المتكلمون بالدين . 8 . 2024.

المتكلمون بالدين

-8-
الإيجاز الإيجاز في الخطبة مع الإعداد والتركيز
وأن يتحلى المتكلم بالدين بمزية الإيجاز. ولا يسعني إلا أن أقف وقفة قصيرة عند مزية الإيجاز، فهي مزية قلّ أن يتحلى بها المتكلمون بالدين في هذه الأيام مع الأسف الشديد . يقف خطيب الجمعة مثلاً وكل الدلائل تدل على أنه (لم يحضّر) شيئاً يقوله، فيبدأ بالكلام (المرتجل) ويتمادى في ارتجاله، ويأتي بأفكار من اليمين والشمال، أكثرها غير متساوق، يشيع فيها الاضطراب والتناقض، ويقضي خطبته ساعة أو أكثر، غير ملتفت إلى وجود أطفال وشيوخ، ولا إلى حالة الطقس بارداً أو حاراً، كل همه أن يتكلم وأن يرتجل الكلام، وأن يكون صوته مرتفعاً كهزيم الرعد وأن تتحرك يداه ورأسه، ويتحرك كل بدنه ولا شيء بعد ذلك!.
وطالما سألت نفسي حين أصلي الجمعة ماذا قال الخطيب ؟!.
وبكل أمانة لا أعرف ماذا قال: واتهمت نفسي كثيراً، فقلت ربما يكون مستوى الخطيب أرفع من مستواي الثقافي، ربما أكون شارد الذهن، ولكنني سألت من أثق به هذا السؤال ماذا قال الخطيب؟! فكان الجواب دائماً (والله لا أدري)!.
الإيجاز الإيجاز على أن يكون الكلام معداً ومركزاً. وقد كان النبي e من أقل الناس كلاما، وخطبه المسجلة التي وصلت إلينا قصيرة، ولكن فيها أعظم الفائدة.
وهكذا فإن الكلام لا يقاس بطوله، بل يقاس بمقدار فائدته. ومن الضروري أن يكون المتكلم بالدين دارساً بعمق أي أنه لا يكتفي بمصدر واحد، ولا يقتصر على المصادر القديمة بل يبحث في المراجع الحديثة. والأفضل أن يكتب ما سيقوله ويقرأه على مكث، ولو أن أكثر المتكلمين يفضلون الارتجال؛ لأن الكلمة المكتوبة تكون مختصرة وشاملة غالباً، ويكون المتكلم مقيداً بها، أما الكلام المرتجل فيشرق ويغرّب ويغزوه الاستطراد، فيطول الكلام وغالباً ما يدب إلى السامعين الملل والكلل والتذمر من المتكلم سرّا وعلانية.
كما أن الكلام المكتوب يجبر صاحبه على الدراسة والتمحيص بعكس الكلام المرتجل الذي قد يخطر على بال صاحبه في اللحظة والتوّ دون سابق تحضير. وكل دراسة وتمحيص تأتي بخير وتؤدي إلى بركة، وكل كلام مرتجل أو عمل مرتجل غالباً لا يؤدي إلى خير. وسيقول قائل إن الكلمة المرتجلة تؤثر في السامع أكثر من الكلمة المقرؤة، والواقع أن الكلمة المقروءة المعدة فائدتها أكبر من فائدة الكلمة المرتجلة، والمسألة مسألة فائدة السامع، وقد مضى الزمان الذي كان يعجب الناس فيه بالخطيب المرتجل مهما يِقُلْ من الكلام، فقد أصبح الناس يزنون كلام القائل فيعجبون بما يستحق الإعجاب، ويرفضون ما يستحق الرفض.
وهناك جامعات محترمة لا ترضى من الأستاذ أن يرتجل درسه، بل لابد من أن يقدم ذلك الدرس مكتوباً، فيعرض على لجنة خاصة فتقره أو تعدله أو ترفضه، ذلك لأن تلك الجامعات تحرص على عقول طلابها ووقتهم.

وقد تعلمت بالتجربة أن الأستاذ المرتجل كثيراً ما ينسى شيئاً أو يسهو عن شيء أو يقرر خطأ بعض الحقائق العلمية، فيضر سامعيه ويفضح نفسه. والإسلام والحمد لله واسع جداً، فيه مجال للقول كثير، وه و دين يصلح لكل زمان ومكان ويرفع من مستوى كل مجتمع.

جزاكم الله خير
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير

المتكلمون بالدين . 10 . 2024.

المتكلمون بالدين
-10-
تداركوا الأمر قبل الفوات وإلا فإن الخطر محدق والمصير مظلم

وقد حدثني شيخ من كرام الشيوخ ، ولكنه يعيش في غير عصره، ويجهل التيارات الجارفة التي تلعب بأفكار الشباب في المدارس والمعاهد والجامعات والمجتمعات، فذكر أن الدنيا بخير وأن الناس متمسكون بدينهم….الخ! وكان ذلك الشيخ صادقاً؛ لأنه كان يتحدث عن المجتمع الصغير الذي يعايشه ويختلط به. وأتذكر أنني حدثته بالواقع، وقلت له إن الهوة عميقة تفصل بينكم –بين الشيوخ والشباب – وما لم تتداركوا الأمر قبل فوات الأوان، فإن الخطر محدق والمصير مظلم.

المتكلمون بالدين . 7 . 2024.

المتكلمون بالدين
-7-
لابد للمتكلم من الإيمان العميق بالدين والدفاع عنه

لابد للمتكلم من أن يؤمن إيماناً عميقاً بالدين ويؤمن أنه يدافع عنه دفاعا عن قضية عادلة ويدعو إليه إنقاذاً للناس من شرور الدنيا إلى خيراتها وفضائلها، ومن عذاب الآخرة ونار جهنم إلى جنة عرضها السماوات والأرض. ولابد للمتكلم بالدين من أن يعمل به ويجعله منهاجاً له في الحياة لا يحيد عنه قيد أنملة، وأن تطابق أقواله أعماله، بل تزيد أعماله على أقواله ليكون قدوة حسنة لمريديه وسامعيه.
وأعتقد أن هذين الشرطين هما أهم الشروط التي يجب أن تكون في المتكلم بالدين ، الإيمان العميق بالدين أو (النية) ، والعمل بتعاليمه والتمسك بأهدافه والدعوة إليه والدفاع عنه، هذان الشرطان الرئيسيان هما النية والعمل. ويقتضي أن يكون المتكلم بالدين عالماً بالدين، متقناً لفروعه وأصوله حتى يفيد كلامه، ويقبل الناس على سماعه.
والذي تكون بضاعته في العلوم الدينية قليلة تكون فائدته للسامعين قليلة أيضاً. وقد كان السلف الصالح لا يتكلمون بالدين إلا إذا بلغوا شأواً بعيداً في العلوم الدينية وسمح لهم أساتذتهم بالكلام أو الفُتيا. ومع عمق العلوم التي يستوعبها أحدهم، فانه كان يتورع عن الكلام بالدين إلا إذا كان متأكداً من صحة معلوماته ودقتها، وكان لا يتسرع في الإجابة عن سؤال ديني ما لم يفتش عنه في مظانّه من المصادر، ويسأل عنه أهل الذكر. ومن المهم أن يتقن المتكلم بالدين علوم اللغة والبيان، فكلما كان المتكلم بليغاً أثَّر في الذين يسمعونه والذين يأخذون عنه. وقد كان النبي e أبلغ البلغاء، وأفصح الفصحاء وقد أوتي جوامع الكلم.

ولابد للمتكلم بالدين من أن يعمل به ويجعله منهاجاً له في الحياة لا يحيد عنه قيد أنملة، وأن تطابق أقواله أعماله، بل تزيد أعماله على أقواله ليكون قدوة حسنة لمريديه وسامعيه.

صدقتم وجزاكم الله خيراااا

جزاك الله خير
شكرا جزيلا على المرور بارك الله فيكم

المتكلمون بالدين . 6 . 2024.

المتكلمون بالدين

-6-

الشيخ محمد الرضواني آية في العلم والورع

كان في الموصل عالم عامل هو المرحوم الشيخ الحاج محمد الرضواني، وكان آية من آيات الله في العلم والورع، وكان هذا العالم العامل موضع ثقة الناس على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم وأديانهم، فقد كان يلجأ إليه الخصوم ومنهم النصارى، ويرضون بحكمه ويخضعون لتوجيهاته. وكان مقصوداً من المسلمين للتبرك به وطلب الرقية منه وهذا أمر طبيعي ، ولكن الأمر غير طبيعي هو أن يكون مقصودا من النصارى أيضاً للتبرك به وطلب الرقية منه. لماذا أصبح هذا الشيخ الورع موضع ثقة المسلمين وغير المسلمين؟.
لقد كان في الموصل شيوخ لا يقلون علماً من الشيخ الرضواني، ولكن لم يقف أحد على بابهم ولم يلجأ إليهم أحد إلا نادراً، طبعاً أصبح الرضواني عليه رحمه الله تعالى موضع ثقة الناس، لأنه لم يقتصر على العلم وحده، بل كان عاملاً بعلمه إلى أبعد الحدود. ولست أنسى يوم مات المرحوم الرضواني، فقد خرجت الموصل عن بكرة أبيها لتشييعه، وأقفلت الأسواق وتعطلت المصالح، وشارك في تشييعه المسلمون وغير المسلمين بنفس اللوعة والحزن والأسى. وقد ظهر الفقر بعد موته على أكثر من 200 عائلة كان يمدها بما يكفيها من المال سنوياً، دون أن يعرف أحد من الناس من أمرها وأمره شيئاً.

ولم أر في حياتي رجلاً متواضعاً وعلى عظيم من الخلق الرفيع كالرضواني عليه رحمة الله. كان يفرّ من الشرف والشرف يتبعه.
لقد كان عالماً عاملاً بكل معنى الكلمة، لذلك كان إذا قال سمع الناس، وإذا أمر سارع الناس إلى تنفيذ أوامره، وكانت إشارته العابرة تعتبر أمراً لا يخالف، وكان إذا حكم بين خصمين، تقبلا حكمه برحابة صدر، وكانت قوة حكمه أقوى من قوة حكم المحاكم العسكرية والمدنية في وقته، فحمم تلك المحاكم خاضع للاستئناف والتمييز، وحكمه غير خاضع لسلطات غيره، فهو قطعي. والغريب أ المحكوم عليه يتقبل حكمه بنفس الحماس والقناعة التي يتقبل بهما حكمه المحكوم له !.

جزاكم الله خيراااا
ويبدو الموضوع خرج عن مساره واصبح نماذج من المؤمنين الذين يربطون القول بالعمل …..
بارك الله فيكم …….
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكِ اختي
وجزاكِ الله خير

المتكلمون بالدين .3 . 2024.

المتكلمون بالدين

– 3 –
المُقرئ المُجيد محمد رفعت وتأثيره على احد القسيسين

ولست أنسى يوم كان المرحوم الشيخ محمد رفعت يرتل آيات الذكر الحكيم من إذاعة القاهرة في الثلاثينيات من هذا القرن، فقد كان الإقبال على سماعه مذهلاً حقاً، ليس من المسلمين فحسب، بل من غير المسلمين أيضاً…
وقد كنت أدرس اللغة الفرنسية عند أحد القسيسين الذين يُتقنون هذه اللغة في مدينة الموصل عام 1936م، وكانت هذه اللغة مُقرَّرة في الصفين الرابع والخامس من المدرسة الإعدادية، وكان مدرسها في الإعدادية وخيفاً صارماً فأدى ذلك إلى حرمان التلاميذ من مناقشته وسؤاله، ودفعهم إلى التماس تعلمها من القسيسين الذين –لم يكن أحد غيرهم في الموصل يتقن الفرنسية- ليتقوا صرامة معلمهم في المدرسة وشرِّه !. وكان الشيخ محمد رفعت يقرأ القرآن الكريم قبل أن ننتهي من دراستنا عند ذلك القسيس، فكان يلتمس من طلابه أن يستريحوا مدة قراءة القرآن الكريم لينصت هو إلى تلاوة الشيخ محمد رفعت!.
وكان طلاب القسيس الذين يدرسون الفرنسية معي يرقبون انسجامه العظيم مع المقرئ الشيخ محمد رفعت، وكان لا ينفك يردد بين آونة وأخرى.. عظيم.. عظيم.. وبعد انتهاء القراءة يبقى القسيس في (شبه غيبوبة) نحو خمس دقائق، ثم يستأنف التدريس بعد أن يقدم أحرّ الشكر لطلابه على السماح له بالإنصات إلى تلاوة الذكر الحكيم!. وكثيراً ما كان ذلك القسيس يبدي إعجابه الشديد ببلاغة بعض الآيات التي سمعها وبمعانيها وسمو أهدافها.
لقد كانت قراءة الشيخ المرحوم محمد رفعت في الإذاعة المسموعة دعاية ضخمة للقرآن الكريم ليس بين المسلمين فحسب، بل بين غيرهم من أصحاب الأديان الأخرى أيضاً. وكنت أسمع صوته من أجهزة المذياع في دور قسم من المسيحيين في مدينة الموصل، ولابد أن غيري سمع صوته وهو يرتل القرآن الكريم يخترق جدران غير المسلمين في أصقاع كثيرة من البلاد العربية. وما يقال عن أثر المرحوم الشيخ محمد رفعت يقال عن أثر كل قارئ مُجيد. وكل خطيب مُجيد أيضاً، تنتقل أصواتهم الإذاعية المسموعة أو الإذاعة المرئية، أو ينقل أصواتهم المجهار. وإذا كان المجيدون قد أحسنوا إلى الدين، فما أكثر إساءة الذين أساءوا إلى الدين!.
ولو كنت مسؤولاً عن الإذاعة في بلد عربي أو إسلامي، لحرمت غير المُجيدين من الاقتراب من دار الإذاعة.
ولو كنت مسؤولاً عن علماء الدين، لحرمت غير المُجيدين من اقتراب من منابر الخطابة في بيوت الله.
ولو كنت مسؤولاً عن قضايا التدريس في المدارس والمعاهد والجامعات، لحرمت غير المُجيدين من الاقتراب من تلك المعاهد العلمية.
إن حرمان غير المُجيدين من التكلم بالدين خطباء ووعاظاً ومدرسين وأساتذة ومقرئين، أكبر خدمة نقدمها للدين الحنيف.
والمتكلمون بالدين لا يمكن أن يقاسوا بالكمية أي بكثرة عددهم، بل المهم في هذه الناحية (النوعية) لا (الكمية)، فقد يفيد عدد من المتكلمين بالدين ما يقصر عنه الكثيرون، وقد يفيد عشرة من المجيدين كما لا يفيد مائة من غير المجيدين.
فما هي المزايا التي يجب أن يتحلى بها المجيد من المتكلمين بالدين ؟.
يُروى أن أحد العبيد سأل إماماً من أئمة المسلمين –هو الحسن البصري- أن يتكلم في موضوع (أجر عتق الرقيق عند الله)، ووعد الإمام أن يتكلم في هذا الموضوع بأقرب فرصة سانحة، وكان العبد يحضر كل يوم مجلس وعظ الإمام. وكان سيده من المعجبين بهذا الإمام، يحضر مجالس وعظه كل يوم بانتظام، ويصغي إلى أقواله إصغاء تماماً، وينفذ إرشاداته ويطبق مواعظه. ومضى عام دون أن ينطق الإمام بكلمة واحدة حول الموضوع، والعبد يحضر كل يوم ويكاد يتميز من الغيظ على الإمام الذي أهمل موضوعه فنساه أو تناساه.
وبعد مضي عام كامل من مراجعة العبد للإمام ، ووعد الإمام بأنه سيتكلم قريباً بموضوع أجر عتق الرقيق عند الله، تكلم الإمام فجأة وأفاض في ذلك الموضوع وأجاد، فلم يبق في مجلسه رجل سمع كلامه إلا وأسرع في عتق رقبة أو رقاب، وكان سيد ذلك العبد من بين المستمعين فأعتق عبده وأطلق سراحه من ارق، وأصبح ذلك العبد حراً يستنشق عبير الحرية بملء رئتيه، ولكن بقي في نفسه شيء من ذلك الإمام الذي تأخر في إلقاء موعظته، وكان بإمكانه أن يفعل دون تأخير، وجاء العبد يسأل الإمام: لماذا جعلتني أقضي عاماً كاملاً وأنا أنتظر موعظتك الحسنة وأقضي هذا العام في العبودية والرق، وكان بإمكانك أن تقول كلمتك بعد يوم أو يومين من وعدك بالكلام، فتنقذني من الرق ومن عذاب الانتظار؟.
فقال الإمام: (يا بني ! لم أكن أملك ثمن عبد، وكان عليّ أن أقتصد من نفقاتي لأملك ما أشتري بع عبداً. ومضى عام حتى استطعت توفير المال اللازم لشراء عبد، فقصدت سوق النخاسين أمس، واشتريت من هناك عبداً، ثمّ أعتقته لوجه الله، وحينذاك وعظت الناس بما سمعت وسمع سيدك، فأعتقتك سيدك وأعتق غيره عبيدهم. ولو خاطبت الناس قبل أن أخاطب نفسي فأطبق (عملياً) على نفسي ما أطالب به غيري، لما كان لكلامي تأثير في السامعين، ولما أعتق أحد عبده).
إن الكلام لا يؤثر في الناس ما لم يمتلئ من نفس قائله، فيصبح عملاً ولا يبقى كلاماً.

الله يعطيك العافيه
شكرا على المرور
جزاكم الله خيرا……..
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير

المتكلمون بالدين . 9 . 2024.

المتكلمون بالدين

-9-
الأمة تعاني من غزو فكري لا يقاوم إلا بما يناسبه من فكر الإسلام

والأمة الإسلامية تعاني من غزو فكري شنيع، والفكر لا يقاوم إلا بفكر مثله أو أحسن منه، وفي الإسلام خير كثير يستطيع المتكلم بالدين أن يعرضه بأسلوب حديث يقضي به قضاء مبرماً على الأفكار الوافدة والمبادئ المستوردة، ولست أعني أن كل فكر وافد لا خير فيه، فهناك أفكار مفيدة لا بأس من تعلمها، ولكنني أرفض كل فكر يناقض روح الإسلام، ولست أشك في أن مثل هذا الفكر أضرّ معتنقيه ويضر من يعتنقه. والحضارة العالمية عبارة عن أفكار اشترك فيها كثير من الأمم. والفكر الصالح هو من صميم الإسلام، أما الأفكار الضارة فهي التي لا نريد أن يتورط فيها مسلم.
على المتكلم أن يكون خبيراً بالمبادئ المستوردة الضارة خبيراً بتقويضها بأسلوب علمي حصيف والمتكلم بالدين يجب أن يعرف الأفكار الوافدة الضارة، والمبادئ المستوردة التي تناقض الإسلام، ويعرف كيف يستنبط من الدين ما يقوض به تلك الأفكار والمبادئ بأسلوب علمي حصيف. أما أن يبقى المتكلم بالدين مصرّاً على الكلام عن نواقض الوضوء ….الخ –تلك المواضيع التي أصبحت معروفة لكل مسلم، والذي لا يعرفها يستطيع أن يسأل عنها ليتعلمها خلال دقائق معدودات –أو أن يبقى المتكلم بالدين حريصاً على ترديد نصوص معينة من كتب معينة عفا عليها الدهر وأنكرتها الأيام، فان النتيجة المتوقعة هي أن يكون هناك انفصال بين هذا المتكلم بالدين وبين سامعيه ولاسيما من الشباب.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته موضوع جيد و لكن ما المقصود بكتب عاف عليها الزمن هل تعنى كتب التراث. فاهلا و مرحبا بالكتب التى عاف عليها الزمن و الله انى اجد الكثير من شيخنا الكرام معظم موضوعاتهم تتحدث عن افات الغرب و للاسف محاكتنا لهم و التقليد الاعمى . المتابع الجيد للقنوات الاسلامية يعلم ذلك . فالحمد لله ان الامة استيقظت كثيرا عن السنوات الماضية من التضليل الدينى و الفكرى و بدء الخروج السطحية .
ليس المقصود كتب ا لسلف الصالح والكتب المعتمدة
لكن المقصود الكتب التي طغت عليها الخرافات والانحرافات ولم يؤلفها أهل الاختصاص والثقة
والله المستعان
شكرا جزيلا على هذه الملاحظة المهمة جدا
وفقنا الله لخدمة تراث سلفنا الصالح من العلماء العاملين دمتم برعاية الله وحفظه
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم

المتكلمون بالدين . 5 . 2024.

-5-

التناقض بين القول والعمل أول أسباب الفجوة بين الشباب والعلماء
اللواء الركن: محمود شيت خطاب

وليس سراً أن هناك هوة عميقة بين الشباب من جهة وعلماء الدين –أو أكثرهم على الأصح- من جهة ثانية، والسبب الأول لوجود هذه الهوة ، هو ما يردده أولئك الشباب من أن أقوال أكثر علماء الدين تناقض أعمالهم، فهم يقولون قولاً حسناً، ويرددون مبادئ سامية، ولكنهم لا يعملون بما يقولون، ولا يلتزمون بما يرددون.
وبالطبع فان الأيدي الخفية التي تعادي الدين تبالغ في وصف بعض علماء الدين لتبعد الشباب عنه وتصرفهم عن أماكنهم، ومع ذلك فلا تزال حقيقة واقعية يلمسها الناس هي أن الأعمال لا تناسب مع الأقوال وأن الأعمال هي دون المستوى المطلوب الذي لا يمكن السكوت عن تيسير على أسوأ الأحوال!!.
إن هذه الهوة السحيقة موجودة بدون ريب، وهي خطرة على مستقبل هذه الأمة. وضع الرؤوس في الرمال –كالنعامة حين يداهمها عدو لا طاقة لها به- والتعلل بالأماني والأوهام لا يجدي فتيلاً ولا يصلح خللاً.
إن العمل الصالح وحده وتطبيق تعاليم الدين الحنيف عملياً هي الجسور السليمة القوية الصالحة التي تربط بين جانبي الهوة السحيقة التي تفصل بين الشباب وقسم من علماء الدين، وبالتالي بين الشباب والدين نفسه.
إن هذه الجسور وحدها هي التي تربط بين جانبي الهوة وتجعل الشباب يعبرون عليها إلى سواحل الأمان ، ساحل النور، ساحل الدين، بأمن وسلام واطمئنان وهذه الجسور هي (الأعمال)، أما (الأقوال) وحدها فتزيد الهوة عمقاً، والشقة بعداً، ولا تؤدي أبداً إلى خير.
وقد كان النبي e من أقل الناس (كلاما)، ولكنه كان من أكثرهم (عملا) ، ولذلك جمع الناس ووحد القلوب ورصّ الصفوف على كلمة الله. وكان e إذا قال أوجز، ولكن قوله فصل الخطاب، ثم يبدأ بنفسه وأهل بيته وبالأقربين فيطبق أقواله عليهمن ويشتد هو على نفسه فتكون أقواله بالنسبة إلى أعماله شيئاً يسيراً، إذ إن أعماله e كانت تفوق أقواله، وكثيراً ما كان يرأف بأمته فيخفف عنهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ولكنه مع نفسه كان يعمل ويعمل، حتى يصوم فلا يكاد يفطر، وحتى يقوم الليل فتتورم قدماه من القيام، وحتى يعيش وأهله لا يستوقد بنارٍ الشهر والشهر إن هما إلا الأسودان: التمر والماء.
والعلماء ورثة الأنبياء، والعالم يستطيع أن يقدم خدمات لأبناء عقيدته ولغيرهم أيضاً لا تقدر بثمن، وتكون خدماته بمقدار عمله أو أعماله. وليس من شك في أن المادية قد طغت على هذا العصر، ولكن هذه المادية وحدها لم تصرف الشباب عن الدين، بل هي إحدى الأسباب، وتقصير العلماء غير العاملين من الأسباب الحيوية أيضاً.

ليه الموضوع مكرر
اين المشرفات؟؟؟؟؟؟؟
ليس مكررا أختي إنما هو على أجزاء وعذرا للتدخل وبارك الله في الجميع
شكرا جزيلا على المرور
بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير
والموضوع عبارة عن سلسلة

المتكلمون بالدين . 11 . 2024.

المتكلمون بالدين
-11-

طريق النجاح والإنقاذ يمر بكشف كنوز الإسلام بأسلوب عصري جديد
إن محاولة المتكلم بالدين كشف كنوز الإسلام العظيمة بأسلوب جديد هو الذي يؤدي به إلى النجاح من جهة، ومن جهة أخرى إلى إنقاذ السامعين مما يخالجهم من أفكار خطيرة تضر بهم أشخاصاً، وتضر بالمجتمع أيضاً. وكم في الإسلام من كنوز عظيمة بإمكانها اكتساح المبادئ الوافدة، والأفكار المستوردة التي أضرت بالذين اعتنقوا أبلغ الإضرار!، ولكن أين المتكلم بالدين الذي يكتشف هذه الكنوز؟!.
وهنا أحذر من التورط في ادعاء أن كل جديد هو من الإسلام، وأن الإسلام قد سبق إليه. إن الإسلام هو كل لا يتجزأ، وهو رأس ويجب أن يبقى رأساً، فليس من مصلحة الإسلام أن نلهث وراء كل مبدأ جديد يتعشقه الناس وندعي أه من الإسلام، ولكن يجب أن نقول إن المبدأ الفلاني يقول كذا ويعالج الأمور بكذا، والإسلام يقول كذا ويعالج المشاكل بكذا، فأي المعالجتين أفضل؟.
وهنا يبرز الفرق بين الإسلام وهو من صنع الله، وبين المبادئ مهما تكن وهي من صنع البشر. إن المبادئ الوضعية تتبدل، وما كان جديداً بالأمس أصبح قديما اليوم وما كان أمل الجماهير في أيام سابقة أصبح نقمتهم في هذه الأيام!. أما الإسلام، فباق بقاء الحياة، ثابت ثبات الراسيات. قال تعالى:
]لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ[
وينبغي أن يقتنص المتكلم بالدين ما يناسب الظروف الراهنة التي يعيشها المجتمع حتى يجد السامعون في الدين ما يعالج مشاكلهم الراهنة، ويناسب الظروف والأحوال.