التمسوها في العشر الأواخر 2024.


المصدر: أ· عبد الحميد زوبيري / إمام أستاذ مسجد التوبة/ الجزائر

ها نحن نعيش بإذن المنان الثلث الأخير لرمضان، والذي حباه الله بمزايا أعظم من سابقيه، أجزل فيه الثواب والمنح ما لم يعطه في الثلثين السابقين، لذلك كان الصادق الأمين يجتهد فيها ما لم يجتهد في غيرها·
تصف أم المؤمنين عائشة حاله في تلك الليالي بقولها (كان إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله)· إنها أعمال ثلاث كان يقوم بها، فقد كان يحي ليله بالعبادة والذكر والطاعة، مع إيقاظ أهله للصلاة كما أخبرت بذلك أم سلمة (لم يكن صلى الله عليه وسلم إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام إلا أقامه) رواه ابن ماجه، مع اعتزال النساء لاشتغاله بالعبادة وسنة الاعتكاف·
والسر في ذلك يكمن في أمرين:
الأول: أن هذه العشر ختام الشهر المبارك، والأعمال بخواتيمها، ولهذا كان من دعائه عليه الصلاة و السلام (اللهم اجعل خير أيامي يوم لقائك وخير عمري آخره وخير عملي خواتمه)·
الثاني: أن فيها ليلة القدر المباركة، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام (إن هذا الشهر قد أظلكم وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم) رواه ابن ماجه·
وسميت بذلك لأن الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمر السنة القابلة من أمر الموت والأجل والرزق وغيره· قال ابن عباس رضي الله عنه يكتب من أم الكتاب ما يكون في السنة من الرزق والمطر والحياة والموت·· وقد سميت بذلك لعظمها وقدرها لأن للطاعات فيها ثواب جزيل·
إن لهذه الليلة مزايا منها:

1- نزول القرآن من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا مصداقا لقوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر)· قال ابن عباس رضي الله عنه نزل القرآن في شهر رمضان ليلة القدر في ليلة مباركة جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا·
2- هي خير من ألف شهر·
والمعنى أن العمل فيها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر·
قال أبو العالية رحمه الله ليلة القدر خير من ألف شهر لا يكون فيه ليلة القدر·

3

– نزول الملائكة·
أن الملائكة تهبط في كل سماء إلى الأرض يؤمّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر، وفي الأثـر عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله (إذا كان ليلة القدر نزل جبريل مع كوكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله تعالى)
4- السلامة من الشر
مصداقا لقوله تعالى (سلام هي حتى مطلع الفجر) قال مجاهد رحمه الله: هي ليلة سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ولا أذى·
5- غفران الذنوب·
وذلك فمن قامها إيمانا واحتسابا فقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)

ولقد وقع الخلاف الخلاف في تعيينها إلى أزيد من أربعين قولا، إلا أن الذي عليه معظم العلماء ويؤيده النص· إنها ليلة سبع وعشرين لحديث زر بن حبيش قال (قلت لأبي بن كعب إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين، ولكنه أراد أن لا يتكل الناس، ثم حلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين قال: قلت بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: الآية التي أخبرنا بها رسول الله أو بالعلامة أن الشمس تطلع يومئذ لا شعاع لها) رواه مسلم والترمذي·
-أن لهذه أمارات منها:
1- أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها، قال عليه الصلاة و السلام: (تطلع الشمس صبيحتها ليس لها شعاع) بن ماجه·
2- إنها ليلة صافية متلألئة لها نور (انها ليلة سبحة بلجة) ابن ماجه·
3- لا حر فيها ولا برد (لا حارة ولا باردة) ابن ماجه
– أنه يسن لمن أدركها الدعاء، فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها انها قالت: (يا رسول الله أرأيت إن علمت في ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك تحب العفو فاعف عني) رواه الترمذي واحمد·

جزاك اللله خير

– بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الراجح الذي عليه جمهور العلماء أن ليلة القدر تكون في شهر رمضان، وأنها في العشر الأواخر منه، وأما تحديدها في العشر الأواخر فمختلف فيه تبعا لاختلاف الروايات الصحيحة، والأرجح أنها في الليالي الوتر من العشر الأواخر، وأرجح ليلة لها هي ليلة السابع والعشرين .
– وفضلها عظيم لمن أحياها ، وإحياؤها يكون بالصلاة، والقرآن، والذكر، والاستغفار، والدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وصلاة التراويح في رمضان إحياء لها.

* يقول فضيلة الشيخ سيد سابق رحمه الله :
– للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر.
– وأكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين، روى أحمد – بإسناد صحيح – عن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم : " من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين"، وروي مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي -وصححه- عن أبيِّ بن كعب أنه قال: "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان – يحلف ما يستثني – والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها ".

* ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
– قد نَوَّه القرآن، ونَوَّهَت السُّنَّة بفضل هذه الليلة العظيمة، وأنزل الله فيها سورة كاملة: ( إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تَنَزَّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر ).
– عَظَّمَ القرآنُ شأنَ هذه الليلة، فأضافها إلى (القدر) أي المقام والشرف، وأي مقام وشرف أكثر من أن تكون خيرًا وأفضل من ألف شهر. أي الطاعة والعبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
– وألف شهر تساوي ثلاثًا و ثمانين سنة وأربعة أشهر، أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف.

– وهي ليلة تتنزَّل فيها الملائكة برحمة الله وسلامه وبركاته، ويرفرف فيها السلام حتى مطلع الفجر.
– وفي السُنة جاءت أحاديث جمة في فضل ليلة القدر، والتماسها في العشر الأواخر ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري في كتاب الصوم.
– ويحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه، وقد أظلهم شهر رمضان: "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم" (رواه ابن ماجه من حديث أنس، وإسناده حسن كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته -2247).

* وكيف لا يكون محرومًا من ضيع فرصة هي خير من ثلاثين ألف فرصة؟.
إن من ضيع صفقة كان سيربح فيها 100% يتحسر على فواتها أيّما تحسر، فكيف بمن ضيع صفقة كان سيربح فيها 3000000% ثلاثة ملايين في المائة؟!

* أي ليلة هي ؟
– ليلة القدر في شهر رمضان يقينًا، لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن، وهو أنزل في رمضان، لقوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة: 185).
– والواضح من جملة الأحاديث الواردة أنها في العشر الأواخر، لما صح عن عائشة قالت: كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان " متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -726.
– وعن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إليهم صبيحة عشرين فخطبهم، وقال: " إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها – أو نسيتها – فالتمسوها في العشر الأواخر، في الوتر" (متفق عليه، المصدر نفسه -724). وفي رواية: "ابتغوها في كل وتر " (نفسه 725).
ومعنى (يجاور): أي يعتكف في المسجد، والمراد بالوتر في الحديث: الليالي الوترية، أي الفردية، مثل ليالي: 21، 23، 25، 27، 29.

– وإذا كان دخول رمضان يختلف – كما نشاهد اليوم – من بلد لآخر، فالليالي الوترية في بعض الأقطار، تكون زوجية في أقطار أُخرى، فالاحتياط التماس ليلة القدر في جميع ليالي العشر.

– ويتأكد التماسها وطلبها في الليالي السبع الأخيرة من رمضان، فعن ابن عمر: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رأوا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت (أي توافقت) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر" (متفق عليه، عن ابن عمر، المصدر السابق -723). وعن ابن عمر أيضًا: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبن على السبع البواقي " رواه أحمد ومسلم والطيالسي عن ابن عمر كما في صحيح الجامع الصغير 1242.
– والسبع الأواخر تبدأ من ليلة 23 إن كان الشهر 29 ومن ليلة 24 إن كان الشهر 30 يومًا.

– ورأي أبي بن كعب وابن عباس من الصحابة رضي الله عنهم أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، وكان أُبَىّ يحلف على ذلك لعلامات رآها، واشتهر ذلك لدى جمهور المسلمين، حتى غدا يحتفل بهذه الليلة احتفالاً رسميًا.
– والصحيح: أن لا يقين في ذلك، وقد تعددت الأقوال في تحديدها حتى بلغ بها الحافظ ابن حجر 46 قولاً.

– وبعضها يمكن رَدُّه إلى بعض. وأرجحها كلها: أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل، كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، وعند الجمهور ليلة سبع وعشرين (فتح الباري -171/5 ط. الحلبي).
– ولله حكمة بالغة في إخفائها عنا، فلو تيقنا أي ليلة هي لتراخت العزائم طوال رمضان، واكتفت بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزًا للعمل في الشهر كله، ومضاعفته في العشر الأواخر منه، وفي هذا خير كثير للفرد وللجماعة.
– وهذا كما أخفى الله تعالى عنا ساعة الإجابة في يوم الجمعة، لندعوه في اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب؛ لندعوه بأسمائه الحسنى جميعًا.

– روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين ( أي تنازعا وتخاصما ) فقال: " خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت ( أي من قلبي فنسيت تعيينها ) وعسى أن يكون خيرًا لكم ".


* علامات ليلة القدر:
– وقد ورد لليلة القدر علامات، أكثرها لا يظهر إلا بعد أن تمضى، مثل: أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء ضعيفة……إلخ.
ومثل: أنها ليلة مطر وريح، أو أنها ليلة طلقة بلجة، لا حارة ولا باردة، إلخ ما ذكره الحافظ في الفتح.
– وكل هذه العلامات لا تعطي يقينًا بها، ولا يمكن أن تَطَّرد، لأن ليلة القدر في بلاد مختلفة في مناخها، وفي فصول مختلفة أيضًا، وقد يوجد في بلاد المسلمين بلد لا ينقطع عنه المطر، وآخر يصلي أهله صلاة الاستسقاء مما يعاني من المَحْل، وتختلف البلاد في الحرارة والبرودة، وظهور الشمس وغيابها، وقوة شعاعها، وضعفه، فهيهات أن تتفق العلامات في كل أقطار الدنيا.

– ومما بحثه العلماء هنا: هل تعتبر ليلة القدر ليلة خاصة لبعض الناس، تظهر له وحده بعلامة يراها، أو رؤيا في منام، أو كرامة خارقة للعادة، تقع له دون غيره؟ أم هي ليلة عامة لجميع المسلمين بحيث يحصل الثواب المرتب عليها لمن اتفق له أنه أقامها، وإن لم يظهر له شيء؟.
لقد ذهب جمع من العلماء إلى الاعتبار الثاني، مستدلين بحديث أبي هريرة رضي الله عنه : " من يقم ليلة القدر فيوافقها.." رواية لمسلم .

* ما يقال في هذه ألليله :
– وبحديث عائشة: أرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟. فقال: " قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعفُ عني" رواه ابن ماجه والترمذي . وفسَّروا الموافقة بالعلم بها، وأن هذا شرط في حصول الثواب المخصوص بها.

– ورجح آخرون معنى يوافقها : أي في نفس الأمر، إن لم يعلم هو ذلك، لأنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء، ولا سماعه، كما قال الإمام الطبري بحق.
– وكلام بعض العلماء في اشتراط العلم بليلة القدر كان هو السبب فيما يعتقده كثير من عامة المسلمين أن ليلة القدر طاقة من النور تُفتح لبعض الناس من السعداء دون غيرهم. ولهذا يقول الناس: إن فلانا انفتحت له ليلة القدر، وكل هذا مما لا يقوم عليه دليل صريح من الشرع.

– فليلة القدر ليلة عامة لجميع من يطلبها، ويبتغي خيرها وأجرها، وما عند الله فيها، وهي ليلة عبادة وطاعة، وصلاة، وتلاوة، وذكر ودعاء وصدقة وصلة وعمل للصالحات، وفعل للخيرات.
– وأدنى ما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه في تلك الليلة: أن يصلي العشاء في جماعة، والصبح في جماعة، فهما بمثابة قيام الليل.
– ففي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: " من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما صلى الليل كله " رواه أحمد ومسلم واللفظ له، صحيح الجامع الصغير -6341.
– والمراد: من صلى الصبح بالإضافة إلى صلاة العشاء، كما صرحت بذلك رواية أبي داود والترمذي: " من صلى العشاء في جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان كقيام ليلة " المصدر السابق -6342.

والله تعالى أعلم

منقول

و جزاك أخيتي خيرا كثيرا على المتابعة الطيبة
شكراً لكي

وجزاكي الله الفردوس الأعلى

بارك الرحمن فيكِ على هذا النقل المهم والشامل وبلغنا وإياكم ليلة القدر ووفقنا فيها لما يحب ويرضى ..
بارك الله بك

وجزاك الله خيرا

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان 2024.

كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعلمها في بقية الشهر:

فمنها: إحياء الليل؛ فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، ففي حديث عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر – يعني الأخير – شمّر وشدّ المئزر» [رواه أحمد]. ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: «ما أعلمه قام ليلة حتى الصباح» .

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال سفيان الثوري: " أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطرق فاطمة وعلياً ليلاً فيقول لهما: «ألا تقومان فُتصليان» [رواه البخاري ومسلم].

وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يُوتر. وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه. وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: " الصلاة الصلاة "، ويتلو هذه الآية: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132].

وكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي تقول له بالليل: " قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا ".

يا نائماً بالليل كم ترقد *** قم ياحبيبي قد دنا الموعد

وخُذ من الليل وأوقاته *** ورِداً إذا ما هجع الرّقد

من نام حتى ينقضي ليله *** ثم يبلغ المنزل أو يجهد

ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشدّ المئزر. واختلفوا في تفسيره ؛ فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدِّه واجتهاده في العبادة، وهذا فيه نظر، والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأوِِ إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان. وفي حديث أنس رضي الله عنه: «وطوى فراشه، واعتزل النساء».

وقد قال طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ} [البقرة:187]: " إنه طلب ليلة القدر. والمعنى في ذلك أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر؛ لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستماع المباح، فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصاً في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن ها هنا كان النبي يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر ".

ومنها: تأخيره للفطور إلى السحر: رُوي عنه من حديث عائشة وأنس رضي الله عنهما أنه كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً. ولفظ حديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شدّ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً» [رواه ابن أبي عاصم]. وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: «لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر»، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعم يُطعمني وساقٍ يسقيني» [رواه البخاري].

وظاهر هذا يدل على أنه كان يواصل الليل كله، وقد يكون إنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر، ولم يكن ذلك مضعفاً له عن العمل؛ فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

ومنها: اغتساله بين العشاءين، وقد تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها: «واغتسل بين الأذانين» والمراد: أذان المغرب والعشاء، قال ابن جرير: " كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر ". وكان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر. وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر ويقول: " ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا، يعني البصريين ".

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجُمع والأعياد. وكذلك يُشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؛ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئاً.

ولا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما، خصوصاً ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم، وإنّما ينظر إلى قلوبكم وأعماكم، فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التقوى.

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقوى *** تقلب عُرياناً وإن كان كاسياً

ومنها: الاعتكاف، ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، «كان رسول الله يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين». وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر، قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقى له هم سوى الله وما يُرضيه عنه. وكما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.

ليلة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:1-3]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شهر رمضان: «فيه ليلة خير من ألف شهر، منَ حُرم خيرها فقد حُرم» [رواه أحمد والنسائي]. وقال مالك: " بلغني أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أُرِي أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العُمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر ".

وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبي صلةى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضاً.

قال سفيان الثوري: " الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة ". ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكير. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

وقالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال : «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عني» والعفو من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يُحبُ العفو ؛ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض ؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك» [رواه مسلم].

وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو الُمذنب المقصر.

أسباب المغفرة في رمضان

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» وعنه قال: قال صلى الله عليه وسلم : «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» [ رواهما البخاري ومسلم ].

دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أن هذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، فقيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له، سواء كانت في أول العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر، ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر.

وأما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب له على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه بتمام السببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

فإذا كمل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفوا ما عليهم من العمل، وبقى ما لهم من الأجر وهو المغفرة؛ فإذا خرجوا يوم عيد الفطر إلى الصلاة قُسمت عليهم أجورهم، فرجعوا إلى منازلهم وقد استوفوا الأجر واستكملوه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص من الأجر بحسب نَقصِه، فلا يَلُم إلا نفسه. قال سلمان: " الصلاة مكيال، فمن وفى وفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين ". فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؛ من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين. أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.

غداً تُوفّى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا

إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساءوا فبئس ما صنعوا

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء الذين {يُؤتُونَ مَاآتَوا وَقُلُوبُهُم وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60]. رُوي عن علي رضي اللّه عنه، قال: " كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ".

وعن الحسن قال: " إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا ". فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.

ومن أسباب المغفرة فيه أيضاً: تفطير الصوام، والتخفيف عن المملوك، ومنها الذكر، ومنها الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم يستجاب في صيامه وعند فطره، ومنها استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروماً غاية الحرمان.

فمتى يُغفر لمن لا يغفر له في هذا الشهر؟ متى يُقبل من رُد في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان به فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ كلّ ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يُقطع ثم يوقد في النار، من فرط في الزرع في وقت البِذار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسار.

رمضان شهر العتق من النيران

وأما آخر الشهر فُيعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوب الكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.

ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتباً على صيام رمضان وقيامه، أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال: {وَلتُكمِلُوا العِدةَ وَلِتُكَبِرُوا اللّه عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَكُم تَشكُرُونَ} [البقرة:185]. فشُكرُ من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.

يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حراً إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟ !

فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؛ ففي صحيح ابن خزيمه: " فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتان تُرضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والإستغفار. وأما اللتان لا غناء لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار ".

فهذه الخصال الأربع المذكورة في هذا الحديث كل منها سبب للعتق والمغفرة. فأما كلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محواً، ولا تبقي ذنباً، ولا يسبقها عمل، وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار. وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسباب المغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول عنه مسدود. وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم : «حولهما نُدَندنُ» [رواه أبو داود وابن ماجة].

thank you

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

جزاك الله خيرا على موضوعك … ..يجب علينا اغتنام العشرالاوخر من رمضان

برنامج عملي للعشر الأواخر 2024.

كيف نستثمر العشر الأواخر..إيمانيا ؟

إعداد :همام عبد المعبود** 03/11/2017

كيف نستثمر العشر الأواخر ؟

لا ينبغي لمسلم عاقل يعرف فضل ومكانة العشر الأواخر من شهر رمضان، أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون سعادة في الدنيا والآخرة .


ويكفينا لبيان فضلها ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها )، وفي الصحيح عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله) .

ففي هذه العشر كان يجتهد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من أنواع العبادة : من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ..، فكان يشد مئزره يعني: يعتزل نساءه ويتفرغ للصلاة والذكر، وكان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي والتي فيها ليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه، كما كان صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر وقراءة القرآن والصلاة، وكان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل .

برنامج عملي للعشر الأواخر

يقول الأستاذ فتحي عبد الستار محرر صفحة دعوة ودعاة وأحد مستشاري صفحة استشارات إيمانية :

العشر الأواخر من رمضان تحتاج إلى تنظيم الوقت تنظيما جيدا لنستطيع الاستفادة من كل لحظة من لحظاتها الغالية، ونقترح عليكم هذا البرنامج اليومي العملي لتنفيذه خلال هذه الأيام المتبقية من شهر رمضان، والذي سأجعل بدايته من صلاة الفجر، مع ملاحظة أنه نموذج قابل للتعديل حسب ظروف كل إنسان وطاقته.

1- المكث في المسجد من بعد صلاة الفجر وحتى الشروق – إن تيسر أو في البيت- لقراءة أذكار الصباح، وما تيسر من القرآن، ثم صلاة الضحى ركعتين أو أربع.

2- العودة للبيت والاستعداد للذهاب إلى العمل، أو النوم حتى موعد العمل، كل حسب مواعيد عمله.
3- أذكار الخروج من المنزل، وتلاوة ما تيسر من القرآن أو أوراد الذكر والاستغفار في الطريق إلى العمل أو السماع أن كنت تقود سيارة.
4- المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والاستعداد قبلها بالوضوء، وترديد الأذان، وصلاة السنن القبلية والبعدية بما لا يؤثر على مصلحة العمل.
5- استثمار أوقات الفراغ البينية في تلاوة القرآن أو قراءة أي كتاب نافع أو الاستغفار والذكر.
6- تلاوة أذكار المساء في طريق الرجوع إلى المنزل.
7- تجنب الإسراف في الطعام، فالله لا يجب المسرفين، ورمضان شهر عبادة وزهد، وليس شهر طعام، ويمكن استثمار أوقات الفراغ بسماع أحد الشرائط الدينية أو الدروس أو الخطب أو الذكر.
8- صلاة المغرب ثم الإفطار مع الدعاء المأثور: "اللهم إني لك صمت…"، مع مراعاة الحذر من الإكثار من الطعام حتى لا يثقل البدن عن العبادة وخاصة صلاة التراويح .
9- أخذ قسط من الراحة حتى أذان العشاء، والنزول للمسجد لأداء صلاة العشاء والتراويح.
10- النوم حتى قبيل الفجر بساعتين، والاستيقاظ لصلاة التهجد والوتر والدعاء .

11- تناول طعام السحور قبل الفجر بنصف ساعة مثلا، فمن السنة تأخير السحور.
12- الانشغال بالاستغفار حتى أذان الفجر.

13- الاعتكاف في العشر الأواخر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه فضل كبير لمن استطاعه، فإن كنت ممن تسمح لهم ظروفهم ولا مانع قويا لديك فشمر عن ساعد الجد واعتكف لله فإن الاعتكاف يعود عليك بالخير الكثير .

14- أنصح كل مسلم حريص على وقته بمقاطعة التلفزيون تماما في هذه الأيام القليلة الباقية من هذا الشهر الكريم، لنتجنب ما أعده شياطين الإنس ليفسدوا على المسلمين عبادتهم، إلا للضرورة كالاطلاع على الأخبار مثلا ومتابعتها، مع الحذر في أن يستدرجنا هذا للجلوس مدة طويلة.
15- أنصح كل مسلم بشراء مستلزمات العيد من ملابس وغيره في وقت مبكر ويفضل ان يكون ذلك في نهار رمضان ما تيسر حتى نستثمر الليل في العبادة ما استطعنا.

16- وكذلك أنصح بتنظيف المنزل وغيره من الأعمال التي اعتاد الناس القيام بها قبل الأعياد، حتى لا تستنفد هذه الأشياء أوقاتنا في العشر الأواخر من رمضان، والتي ينبغي أن نجتهد فيها أكثر في العبادة.
17- ونوصي بعدم تضييع الأوقات في الولائم والحفلات و"العزومات" ومما اعتاد الناس القيام به في رمضان، وننصح غيرنا بذلك.
18- علينا أن نكثر من التصدق في هذه الأيام العشر الباقية من رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة وكان أجود ما يكون في رمضان.
19- علينا أن نصلح ذات بيننا، وأن ننقي نفوسنا وقلوبنا مما يشوبها من كدر المعصية لتتهيأ لتذوق حلاوة العبادة.

كيف تغير نفسك ؟

ويضيف الأستاذ فتحي عبد الستار :

تعتبر العشر الأواخر من رمضان نفحة من نفحات الله عز وجل التي أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتعرض لها واستثمارها، وهي فرصة لتغيير النفس إلى الأفضل. ومجالات التغيير التي يجب أن يعنى بها العبد تنحصر في علاقته بربه، ونفسه، وأهله، والناس من حوله على اختلافهم .
وكل مجال من هذه المجالات يحتاج إلى مكاشفة ومصارحة مع النفس، للوقوف على عيوبها ومثالبها، ومن ثم البدء في علاج تلك العيوب والتخلص منها، والاستزادة من خصال الخير.
ولا شك أن هذا يحتاج منك إلى صبر ومجاهدة، فلن تتخلص من عيوبك كلها مرة واحدة، ولن تتغير من النقيض إلى النقيض في لمح البصر، أو في خلال أيام معدودة، ولكن أبشر بتأييد الله عز وجل لك: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
وأنصحك أخي بالآتي : –
1- اصطحب نيتك الصالحة هذه معك طوال هذه الأيام العشر الباقية من هذا الشهر الكريم، فضعها نصب عينيك دائما، وذكِّر نفسك بها، وحبذا لو كتبت عبارة (سأغير نفسي في العشر الأواخر) على لوحة، وعلقتها في مكان ظاهر في البيت أو في العمل، لتتذكرها، وتذكر غيرك بها.
2- جهز لنفسك خطة تسير عليها خلال هذه الأيام العشر الباقية، على أن تراعي فيها التغيير والإصلاح في كل المجالات التي ذكرتها.
3- في مجال إصلاح العلاقة مع الله عز وجل، انظر لتقصيرك في عبادته سبحانه، واجبر هذا التقصير، فإن كان في الصلاة فعاهد الله عز وجل على أن تحافظ على الصلوات في أوقاتها، وإن كنت مرتكبا لذنب فعاهد ربك على الإقلاع عنه والتوبة النصوح منه، فتحول بذلك من المعصية إلى الطاعة.
4- وفي مجال الأهل، انظر كيف كنت تعامل والديك وإخوتك وذوي أرحامك وباقي أهلك، فتحول من العقوق إلى البر، ومن القطيعة إلى الصلة، ومن سوء العشرة إلى حسنها.
5- وفي مجال الناس، راجع علاقاتك مع جيرانك، وزملائك، ومع إخوانك وأصدقائك، فتحول من الإيذاء إلى الإحسان، ومن الحقد إلى التسامح والعفو، ومن الحسد إلى حب الخير للناس.
6- وفي مجال النفس، احصر عيوبها الدفينة، واسع إلى علاجها، لتتحول من الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الكذب إلى الصدق، ومن النقمة إلى الرضا.
وهكذا أخي الحبيب .. حتى تخرج من هذا الشهر الكريم، وقد منَّ الله عز وجل عليك بفضله، وتحولت نفسك، وتغيرت إلى الأفضل في كل المجالات، وأذكرك بأن هذا يحتاج إلى صبر ومجاهدة .
ومن المهم أخي ألا يتوقف، بعد رمضان، حرصك على إصلاح نفسك وتهذيبها وتحسين علاقتها مع الله ومع الناس، بل يجب أن يستمر هذا بعد انقضاء شهر رمضان، فرب رمضان، هو رب شوال، وهو رب المحرم، وهو رب الشهور كلها، وما رمضان إلا محطة وقود يتزود منها العبد لباقي الشهور، فلا تكن من عبَاد رمضان، ولكن كن من عبَاد الله عز وجل، فمن كان يعبد رمضان فإن رمضان شهر يولي وينقضي، ومن كان يعبد الله فإن الله حي باق لا يموت، وإليه سبحانه المرجع والمصير.

برنامج عملي للقرآن

و يقول الأستاذ رمضان فوزي الباحث بكلية دار العلوم :

فلا شك أن القرآن ورمضان متلازمان؛ فالقرآن أنزل في شهر رمضان، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفَّعان" [رواه أحمد والحاكم بسند صحيح]. وكان سيدنا جبريل ينزل للرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان فيدارسه القرآن.
وأقترح البرنامج التالي :
1- الاستعداد لقراءة القرآن بالوضوء وإفراغ القلب من الدنيا وهمومها.
2- ختم القرآن مع نفسك مرة على الأقل خلال العشر الأواخر .
3- صلاة التراويح يوميا بما تيسر من القرآن.
4- صلاة التهجد في العشر الأواخر.
5- عمل مدارسة أو مقرأة يوميا مع بعض الزملاء تتدارسون فيها بعض الآيات القرآنية .
6- تحديد قدر معين من القرآن لحفظه خلال العشر الأواخر حسبما يفتح الله عليك .
7- مراجعة ما تحفظه من القرآن لتثبيته .
8- قراءة تفسير ما تحفظه من القرآن، من بعض التفاسير الميسرة، لتتعرف على معاني الآيات وأسباب نزولها.
9- القراءة في مصحف به معاني الكلمات حتى يسهل التعرف على الكلمات الصعبة.
10- التدبر في الآيات واستحضار معانيها.
11- استحضار عظمة الله عز وجل واستشعار أنه يكلمك؛ فمن أراد أن يكلم الله فليدخل في الصلاة، ومن أراد أن يكلمه الله فليقرأ القرآن.
12- استثمار أوقات المواصلات في قراءة القرآن، وكذا التواجد في البيت في الاستماع إلى القرآن.
13- التأدب بآداب حملة القرآن، وأوصيك هنا بالرجوع لكتيب "التبيان في آداب حملة القرآن".

– تقبل الله منا ومنك صالح الأعمال، ونسأله سبحانه أن يبلغنا وإياك وجميع المسلمين رمضان عاما بعد عام.

وفقنا الله وإياك لطاعته وحسن عبادته، ومرحبا بك دائما .

الأسرة في العشر الأواخر

و يقول الأستاذ مسعود صبري الباحث الشرعي بالموقع :

الأسرة هي تلك المؤسسة الاجتماعية، التي أوجب الإسلام أن تبنى على الدين والتفاهم، وأن يسعى كل من الزوجين إلى الحفاظ عليها، إنسانيا واجتماعيا وعاطفيا ودينيا، وربما كان رمضان فرصة للتلاحم الأسري والتقارب الأكثر بين الزوجين، وفي العشر الأواخر فرصة إيمانية نادرا ما تعوض، تجتمع فيها الأسرة على طاعة الله، والتماس فضل ليلة القدر، وهذه بعض المقترحات لزيادة الإيمان للأسرة في العشر الأواخر:

1. اذهب أنت وزوجتك وأولادك إلى المسجد ، واسعوا إلى الحفاظ على صلاة الجماعة خاصة في هذه الأيام .

2. امكث مع زوجتك وأولادك بعد صلاة العصر، واقرأ معهم درسا من كتاب " رياض الصالحين " أو " مختصر منهاج القاصدين"، أو " منهاج المسلم " .

3. حاول أن تجتمع مع أسرتك حول مائدة القرآن الكريم ، تلاوة وتصحيحا .

4. يمكن الذهاب مع الأسرة لصلاة التراويح في مسجد جامع مع إمام حسن الصوت .

5. الخروج مع الأسرة لصلاة التهجد في مسجد الاعتكاف ، أو جمع الأسرة على صلاة التهجد في جزء من الليل على أقل تقدير .

6. الاجتماع مع الأسرة للاستغفار و الدعاء وقت السحر .

7. اصطحاب الأسرة للاعتكاف إن كان مقدورا ، وفي بعض المناطق تخصص أماكن للنساء بالإضافة إلى معتكف الرجال .

8. مشاركة الأسرة في إخراج زكاة الفطر، كأن تخرجها الزوجة ، أو الأولاد ، إشعارا لأهميتها ، وتثبيتها لها في نفوسهم .

9. الاستعداد مبكرا لشراء ملابس العيد ، حتى لا تنشغل الأسرة بالعيد مضيعة العشر الأواخر من رمضان .

10. تحري ليلة القدر، واعتكاف ليلتها ، والدعاء فيها :" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا " .
من موقع اسلام اون لاين


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أثابك الله ياغاليه ووفقنا وإياكِ لمافيه مرضاته .. لاكي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزانا الله واياك اختي شمس الحق لاكي
وتقبل الله منا جميعا في رمضان

أهلاً بأم عبدالله لاكي
جزاكِ الله خيراً غاليتي ..
جزاك الله خيرا
اختي روان جزانا الله واياك شرفتيني بموضوعي المتواضع لاكياخي عبد الله جزانا الله واياك
وتقبل مننا جميعا

البرنامج العملي للعشر الأواخر لحظة بلحظة 2024.

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا ان بلغتنا رمضان
نسألك يا الله ان تتقبله منا و توفقنا فيه ليلة القدر و ترزقنا ثمرة العتق من النار
اللهم آمين
هذا مختصر للبرنامج العملى للشيخ هاني حلمي جزاه الله عنا كل خير
البرنامج خاص بالعشر الأواخر لحظة بلحظة تجدوه على هذا الرابط

البرنامج العملي للعشر الأواخر لحظة بلحظة

ما شاء الله لا قوة إلا بالله هذا البرنامج لم يدع الشيخ شئ فيه احتساب الا و قاله
اتمنى من الله ان لا يفوتكم

فأوصى نفسي واياكم بها
نفعنا الله بها اجمعين
وجزى الله الشيخ هانى خير الجزاء اللهم آمين

أسألكم الدعاااااااااااء

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ,
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خيرا ً ,
وجزى الله الشيخ خير الجزاء
جارى التحميل ,
بوركتِ

اغتنام العشر الأواخر من رمضان 2024.

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده…
أما بعد:

فهذه رسالة منقولة من صفحة شمس الاسلام في بيان فضل العشر الأواخر من رمضان ، وما يستحب فيها من الأعمال، وكيف كان حال النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه العشر؟ وفيها بيان لليلة القدر وفضل العمل فيها مع بيان أسباب مغفرة الذنوب في رمضان.

وقد اخترناها من كتاب "لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف " للحافظ ابن رجب الحنبلي، وقد سميناها "العشر الأواخر من رمضان " نسأل الله تعالى أن ينفع بها المسلمين، وأن يهدينا جميعاً إلى الحق والدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا دخل العشر شذ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله لا وفي رواية: "أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ، وشدّ المئزر" رواه البخاري ومسلم،.

————————————————————————

الأعمال الخاصة بالعشر الأواخر من رمضان

كان النبي صلى الله عليه وسلّم يخص العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر:

فمنها :

oإحياء الليل، فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله، ففي حديث عائشة قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلّم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر- يعني الأخير- شمّر وشد المئزر" رواه أحمد،. ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه، ويؤيده ما في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: "ما أعلمه صلى الله عليه وسلّم قام ليلة حتى الصباح ".

oومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يوقظ أهله للصلاة في ليالي العشر دون غيره من الليالي، قال سفيان الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان يطرق فاطمة وعلما ليلاً فيقول لهما: "ألا تقومان فتصليان " رواه البخاري ومسلم،.

oوكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر. وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في وجهه. وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ويتلو هذه ا لآية: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) [طه 132].

oوكانت امرأة أبي محمد حبيب الفارسي تقول له بالليل: قد ذهب الليل وبين أيدينا طريق بعيد، وزادنا قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا، ونحن قد بقينا.

يا نائماً بالليل كم ترقد…. قم يا حبيبي قد دنا الموعد

وخذ من الليل وأوقاته…… ورداً إذا ما هجع الرقد

من نام حتى ينقضي ليله…. لم يبلغ المنزل أويجهد

oومنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يشذ المئزر. واختلفوا في تفسيره، فمنهم من قال: هو كناية عن شدة جدّه واجتهاده في العبادة، وهذا فيه نظر، والصحيح أن المراد اعتزاله للنساء، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون منهم سفيان الثوري، وورد تفسيره بأنه لم يأو إلى فراشه حتى ينسلخ رمضان. وفي حديث أنس: " وطوى فرا شه، واعتزل النساء ". وقد قال طائفة من السلف في تفسير قوله تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم)[البقرة: 187]،: إنه طلب ليلة القدر. والمعنى في ذلك أن الله تعالى لما أباح مباشرة النساء في ليالي الصيام إلى أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أمر مع ذلك بطلب ليلة القدر؟ لئلا يشتغل المسلمون في طول ليالي الشهر بالاستمتاع المباح، فيفوتهم طلب ليلة القدر، فأمر مع ذلك بطلب ليلة القدر بالتهجد من الليل، خصوصاً في الليالي المرجو فيها ليلة القدر، فمن هاهنا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل نساءه ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر.

oومنها تأخيره للفطور إلى السحر: روي عنه من حديث عائشة وأنس أنه لما كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحوراً. ولفظ حديث عائشة: "كان وسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شذ المئزر، واجتنب النساء، واغتسل بين الأذانين، وجعل العشاء سحوراً" رواه ابن أبي عاصم،. وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلّم ، قال: "لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلّم إني لست كهيئتكم، إني أبيت لي مُطعمٌ يطعمني وساقٍ يسقين " رواه البخاري،. وظاهر هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلّم كان يواصل الليلكله، وقد يكون صلى الله عليه وسلّم إنما فعل ذلك لأنه رآه أنشط له على الاجتهاد في ليالي العشر، ولم يكن ذلك مضعفاً له عن العمل، فإن الله كان يطعمه ويسقيه.

oومنها اغتساله صلى الله عليه وسلّم بين العشائين، وقد تقدم من حديث عائشة: "واغتسل بين الأذانين " والمراد: أذان المغرب والعشاء، قال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر. وكان النخعي يغتسل في العشركل ليلة، ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر. وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين، ويلبس ثوبين جديدين، ويستجمر ويقول: ليلة ثلاث وعشرين هي ليلة أهل المدينة، والتي تليها ليلتنا، يعني البصريين.

فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين، والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد. وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، ولا يكمل التزين الظاهر إلا بتزين الباطن بالتوبة والإنابة إلى الله تعالى، وتطهيره من أدناس الذنوب؟ فإن زينة الظاهر مع خراب الباطن لا تغني شيئأ.

ولا يصلح لمناجاة الملوك في الخلوات إلا من زين ظاهره وباطنه وطهرهما، خصوصاً ملك الملوك الذي يعلم السر وأخفى، وهو لا ينظر إلى صوركم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فمن وقف بين يديه فليزين له ظاهره باللباس، وباطنه بلباس التقوى.

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقوى… تقلب عرياناً وإن كان كاسيا

oومنها الاعتكاف، ففي "الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي "صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين ". وإنما كان يعتكف النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر، قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلّياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه.

فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه. وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.

————————————————————————

ليلة القدر

قال تعالى (إنّا أنزلناه في ليلة القدر* وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر)[القدر: ا-3]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال في شهر رمضان: "فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم " رواه أحمد والنسائي،. وقال مالك: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أُري أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر.

وأما العمل في ليلة القدر فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: "من قام ليلة القدر أيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " وقيامها إنما هو إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة بالدعاء فيها أيضاً.

قال سفيان الثوري: الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة. ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءةً مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها.

وقالت عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلّم: أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال: "قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني " والعفو من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهويحب العفو؟ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض؟ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يقول: "أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك) رواه مسلم،. وإنما أمر بسؤاال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؟ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال، ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا، فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر.

————————————————————————

أسباب المغفرة في رمضان

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: "من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر أيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". وقال رضي الله عنه قال: صلى الله عليه وسلّم : "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " رواهما البخاري ومسلم،.

دل حديث أبي هريرة رضي الله عنه على أن هذه الأسباب الثلاثة كل واحد منها مكفر لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان، وقيامه، وقيام ليلة القدر، فقيام ليلة القدر بمجرده يكفر الذنوب لمن وقعت له، سواء كانت في أول العشر أو أوسطه أو آخره، وسواء شعر بها أو لم يشعر، ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر.

وأما صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب له على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه بتمام السببين، وهما صيام رمضان وقيامه.

فإذا كمّل الصائمون صيام رمضان وقيامه فقد وفوّا ما عليهم من العمل، وبقي ما لهم من الأجر وهو المغفرة؟ فإذا خرجوا يوم عيد الفطر إلى الصلاة قُسّمت عليهم أجورهم، فرجعوا إلى منازلهم وقد استوفوا الأجر واستكملوه، ومن نقص من العمل الذي عليه نقص من الأجر بحسب تقصه، فلا يلم إلا نفسه. قال سلمان: الصلاة مكيال، فمن وفئ وفي له، ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين. فالصيام وسائر الأعمال على هذا المنوال؟ من وفاها فهو من خيار عباد الله الموفين، ومن طفف فيها فويل للمطففين. أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته.

غدا توفى النفوس ما كسبت …ويحصد الزارعون ما زرعوا

إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم… وإن أساءوا فبئس ما منعوا

كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكمالها وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من ردة، وهؤلاء الذين (يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة)[المؤمنون:. 6]. روي عن علي رضي الله عنه، قال: كونوا لقبول العمل أشد اهتماما منكم بالعمل، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول: (إنما يتقبل الله من المتقين) [المائدة: 27].

وعن الحسن قال: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا. فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.

ومن أسباب المغفرة فيه أيضاً: تفطير الصوام، والتخفيف عن المملوك، ومنها الذكر، ومنها الاستغفار، والاستغفار طلب المغفرة، ودعاء الصائم يستجاب في صيامه وعند فطره، ومنها استغفار الملائكة للصائمين حتى يفطروا، فلما كثرت أسباب المغفرة في رمضان كان الذي تفوته المغفرة فيه محروما غاية الحرمان.

فمتى يُغفر لمن لا يُغفر له في هذا الشهر؟ متى يقبل من رُدّ في ليلة القدر؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان؟ متى يصح من كان به فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان؟ كل ما لا يثمر من الأشجار في أوان الثمار فإنه يقطع ثم يوقد في النار، من فرط في الزرع في وقت البِذار لم يحصد يوم الحصاد غير الندم والخسار.

————————————————————————

رمضان شهر العتق من النيران

وأما آخر الشهر فيُعتق فيه من النار من أوبقته الأوزار، واستوجب النار بالذنوب الكبار، فإذا كان يوم الفطر من رمضان أعتق الله فيه أهل الكبائر من الصائمين من النار، فيلتحق فيه المذنبون بالأبرار.

ولما كانت المغفرة والعتق من النار كل منهما مرتبا على صيام رمضان وقيامه، أمر الله سبحانه وتعالى عند إكمال العدة بتكبيره وشكره، فقال تعالى (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)[البقرة: 185]،. فشكر من أنعم على عباده بتوفيقهم للصيام وإعانتهم عليه، ومغفرته لهم به، وعتقهم من النار، أن يذكروه ويشكروه ويتقوه حق تقاته.

يا من أعتقه مولاه من النار! إياك أن تعود بعد أن صرت حرا إلى رق الأوزار، أيبعدك مولاك عن النار وأنت تتقرب منها؟ وينقذك منها وأنت توقع نفسك فيها ولا تحيد عنها؟!

فينبغي لمن يرجو العتق في شهر رمضان من النار أن يأتي بأسباب توجب العتق من النار، وهي متيسرة في هذا الشهر؟ ففي صحيح ابن خزيمة: "فاستكروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله والاستغفار. وأما اللتان لا غناء لكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار". فهذه الخصال الأربعة المذكورة في هذا الحديث كل

منها سبب للعتق والمغفرة. فأما كلمة التوحيد فإنها تهدم الذنوب وتمحوها محوأ، ولا تبقي ذنبا، ولا يسبقها عمل، وهي تعدل عتق الرقاب الذي يوجب العتق من النار. وأما كلمة الاستغفار فمن أعظم أسباب المغفرة، فإن الاستغفار دعاء بالمغفرة، ودعاء الصائم مستجاب في حال صيامه وعند فطره، وأنفع الاستغفار ما قارنته التوبة، فمن استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود، وعزمه أن يرجع إلى المعاصي بعد الشهر ويعود، فصومه عليه مردود، وباب القبول! عنه مسدود. وأما سؤال الجنة والاستعاذة من النار فمن أهم الدعاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "حولهما ندندن " رواه أبو داود وابن ماجة،.

————————————————————————

وداعاً رمضان

عباد الله، إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام. فاستمتعوا منه فيما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملا صالحا يشهد لكم به عند الملك العلام، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.

ياشهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدقق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة للوداع تطفىء من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفو من الصيام كل ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

من كلام الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-

إعداد القسم العلمي بدار الوطن في المملكة العربية السعودية

الرياض
منقولة من صفحة شمس الاسلام

جزاكِ الله كل خير
جزاك الله خير
جزيت خيرا

العشر الأواخر من رمضان 2024.

لاكي

ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ

ﺗﺒﺪﺃ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﻦ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﺑﺨﺮﻭﺝ ﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻗﺼﺎً ﺃﻭ ﺗﺎﻣَّﺎً ، ﻓﺈﻥ ﻧﻘﺺ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻓﻬﻲ ﺗﺴﻊ ، ﻭﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺗﻐﻠﻴﺒﺎً ﻟﻸﺻﻞ.

ﻭﻟﻠﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻣﺰﻳﺔُ ﻓﻀﻞٍ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ؛ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻹﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺤﻴﻴﻬﺎ ﻛﻠﻬﺎ ، ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ.

ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺑﻤﺰﻳﺪ ﻋﻨﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻴﺮ ، ﻭﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﺎ.

ﻓﻔﻲ "ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ" ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ :"ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮُ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺷﺪَّ ﻣﺌﺰﺭَﻩُ ، ﻭﺃَﺣﻴﺎ ﻟﻴﻠﻪُ ، ﺃﻳﻘﻆ ﺃﻫﻠﻪُ". ﻭﺯﺍﺩ ﻣﺴﻠﻢ : "ﻭﺟﺪَّ ﻭﺷﺪَّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ".

ﻭﻣﻌﻨﻰ "ﺃﺣﻴﺎ ﻟﻴﻠﻪ" ﺃﻱ : ﺍﺳﺘﻐﺮﻗﻪ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﻭﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ ﺇﻳﺠﺎﺑﻲ ﺟﻤﻴﻞ ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﻴﺖ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﺃﺧﻮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﻓﺈﺫﺍ ﺻﺤﺎ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ، ﺟﻤﻊ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﺴﺪ ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ : "ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻛﺮُ ﺭﺑَّﻪ ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺬﻛﺮُ ﺭﺑَّﻪ ، ﻣَﺜﻞُ ﺍﻟﺤﻲِّ ﻭﺍﻟﻤﻴِّﺖ". ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ : {ﻭَﻣَﻦ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﻴْﺘَﺎً ﻓَﺄَﺣْﻴَﻴْﻨَﺎﻩُ} [ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ : 122].

ﻭﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺣﺪﻳﺚ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ : "ﻻ ﺃﻋﻠﻢُ ﻧﺒﻲَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺮﺃ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻛﻠَّﻪ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ، ﻭﻻ ﺻﻠَّﻰ ﻟﻴﻠﺔً ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺼﺒﺢ ، ﻭﻻ ﺻﺎﻡ ﺷﻬﺮﺍً ﻛﺎﻣﻼً ﻏﻴﺮَ ﺭﻣﻀﺎﻥ". ﻓﻴُﺤﻤﻞ ﻗﻮﻟﻬﺎ : "ﻭﺃﺣﻴﺎ ﻟﻴﻠﻪ" ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻡ ﺃﻏﻠﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ، ﺃﻭ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻠﻪ ، ﻟﻜﻦ ﻳﺘﺨﻠَّﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺤﻮﺭ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﻓﺎﻟﻤﺮﺍﺩ : ﺇﺣﻴﺎﺀ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻠﻴﻞ.

ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻳﻘﺎﻅ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻠﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ :

ﻗﺎﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : "ﻭﺃﻳﻘﻆ ﺃﻫﻠﻪ" ﺃﻱ : ﺃﻳﻘﻆ ﺃﺯﻭﺍﺟﻪ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻮﻗﻆ ﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ ؛ ﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﻴﻞ ، ﻓﻔﻲ "ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ" ﻋﻦ ﺃﻡ ﺳَﻠَﻤﺔَ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺎﻟﺖ : ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔٍ ﻓﻘﺎﻝ : "ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ! ﻣﺎﺫﺍ ﺃُﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔَ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺘﻦ ، ﻭﻣﺎﺫﺍ ﻓُﺘﺢ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺰﺍﺋﻦ، ﺃﻳﻘﻈﻮﺍ ﺻﻮﺍﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤُﺠَﺮ ، ﻓَﺮُﺏَّ ﻛﺎﺳﻴﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺎﺭﻳﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ".

ﻭﻛﺎﻥ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻄﺮﻕ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﺯﻭﺟﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﻠﻴﻞ ، ﻭﻳﻘﻮﻝ : "ﺃﻻَ ﺗﻘﻮﻣﺎﻥ ﺗﺼﻠِّﻴﺎﻥ ؟".

ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻘﺎﻇﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻷﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺃﻇﻬﺮ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺴَّﻨﺔ.

ﻭﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ :

ﻓﻔﻲ "ﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ" ﺗﻘﻮﻝ ﻋﺎﺋﺸﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ : "ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺠﺘﻬﺪُ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺠﺘﻬﺪُ ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ".

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : "ﻭﻳُﺴﻦُّ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ".

ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺷﺪَّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭَ ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ "ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ" ، ﻭﻗﺪ ﺗﻘﺪَّﻡ.

ﻭﺷَﺪُّ ﺍﻟﻤﺌﺰﺭ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻟﻠﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻴﻬﺎ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺸﻤﻴﺮ ﻟﻬﺎ ؛ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ : ﺷﺪﺩﺕ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺌﺰﺭﻱ ، ﺃﻱ : ﺷﻤَّﺮﺕُ ﻟﻪ ﻭﺗﻔﺮِّﻏﺖ.

ﻭﻗﻴﻞ : "ﺷﺪَّ ﻣﺌﺰﺭﻩ" ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻋﻦ ﺍﻋﺘﺰﺍﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺗﺮﻙ ﺍﻟﺠﻤﺎﻉ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻷﻗﺮﺏ ، ﻓﻬﺬﻩ ﻛﻨﺎﻳﺔ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺮﺏ ، ﻗﺎﻝ ﻗﺎﺋﻠﻬﻢ :

ﻗَﻮﻡٌ ﺇِﺫﺍ ﺣﺎﺭَﺑُﻮﺍ ﺷَﺪُّﻭﺍ ﻣَﺂﺯِﺭَﻫُﻢ ﻋَﻦِ ﺍﻟﻨِّﺴﺎﺀِ ﻭَﻟَﻮ ﺑﺎﺗَﺖْ ﺑِﺄﻃﻬﺎﺭِ

ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺗﺤﺮِّﻱ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ :

ﻓﻤﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﻓﻀﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ، ﻭﻫﻲ ﺃﻋﻈﻢ ﻟﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ، ﻓﻬﻲ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ ، ﻓﻠﻮ ﻗُﺪِّﺭ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﺃﻥ ﻳﺠﺘﻬﺪ ﻭﻳﻮﺍﺻﻞ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺭﺑﻪ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻭﺛﻤﺎﻧﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻟﻴﺲ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ؛ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﻴﺎﻣﻪ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻟﻄﻮﺍﻝ ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻋﻈﻴﻢ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺇﻧﻌﺎﻣﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ، ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﻟﻠﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﻤﻴﺮ ﻭﺳﻠﻮﻙ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺤﺼِّﻠﺔ ﻟﻠﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻴﺮ ، ﺑﺎﻟﻘﻠﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺪ ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻭﺣﺴﻦ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻪ.

ﻗﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺴِّﺮﻳﻦ : "ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺃﻟﻒ ﺷﻬﺮ".

ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﻭﺗﺎﺭ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﺭﺟﻰ ؛ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﻗﺮﺏ.

ﻭﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﺴﺒﻊ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻟﻴﻠﺔ ﺳﺒﻊ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ؛ ﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃُﺑَﻲِّ ﺑﻦ ﻛﻌﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ، ﻭﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﺘﻤﺎﻣﻪ.

ﻓﺠﺪﻳﺮ ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺘﺤﺮَّﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ، ﻭﺃﻥ ﻳﺤﻴﻲ ﻭﻗﺘﻪ ﺫﻛﺮﺍً ﻭﺗﺴﺒﻴﺤﺎً ﻭﺗﻼﻭﺓ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭﺍً.

ﻭﻳﺴﺘﺤﺐ ﺍﻻﺟﺘﻬﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ؛ ﻟﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : "ﺍﻟﺘﻤﺴﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ". ﻭﺇﻧَّﻤﺎ ﺗﻠﺘﻤﺲ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ، ﻻ ﺑﺄﻥَّ ﻟﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﻭﻫﻴﺌﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺨﻼﻑ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ، ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ، ﺇﻧﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : {ﺇِﻧَّﺂ ﺃَﻧﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻓِﻲ ﻟَﻴْﻠَﺔٍ ﻣُﺒَﺎﺭَﻛَﺔٍ ﺇِﻧَّﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻣُﻨﺬِﺭِﻳﻦَ * ﻓِﻴﻬَﺎ ﻳُﻔْﺮَﻕُ ﻛُﻞُّ ﺃَﻣْﺮٍ ﺣَﻜِﻴﻢٍ} [ﺍﻟﺪﺧﺎﻥ : 3 – 4] ، ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : {ﻟَﻴْﻠَﺔُ ﺍﻟﻘَﺪْﺭٍ ﺧَﻴْﺮٌ ﻣِﻦْ ﺃَﻟﻒِ ﺷَﻬْﺮٍ {3} ﺗَﻨَﺰَّﻝُ ﺍﻟﻤَﻼَﺋﻜَﺔُ ﻭﺍﻟﺮُّﻭﺡُ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺑِﺈﺫْﻥِ ﺭَﺑِّﻬِﻢ ﻣِﻦْ ﻛُﻞِّ ﺃَﻣْﺮٍ {4} ﺳَﻼَﻡٌ ﻫِﻲَ ﺣَﺘَّﻰ ﻣَﻄْﻠَﻊِ ﺍﻟﻔَﺠْﺮِ} [ﺍﻟﻘﺪﺭ : 3-5]. ﻓﺒﻬﺬﺍ ﺑﺎﻧﺖ ﻋﻦ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ.

ﻭﻣﻨﻬﺎ : ﺍﻋﺘﻜﺎﻑ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ :

ﻭﻫﻮ ﻣﻦ ﺃﺟﻞَّ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ، ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ، ﻭﻟﻮ ﺍﻋﺘﻜﻒ ﻟﻴﻠﺔ ﺃﻭ ﻳﻮﻣﺎً ﺃﻭ ﺑﻌﺾ ﻳﻮﻡ.

ﻭﻣﻘﺼﻮﺩﻩ : ﻋﻜﻮﻑ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺍﻟﺨﻠﻮﺓ ﺑﻪ ، ﻭﻳﺴﺘﺤﻀﺮ ﺍﻟﻤﻌﺘﻜﻒ ﺍﻟﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻓﻴﻪ ، ﻣﻊ ﺍﺣﺘﺴﺎﺏ ﺍﻷﺟﺮ ، ﻭﺍﺳﺘﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻨﻪ ، ﻭﺃﻥ ﻳﻠﺰﻡ ﻣﺴﺠﺪﻩ ، ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺇﻻ ﻟﺤﺎﺟﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ، ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﻭﺍﻷﺫﻛﺎﺭ ﻣﻄﻠﻘﻬﺎ ﻭﻣﻘﻴﺪﻫﺎ ، ﻛﺎﻟﺮﻭﺍﺗﺐ ﻭﺍﻟﻀﺤﻰ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ، ﻭﺃﺫﻛﺎﺭ ﻃﺮﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ، ﻭﺃﺩﺑﺎﺭ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ، ﻭﺍﻹﻛﺜﺎﺭ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ، ﻭﺍﻹﻗﻼﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﻮﻡ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﻊ ، ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺼﻴﺤﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻲ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ.

ﻭﻳﺴﺘﺤﺐ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺒﺬﻝ ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﺳﺮﻑٍ ﻭﻻ ﻣﺨﻴﻠﺔ ؛ ﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﻓﻲ "ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﻴﻦ" ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ : "ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﺟﻮﺩَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺟﻮﺩُ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥُ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ".

ﻗﺎﻝ ﻓﻲ "ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ" : ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻹﻓﻀﺎﻝ ﻣﺴﺘﺤﺐ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ. ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﺍﻷﻭﺍﺧﺮ ﺃﻓﻀﻞ ؛ ﺍﻗﺘﺪﺍﺀً ﺑﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﻟﺴﻠﻒ ؛ ﻭﻷﻧﻪ ﺷﻬﺮ ﺷﺮﻳﻒ ، ﻓﺎﻟﺤﺴﻨﺔ ﻓﻴﻪ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ ؛ ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺸﺘﻐﻠﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺑﺼﻴﺎﻣﻬﻢ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ ﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻜﺎﺳﺐ ، ﻓﻴﺤﺘﺎﺟﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﺳﺎﺓ".

زاد الصائم

لاكي

جزاك الله خيرا

قيام ليالي العشر الأواخر من رمضان 2024.

في الليل يهدأ الكون، ويركن الخلق، ويتجلى الرب سبحانه وتعالى، وينزل إلى السماء الدنيا، يغفر لمن يستغفر، ويعطي من سأله، ويستجيب لمن دعاه.

والليل محراب العابدين، ومثوى الساجدين، وروضة المخبتين، يناجون ربهم بكلامه، ويسألونه من عطائه، ويُعَفِّرون جباههم بِذُلِّ التوبة وعِزُّ العبودية لله رب العالمين، ويَحْنون رؤوسهم لقهَّار السماوات والأرض، وملك الملوك، دموعهم تبتل منها لحاهم، وأيديهم ضارعة، وقلوبهم واجفة، ونفوسهم مولعة، يرجون الله ويخافونه.

وفي الليل كان الحبيب المحبوب نبي الرحمة – صلى الله عليه وسلم – الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يقف في خشوع وضراعة، ومناجاة ومناداة حتى تتشقق قدماه، ويقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا.

وكان – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل شهر رمضان اجتهد في العبادة وجاد بالخير، فكان أجود من الريح المرسلة، وتعهَّد مع أمين السماء جبريل – عليه السلام – القرآن، وأقبل على الله بكُلِّيَّته، وكان يُبَشِّر أصحابه بهذا الشهر ويرغبهم فيه، وكان يكثر في صيامه خلوته بربه لمناجاته وذكره، فيفتح الله عليه من موارد أنسه، ونفحات قدسه، فكان يرد على قلبه من المعارف الإلهية، والمنح الربانية، ما يغذيه، وعن الخلق يغنيه، وعن الطعام والشراب يرويه.

كان من سنته – صلى الله عليه وسلم – أن يتحرى ليلة القدر في شهر رمضان المبارك، التماسًا للخير الذي قدَّره الله فيها، وحرصًا منه – صلى الله عليه وسلم – على نيل أكمل الخير وأتمَّه؛ ولذلك اعتكف مرة في العشر الأول من رمضان، ثم انتقل إلى العشر الأواسط، ثم استقر آخر الأمر على الاعتكاف والتماس ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان.

روى مسلم عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير، والسدة هي مظلة توضع على الباب، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه، فكلم الناس، فدنوا منه، فقال: " إني اعتكفت العشر الأول، ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت، فقيل لي: إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف (فليعتكف) فاعتكف الناس معه، قال: "وإني أريتها ليلة وتر، وإني أسجد صبيحتها في طين وماء"، فأصبح من ليلة إحدى وعشرين، وقد قام إلى الصبح، فمطرت السماء، فوكف المسجد (أي نزل الماء من خلل في سقفه) فأبصرت الطين والماء، فخرج حين فرغ من صلاة الصبح، وجبينه وروثة أنفه فيها الطين والماء، وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من الأواخر، وكان من هديه – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل العشر الأواخر من رمضان شمَّر للعبادة واستعد لها استعدادًا لم يكن مثله في غيرها، روى البخاري رحمه الله عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا دخل العشر: شد مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله"، وشد مئزره – صلى الله عليه وسلم – يقتضي الاجتهاد في العبادة، وروى مسلم رحمه الله عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يُحْيي الليل بالصلاة والدعاء وغيرهما من الطاعات وكان يشرك أهله في هذا الخير، فيوقظهم لقيام الليل معه.

وكان – صلى الله عليه وسلم – لا يترك أحدًا من أهله يستطيع القيام للعبادة والسهر للإحياء، والقوة على ذلك إلا أيقظه، ذكر في فتح الباري: روى الترمذي ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة: "لم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – إذا بقي من رمضان عشرة أيام يدع أحدًا من أهله يطيق القيام إلا أقامه"؛ ولذا قال الثوري: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، وينهض أهله ووالده إلى الصلاة إن طاقوا ذلك، فهو – صلى الله عليه وسلم – يجدُّ للعبادة في هذا الشهر أكثر من غيره من الشهور ويجتهد في العشر الأخيرة ما لم يجتهده في العشرين الأولى منه، ففي المسند عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمَّر وشد المئز" فيسهر ليله، ويطوي فراشه ويودع النوم – وإن كان النوم في جميع ليالي عمره قليلاً – ويلزم من يطيق من أهله ذلك معه.

فمن رغب في سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – عليه أن يجتهد في قيام ليالي العشر الأخيرة من رمضان، ويوقظ أهله ليقوموا معه، ويحاول قدره أن يعتزل النساء ويجتهد في العبادة، ففي هذه الليالي ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم الخير كله.

وقد ذهب ابن تيمية وجمهور من العلماء إلى أن هذه الليالي الأخيرة من رمضان هي أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، رغم ما في عشر ذي الحجة من الأيام الفاضلة:
كيوم التروية ويوم عرفة وسواهما، وليلة القدر التي فيها العشر الأواخر من رمضان حظ الأمة الإسلامية فيها أوفر من حظِّهم في ليلة الإسراء والمعراج؛ لأن ليلة الإسراء والمعراج مكرمة ومعجزة للنبي – صلى الله عليه وسلم – وليلة القدر مكرمة للنبي – صلى الله عليه وسلم ـ ولأمته من بعده.

ولما لهذه الليالي من مكرمة فقد أحياها النبي – صلى الله عليه وسلم – وأيقظ لها أهله، وهكذا كان الصحابة والتابعون، يسهر منها بالعبادة والمناجاة بين يدي الله.

فأيقظ أهلك، وقم ليلك، واعتزل نساءك، واجتهد لمناجاة ربك

يـا نائم الليل كـم ترقـدُ
قـم يا حبيبي قد دنا الموعـد

وخـذ من الليل وأوقاتـه
وِرْدًا إذا مـا هجـع الرُّقـَّد

من نـام حتى ينقضي ليله
لـم يبلغ المـنزل أو يجهـد

قل لذوي الألباب أهل التقى
قنطرة العـرض لكم موعـد

قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: ( إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ هل من سائل؟ هل من داع؟ حتى ينفجر الفجر) صحيح مسلم.

وقال – صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تقدم من ذنبه) البخاري.

منقوووووووووووول
للفائدة

فضيلة الشيخ أحمد القطان-الكويت

يـا نائم الليل كـم ترقـدُ
قـم يا حبيبي قد دنا الموعـد

وخـذ من الليل وأوقاتـه
وِرْدًا إذا مـا هجـع الرُّقـَّد

من نـام حتى ينقضي ليله
لـم يبلغ المـنزل أو يجهـد

قل لذوي الألباب أهل التقى
قنطرة العـرض لكم موعـد

رائــــــــع مانقلتي
جزاك البارى جنته ام الياس

جزاكِ الله خيرا ونفع بكِ

جزاج الله خير أم إلياس على الموضوع المهم

لا حرمت الأجر إن شاء الله

بارك الله فيك أختي أم إلياس…

وجزاك خيرا على النقل المفيد والرائع….لاكي

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك
بارك الرحمن فيكِ لاكي

أعمال العشر الأواخر من رمضان 2024.


أعمال العشر الأواخر من رمضان

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء المرسلين وعلى آله وصحبة الغر الميامين .

أيها الأخوة المسلمون : موضوع حديثنا هذا اليوم عن أعمال العشر الأواخر

للعشر الأواخر من رمضان عند النبي صلى الله علية وسلم و أصحابه أهمية خاصة ولهم فيها هدى خاص ، فقد كانوا أشد ما يكونون حرصاً فيها على الطاعة . والعبادة والقيام والذكر ولنتعرف في هذه الدقائق على أهم الأعمال التي كان يحرص عليها الأولون وينبغي علينا الإقتداء بهم في ذلك :

1 ـ فمن أهم هذه الأعمال : { إحياء الليل } فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وشد مئزر ومعنى إحياء الليل : أي استغرقه بالسهر في الصلاة والذكر و غيرهما ، وقد جاء عند النسائي عنها أنها قالت : لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى أصبح ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان } فعلى هذا يكون إحياء الليل المقصود به أنه يقوم أغلب الليل ، ويحتمل أنه كان يحي الليل كله كما جاء في بعض طرق الحديث .

وقيام الليل في هذا الشهر الكريم وهذه الليالي الفاضلة لا شك أنه عمل عظيم جدير بالحرص والاعتناء حتى نتعرض لرحمات الله جل شأنه

2

ـ ومن الأعمال الجليلة في هذه العشر : إيقاظ الرجل أهلة للصلاة .

فقد كان من هدية علية الصلاة السلام في هذه العشر أنه يوقظ أهله للصلاة كما في البخاري عن عائشة ، وهذا حرص منه عليه الصلاة والسلام على أن يدرك أهله من فضائل ليالي هذا الشهر الكريم ولا يقتصر على العمل لنفسه ويترك أهله في نومهم ، كما يفعل بعض الناس وهذا لاشك أنه خطأ وتقصير ظاهر .

3 ـ ومن الأعمال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر شد المئزر كما في الصحيحين والمعنى أنه يعتزل النساء في هذه العشر وينشغل بالعبادة والطاعة وذلك لتصفو نفسه عن الأكدار والمشتهيات فتكون أقرب لسمو القلب إلى معارج القبول وأزكى للنفس لمعانقة الأجواء الملائكية وهذا ما ينبغي فعله للسالك بلا ارتياب.

4 ـ ومما ينبغي الحرص الشديد عليه في هذه العشر : الإعتكاف في المساجد التي تصلي فيها فقد كان هدى النبي صلى الله علية وسلم المستمر الإعتكاف في العشر الأواخر حتى توفاه الله كما في الصحيحين عن عائشة .

وإنما كان يعتكف في هذه العشر التي تطلب فيها ليلة القدر قطعاً لانشغاله وتفريغاً للياليه وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه ,وكان يحتجز حصيراً يتخلى فيه عن الناس فلا يخالطهم ولا ينشغل بهم .

وقد روى البخاري أنه عليه الصلاة والسلام اعتكف في العام الذي قبض فيه عشرين يوما.

قال الإمام الزهري رحمة الله عليه : { عجباً للمسلمين تركوا الإعتكاف مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل } .

ومن أسرار الإعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث « ألا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب »

فلما كان الصيام وقاية للقلب من مغبة الصوارف الشهوانية من فضول الطعام و الشراب و النكاح فكذلك الإعتكاف ينطوي على سر عظيم وهو حماية العبد من أثار فضول الصحبة وفضول الكلام وفضول النوم وغير ذلك من الصوارف التي نفرق أمر القلب ونفسدُ اجتماعه على طاعة الله .

ومما يجدر التنبة علبه هنا أن كثيراً من الناس يعتقد أنه لا يصح له الإعتكاف إلا إذا اعتكف كل أيام العشر ولياليها , وبعضهم يعتقد أنه لابد من لزوم المسجد طيلة النهار والليل وآلا م يصح اعتكافه , وهذا ليس صواباً إذ أن الإعتكاف وإن كانت السنة فيه اعتكاف جميع العشر إلا أنه يصح اعتكاف بعض العشر سواءً نهاراً أو ليلها كما يصح أن يعتكف الإنسان جزءً من الوقت ليلاً أو نهاراً إن كان هناك ما يقطع اعتكافه من المشاغل فإذا ما خرج لا مر مهم أو لوظيفة مثلاً استأنف نية الإعتكاف عند عودته , لأن الإعتكاف في العشر مسنون أما إذا كان الإعتكاف واجباً كأن نذر الإعتكاف مثلاً فأنه يبطل بخروجه من المسجد لغير حاجة الإنسان من غائط وما كان في معناه كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه

فلا تشتغل إلا بما يكسب العلا ولا ترض للنفس النفسية بالردى
وفي خلوة الإنسان بالعلم أُنسه ويسلم دين المرء عند التوحد
ويسلم من قال وقيل ومن أذى جليس ومن واش بغيظ وحسدِ
وخير مقام قمت فيه وحلية تحليتها ذكر الإله بمسجد

ومن أهم الأعمال في هذا الشهر وفي العشر الأواخر منة على وجه الخصوص تلاوة القرآن الكريم بتدبر وخشوع ,واعتبار معانية وأمره ونهيه قال تعالى .

{ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان }

فهذا شهر القرآن , وقد كان النبي صلى الله علية وسلم يدارسه جبريل في كل يوم من أيام رمضان حتى يتم ما أنزل علية من القرآن وفي السنة التي توفي فيها قرأ القرآن على جبريل مرتين .

وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتي يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما » رواه مسلم

ولقد كان السلف اشد حرصاً على تلاوة القرآن وخاصة في شهر رمضان فقد كان الأسود بن يزيد يختم المصحف في ست ليالي فإذا دخل رمضان ختمه في ثلاث ليال فإذا دخلت العشر ختمه في كل ليلة , وكان الشافعي رحمة الله عليه يختمه في العشر في كل ليلة بين المغرب والعشاء وكذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله.

وقد أفاد الحافظ بن رجب رحمه الله أن النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث إنما هو على الوجه المعتاد أما في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها أو في الأوقات الفاضلة كشهر رمضان والعشر منه فلا يكره وعليه عمل السلف .

نسأل الله الكريم أن يوفقنا إلى طاعته ويستعملنا في مرضاته ويسلك لنا مسلك الصالحين ويحسن لنا الختام ويتقبل منا صالح الأعمال إنه جواد كريم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول للأمانة

(وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)
بارك الله فيكِ.
جزاك الله خيرا وياريت كلنا نعمل بهذه النصائح الغالية ….
بوركت يمناكما حبيباتي على المرور العطر و الرد الكريم
جزاكما الله كل خير و بلغنا و إياكم ليلة القدر يا رب

جزااااااااك الله خيراااااا على موضووووعك الطيب وبارك الله فيك
ونفع بك الاسلام والمسلمين

جزاك الله كل خير

يا حبيبه

لاكي كتبت بواسطة محمد عجاج
جزااااااااك الله خيراااااا على موضووووعك الطيب وبارك الله فيك
ونفع بك الاسلام والمسلمين

بوركت أخي الفاضل على المرور الطيب

لاكي كتبت بواسطة أم الشفيعين
جزاك الله كل خير

يا حبيبه

أحبك الله الذي أحببتني فيه و جزاك خيرا كثيرا كثيرا

وفقن االله لاستغلال الأيام القلائل التي بقيت من هذا الشهر الكريم
جوزيتي خيراً عزيزتي
واسأل الله ان ينفعنا بما قرأنا

ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان 2024.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بـســم الله الـــرحـمــن الرحيـــــم

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الســؤال : فضـــل سبحــانـه وتعــالى شهر رمضان

المبارك عـن بقية الأشهر ، ولياليه العشر الأخيرة

عن ليالي العام ، وليلة القدر التي هي خير من ألف

شهر ، هل ليلة القدر محددة التاريخ أم أنها خلال

العشر الأواخر من شهر رمضان … ؟ .

الجـــواب : ليلة القدر أخبر النبي صــلى الله عــليــه

وسلم أنهــا فــي العشر الأخيرة من رمضان ، وبين

عليــه الصــلاة والســــلام أن أوتار العشر آكد من

أشفاعها فمن قامها جميعا أدرك ليلة القدر .

وقد صح عن رسول الله صلى الله علـيه وسلــم أنـه

قال « مــن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له

ما تقدم من ذنبه » رواه البخاري ،

والمعنى أن مــن قامها بالصلاة وسائر أنواع العبادة

مـــن قراءة ودعاء وصدقة وغير ذلك إيمانا بأن الله

شرع ذلك واحتسابا للثواب عنده لا رياء ولا لغرض

آخر من أغراض الدنيا غفر الله له ما تقدم من ذنبه

وهـذا عنــــد جمهور أهل العلم مقيد باجتناب الكبائر

لقول النبي صلى الله عليه وسلم« الصلوات الخمس

والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات

لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر » خــرجـه الإمام

مسلم في صحيحه .

فنسأل الله أن يوفق المسلمين جميعا في كل مكان

بقيامها إيمانا واحتسابا إنه جواد كريم .

مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (ج 15 / ص 430)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضل العشر الأواخر من رمضان 2024.


للعشر الأخيرة من رمضان خصائص ليست لغيرها من الأيام ..فمن خصائصها : ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العمل فيها أكثر من غيرها..ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها ) رواه مسلم.
وفي الصحيح عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله )
وفي المسند عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر)
فهذه العشر كان يجتهد فيها صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من انواع العبادة : من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها ..ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشد مئزره يعني: يعتزل نساءه ويفرغ للصلاة والذكر ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي ليله بالقيام والقراءة والذكر بقلبه ولسانه وجوارحه لشرف هذه الليالي والتي فيها ليلة القدر التي من قامها إيمانا واحتسابا غفر الله ماتقدم من ذنبه .
وظاهر هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم يحيي الليل كله في عبادة ربه من الذكر والقراءة والصلاة والاستعداد لذلك والسحور وغيرها.
وبهذا يحصل الجمع بينه وبين مافي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: ماأعلمه صلى الله عليه وسلم قام ليله حتى الصباح ) لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالقيام وغيره من أنواع العبادة والذي نفته إحياء الليل بالقيام فقط.
ومما يدل على فضيلة العشر من الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصا على اغتنام هذه الليالي المباركة بما هي جديرة به من العبادة فإنها فرصة العمر وغنيمة لمن وفقه الله عز وجل فلا ينبغي للمسلم العاقل أن يفوّت هذه الفرصة الثمينة على نفسه وأهله فما هي إلا ليال معدودة ربما يُدرك الإنسان فيها نفحة من نفحات المولى فتكون ساعادة في الدنيا والآخرة

بارك الله فيك
الله يكرمك ياالبحر