***************
في الأسبوع المنصرم حدثت حادثة صممت على أن أعرضها على أنظار القراء الكرام ليكونوا شهوداً على هذه القصة وغيرها من القصص التي توضح أن في ساحة التعليم من هم ليسوا أهلاً لأن يتولوا مهمة التربية والتعليم، وملخص هذه القصة أن إحدى بنات أختي، وهي طالبة في السنة الأولى الابتدائية، وقد دخلت اختبار الإملاء ولكنها فوجئت بمعلمة الإملاء وهي تحاول أن تقوم بتغشيش إحدى الطالبات بشكل واضح ومفضوح، ولكن ابنة أختي وقفت أمام المعلمة بكل شجاعة وسألتها: لماذا تقومين بتغشيش هذه الطالبة؟ ولكن المعلمة بدلاً من أن تخجل من عملها المشين واللاأخلاقي ردت عليها بقولها: ما هو شغلك وحطي عينك في ورقة الامتحان التي أمامك خير لك!!
وفعلاً قامت ابنة أختي بإنهاء امتحانها وفي حركة ذكية منها قامت بجمع البنات اللاتي كن معها في الفصل وشاهدن ما فعلته المعلمة الغشاشة وذهبت معهن إلى مديرة المدرسة وطلبن من المديرة أن تفسر لهن لماذا فعلت هذه المعلمة فعلتها المشينة ولكن وبعد أيام من هذه الشكوى لم تحصل ابنة أختي ولا زميلاتها على جواب شاف!
وبقدر ما أنا مستاءة من تصرف هذه المعلمة والمربية إلا أني لا أستطيع أن أخفي إعجابي وسروري من ابنة أختي وزميلاتها اللاتي رفضن الغش بكل أساليبه وألوانه لأنهن يعرفن أن أسلوب الغش لا يلجأ إليه إلا الأطفال الذين يشعرون بعدم الكفاءة وسوء الاستعداد الذهني والبدني لأي مهمة يقومون بها.
كم هو جميل عندما نربي أبناءنا على القيم الإسلامية والمبادئ الأخلاقية السامية التي دعى إليها الدين وشجع عليها فجميلٌ مثلاً أن نعلم أطفالنا بأن سلوك الغش وعدم الأمانة يؤدي إلى فقدان ثقة الناس فيه وأنه عندما يغش أحد فإنه قبل ذلك قد غش نفسه وحطم ثقته في نفسه. لذلك أجد من الضروري مساعدة أطفالنا على أن يقتنعوا بقدراتهم الحقيقية وأن يقبلوا بالأمر الواقع وبما لديهم من جوانب نقص، ويساعد على هذا بأن نقوم بمدح الطفل بما يستطيع أن يتقنه من مهارات مختلفة وكذلك نقوم بتشجيعه على ما هو في طور التحسن التدريجي من المهارات.
كما يحسن أن ننبه أطفالنا إلى أن ما يتقنه الراشدون من مهارات وخبرات ما هي إلا نتيجة الخبرة والتعلم وأن ذلك ليس بطريقة سحرية أو خاصية لا مثيل لها. ويوضح له أيضاً أن الشخص يتحسن تدريجياً في أداء مهمة ما أو مهارة معينة بالتدرج من الصبر والمحاولات الجادة، وليس هناك نجاح فوري أو سحري. ويجب أن نذكر للطفل أنه لن يكون طريق الغش طريقاً للنجاح أو الفوز الحقيقي ولا يمكن أن يكون معه شعور بالفخر والاعتزاز، حتى ولو لم يستطع الغير أن يكتشفوا هذا الغش وسيبقى في نفس الغشاش دائماً شعور داخلي بأنه خدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين.
أنـــــــوار