قال الله سبحانه وتعالى (لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ) (يوسف:7) وقد ذكر قبلها أنه أرى نبيه يوسف وهو صغير رؤيا عجيبة ويؤخذ من هذه القصة تعاهد الأب ابناؤه بالتربية وتقريبه من عنده استعداد الفهم والعلم والفقه وخصه بمزيد من العناية لأنه ينبغي كلما كان الاقبال أكثر من الشخص ينبغي ان يكون العطاء له اكثر .
إن الرؤية الصالحة من الله وذلك ان يوسف عليه السلام راى رؤيه حق وامره ابوه ان لا يقص الرؤيا على اخوته .
ان كتم التحدث بالنعمه للمصلحه جائز ولذالك قال لا تقصص رؤياك على اخوتك مع ان الرؤيه نعمه هنا لكن قال لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدو لك كيدا اذا لو كتم انسان نعمت الله عليه لم يفشهى لان لا يتضرر من الحسد فهذا لابأس به واما التحدث بالنعمه فانه يكون عند امن الحسد فيذكر الانسان نعمت ربه عليه .
ان الشيطان يدخل بين الاخوة فيوغر صدورهم بعضهم على بعض مع كونهم اشقه فشيطان يدخل بين الاخوه الاشقاء فيصيرهم اعداء ويوغر صدورهم بعضهم على بعض .
ان على الاب ان يعدل بين اولاده ما مكن وانه لو كان احد الاولاد يستحق مزيد عنايه فان على الاب ان لايغمر ذالك قدر الامكان حتى لايغر صدور الاخرين .
ان الله سبحانه وتعالى يجتبي من يشاء من عباده ويصطفي وهذا الاصطفاء من الله عز وجل نعمه فانت مثلا تامل كيف ان الله سبحانه وتعالى اصطفاك فلن يجعلك جمادى بل جعلك انسان تامل كيف اصطفاك الله فلم يجعلك كافرا بل جعلك مسلما تامل ان الله عز وجل لم يجعلك من اهل الكبائر الفسقه والمجرمين اومن اهل البدعه بل جعلك من اهل السنه واذا لم تكن من اهل الكبائر فتامل اصطفاء الله لك بان جعلك لست من هؤلاء اهل الكبائر وجعلك من اهل الطاعه والاستقامه والدين واذا كنت طالب علم فالله اصطفاك اصطفاء اخر بان جعلك صاحب علم واذا كنت داعيه فهذا اصطفاء اخر من الله بان جعلك ليس فقط من اصحاب العلم بل جعلك ممن تدعو الى هذا العلم وهكذا فاذا هي اصطفاءات من الله سبحانه وتعالى للعباد .
ان البيت الطيب يخرج منه الابن الطيب ان نظر الى قوله (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (يوسف:6)
ان الغيره تدفع اصحابها للضرر والاباء فانهم لما غارو من اخيهم شعرو فيه اذاءه.
ان يمكن ان الغيره يمكن ان تؤدي الى الكيد بالقتل وليس الى مجرد الإيذاء فان هذه القضية قد اوصلتهم الى ان يسعوا في قتل أخيهم عندما قالوا أقتلوا يوسف .
ان تبييت التوبة قبل الذنب توبة فاسدة قال الله تعالى (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ) (يوسف:9)
أذا ظن انسان بشخص سوءا فلا يصلح ان يلقنه حجة لانه يستخدمها عليه ولذلك لما قال داوود وأخاف أن يأكله الذئب هو لقنهم حجة استخدموها بعد ذلك قالوا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب .
أن الله ثبت يوسف من بادئ امره لأنه لما كان في البئر (.. وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (يوسف:15) .
أن المتظاهر بالامر ينكشف أمره لأهل البصيره ولو استخدم التمثيل (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ*قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ..) (يوسف) .
العمل بالقرائن وشروعية العمل بالقرائن فإن يعقوب رأى قميصا لم تعمل فيه أنياب الذئاب قميص سليم مغموس بالدم غير ممزق .
جواز المسابقة والمسابقة تكون على الخيل والابل والسهام فهي امور تعين على الجهاد وكل أمر يعين على الجهاد تجوز المسابقه فيه بمقابل اما اذا كان ليس من الأمور المعينة على الجهاد ونشر الدين لا يجوز السبق به بجائزة فالمسابقات ثلاثة انواع جائز بعوض وجائز بغير عوض ومحرم فالجائز بعوض مثل مسابقة السهام الرمي ابن تيمية رحمه الله ادخل في المسابقات المعينة على نشر الدين بالجامع المشرك مع الجهاد أما النوع الثاني من المسابقات التي تكون بغير عوض مثل المسابقه على الاقدام واختلفوا في الغطس فقال بعضهم يلحق بالنوع الأول لأنه يعين على الجهاد أما المسابقات المحرمة مثل مناقرة الديكة ومناطحة الأكباش ومصارعة الثيران فهذه الانواع من المسابقات سواء بعوض أو بغير عوض لان فيها تعذيب للحيوان وما حكم الملاكمة فلا تجوز لان فيها ضرب على الوجه وهناك مسابقات أخرى لا تجوز ايضا لان فيها كشف عورات أو فيها قمار .
انباء المشكوك في امره بذلك لعله يتوب (قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً ..) (يوسف:83) .
الصبر الجميل ما هو وما الفرق بينه وبين الصبر العادي قال العلماء الصبر الجميل الذي لا يكون فيه تشكي أو جزع .
البشارة بالامر السار (.. قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ ..) (يوسف:19) وقد تكون البشارة بالامر السيء (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) ولكن أكثر ما تستعمل البشارة في الأمر الحسن ويجوز اعطاء مقابل لمن بشرك بالخير كما أن كعب رضي الله عنه لما جاءه من بشره بتوبة الله عليه خلع قميصه فاعطاه اياه فمن السنة أنك تكافئ من يبشرك بهدية بأي شي يطيب نفسه لقاء ما ادخل السرور في نفسك.
أن الشراء يطلق على البيع والشراء معا (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ..) (يوسف:20) فشروه هنا تعني باعوه .
أن بيع الحر وأكل ثمنه من الكبائر العظيمة .
منة الله على يوسف أن جعله يتربى في بيت عز وليس أن يكون ذليلا مهانا ولذلك قال العزيز لإمرأته ( أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ ..) (يوسف:21) .
أن الشاب اذا نشأ في طاعة الله أن الله يعطيه علما وحكمة (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:22) .
خطورة الخلوة بالمرأة في البيت (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ ..) (يوسف:23) .
كيد المرأة بيوسف فإنها استعانت عليه بايقاعه في الحرام بأمور كثيرة
راودته هي لم يبدأ الشر منه انما بدأ منها فالمرأة اذا دعت الرجل الى الحرام سقطت الحواجز المعنوية كأن ترفض او تستنجد بأهلها لذلك من السبعة الذين يظلهم الله في ظله رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال .
هو في بيتها فهو ليس بغريب يشك فيه .
غلقت الأبواب وغاب الرقيب وهذا ادعى للوقوع في الحرام .
أنها شجعته الى ذلك وقالت هيت لك .
أنه شاب وان داعي الزنا عند الشاب أكبر .
انها سيدته فلها عليه الأمر والنهي والطاعة .
أنه عبد وداعي الزنا عند العبد أكبر لأن الحر قد يخاف الفضيحة .
أن الرجل غريب عن البلد فالغريب قد لا يخشى الفضيحة .
أن المرأة كانت جميلة .
ان المرأة كانت ذات سلطان .
أن زوجها ليس لدية الغيرة بالرغم من علمه بما حصل الا انه ابقى كل شيء على حاله فقط قال (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ..) (يوسف:29) .
أنها استعانت عليه بكيد النسوة .
هددته بالسجن .
بالرغم من كثرة الاسباب التي تدعوه للزنا الا انه صمد ولم يزني ولذلك بلغ عند الله شأنا عظيما .
أن الله يعين أولياءه في اللحظات العصيبة بأمور تثبته (..لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ..) (يوسف:24) والبرهان قيل أنه رأى وجه ابيه يعقوب وقيل أنه رأى كف يعقوب ولكن ما عليها ادلة ولذلك يكفي أن نقول أن برهان ربه صرفه عن هذا الحرام .
أن الانسان لولا معونة الله وتوفيقه وتسديده لا يثبت الحق (.. كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف:24) .
أن شهادة القريب على قريبه أقوى من شهادة البعيد على القريب (.. وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ..) (يوسف:26) قال ابن عباس أنه رجل كبير ذو لحية وهذا أصح مما قيل أنه صغير أنطقه الله وفيه ايضا العمل بالقرائن فاذا كان قميصه مزق من الخلف معناها انها هي التي تطارده وهو يهرب أما اذا كان قميصه مزق من الامام هو يهجم عليها وهي تدافع عن نفسها(فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ..) (يوسف:28) .
عظم كيد المرأة (.. إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (يوسف:28) .
عظم جمال يوسف عليه السلام الذي أخذ بالألباب وقد قال عليه الصلاة والسلام " إن يوسف أوتي شطر الحسن " نصف جمال العالم في يوسف عليه السلام .
سرعة سريان الشائعات بين النساء (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ ..) (يوسف:30) فلما سمعت بمكرهن امرأة العزيز جمعتهن وأعتدت لهم متكئا (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (يوسف:31) وهذا يدل على شدة جمال يوسف عليه السلام .
أن الملائكة يمتازون بجمال الخلقة ولذلك النسوة هؤلاء لما رأوا جمال يوسف قالوا (..مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (يوسف:31) وهذا مستقر لدى الناس أن الملائكة جميلة الخلقه وأن الشيطان قبيح جدا قيل أن الجاحظ وهو مبتدعي من المعتزلة كان جالسا جاءت امراة مع صائغ وقالت مثل هذا واشارت الى الجاحظ ثم انصرفت فالجاحظ استغرب فتبع الصائغ حتى وصل الى دكان الصائغ وسأله قال الصائغ هذه امراة جاءتني وقالت اعمل لي حليا عليها صورة الشيطان فقلت لها وما ادراني ما صورة الشيطان قالت ورائي فقادتني اليك وقالت مثل هذا والله عز وجل قال جبريل ذا مره أي جمال وقال عن شجرة الزقوم أن طلعها كرؤوس الشياطين .
أن المسلم اذا خير بين المعصية وبين الشدة فيصبر على الشدة ويؤثر أن يطيع الله ولو راموه بسوء (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ..) (يوسف:33) واستعانة يوسف بالله (..وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) (يوسف:33) والانسان بدون توفيق من الله ضعيف .
يتبع…………