حذو القذة بالقذّة تحليل الحرام و تحريم الحلال ! 2024.

لقد عاب الله سبحانه وتعالى على يهود والنصارى اتخاذهم أحبارهم ورهبانهم مشرّعين من دون الله ونعتهم بالشرك في قوله تعالى " اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ " (التوبة : 31) ..

جاء عدي بن حاتم إلى النبي صلى الله عليه وسلم – و كان قد دان بالنصرانية قبل الإسلام – فلما سمع النبي يقرأ هذه الآية قال : يا رسول الله إنهم لم يعبدوهم ، فقال "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم" ، وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أما أنهم لم يكونوا يعبدونهم و لكنهم كانوا إذا أحلّوا لهم شيئا استحلّوه ، و إذا حرّموا عليهم شيئا حرّموه" (رواه أحمد والترمذي وابن جرير : وحسّنه الألباني في غاية المرام)

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : وهكذا قال حذيفة بن اليمان وعبد الله بن عباس وغيرهما في تفسير " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " إنهم اتبعوهم فيما حلّلوا وحرموا ..

وقال السدي استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، ولهذا قال تعالى "وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا" أي الذي إذا حرّم الشيء فهو الحرام وما حلّله فهو الحلال ، وما شرعه اتّبع ، وما حكم به نفذ " لا إله إلا هو ولا رب سواه . (انظر تفسير ابن كثير لهذه الآية) ..

فتحليل الحلال وتحريم الحرام وتشريع الشرائع والأمر بالأوامر والنهي عن النواهي كلها من خصائص الله سبحانه وتعالى ، ومن تبع في شيء من هذا غير الله فهو عابد له متخذا منه شريكاً لله ، فهو مشرك بالواحد الأحد جل في علاه ..

لقد احتكر رهبان النصارى – لقرون كثيرة – حق تفسير الإنجيل : فلا يجوز للعامي أو المثقف النصراني أن يفسّر الآيات الواضحات في كتابه إلا وفق ما يراه أرباب الكنيسة ، ولذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم اتخذوهم أرباباً من دون الله ، فالآيات واضحة بيّنة في كتابهم ، ومع ذلك لا يعملون بها إلا إذا أقرهم على العمل بها هؤلاء الرهبان ، وكذا حال يهود مع كتابهم ..

وها هي نبوءة نبينا صلى الله عليه وسلم تتحقق في هذه الأمة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه "
قالوا [الصحابة] : يا رسول الله ، اليهود والنصارى؟
قال : فمن !!"(صححه ابن تيمية في الفتاوى الكبري) ..

ليس كل الأمة تتبع سنن اليهود والنصارى ، بل في الأمة الكثير من أهل الخير ، منها الطائفة التي ما زالت منصورة بفضل الله ومنّته ، وعلى رأس هؤلاء : المجاهدين ، والعلماء العاملين الربانيين ، والمنفقين على الجهاد والذابين عن أعراض المجاهدين ، ومنهم من عوام المسلمين ومن العباد الزاهدين خلق كثير متفرقين في بلاد الإسلام ..

أما النكرات المشابهين لأوليائهم من النصارى واليهود فقد جاء وصفهم دقيقاً على لسان نبينا صلى الله عليه وسلم : ففي لفظ عند أحمد " ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم – أهل الكتاب – حذو القذة بالقذة " (حسنه الألباني في الصحيحة لشواهده) ، فهم إذاً : شرار هذه الأمة ..

عبد من شرار هذه الأمة بعض العلماءَ : فالآيات في القرآن واضحات بيّنات لا لبس فيها ولا غموض ، والأحاديث النبوية (على صاحبها الصلاة والسلام) بيّنة واضحة جلية ، وعمل الخلفاء الراشدين وإجماع سلف الأمة من علماء المسلمين ، كل هذا بيّن واضح جلي مشهور متداول ، ومع ذلك ينتظر كثير من الناس فتوى من رهبانهم وأحبارهم ليحلّوا لهم ما حرم الله ويحرّموا عليهم ما أحل الله ، فيُطيعونهم في مخالفة كلام الله الواضح الصريح المنزل من فوق سبع سموات بلسان عربي مبين يفهمه العامة والخاصة!!

وقد اتفقت الكنيسة والدولة في التاريخ النصراني فكانت طامة كبرى وعظمى على النصرانية التي حرّف دينها الأباطرة بما يتناسب وأهوائهم وشهواتهم ، ووافقهم على ذلك رهبانهم الذين باعوا الآخرة بالدنيا : فحرّفوا كتاب الله ، وقلبوا التوحيد شركاً ، وأحلّوا ما حرّم الله ، وحرّموا ما أحل الله ، واتبعهم على ذلك عامة النصارى الذين حرّم الرهبان عليهم النظر في كتابهم وجعلوا تفسيره والنظر فيه حكراً عليهم وحدهم !!

وها هي التبعية للنصرانية تتجلى اليوم في أمة الإسلام من قِبل كثير من الغوغاء والدهماء الذين ألغوا عقولهم – التي منّ الله بها عليهم – وجعلوها تحت تصرّف الرهبان !!

هؤلاء أهون القوم ، فهؤلاء يقولون "لا أدري" !! أما مردة الشياطين المسلطين على عقول المسلمين فهؤلاء لا يقولون لا ندري ، بل يُفتون الناس بما يُعارض نص القرآن والسنة وإجماع علماء المسلمين إرضاء لبطونهم وشهواتهم !!

يقولون نحن على منهج السلف !!
فإذا سألتهم من هم السلف ؟
قالوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

ائتوني بإسم صحابي واحد كان يُخالف رسول الله صلى الله عليه و سلم !!

هذه التبعية وهذا الشرك لا يكون فيمن ينتسب إلى أهل السنة والجماعة ، فهذا شأن أهل البدع والضلال من الصوفية والرافضة الذين في عقيدتهم "أن يرمي الواحد منهم نفسه بين يدي المرجع أو الشيخ كالميّت" !!

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .. اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .. اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين .. وتوفنا مسلمين ، وألحقنا بالصالحين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

منقول من منتدى آخر بتصرف للكاتب
حسين محمود
27 ربيع الأول 1445 هـ

أثابكِ الله غاليتي مسرة لاكي
و إياك عزيزتي لاكي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.