الأديب بين الحرية والضوابط 2024.

لاكي

إذا كان الأدب والفن عموما تعبيرا صادق العاطفة عن انفعال داخلي ، بتجربة مرّ بها الأديب أو الفنان في حياته؛
فإن الالتزام بضوابط أو قيود معينة لا يمنع أن يكون التعبير دفاقا والعاطفة صادقة،
خصوصا إذا كان الأديب والفنان يلتزمان بهذه الضوابط والقيود بناء على عقيدة يؤمنان بها.

وليس من الضروري كما يدعي أساطين الأدب والفن في الغرب، ويردده تلامذتهم عندنا-
أن يُعطى الأديب والفنان رخصة انفلات من كل ما من شأنه أن يصلح حياة الناس ويقوّمها ويضبطها.

إن فكرة إطلاق الحرية للكاتب أو الشاعر أن يقول ما يشاء، طالما أنه يعبر عن تجربة ذاتيه، ويترجم عن مشاعر صادقة،
أيا كانت تلك التجربة وهاتيك المشاعر، وبغض النظر عن أثرها في المجتمع، ..،
هي فكرة خاطئة تخالف مبدأ الحرية وتطبيقه حتى في المجتمعات الغربية التي تعتز بأنها مجتمعات الحرية؛
فالقاعدة الأساسية في مبدأ الحرية هي تقييده باحترام حقوق الآخرين، ةعدم انتهاكها أو تجاوزها.

ومن حق الناس في النظرة الإسلامية أن يعيشوا في مجتمع سليم يلتزم بقواعد الصحة الخلقية، ويطبق المعايير السليمة، التي تقوم على أساس الإيمان بالله،
وجعل هذا الإيمان واقعيا عمليا، لا مجرد كلام يقال باللسان.
وليس لأحد أن يقول أو يعمل شيئا يبعث المرض في هذا المجتمع.

لقد زرع الله في الإنسان حب الخير و الميل إلى الاستقامة و إلى كل ما يزكي فطرته وينميها،
كما أوجد عنده الميل إلى الشهوات والمغريات،
وجعل حياته امتحانا يثبت فيه انتثصار عقله على شهوته، وحكمته على طيشه،
ومن ثم فإن كل ما يساعد الإنسان على تحقيق هذا الانتصار هو الذي يستحق أن يسجل ويتداول، وما عداه يجب أن يطرح بعيدا.

صحيح أن الإنسان قد يعيش تجارب شريرة تثير في نفسه مشاعر دفاقة قد يسجلها نثرا أو شعرا،
ولكن هل يفيد تسجيلها الأمة في شيء؟ أم يساعد على إفساد خلقها؟

إن الالتزام بالضوابط ليس تقييدا لحرية الأديب،
وإنما هو توجيه لمشاعره وأحاسيسه وأدبه وفنه؛
كي يكون نتاجه إسهاما في بناء الأمة لا هدمها.
والأديب المسلم الذي يلتزم بعقيدة الإسلام ويعيش حياة إسلامه يستطيع أن يعبر عن كل الأحاسيس والمشاعر بصدق ودفق،
وأن يكون عطاؤه من أعلى المستويات، مع محافظته على قيمه الإسلامية.
والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.

للكاتب / الخضري عبد المنعم علي السيد
من مجلة البيان(مجلة إسلامية شهرية جامعة تصدر عن المنتدى الإسلامي).

نقل موفق اختي الغاليه سنى البرق بارك الله فيك موضوع يستحق القراءه فعلا
غاليتي…
سلمتِ على مرورك العطر…
أسعدتِني…
الأخت / سنى البرق
السلام عليكم ورحمة الله
ماشاء الله .. نقل رائع لموضوع هام جدا .. جميل ورائع أن نلتزم بالضوابط ونحترمها ..

]إن الالتزام بالضوابط ليس تقييدا لحرية الأديب،
وإنما هو توجيه لمشاعره وأحاسيسه وأدبه وفنه؛
كي يكون نتاجه إسهاما في بناء الأمة لا هدمها.
والأديب المسلم الذي يلتزم بعقيدة الإسلام ويعيش حياة إسلامه يستطيع أن يعبر عن كل الأحاسيس والمشاعر بصدق ودفق،
وأن يكون عطاؤه من أعلى المستويات، مع محافظته على قيمه الإسلامية.
والله من وراء القصد وهو يهدي إلى سواء السبيل.

من المفروض أن يقدم لنا الأديب كل ماهو مفيد وصادق .. والأديب المسلم .. والمعلم المسلم.. والطبيب المسلم .. والمهندس المسلم .. والصانع المسلم .. والعامل المسلم .. يوم أن يلتزم بالضوابط .. سنضمن الجودة في كل شيء وسيعمل الجميع بحرية تعود بالنفع على المجتمع عامة .

حفظك الله وحفظ كاتبنا الصادق ..!!

جزاكم الله خيرا على مروركم الكريم…

بالطبع يوم أن نلتزم كلنا بالضوابط،،،ستصبح حياتنا أفضل بل وسيرتقي مجتمعنا إلى المثالية…

أسعدتم دوما…

إن الالتزام بالضوابط ليس تقييدا لحرية الأديب،
وإنما هو توجيه لمشاعره وأحاسيسه وأدبه وفنه؛
كي يكون نتاجه إسهاما في بناء الأمة لا هدمها.
…………………..
سنى البرق
أختيار رائع يستحق فعلا القراءة والتمعن فيه ..
فما أكتبه لا بد أن يكون مقنن ضمن ضوابط الشريعة ويفيد لا يضر
سلمت غاليتي على مرورك الطيب..

أنت الأروع حتما..

والأديب المسلم الذي يلتزم بعقيدة الإسلام ويعيش حياة إسلامه يستطيع أن يعبر عن كل الأحاسيس والمشاعر بصدق ودفق،
وأن يكون عطاؤه من أعلى المستويات، مع محافظته على قيمه الإسلامية

تماماً..
كلام سليم ووقفة نفتقدها ونحتاجها جداً ، فقد بات الكثيرون يظنون أن الأديب يحق له ما لا يحق لغيره من إطلاق العنان للقلم دون ضابط!

جزاكِ الله خير جزاء وبارك في كاتب هذه التذكرة ..

سلمتِ سنا ,,
لاكي

لاكي كتبت بواسطة حمامة الجنة لاكي
تماماً..
كلام سليم ووقفة نفتقدها ونحتاجها جداً ، فقد بات الكثيرون يظنون أن الأديب يحق له ما لا يحق لغيره من إطلاق العنان للقلم دون ضابط!

جزاكِ الله خير جزاء وبارك في كاتب هذه التذكرة ..

مشرفتنا الغالية…
هذا ما دفعني دفعا إلى نقلها هنا في فيضنا عندما قرأتها..
سلمتِ على مرورك الطيب…
ووسامك الجميل….!

إنفراد – أحدث إبداعات الأديب الكبير أحمد حسن فتيحي – أحسنوا الظن بالله 2024.

أحسنوا الظن بالله
كانت وسائل النقل في جدة.. البغال، والحمير، والجمال والفيتون ويجره الحصان (الذي يتهادى اعتزازاً بمهمته) ويتفنن أصحابها في الإضافات الزركشية لما يملكون.. فالأجراس المعلقة والحنة والبرادع.. لها مميزات في كل حمار يستعمل لنقل صاحبه.. فالحمير والبغال التي تحمل الأثقال وتجر عربات الكرو لا تحظى بما تحظى به حمير الخواص..
وأهالي جدة كلهم يعملون ..
فئة التجار.. هذه الأعداد القليلة المعروفة.. تتميز بأخلاق كريمة وتعامل وتسامح.. فإذا اختلفوا صمتوا حتى يهدءوا ثم تتعافى الأمور، وربما تحتاج لتدخل آخرين ليتم التوصل إلى نهاية الخلاف.. بأكلة (عزومة) عند أحدهم..
هناك رجال أفاضل مهمتهم حل الخلافات بين الناس.. ويرضى بهم الجميع، وأحكامهم دائماً مقبولة.. وتراهم يسعون لذلك بأنفسهم وأموالهم.. وجوههم مشرقة وأناقتهم متميزة.. فالوقار والتقدير والاحترام رفيقهم..
فئة الموظفين.. وهم أكثر أناقة من غيرهم.. ومربون أفاضل أصحاب احترام وتقدير.. وهم أهل (الميري).. «وإذا لم تلحق الميري اتمردغ في ترابه».. وخلافاتهم عادة ما تكون بالرسائل المتبادلة بينهم.. عتاباً أو حساباً أو عقاباً.. وتكون من ضمن الأدبيات..
أما خلافات الفئة الثالثة..(فئة المهنيين) من النجارة والحدادة والتنجيد (تنجيد) والصاغة وغيرها.. كالدلالة والمخَرِّج.. فالأيادي قد تمتد وتصل إلى الخناقات والصراع والضرب والشتم والصياح.. وتنتهى الحكاية بعد عشر دقائق بأن يذهب أحدهم للآخر ويتصافيان وتسمع ضحكاتهما وكأنه لم يكن هناك زوبعة.. وبراد الشاهي يفصل الموضوع.. وأخلاق الجميع بين هذا وذاك..
فالمهنة ليست عيباً أو معرة.. أو ازدراء.. بدءاً من كنس الأزقة وتنظيف المجارى.. وتأجير عربات الكرو.. لنقل الأثاث وما إلى ذلك.. وإذا اجتمع الخُلق الحسن مع المهنة.. فصاحبها محبوب وموثوق ويُشَجَّع ويقولون عنه شقاوى (أي يشقى للقمة عيشه بكرامة).. أما إذا كان غير ذلك فيقولون: «أبت الشقاوة أن تفارق أهلها»..
أما البناؤون.. فإنهم ينظمون الحجر المنقبي (وهو المستعمل) ويشغل كثيراً من الأيادي العاملة لتهذيبه ووضعه في المكان الملائم له.. والنجارون يقومون بعمل رواشين ونوافذ وأبواب المنازل.. وهناك مهن أخرى قد أتطرق إليها قليلاً.. ومن بينها المنادي عند وصول باخرة أو حدث في المدينة يجوب الحارات الأربعة للإعلان عنها..
في المسجد المصلون من جدة.. والإمام من جدة.. والخطيب من جدة..
ودورة المياه والأباريق صاحبها ومديرها المتقاعد من جدة.. ولا تزال الإدارة والتحكم تسري في دمه فيأمر وينهي.. «لا تأخذ هذا الإبريق الأخضر.. خذ الآخر الأحمر.. وخذ الأسود».. وهكذا.. ويسموها (أمارة أباريقي)..
تعيش جدة نهارها عمل وجد كل يسعى لرزقه وما يسر الله له..
فلا تنقضي صلاة الصبح وتطلع الشمس من مشرقها إلا وكانت الحركة تدب في أوصالها من الحلقة، إلى النورية، إلى الحراج، إلى المدارس، إلى الدوائر الحكومية والمكاتب التجارية والدكاكين المختلفة.. فأحدهم نجار.. وآخر حداد.. وصائغ.. ومنجد.. ومصلح للأتاريك.. وبائع مفارش.. وبقال.. وعطار.. وفوال.. ومطبق.. ومعصوب.. وتميز.. والجميع بدون استثناء عاملون.. حتى الحلاقين فالبركة في البكور، وسبحان الله الرزاق الكريم يختص قوماً بالبيع والثقة، فالفـــوال الأمير زحمة، وأبو عوف المطبق زحمة، وحسن فتيحي الإقبال عليه أكثر حتى أنه أحياناً يقول: «جبرنا»..
وبعد صلاة العشاء.. تهدأ جدة تماماً فالكل في بيته كبيراً وصغيراً.. غنياً وفقيراً.. متعلماً وجاهلاً.. موظفاً وتاجراً.. لا تسمع غير أصوات الكلاب.. ونهيق الحمير.. ومطاردة القطط لبعضها.. وصوت البوم.. وصفارات العسس بين الفينة والأخرى.. وفانوس البلدية.. تسرح الغنم في أزقتها.. وتعود إلى حظيرتها ليلاً.. وكل بيت تقريباً عنده من الغنم.. أما الأبقار فالأحواش تمتلئ بها.. وحليبها يوزع للبيع بعد صلاة الصبح وهكذا.. الكل يمارس حريته.. من الإنسان والحيوان في حدود ما تعارف عليه المجتمع..
سكينة وطمأنينة وأمان.. وإيمان يملأ القلوب.. ومحبة ومصاهرة بين الجميع.. لا بغضاء ولا حسد ولا حقد ولا ضغينة.. فالغني يعطي.. والفقير عفيف.. والكلمة الطيبة دائماً من علماء المدينة وفقهائها..
العملة المستعملة هي الريال الفضة والنصف ريال والربع ريال والقروش والهلل وكان مع كثرة استعمال الريال يمسح.. ولا يقبل إلا بعد التبديل من بنك الأندوشين أو مؤسسة النقد أو الصيارفة.. مع فارق بسيط للتبديل، فالريال كان يساوي 22 قرشاً..
المصروف المحترم لطفل المدرسة بين ستة هلل أي قرش ونصف وثلاثة قروش، ومن عنده ربع ريال عليه أن يَتَجَبّى على أصحابه إن أراد..
بجوار كركون الشرطة الذي لا يرتاده أحد إلا فيما ندر .. برحة صغيرة يجلس فيها ضابط الشرطة وجنوده المحدودو العدد.. ومبنى البريد الذي يكتظ عادة لأخذ الطوابع وإرســــــال الخطابات.. وباب البنط الذي ينشط في موسم الحج (الكرنتينه).. ومبنى البنك العربي وبعده البنقلة وخفر السواحل.. وأمام كركون الشرطة من الناحية الشرقية (غرب المشورة) بازان الماء.. والسقا يحمل تنك الماء من الناحيتين والعصا بينهما ويضعه على كتفه.. لتسقى جدة كلها.. وتسمى الزفة..
أمام هذا البازان وقف أعرابي من ضاحية بني مالك ومعه ناقته.. عقلها.. ثم توضأ ولم يحسن الوضوء.. وصلى ولم يحسن الصلاة.. فرآه اثنان من علماء جدة وفقهائهــــا وقررا أن ينصحاه ويعلماه حتى يكون لوضوئه كمالاً ولصلاته خشوعاً.. وقفا بجانبه ثم اصطحباه إلى كرسي شريط عادة ما يكونا عليه..
فجلس على الأرض القرفصاء وبجانبه مشعابه (عصاته) وعلى رأسه إحرامه البدوي في لفته المعروفة وثوبه المربوط في وسطه إلى تحت ركبته (ثوب المحاريد)..
سألاه: «ما هو حق الله عليك؟».. قال: «أن أعبده ولا أشرك به شيئا»..
«ما هو حق رسولك عليك؟».. قال: «أن أتبع ما أمر وأنتهي عما نهى»..
«كيف تكون الرجولة؟».. قال: «بحمــاية الرجــل لأهله.. وحنــانه وعـــطفه عليــهم.. لا جبــــــاراً ولا شقياً يرى كلاً منهم أفضل منه»..
«أيهما أحب إليك الزوجة الذكية أو الجميلة؟».. قال: «ما أحلاهما إذا اجتمعا.. وإذا افترقا.. شكرنا أو صبرنا»..
«أي أبناؤك مبروراً عندك؟».. قال: «الصغير .. والمريض.. والغائب .. فإذا حضروا، كلهم سواسية»..
قدّما له ماءاً فقال: «بسم الله».. وبعد أن انتهى قال: «الحمد لله».. ومسح فمه بكم ثوبه.. أعجبا بذكائه وفطنته وفطرته وسماحته..
سأله أحدهما: «ماذا تعمل؟».. قال: «إني حطاب أحتطب وأبيع»..
سأله الآخر: «ماذا أتي بك إلى جدة في هذا اليوم؟».. قال: «أتيت أشتري فأساً لابني الذي سيشاركني العمل من الغد.. وبعد أن يتعلم.. يترزق الله.. ومن ثم يتزوج ويتحمل مسؤوليته»..
أرادا أن يدخلا عليه بطريقة تكون مقبولة عنده.. فقد كان أدبه الفطري يضفي صفاءاً وسكينة ورغبة في الحديث معه.. كان جميل الطلعة وجميل الكلمة.. قال أحدهما له: «كم قيمة الفأس الذي تريد شراءه من السوق؟».. قال: «بريال واحد».. ثم وضع يده في جيبه وأخرج الريال الفضة، فالتقطا هذه النقطة، وسألاه: «لو كان هذا الريال ممسوحاً(من الاستعمال المتكرر) هل يقبله منك من تشتري منه؟».. نظر إليهما وقال: «لو كان كريماً يقبله، وإن رأى حالي وكان من أصحاب الفضل لأعطاني الفأس وعشرة أريل(ريالات) عليه»..
نظرا إلى بعضهما، وقالا له:«اذهب رعاك الله وأدام عليك النعمة».. وما كاد يمتطي ناقته إلا وقد سقط منها على الأرض الصلبة بجوار البازان..
هرع إليه المارة للمساعدة وأسرع الشيخان فسمعاه يقول:
«اللهم لا راد لقضائك، ألطف بأحبابي وألحقني بأحبابك.. لا إله إلا الله محمد رسول الله».. وقضى..
قال أحدهما: «نية المرء خير من عمله»..
وقال الآخر: «من لم ينفعه ظنه لم ينفعه يقينه»..
أحسنوا الظن بالله ..

إبداع رائع وموضوع أعاد لنا ذكريات الماضي وجماله ..

من قوة الإيمان حسن الظن بالله ..

سلمت يمناك..

مشكوووره

شكرا لاختيارك الجميل

في انتظار ابداع قلمك

وفقك الله

موم الأديب الطبيب 2024.

موم .. الأديب الطبيب
ولد الكاتب البريطاني الكبير سومرست موم خارج بريطانيا ، فقد ولد في 25 / كانون الثاني / 1874 ، في باريس ، حيث كان والده يعمل مستشارا قانونيا للسفارة البريطانية هناك .
كانت طفولة موم كئيبة ، ففي الثامنة من عمره توفيت أمه ـ التي اشتهرت في باريس بصالونها الأدبي الذي كان يؤمه كبار الكتاب والفنانين الفرنسيين ـ فكان ذلك اعنف صدمة في حياته ، وبعد اكثر من ثمانين عاما ، سيكتب موم وهو في التسعين ، قائلا : (( لعل أوضح ذكرى تبقت لي ـ وأنا اجتاز الحاجز الرفيع الذي يفصل بين الحياة والموت ـ هي تلك الذكرى التي عذبتني اكثر من ثمانين عاما .. ذكرى وفاة أمي .. كنت في الثامنة عندما ماتت ، ولكن ألمي لفقدها لا يزال قائما عندي بنفس الحدة التي كان عليها يوم حدثت الوفاة في دارنا بباريس )) .
ولم يكفه ذلك الألم ، فمات أبوه وهو في العاشرة في عمره ، فترك باريس وعاش في رعاية عمه قسيس كنيسة وايت ستيبل حيث قضى طفولة بائسة عانى فيها من ضعف صحته وتلعثمه في الكلام ، ثم أصيب بالسل أيضا .
كان عمه يعده ليكون قسيسا من رجال الدين ، ولكنه ، وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وبعد أن قضى عاما في جامعة هيدلبرغ ـ درس فيها مبادئ الفلسفة واطلع على مسرحيات ابسن و زودرمان ـ عاد إلى إنكلترا ليصارح عمه بأنه كفر بالإيمان الديني وانه مصمم على أن يكون كاتبا .
وقد ثار عمه على هذه الرغبة ثورة عارمة ، وحاول ثني موم عنها بدون جدوى ، واخيرا ، اتفق الاثنان على حل وسط : ان يصبح موم طبيبا .
والتحق موم بمستشفى سانت توماس بلندن وتخرج منه عام 1897 ، ولكنه لم ينس ميوله الادبية ، ففي السنة النهائية من دراسته ، وهو في الثالثة والعشرين من عمره ، نشرت له اول قصة وهي " ليزا اوف لامبت " التي استوحى أحداثها من ملاحظاته في العيادة الخارجية في مستشفى سانت توماس .
لم يعمل موم طبيبا بعد تخرجه وحصوله على شهادته ، ، فقد انصرف إلى الكتابة ، وعشق السفر ن وعاش متنقلا بين أسبانيا وباريس التي احبها رغم ذكرياته الاليمة فيها .
وفي عام 1908 ، وهو في الرابعة والثلاثين حقق موم نجاحا أدبيا كبيرا فقد كانت اربعة من مسرحياته تمثل على مسارح لندن في آن واحد .
خلال الحرب العالمية الاولى تنقل بين بلدان عدة مدافعا عن مصالح بلاده ، فسافر الى بلدان الشرق الاقصى والولايات المتحدة وروسيا .
في عام 1916 ، تزوج من سيدة مطلقة ، أنجبت له ابنته الوحيدة ليزا التي سماها باسم بطلة اول قصة له ، ثم انفصل موم عن زوجته عام 1927 ، ولم يتزوج بعدها .
اثاره الادبية تضم قائمة طويلة ، فبالإضافة الى قصصه الثلاثة الشهيرة : العبودية الإنسانية ، القمر وستة بنسات ، كعك وجعة .. فقد نشر سبع عشرة قصة أخرى بين عامي 1897 و1948 ، إضافة إلى اثنتين وثلاثين مسرحية ، ودراسات في النقد ومذكرات ورحلات ، ولكن اكثر إنتاجاته الأدبية شعبية هي مجاميع قصصه القصيرة التي لاقت رواجا هائلا بين القراء … وقد بيع من كتبه اكثر من ثمانين مليون نسخة ، وعن ذلك يقول موم معلقا : لكم يسرني أنني سوف لا أموت فقيرا ، ان الشيخوخة والفقر مصيبتان لو اجتمعتا ، فليس يطاق أن يعتمد المرء على الإحسان ليحظى بالسقف الذي يظله واللقمة التي تغذيه .
وفي عام 1948 ، وهو في الرابعة والسبعين من عمره ، أعلن موم اعتزاله الكتابة نهائيا ، وعاش بعدها قرابة العقدين من الزمن قبل أن يغادر هذا العالم ، منهيا عذابه الطويل الذي عاشه بعد فقد أمه التي لم ينسها يوما من الأيام كما قال .