّه حِين حَمَلَنِي صَفْوَان بْن الْمُعَطَّل عَلَى الرَّاحِلَة فَقَالَتْ لَهَا زَيْنَب يَا عَائِشَة مَا قُلْت حِين رَكِبْتِيهَا ؟ قَالَتْ حَسْبِي اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل قَالَتْ قُلْت كَلِمَة الْمُؤْمِنِينَ . وَقَوْله تَعَالَى " لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اِكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْم " أَيْ لِكُلِّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّة وَرَمَى أُمّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا بِشَيْءٍ مِنْ الْفَاحِشَة نَصِيب عَظِيم مِنْ الْعَذَاب " وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ " قِيلَ اِبْتَدَأَ بِهِ وَقِيلَ الَّذِي كَانَ يَجْمَعهُ وَيَسْتَوْشِيه وَيُذِيعهُ وَيُشِيعهُ " لَهُ عَذَاب عَظِيم" أَيْ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ الْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ بْن سَلُول قَبَّحَهُ اللَّه وَلَعَنَهُ وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ النَّصّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيث وَقَالَ ذَلِكَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد وَقِيلَ بَلْ الْمُرَاد بِهِ حَسَّان بْن ثَابِت وَهُوَ قَوْل غَرِيب وَلَوْلَا أَنَّهُ وَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ مَا قَدْ يَدُلّ عَلَى إِيرَاد ذَلِكَ لَمَا كَانَ لِإِيرَادِهِ كَبِير فَائِدَة فَإِنَّهُ مِنْ الصَّحَابَة الَّذِينَ لَهُمْ فَضَائِل وَمَنَاقِب وَمَآثِر وَأَحْسَن مَآثِره أَنَّهُ كَانَ يَذُبّ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِعْرِهِ وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" هَاجِهِمْ وَجِبْرِيل مَعَك " وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ اِبْن الضُّحَى عَنْ مَسْرُوق قَالَ : كُنْت عِنْد عَائِشَة " رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فَدَخَلَ حَسَّان بْن ثَابِت فَأَمَرَتْ فَأُلْقِيَ لَهُ وِسَادَة فَلَمَّا خَرَجَ قُلْت لِعَائِشَة مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا ؟ يَعْنِي يَدْخُل عَلَيْك وَفِي رِوَايَة قِيلَ لَهَا أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا يَدْخُل عَلَيْك وَقَدْ قَالَ اللَّه " وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم " قَالَتْ وَأَيّ عَذَاب أَشَدّ مِنْ الْعَمَى وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَره لَعَلَّ اللَّه أَنْ يَجْعَل ذَلِكَ هُوَ الْعَذَاب الْعَظِيم ثُمَّ قَالَتْ إِنَّهُ كَانَ يُنَافِح عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَة أَنَّهُ أَنْشَدَهَا عِنْدَمَا دَخَلَ عَلَيْهَا شِعْرًا يَمْتَدِحهَا بِهِ فَقَالَ : حَصَان رَزَان مَا تُزَنّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِح غَرْثَى مِنْ لُحُوم الْغَوَافِل فَقَالَتْ أَمَّا أَنْتَ فَلَسْت كَذَلِكَ وَفِي رِوَايَة : لَكِنَّك لَسْت كَذَلِكَ وَقَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن قَزَعَة حَدَّثَنَا سَلَمَة بْن عَلْقَمَة حَدَّثَنَا دَاوُد عَنْ عَامِر عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ مَا سَمِعْت بِشِعْرٍ أَحْسَن مِنْ شِعْر حَسَّان وَلَا تَمَثَّلْت بِهِ إِلَّا رَجَوْت لَهُ الْجَنَّة قَوْله لِأَبِي سُفْيَان بْن الْحَارِث بْن عَبْد الْمُطَّلِب . هَجَوْتَ مُحَمَّدًا فَأَجَبْتُ عَنْهُ وَعِنْد اللَّه فِي ذَاكَ الْجَزَاء إِنَّ أَبِي وَوَالِده وَعِرْضِي لِعِرْضِ مُحَمَّد مِنْكُمْ وِقَاء تَشْتُمهُ وَلَسْت لَهُ بِكُفْءٍ ؟ فَشَرّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الْفِدَاء لِسَانِي صَارِم لَا عَيْب فِيهِ وَبَحْرِي لَا تُكَدِّرهُ الدِّلَاء فَقِيلَ : يَا أُمّ الْمُؤْمِنِينَ أَلَيْسَ هَذَا لَغْوًا ؟ قَالَتْ : لَا إِنَّمَا اللَّغْو مَا قِيلَ عِنْد النِّسَاء قِيلَ أَلَيْسَ اللَّه يَقُول " وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ لَهُ عَذَاب عَظِيم " قَالَتْ : أَلَيْسَ قَدْ ذَهَبَ بَصَره وَكُنِعَ بِالسَّيْفِ ؟ تَعْنِي الضَّرْبَة الَّتِي ضَرَبَهُ إِيَّاهَا صَفْوَان بْن الْمُعَطَّل السُّلَمِيّ حِين بَلَغَهُ عَنْهُ أَنَّهُ يَتَكَلَّم فِي ذَلِكَ فَعَلَاهُ بِالسَّيْفِ وَكَادَ أَنْ يَقْتُلهُ .

تفسير القرطبي:

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
" عُصْبَة " خَبَر " إِنَّ " . وَيَجُوز نَصْبهَا عَلَى الْحَال , وَيَكُون الْخَبَر " لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اِكْتَسَبَ مِنْ الْإِثْم " . وَسَبَب نُزُولهَا مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّة مِنْ حَدِيث الْإِفْك الطَّوِيل فِي قِصَّة عَائِشَة رِضْوَان اللَّه عَلَيْهَا , وَهُوَ خَبَر صَحِيح مَشْهُور , أَغْنَى اِشْتِهَاره عَنْ ذِكْره , وَسَيَأْتِي مُخْتَصَرًا . وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ تَعْلِيقًا , وَحَدِيثه أَتَمّ . قَالَ : وَقَالَ أُسَامَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة , وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّد بْن كَثِير عَنْ أَخِيهِ سُلَيْمَان مِنْ حَدِيث مَسْرُوق عَنْ أُمّ رُومَان أُمّ عَائِشَة أَنَّهَا قَالَتْ : لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَة خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا . وَعَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل مِنْ حَدِيث أَبِي وَائِل قَالَ : حَدَّثَنِي مَسْرُوق بْن الْأَجْدَع قَالَ حَدَّثَتْنِي أُمّ رُومَان وَهِيَ أُمّ عَائِشَة قَالَتْ : بَيْنَا أَنَا قَاعِدَة أَنَا وَعَائِشَة إِذْ وَلَجَتْ اِمْرَأَة مِنْ الْأَنْصَار فَقَالَتْ : فَعَلَ اللَّه بِفُلَانٍ وَفَعَلَ [ بِفُلَانٍ ] فَقَالَتْ أُمّ رُومَان : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَتْ اِبْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيث قَالَتْ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَتْ كَذَا وَكَذَا . قَالَتْ عَائِشَة : سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ نَعَمْ . قَالَتْ : وَأَبُو بَكْر ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا ; فَمَا أَفَاقَتْ إِلَّا وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ , فَطَرَحْت عَلَيْهَا ثِيَابهَا فَغَطَّيْتهَا , فَجَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( مَا شَأْن هَذِهِ ؟ ) فَقُلْت : يَا رَسُول اللَّه , أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ . قَالَ : ( فَلَعَلَّ فِي حَدِيث تُحُدِّثَ بِهِ ) قَالَتْ نَعَمْ . فَقَعَدَتْ عَائِشَة فَقَالَتْ : وَاَللَّه , لَئِنْ حَلَفْت لَا تُصَدِّقُونِي ! وَلَئِنْ قُلْت لَا تَعْذِرُونِي ! مَثَلِي وَمَثَلكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ وَاَللَّه الْمُسْتَعَان عَلَى مَا تَصِفُونَ . قَالَتْ : وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ; فَأَنْزَلَ اللَّه عُذْرهَا . قَالَتْ : بِحَمْدِ اللَّه لَا بِحَمْدِ أَحَد وَلَا بِحَمْدِك . قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه الْحُمَيْدِيّ : كَانَ بَعْض مَنْ لَقِينَا مِنْ الْحُفَّاظ الْبَغْدَادِيِّينَ يَقُول الْإِرْسَال فِي هَذَا الْحَدِيث أَبْيَن , وَاسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ أُمّ رُومَان تُوُفِّيَتْ فِي حَيَاة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَسْرُوق لَمْ يُشَاهِد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَا خِلَاف . وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيث عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن أَبِي مُلَيْكَة أَنَّ عَائِشَة كَانَتْ تَقْرَأ " إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ " وَتَقُول : الْوَلْق الْكَذِب . قَالَ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة : وَكَانَتْ أَعْلَم بِذَلِكَ مِنْ غَيْرهَا لِأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا. قَالَ الْبُخَارِيّ : وَقَالَ مَعْمَر بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيّ : كَانَ حَدِيث الْإِفْك فِي غَزْوَة الْمُرَيْسِيع. قَالَ اِبْن إِسْحَاق : وَذَلِكَ سَنَة سِتّ . وَقَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة : سَنَة أَرْبَع . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ مِنْ حَدِيث مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ : قَالَ لِي الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك : أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ ؟ قَالَ : قُلْت لَا , وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمك أَبُو سَلَمَة بْن عَبْد الرَّحْمَن وَأَبُو بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام أَنَّ عَائِشَة قَالَتْ لَهُمَا : كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنهَا . وَأَخْرَجَهُ أَبُو بَكْر الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي كِتَابه الْمُخَرَّج عَلَى الصَّحِيح مِنْ وَجْه آخَر مِنْ حَدِيث مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيّ , وَفِيهِ : قَالَ كُنْت عِنْد الْوَلِيد بْن عَبْد الْمَلِك فَقَالَ : الَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب ؟ فَقُلْت لَا , حَدَّثَنِي سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعُرْوَة وَعَلْقَمَة وَعُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة كُلّهمْ يَقُول سَمِعْت عَائِشَة تَقُول : وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنْ عُرْوَة عَنْ عَائِشَة : وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْره مِنْهُمْ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ .
" بِالْإِفْكِ " الْإِفْك الْكَذِب. وَالْعُصْبَة ثَلَاثَة رِجَال ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس . وَعَنْهُ أَيْضًا مِنْ الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة . اِبْن عُيَيْنَة : أَرْبَعُونَ رَجُلًا . مُجَاهِد : مِنْ عَشَرَة إِلَى خَمْسَة عَشَر . وَأَصْلهَا فِي اللُّغَة وَكَلَام الْعَرَب الْجَمَاعَة الَّذِينَ يَتَعَصَّب بَعْضهمْ لِبَعْضٍ . وَالْخَيْر حَقِيقَته مَا زَادَ نَفْعه عَلَى ضَرّه. وَالشَّرّ مَا زَادَ ضَرّه عَلَى نَفْعه . وَإِنَّ خَيْرًا لَا شَرّ فِيهِ هُوَ الْجَنَّة. وَشَرًّا لَا خَيْر فِيهِ هُوَ جَهَنَّم . فَأَمَّا الْبَلَاء النَّازِل عَلَى الْأَوْلِيَاء فَهُوَ خَيْر ; لِأَنَّ ضَرَره مِنْ الْأَلَم قَلِيل فِي الدُّنْيَا , وَخَيْره هُوَ الثَّوَاب الْكَثِير فِي الْأُخْرَى . فَنَبَّهَ اللَّه تَعَالَى عَائِشَة وَأَهْلهَا وَصَفْوَان , إِذْ الْخِطَاب لَهُمْ فِي قَوْله " لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْر لَكُمْ " ; لِرُجْحَانِ النَّفْع وَالْخَيْر عَلَى جَانِب الشَّرّ .
لَمَّا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَائِشَةَ مَعَهُ فِي غَزْوَة بَنِي الْمُصْطَلِق وَهِيَ غَزْوَة الْمُرَيْسِيع , وَقَفَلَ وَدَنَا مِنْ الْمَدِينَة آذَنَ لَيْلَة بِالرَّحِيلِ قَامَتْ حِين آذَنُوا بِالرَّحِيلِ فَمَشَتْ حَتَّى جَاوَزَتْ الْجَيْش , فَلَمَّا فَرَغَتْ مِنْ شَأْنهَا أَقْبَلَتْ إِلَى الرَّحْل فَلَمَسَتْ صَدْرهَا فَإِذَا عِقْد مِنْ جَزْع ظَفَار قَدْ اِنْقَطَعَ , فَرَجَعَتْ فَالْتَمَسَتْهُ فَحَبَسَهَا اِبْتِغَاؤُهُ , فَوَجَدَتْهُ وَانْصَرَفَتْ فَلَمَّا لَمْ تَجِد أَحَدًا , وَكَانَتْ شَابَّة قَلِيلَة اللَّحْم , فَرَفَعَ الرِّجَال هَوْدَجهَا وَلَمْ يَشْعُرُوا بِنُزُولِهَا مِنْهُ ; فَلَمَّا لَمْ تَجِد أَحَدًا اِضْطَجَعَتْ فِي مَكَانهَا رَجَاء أَنْ تُفْتَقَد فَيُرْجَع إِلَيْهَا , فَنَامَتْ فِي الْمَوْضِع وَلَمْ يُوقِظهَا إِلَّا قَوْل صَفْوَان بْن الْمُعَطِّل : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ تَخَلَّفَ وَرَاء الْجَيْش لِحِفْظِ السَّاقَة . وَقِيلَ : إِنَّهَا اِسْتَيْقَظَتْ لِاسْتِرْجَاعِهِ , وَنَزَلَ عَنْ نَاقَته وَتَنَحَّى عَنْهَا حَتَّى رَكِبَتْ عَائِشَة , وَأَخَذَ يَقُودهَا حَتَّى بَلَغَ بِهَا الْجَيْش فِي نَحْر الظَّهِيرَة ; فَوَقَعَ أَهْل الْإِفْك فِي مَقَالَتهمْ , وَكَانَ الَّذِي يَجْتَمِع إِلَيْهِ فِيهِ وَيَسْتَوْشِيه وَيُشْعِلهُ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول الْمُنَافِق , وَهُوَ الَّذِي رَأَى صَفْوَان آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَة عَائِشَة فَقَالَ : وَاَللَّه مَا نَجَتْ مِنْهُ وَلَا نَجَا مِنْهَا , وَقَالَ : اِمْرَأَة نَبِيّكُمْ بَاتَتْ مَعَ رَجُل. وَكَانَ مِنْ قَالَتِهِ حَسَّان بْن ثَابِت وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة وَحَمْنَة بِنْت جَحْش . هَذَا اِخْتِصَار الْحَدِيث , وَهُوَ بِكَمَالِهِ وَإِتْقَانه فِي الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم , وَهُوَ فِي مُسْلِم أَكْمَل . وَلَمَّا بَلَغَ صَفْوَان قَوْل حَسَّان فِي الْإِفْك جَاءَ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ ضَرْبَة عَلَى رَأْسه وَقَالَ : تَلَقَّ ذُبَاب السَّيْف عَنِّي فَإِنَّنِي غُلَام إِذَا هُوجِيَتْ لَيْسَ بِشَاعِرٍ فَأَخَذَ جَمَاعَة حَسَّان وَلَبَّبُوهُ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَهْدَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرْح حَسَّان وَاسْتَوْهَبَهُ إِيَّاهُ. وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ حَسَّان مِمَّنْ تَوَلَّى الْكِبْر ; عَلَى مَا يَأْتِي وَاَللَّه أَعْلَم . وَكَانَ صَفْوَان هَذَا صَاحِب سَاقَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَوَاته لِشَجَاعَتِهِ , وَكَانَ مِنْ خِيَار الصَّحَابَة. وَقِيلَ : كَانَ حَصُورًا لَا يَأْتِي النِّسَاء ; ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق مِنْ طَرِيق عَائِشَة . وَقِيلَ : كَانَ لَهُ اِبْنَانِ ; يَدُلّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثه الْمَرْوِيّ مَعَ اِمْرَأَته , وَقَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اِبْنَيْهِ : ( لَهُمَا أَشْبَه بِهِ مِنْ الْغُرَاب بِالْغُرَابِ ) . وَقَوْله فِي الْحَدِيث : وَاَللَّه مَا كَشَفَ كَنَف أُنْثَى قَطُّ ; يُرِيد بِزِنًى . وَقُتِلَ شَهِيدًا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فِي غَزْوَة أَرْمِينِيَّة سَنَة تِسْع عَشْرَة فِي زَمَان عُمَر , وَقِيلَ : بِبِلَادِ الرُّوم سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي زَمَان مُعَاوِيَة .

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ
يَعْنِي مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِالْإِفْكِ. وَلَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْل الْإِفْك إِلَّا حَسَّان وَمِسْطَح وَحَمْنَة وَعَبْد اللَّه ; وَجُهِلَ الْغَيْر ; قَالَهُ عُرْوَة بْن الزُّبَيْر , وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان , وَقَالَ : إِلَّا أَنَّهُمْ كَانُوا عُصْبَة ; كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى . وَفِي مُصْحَف حَفْصَة " عُصْبَة أَرْبَعَة " .

وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ

وَقَرَأَ حُمَيْد الْأَعْرَج وَيَعْقُوب " كُبْره " بِضَمِّ الْكَاف. قَالَ الْفَرَّاء : وَهُوَ وَجْه جَيِّد ; لِأَنَّ الْعَرَب تَقُول : فُلَان تَوَلَّى عِظَم كَذَا وَكَذَا ; أَيْ أَكْبَره . رُوِيَ عَنْ عَائِشَة أَنَّهُ حَسَّان , وَأَنَّهَا قَالَتْ حِين عَمِيَ : لَعَلَّ الْعَذَاب الْعَظِيم الَّذِي أَوْعَدَهُ اللَّه بِهِ ذَهَاب بَصَره ; رَوَاهُ عَنْهَا مَسْرُوق . وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهُ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ; وَهُوَ الصَّحِيح , وَقَالَهُ اِبْن عَبَّاس. وَحَكَى أَبُو عُمَر بْن عَبْد الْبَرّ أَنَّ عَائِشَة بَرَّأَتْ حَسَّان مِنْ الْفِرْيَة , وَقَالَتْ : إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا . وَقَدْ أَنْكَرَ حَسَّان أَنْ يَكُون قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي قَوْله : حَصَان رَزَان مَا تُزَنَّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِح غَرْثَى مِنْ لُحُوم الْغَوَافِل حَلِيلَة خَيْر النَّاس دِينًا وَمَنْصِبًا نَبِيّ الْهُدَى وَالْمَكْرُمَات الْفَوَاضِل عَقِيلَة حَيّ مِنْ لُؤَيّ بْن غَالِب كِرَام الْمَسَاعِي مَجْدهَا غَيْر زَائِل مُهَذَّبَة قَدْ طَيَّبَ اللَّه خِيمهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلّ شَيْن وَبَاطِل فَإِنْ كَانَ مَا بُلِّغْت أَنِّي قُلْته فَلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي فَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيت وَنُصْرَتِي لِآلِ رَسُول اللَّه زَيْن الْمَحَافِل لَهُ رُتَب عَالٍ عَلَى النَّاس فَضْلهَا تَقَاصَرَ عَنْهَا سَوْرَة الْمُتَطَاوِل وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَنْشَدَهَا : حَصَان رَزَان ; قَالَتْ لَهُ : لَسْت كَذَلِكَ ; تُرِيد أَنَّك وَقَعْت فِي الْغَوَافِل . وَهَذَا تَعَارُض , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنْ يُقَال : إِنَّ حَسَّانًا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ نَصًّا وَتَصْرِيحًا , وَيَكُون عَرَّضَ بِذَلِكَ وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فَنُسِبَ ذَلِكَ إِلَيْهِ ; وَاَللَّه أَعْلَم .
وَقَدْ اِخْتَلَفَ النَّاس فِيهِ هَلْ خَاضَ فِي الْإِفْك أَمْ لَا , وَهَلْ جُلِدَ الْحَدّ أَمْ لَا ; فَاَللَّه أَعْلَم أَيّ ذَلِكَ كَانَ , فَرَوَى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وَغَيْره أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْإِفْك رَجُلَيْنِ وَامْرَأَة : مِسْطَحًا وَحَسَّان وَحَمْنَة , وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ. وَذَكَرَ الْقُشَيْرِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : جَلَدَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِبْن أُبَيّ ثَمَانِينَ جَلْدَة , وَلَهُ فِي الْآخِرَة عَذَاب النَّار . قَالَ الْقُشَيْرِيّ : وَاَلَّذِي ثَبَتَ فِي الْأَخْبَار أَنَّهُ ضَرَبَ اِبْن أُبَيّ وَضَرَبَ حَسَّان وَحَمْنَة , وَأَمَّا مِسْطَح فَلَمْ يَثْبُت عَنْهُ قَذْف صَرِيح , وَلَكِنَّهُ كَانَ يَسْمَع وَيُشِيع مِنْ غَيْر تَصْرِيح. قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَغَيْره : اِخْتَلَفُوا هَلْ حَدَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَاب الْإِفْك ; عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّهُ لَمْ يَحُدّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَاب الْإِفْك لِأَنَّ الْحُدُود إِنَّمَا تُقَام بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ , وَلَمْ يَتَعَبَّدهُ اللَّه أَنْ يُقِيمهَا بِإِخْبَارِهِ عَنْهَا ; كَمَا لَمْ يَتَعَبَّدهُ بِقَتْلِ الْمُنَافِقِينَ , وَقَدْ أَخْبَرَهُ بِكُفْرِهِمْ.
قُلْت : وَهَذَا فَاسِد مُخَالِف لِنَصِّ الْقُرْآن ; فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول : " وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَات ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء " أَيْ عَلَى صِدْق قَوْلهمْ : " فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَة " . وَالْقَوْل الثَّانِي : أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ أَهْل الْإِفْك عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة وَحَسَّان بْن ثَابِت وَحَمْنَة بِنْت جَحْش ; وَفِي ذَلِكَ قَالَ شَاعِر مِنْ الْمُسْلِمِينَ : لَقَدْ ذَاقَ حَسَّان الَّذِي كَانَ أَهْله وَحَمْنَة إِذْ قَالُوا هَجِيرًا وَمِسْطَح وَابْن سَلُول ذَاقَ فِي الْحَدّ خِزْيَة كَمَا خَاضَ فِي إِفْك مِنْ الْقَوْل يُفْصِح تَعَاطَوْا بِرَجْمِ الْغَيْب زَوْج نَبِيّهمْ وَسَخْطَة ذِي الْعَرْش الْكَرِيم فَأَبْرَحُوا وَآذَوْا رَسُول اللَّه فِيهَا فَجُلِّلُوا مَخَازِي تَبْقَى عَمَّمُوهَا وَفُضِّحُوا فَصُبَّ عَلَيْهِمْ مُحْصِدَات كَأَنَّهَا شَآبِيب قَطْر مِنْ ذُرَى الْمُزْن تَسْفَح
قُلْت : الْمَشْهُور مِنْ الْأَخْبَار وَالْمَعْرُوف عِنْد الْعُلَمَاء أَنَّ الَّذِي حُدَّ حَسَّان وَمِسْطَح وَحَمْنَة , وَلَمْ يُسْمَع بِحَدٍّ لِعَبْدِ اللَّه بْن أُبَيّ . رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : لَمَّا نَزَلَ عُذْرِي قَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ , وَتَلَا الْقُرْآن ; فَلَمَّا نَزَلَ مِنْ الْمِنْبَر أَمَرَ بِالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَة فَضُرِبُوا حَدّهمْ , وَسَمَّاهُمْ : حَسَّان بْن ثَابِت وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة وَحَمْنَة بِنْت جَحْش. وَفِي كِتَاب الطَّحَاوِيّ " ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ " . قَالَ عُلَمَاؤُنَا . وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدّ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ أَعَدَّ لَهُ فِي الْآخِرَة عَذَابًا عَظِيمًا ; فَلَوْ حُدَّ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ ذَلِكَ نَقْصًا مِنْ عَذَابه فِي الْآخِرَة وَتَخْفِيفًا عَنْهُ مَعَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى قَدْ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا وَبِكَذِبِ كُلّ مَنْ رَمَاهَا ; فَقَدْ حَصَلَتْ فَائِدَة الْحَدّ , إِذْ مَقْصُوده إِظْهَار كَذِب الْقَاذِف وَبَرَاءَة الْمَقْذُوف ; كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى : " فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْد اللَّه هُمْ الْكَاذِبُونَ " . وَإِنَّمَا حُدَّ هَؤُلَاءِ الْمُسْلِمُونَ لَيُكَفَّرَ عَنْهُمْ إِثْم مَا صَدَرَ عَنْهُمْ مِنْ الْقَذْف حَتَّى لَا يَبْقَى عَلَيْهِمْ تَبِعَة مِنْ ذَلِكَ فِي الْآخِرَة , وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحُدُود ( إِنَّهَا كَفَّارَة لِمَنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ ) ; كَمَا فِي حَدِيث عُبَادَة بْن الصَّامِت . وَيَحْتَمِل أَنْ يُقَال : إِنَّمَا تُرِكَ حَدّ اِبْن أُبَيّ اِسْتِئْلَافًا لِقَوْمِهِ وَاحْتِرَامًا لِابْنِهِ , وَإِطْفَاء لِثَائِرَةِ الْفِتْنَة الْمُتَوَقَّعَة مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ كَانَ ظَهَرَ مَبَادِئُهَا مِنْ سَعْد بْن عُبَادَة وَمِنْ قَوْمه ; كَمَا فِي صَحِيح مُسْلِم . وَاَللَّه أَعْلَم .

ملخص سبب النزول

نزلت في شأن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، حين رماها أهل الإفك والبهتان من المنافقين بما قالوه من الكذب البحت والفرية، فغار الله عز وجل لها ولنبيه صلوات الله وسلامه عليه، فأنزل الله تعالى براءتها، صيانة لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وحاصل هذا الخبر الذي نزلت بسببه هذه الآية وما تبعها من آيات؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة بني المصطلق، ونزل في مكان قريب من المدينة، أمر الناس أن يتجهزوا للرحيل. فلما علمت عائشة رضي الله عنها بذلك خرجت وابتعدت عن الجيش لقضاء بعض شأنها، فلما انتهت من قضاء حاجتها، عادت إلى مكانها، ثم تبين لها أنها قد أضاعت عقدًا كان في صدرها، فرجعت تلتمسه فأخرها البحث عنه، وكان الوقت ليلاً. فلما وجدته رجعت إلى حيث كانت فلم تجد أحدًا، فاضطجعت في مكانها رجاء أن يفتقدوها فيرجعوا إليها، فنامت. وكان صفوان بن المعطِّل قد أوكل إليه النبي صلى الله عليه وسلم حراسة مؤخِّرة الجيش، فلما علم بابتعاد الجيش، وأمن عليه من غدر العدو، ركب راحلته ليلتحق بالجيش، فلما بلغ الموضع الذي كان به الجيش أبصر سواد إنسان، فإذا هي عائشة ، وكان قد رآها قبل الحجاب فاسترجع ( قال: إنا لله وإن إليه راجعون ) واستيقظت عائشة رضي الله عنها على صوت استرجاعه، ونزل عن ناقته وأدناها منها، فركبتها عائشة وأخذ يقودها حتى لحق بالجيش .
وكان عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين في الجيش، فقال: والله ما نجت منه ولا نجا منها، فصدق قوله حسان بن ثابت ، و مِسطَح بن أُثاثة ، و حمنة بنت جحش أخت زينب أم المؤمنين، وأشاع الخبر طائفة من المنافقين أصحاب عبد الله بن أبي .

في عصرنا الحاضر:

هناك عصب كثيرة من الكفار في عصرنا الذين يرمون الاسلام باوصاف كاذبة واخلاق ليست من الاسلام بشيء… ولكن نحن المسلمين هل علينا تصديقهم؟؟؟ نحن الأعلم بالاسلام منهم … نعلم ما هو اسلامنا وما هي أخلاق اسلامنا…. وهؤلاء من يتعدون على رسول الله … نحن الذين نعرف حقا من هو محمد عليه السلام لماذا نضيع وقتنا بالرد عليهم … بل يجب ان نستفيد من هذه الحوادث بان نتقرب اكثر من الاسلام والرسول عليه الصلاة والسلام وان ندعو كافة المسلمين وغير المسلمين لمعرفة الاسلام ورسول الله عليه الصلاة والسلام …. كما يجب ان لا نعتقد ان هذه الحوادث تضر بنا كمسلمين لكن لعل الله يجعل فيها خيرا لكافة المسلمين ….

الاخت نيسو

بارك الله فيك

جزاك الله الجنة

ولا حرمك الاجر والثواب

جزاك الله خيرا اختي

وجعله الله بميزان حسناتكِ

سحر 66

حنة

توتا القطوطة

بارك الله فيكن

جزاك الله خيراا
لاكي
جزاكِ الله خيرا ً

دعاء عائشه رضى الله عنها في حادثة الافك 2024.

( ياسابغ النعم يادافع النقم يافارج الغم ياكاشف الظلم يا أعدل من حكم ياحسيب من ظًلم ويا ولي من ظُلم يااولاً بلا بدايه وياأخراً بلا نهايه يامن له إسماً بلا كنيه إجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً )
فمن افترى عليها احد فعليها بهذا الدعاء لانه فعال ومجرب اتمنى ان تستفيدوا والدعاء لكاتبته والدعاء بقلب كله يقين
وايمان وحبذا لو كان في نصف الليل مااجمل الليل وسكونه بذكر الله والتباكي وانت بيد الله
بارك الله فيك..

السؤال
وجدت على الشبكة هذا الحديث لأمنا عائشة رضي الله عنها ،أريد أن أعرف درجة صحته كما أريد منكم موافاتي بجملة من الأدعية الصحيحة لتفريج كرب المظلوم جزاكم الله خيراً: في تاريخ ابن النجار في ترجمة محمد بن علي الحنبلي عن أنس رضي الله عنه قال: كنت جالسا عند عائشة رضي الله عنها أبشرها بالبراءة فقالت: والله لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني الهرة, وما عرض علي طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة فرأيت في منامي فتى فقال لي: ما لك ؟ فقلت حزينة مما ذكر الناس فقال: ادعي بهذه يفرج الله عنك فقلت: وما هي؟ قال: قولي يا سابغ النعم, ويا دافع النقم, ويا فارج الهم, ويا كاشف الظلم, ويا أعدل من حكم, ويا حسيب من ظلم, ويا ولي من ظلم, ويا أول بلا بداية, ويا آخر بلا نهاية, ويا من له اسم بلا كنية اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا، قالت: فانتبهت وأنا ريانة شبعانة, وقد أنزل الله فرجي.؟

الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأثر المذكور جاء في تاريخ بغداد لابن النجار بلفظه المذكور، كما ذكره عنه السيوطي في الدر المنثور، وقال: قال ابن النجار: خبر غريب. كما ذكره عنه الألوسي في روح المعاني ووصفه بالغرابة أيضاً، حيث قال: …. وقد جاء في خبر غريب ذكره ابن النجار في تاريخ بغداد. ثم ساق الخبر وعقب عليه بقوله: ويسمى هذا الدعاء دعاء الفرج فليحفظ وليستعمل.

ولم نجد من العلماء من حكم عليه بصحة ولا ضعف، ولا مانع من الدعاء به ولو كان ضعيفاً لأن ألفاظ الدعاء ليست توقيفية، ولأن العمل بالحديث الضعيف أجازه كثير من أهل العلم في فضائل الأعمال..

وأما الأدعية المأثورة فيمكنك أن ترجع إليها في كتاب الأذكار للإمام النووي وحصن المسلم لسعيد القحطاني وغيرها، ونذكر لك طرفاً منها، فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين عند الصباح وعند المساء ثلاث مرات، وقال: تكفيك من كل شيء. رواه أبو داود، ومعناه أنها تكفي قارئها من كل شيء يخافه من الظلم والهم والحزن..

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: إذا كان على أحدكم إماما يخاف تغطرسه أو ظلمه… فليقل: اللهم رب السماوات السبع ورب العرش العظيم كن لي جاراً من فلان ابن فلان وأحزابه من خلائقك أن يفرط علي أحد منهم أو أن يطغى، عز جارك وجل ثناؤك ولا إله إلا أنت. رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني.

http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/S…Option=FatwaId