الفتن 2024.

السلام عليكم
الموضوع عن الفتن وقانا الله شرها
الفتن أربعة أنواع
فتنة الدين
فتنة المال
فتنة العلم
فتنة السلطة
والنجاة والعصمة من هذة الفتن تكون بالآتي
فتنة الدين:- 1) الصحبة الصالحة
تذكر الآخرة
فتنة المال:-معرفة الدنيا وحقيقتها
تذكر الخرة
فتنةالعلم :- التواضع
تذكر الاخرة
فتنة السلطة:- الإخلاص
تذكر الاخرة
وكذلك العمل الصالح والإخلاص والتمسك بكتاب الله تعالى والدعوة إلى الله تعالى،اقروا سورة الكهف
فكل ذلك فيها ولذلك أمرناالرسول صلى الله عليه وسلم بقرأتها كل جمعة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

جزاك الله خيراً .. إفادة طيبة ..

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
و جزاك الله تعالى خيرا
مشكورة كثير يا أخت عضو
وجزيت جنات النعيم

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في علاج الفتن 2024.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الفتنة :

هي الابتلاء والامتحان في دينك ودنياك الابتلاء

مجالات الفتنة :

قد تكون في الخير كالمال والولد وهذا قليل .. ولكن الأصل والأكثر أنها تكون في الشر

صفات وسمات هذه الفتنة :

إن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن لها ثلاث سمات :

أولاً :

اختلاط الحق بالباطل : بحيث يصعب تمييز الصواب من الخطأ كما في سنن الترمذي من حديث عبد الله بن عمر وحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( فبعزتي وجلالي لأدخلن عليهم فتنة تدع الحليم منهم حيران ) لمَ يحتار لأنه لم يستطع أن يميز الحق من الصواب لأنه اختلط فيه الحق بالباطل ..

ثانيــاً :

أنها عامة كما في صحيح البخاري من حديث عوف بن مالك فاتنة لا تدع بيتا من بيوت العرب إلا دخلته ومع ذلك هي مزلزلة وقوية ومؤثرة كما في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة :
( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )
بل إن الإنسان إذا لم يدخل في الفتنة فإنه سيعاني منها عناء شديدا لأجل أن يبقى على دينه كما في الترمذي من حديث أبي هريرة يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن ( القابض على دينه كالقابض على جمر ) وأغرب منهما في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة انه يقول :
( لاتقوم الساعة حتى يمر الرجل على القبر يقول ليتني مكانه ) وفي رواية مسلم يتمرغ على القبر يقول ليتني مكانه مما يرى من الفتن ..

طرق الوقاية من الفتن :

إن النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر بهذه الفتن فإنه بين لنا طرقاً ومراحل لتعدي هذه الفتن والخلوص منها :

1- سؤال الله واللجوء إليه والتعوذ به والاستعانة به ألا توجد فتنة

وهذا الذي نفعله صباح مساء كما في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 أعوذ بالله من فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) فنحن نسأل الله ألا يرينا فتنة لأجل ألا نختبر ثم بعد وقوعها فإن للنبي هديا عجيبا من تمسك به نجا أسأل الله أن يوفقك للتمسك به في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن وعمت وطمت حتى عمت جميع مراحل الحياة فيما يتصل بعلاقة الرجل بأبيه وأمه في علاقته بزوجته في علاقته بولده في علاقته بالناس في علاقته بربه في أموره كلها حتى فيما يتصل بنفسه كلها وجد فيها فتن

2- التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة :

يقول صلى الله عليه وسلم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي ) فكتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم هي العاصم من الفتن ما ظهر منها وما بطن لكن نحن في زمن ضعف عند كثير من الناس تعلقهم بكتاب الله فإنه يجب علينا لكتاب الله خمسة أمور قراءته ثم حفظه ثم تدبره ثم العمل به ثم الاستشفاء به فإذا كان الإنسان ضعيف مع كتاب الله فما بالك بسنة رسول الله التي أشد لأنها تشاركه بأن فيها العام والخاص والمطلق والمقيد والظاهر والنص وأيضا فيها الناسخ والمنسوخ يضم على ذلك أن فيها الضعيف والقوي ويضم إلى ذلك أن فيها المطبوع والمفقود بينما كتاب الله محفوظ متواتر بين دفتين إذا عليك أن تطلب من يعرف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلب الحق عند من يعرف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وهم العلماء فإن العلماء هم ورثة الأنبياء والعلماء من أخذ بهم فإنه ينجو بإذن الله ..

3- أن نلزم جماعة المسلمين وإمامهم :

فإن جماعة المسلمين وإمامهم معصم ، ونحمد الله أننا في زمن فيه جماعة المسلمين على الهدي الصحيح إن شاء الله وإن كانوا عندهم نوع من التجاوزات إلا أن أمة محمد لازال فيها الخير ..

* وإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان ستتشتت الأمة وتكون أفرادا عندئذ على الإنسان أن يلزم بيته ويبتعد عن الناس ويعتزل الفتن كلها وعليه أن يعبد ربه وليكثر من العبادات فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإكثار العبادات في الفتن وقال كما في صحيح مسلم : ( العبادة في وقت الهرج كهجرة إلي )

وأمر أن الإنسان ينبغي ألا يدخل في أمر لا يحسن عاقبته والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في آخر الزمان يكون خير الناس من ابتعد عن الناس وكان في شعب من الشعاب مع غنم له ارتاح الناس منه وارتاح هو من الناس ولم ينشغل بهذه الفتن وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يلزم الإنسان بيته ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه إذا جاءك أحد يريد قتلك فقال :
( كن خير ابني آدم ) كن ابن آدم المقتول و لاتكن ابن آدم القاتل حتى أنه يبوء بدمك وتسلم منه وإن كان يجوز شرعا للإنسان أن يدافع عن نفسه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( من قتل دون عرضه فهو شهيد ومن قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون نفسه فهو شهيد )
إلا أنه أراد لنا خير الأمرين ..

نسأل الله الثبات ونسأله عز وجل أن يثبتنا وإياكم ويجيرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..

دمــتم بـســلام ..

ملخّص ما جاء في إحدى حلقات برنامج ( يدعون إلى الخير ) على قناة المجد الفضائية ..

جزاك الله خيرا وبارك فيكِ

جزاك الله خيراً أختي حمامة الجنة على هذه الذكرى التي جاءت في وقتها ، وهذه مشاركة تتعلق بالموضوع بعنوان :
( كيف نواجه الفتن والأزمات )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
فهذه وقفات تتضمن توجيه أفراد المجتمع بالدور الذي يمكن أن يقوموا به عند حدوث الفتن والأزمات – لاسمح الله – سواء المواقف الشرعية أو المواقف التنفيذية .
الوقفة الأولى
ماذا تفعل في وقت الفتنأولاً : الحرص على العبادة : روى مسلم في صحيحه عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " العبادة في الهرج – أي في الفتنة – كهجرة إليّ " .

ثانياً : الإلحاح على الله بالدعاء : قال صلى الله عليه وسلم : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " رواه مسلم ، وأن يحفظ الإنسان الأذكار المتعلقة بالفتن وينشرها كما في حديث : كان إذا خاف قوماً قال : " اللهم إنا نجعلك في نحورهم ، ونعوذ بك اللهم من شرورهم " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ] ، وما جاء في المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في الكرب : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم " .

ثالثاً : حسن التأمل للواقع والوعي بالحال ، والبعد عن العاطفة الزائدة التي تؤدي إلى الغفلة والسذاجة .

رابعاً : الصبر وعدم الاستعجال يقول الله تعالى : (( فاصبر إن وعد الله حقٌ واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار )) قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله : ( فأمره بالصبر وأخبره أن وعد الله حق وأمره أن يستغفر لذنبه ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به ، فإنه سبحانه أمر بالحق ، وأمر بالصبر ، فالفتنة إما من ترك الحق وإما من ترك الصبر فالمظلوم المحق الذي لايقصرفي علمه يؤمر بالصبر، فإذا لم يصبر فقد ترك المأمور ) .

خامساً : الحلم والأناة : لأن ذلك يجعل المسلم يبصر حقائق الأمور بحكمة ، ويقف على خفاياها وأبعادها وعواقبها ، كما قال عمرو بن العاص في وصف الروم : ( إنهم لأحلم الناس عند فتنة ) .

سادساً : الرجوع إلى أهل العلم العاملين الصادقين ، والدعاة المخلصين لمعرفة المواقف الشرعية .

سابعاً : عدم تطبيق ما ورد في الفتن – من نصوص – على الواقع المعاصر .. لأن منهج أهل السنة والجماعة إبّان حلول الفتن هو عدم تنزيلها على واقع حاضر .. وإنما يتبين ويظهر صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أنبأ وحدث به أمته من حدوث الفتن عقب حدوثها واندثارها ، مع تنبيه الناس من الفتن عامة ، ومن تطبيقها على الواقع الحالي خاصة .

ثامناً : بذل السبب لخلاص الأمة ورفعتها .. بدلاً من الاشتغال بفضول الكلام .

تاسعاً : الحذر من السير في ركاب المنكر ( لأن الكبار رضوا به ) : روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف فقد برئ ومن أنكر سلم ، ولكن من رضي وتابع ، قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ما صلوا " .. قال النووي : ( قوله : "من عرف فقد برئ " معناه : من عرف المنكر ولم يشتبه عليه قد صارت له طريق إلى البراءة من إثمه وعقوبته بأن يغيره بيده أو لسانه ، فإن عجز فليكرهه بقلبه .. وقوله : " ولكن من رضي وتابع " ولكن العقوبة والإثم على من رضي وتابع ) .

عاشراً : الوحدة والإتلاف وترك التنازع والاختلاف لقوله تعالى : (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا )) .

الحادي عشر : أهمية التأصيل العلمي القائم على منهج شرعي ، وهذا لابد منه وقت الفتن لأن كثيرين يخوضون بغير علم فيؤدي خوضهم إلى أنواع من البلاء والتفرق والتصرفات الطائشة .. وليحرص المسلم أن يتعلم المسائل العقدية المهمة والتي يخشى من الوقوع فيها بالخطأ مثل مسائل الولاء والبراء ونواقض الإسلام ونحوها من المسائل .

الثاني عشر : الحذر من الشائعات والروايات الواهية ونقل الأخبار المكذوبة : يقول ابن عمر – كما رواه ابن حبان – " لم يكن يُقصّ في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر ولاعمر ولا عثمان إنما كان القصص زمن الفتنة " ، ومما يعين على ذلك لزوم الرفقة الصالحة الناضجة سلوكياً وفكرياً .

الثالث عشر : عدم الاعتماد على الرؤى في وقت الفتن لأنها في الغالب تكون أحاديث نفس .
لوقفة الثانية
كيف ندفع الأزمة عنّا
ولاً : تحقيق الإيمان في القلوب .. وترجمته في الواقع العملي .. والله تعالى خرق سننه الكونية من أجل عباده المؤمنين الصادقين .. فهو سبحانه فلق البحر لموسى .. وأوقف الشمس ليوشع .. وصدق الله تعالى : (( إن الله يدافع عن الذين آمنوا )) .

ثانياً : التوبة والرجوع إلى الله تعالى ، قال بعض السلف : ( لما فقد قوم يونس نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم قذف الله في قلوبهم التوبة ولبسوا المسوح وألهوا بين كل بهيمة وولدها ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة .. فلما عرف الله الصدق من قلوبهم .. والتوبة والندامة على ما مضى منهم .. كشف الله عنهم العذاب .. يقول الله تعالى (( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين )) ولذا قال بعض السلف : ما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة ) .

ثالثاً : كثرة الاستغفار لقوله تعالى : (( وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون )) .

رابعاً : كثرة الأعمال الصالحة ، كما قالت خديجة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلا والله لا يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتقرئ الضيف ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق " .

خامساً : التواصي على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لقول الله تعالى : (( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون )) ولم يقل صالحون .. ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده " صحيح الجامع 1970 .

سادساً : الإكثار من الصدقة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا من الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا " رواه ابن ماجه ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر تطفيء غضب الرب .. " رواه الطبراني – صحيح الجامع 3797 ، وقال ابن أبي الجعد : ( إن الصدقة لتدفع سبعين باباً من السوء ) .

سابعاً : اجتناب الظلم ، وهو التعدي على الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعرضهم بغير حق .. يقول الله تعالى : (( وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعداً )) .
الوقفة الثالثة
توجيهات شرعية

أولاً : أن تعلم أن هذه الأزمة إنما أصبنا بها من قبل ذنوبنا وتفريطنا في جنب الله تعالى ، كما قال تعالى : (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم )) ومن تلك الذنوب التي نمارسها أكل الربا ، وعقوق الوالدين ، وقطيعة الرحم ، وترك الجهاد في سبيل الله تعالى وغيرها .

ثانياً : الاعتماد على الله تعالى والتوكل عليه ، قال سبحانه (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) مع فعل الأسباب الشرعية .

ثالثاً : أن نثق بنصر الله وأن المستقبل للإسلام ، وأن هذا التحدي الذي تواجهه أمة الإسلام إنما هو نوع أذى ذكره الله تعالى بقوله : (( لن يضروكم إلا أذى )) وإلا فإن العاقبة للمتقين ، ولكن علينا أن نحقق قول الله تعالى : (( إن تنصروا الله ينصركم )) .

رابعاً : تذكر فضل بذل الخير في سبيل الله ، وتفريج الكربات ، وإطعام الطعام ، والتعاون على البر والتقوى .

خامساً : استحضر حرمة الاحتكار واستغلال حاجة الناس وخطورة هذا المسلك .

سادساً : اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .

سابعاً : كن متفائلاً وبشر الناس بالخير ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم من هديه في وقت الأزمات أن يكون متفائلاً كما حصل منه عندما حاصره أهل الأحزاب ، فقد بشر أصحابه بأنهم سيحوزون على كنوز كسرى وقيصر وقصور صنعاء .

ثامناً : الحذر من الهزيمة النفسية والمعنوية ، ومن محاولة عرض أحكام الشريعة عرضاً اعتذارياً منهزماً ومكافحة البعض للتنازل والمداهنة باسم المصلحة أو الضرورة أو الحالة الراهنة ، وأن ندرك أن النصر الحقيقي هو في الثبات على الدين خاصة في أوقات الفتن والمحن ، والحذر من الوقوع فريسة للحرب الإعلامية والنفسية الضخمة التي تدور رحاها هذه الأيام .
الوقفة الرابعة
خطوات عملية للأستعداد للأزمة
أولاً : على نطاق الأسرة :
1. البعد عن حياة الترف والتعود على حياة الخشونة ولو لفترات زمنية محددة ، لقول عمر رضي الله عنه : ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم ) .
2. البعد عن الإسراف والتبذير ، لقول الله تعالى : (( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين )) .
3. الاستغناء عن الخدم والسائقين ، خاصة إذا كانوا كفاراً لأنهم يشكلون خطراً على البلد .
4. تجهيز البيت بخزان ماء إضافي لا يستخدم إلا عند الحاجة ، أو حفر بئر في حديقة المنزل أو الاستراحة ، كما يمكن اقتناء أجهزة إعادة تدوير المياه وترشيد الاستهلاك .
5. وضع كمية مناسبة من المواد الغذائية ، خاصة التمر لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " بيت لا تمر فيه جياع أهله " ولا تنسى حليب الأطفال لمن لديهم أطفال صغار .
6. تجهيز المنزل بعدد كافي من الشموع ، وعدد مناسب من البطاريات والمصابيح اليدوية وجهاز راديو صغير .
7. الحصول على جهاز إرسال واستقبال لاسلكي يعمل بالبطاريات ، والهواتف الفضائية قد تكون الأفضل لمواجهة انقطاع شبكة الاتصالات .
8. وضع مكان آمن في المنزل وحدده للجميع مع مراعاة قربه للنساء والكبار .
9. وضع حقيبة إسعافات أولية ، وطفاية حريق ، وأقنعة واقية ، ولا تنسى توفير بعض الأدوية التي يحتاجها أصحاب الأمراض المزمنة كالسكر ونحوه .
10. وضع دليل للاتصال السريع بالجهات الرسمية كالهلال الأحمر والدفاع المدني .. والشخصيات التي ربما تحتاج إليها عند الضرورة .
11. الاهتمام برفع اللياقة البدنية وتطوير المهارات المختلفة – كالدفاع عن النفس – لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " .
12. تأمين السلاح الشخصي للحاجة ، وتعلم الرماية عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً " .
13. تدريب المنزل على طاعة الأمير لأهميتها وقت الفتن ، كما يجدر تعليم الأبناء على الحراسة الليلية ويمكن إجراء ذلك بإقامة مخيم للأهل والأقارب في البرية .
14. تعلم التعامل مع الصحراء ، وكيفية الحصول على الموارد الأساسية للحياة ، وإحداثيات الآبار ، وطرق التعامل مع الأجهزة المهمة في الصحراء ، وكيفية التصرف في أماكن الكثبان والسبخات ، والتعرف على بعض نباتات الصحراء المهمة ، والتعرف على أنواع الدواب وهوام الأرض .
15. المبادرة إلى الاستفادة من الدورات المختلفة التي تتيحها الأجهزة الرسمية سواء في الدفاع المدني أو الإسعافات الأولية .
ثانياً : على نطاق الحي والمجتمع :
أ‌- التجمع حول طلبة العلم وأئمة الجوامع والمساجد والتعاون معهم والصدور عن رأيهم .
ب‌- تكوين فرق عمل لخدمة الحي ، ففرقة لحماية الحي ، وأخرى للتموين ، وثالثة للإسعافات الأولية ، ورابعة لتوفير الماء .. وهكذا .
ت‌- عمل كشوفات بأسماء من لديهم حرف يدوية وقدرات خاصة من الأهالي وتصنيفها ، ومن ثم الاستفادة منها .
ث‌- مهام هذه اللجان يكون كالتالي :
1) لم شمل المسلمين قدر الاستطاعة ، وبث روح التكافل والتعاون .
2) الإطلاع على خطة الطوارئ للدولة والمشاركة في تنفيذها .
3) التنسيق مع الجهات المعنية الرسمية كالصحة والأمن والدفاع المدني والهيئة .. ، وكذا مع المؤسسات الخيرية والإغاثية في توفير الخدمات الضرورية عند الحاجة ، وكذا الاتصال بذوي الفضل واليسار وحثهم على الإنفاق ، وكذلك الاتصال بأصحاب الخبرات والخدمات للاستفادة منهم عند الحاجة .
4) توفير الأدوية الأساسية الخاصة بالأزمات – يستفاد من قائمة منظمة الصحة العالمية – .
5) وضع دليل للاتصال السريع بالجهات الرسمية ، يشمل : هواتف الجهات الأمنية والصحية والدفاع المدني والهيئات وبعض الشخصيات المهمة في الحي ، كما يحتوي على تحديد المواقع الرسمية التي يحتاجها الناس في الأزمة .
6) إقامة دورات لعامة الناس في الإسعافات الأولية ، الأمن والسلامة ووسائلها ، كيفية الاستعداد للأزمات ومواجهة النوازل .
7) القيام بواجب التهدئة للمجتمع ، وتثبيت الناس في محنتهم ونشر التفاؤل بينهم ، وربطهم بالله ، ومحاربة الشائعات ، والتركيز على امتصاص الأثر النفسي للأزمات والحروب لدى أفراد المجتمع ، وخصوصاً بعض الفئات مثل الصغار والنساء .
8) حصر الآبار ومراكز توزيع الماء في الحي ، وضبط وحماية مصادر الماء من الفوضى والتلويث .
9) تأمين وحماية الطرق للتموين الغذائي والتنقل ، توظيف شباب الحي أو غيرهم في حفظ الأمن .
10) رفع درجة الوعي للحفاظ على الموارد كالمياه والمحافظة على البيئة عند تعطل الخدمة والاستغناء عن الكماليات .
11) وضع خطط عملية للتخلص من النفايات البيئية .
12) رعاية الأسر التي فقدت عائلها .
13) المشاركة في دعم مخيمات اللاجئين التي قد تعد من قبل الجهات الرسمية إغاثياً وأمنياً ودعوياً .
14) مخاطبة أصحاب الشقق المفروشة أو قصور الأفراح لاحتساب الأجر في إيواء الناس مجاناً أو بأسعار رمزية .

المصدر موقع الحسبة www.hesba.org

اختي الغالية و الحبيبة حمامة الجنة
جوزيتِ خيرا على الموضوع الهام
لا حرمكِ الله اجر الانتفاع به

و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نسأل الله الثبات ونسأله عز وجل أن يثبتنا وإياكم ويجيرنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
أمـــــــــــــــــين
الله يبارك فيك وفي ما تكتبين أختي حمامة الجنة

الأخ الفاضل / قناص الفوائد : أثابك الرحمن على هذه الإضافة الشاملة .. نسأل الله أن يقينا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..

أخواتي الكريمات :
شمس ، المعاني السامية ، زهر النسرين ..
أشكركنّ على مروركنّ الطيب ..
وفقكنّ الله لما يحب ويرضى ..

جزاك الله خيرا

وجعل ماتكتبين في ميزان حسناتكلاكي

بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيرا على هذا المضوع الجميل واشكرك على تنبيهي للخطأ الذي حصل مني في موضوعي مع تحياتي صغيرة مكة لاكي
أختي الحبيبة أم الأمين : جزاكِ الرحمن بالمثل ورفع قدركِ في الدنيا والآخرة لاكي ..

أختي الحبيبة صغيرة مكة لاكي ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
جزاك الله خيراً وبارك فيكِ..
لا شكر على واجب ..
أكرر ترحيبي بكِ معنا في هذا المنتدى لاكي .. وأسأل الله أن ينفعكِ وينفع بكِ ..

معالم في أوقات الفتن والنوازل 2024.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم رسل الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه وصايا لشباب المسلمين فيما يجب عليهم عند حدوث الفتن من الثبات وعدم التسرع في الأحكام، ذكرها الشيخ الكريم عبد العزيز السدحان – حفظه الله تعالى – في كتابه "معالم في أوقات الفتن والنوازل" فجزاه الله خيراً على ما قدم من النصائح وبيّن من المعالم.
المعلم الأول: لزوم الدعاء
المعلم الثاني: كل أمر بقدر.
المعلم الثالث: مقادير الله لا تكون إلا لحكمة.
المعلم الرابع: في تقدير الله خير ولو كان مكروهاً في نظر كثير من الناس.
المعلم الخامس: الحذر من تزكية النفس.
المعلم السادس: التأني وعدم التعجل في إطلاق الأحكام.
المعلم السابع:الحذر من الظنون.
المعلم الثامن: وجوب الإمساك والكف عن الخوض فيما ليس للعبد فيه علم.
المعلم التاسع: التعويل على العلماء الراسخين.
المعلم العاشر: قبول الحق من كل أحد ولو كان بعيداً بغيضاً، ورد الباطل على كل أحد ولو كان حبيباً قريباً.
المعلم (11): العواطف بلا علم تنقلب عواصف.
المعلم (12): المجيء للعلماء لاستفتائهم لا لإفتائهم.
المعلم (13): التماس الأعذار لأناس دون العلماء بينما اللوم والعتب على العلماء.
المعلم (14): تحميل العلماء لكل خطأ.
المعلم (15): الطعن في العلماء عون لأعدائهم في الداخل والخارج.
المعلم (16): مدح العالم عند بعضهم موقوف على موافقة فتواه لما يريد ذلك المادح.
المعلم (17): الفتيا ليست مشاعة لكل أحد.
المعلم (18): من أسباب زيادة الفتنة أن يتصدر من لم يعرف بعلم.
المعلم (19): حشد الأدلة لا يلزم منه صحة القول.
المعلم (20): الحذر من الجدال العقيم مع المخالف.
المعلم (21): الحذر من استحسان أمور قبل سؤال العلماء عنها.
المعلم (22): الحذر من التوسع في شأن الرؤيا.
المعلم (23): الحذر من رواية الأحاديث المكذوبة.
المعلم (24): الحذر من العجب.
المعلم (25): الحذر من الغفلة عن الأعمال الصالحة في أوقات الفتن.
المعلم (26): الحذر من الإيغال في التفاؤل.
المعلم (27): مراعاة حال المسلمين.
المعلم (28): ليس كل من تحمس لقول يكون موافقاً للحق.
المعلم (29): الفرق بين حفظ النصوص وفهمها.
المعلم (30): عدم الجزم بتنزيل النصوص الشرعية على النازلة.
المعلم (31): الانشغال عن القضايا الأخرى بدعوى الانشغال بالنازلة الآنية.
المعلم (32): الحرص على العبادة في أوقات الفتن.
المعلم (33): الحذر من الكتبة المغرضين.
المعلم (34): الحذر من الإرجاف بين الناس.
المعلم (35): أوقات النوازل من أحسن الأوقات لتذكير الناس.
المعلم (36): دعوة غير المسلمين للإسلام.
المعلم (37): الحذر من تصديق الشائعات.
المعلم (38): الحذر من أولئك المتصدرين المتعجلين في إصدار الأحكام الشرعية.
المعلم (39): لا يلزم من عُرف بمتابعته المستمرة لأحوال المسلمين أن يتولى إصدار الأحكام الشرعية.
المعلم (40): الدعاء من أسباب كشف الكربة.
المعلم (41): إعادة النظر في أقوال وتوقعات صدرت بعجلة وتسرع.
المعلم (42): الاعتبار والنظر في النوازل السابقة.
المعلم (43): مراجعة العبد نفسه.

الكتاب متوفر لدى جمعية إحياء التراث الإسلامي بدولة الكويت فروع محافظة الفروانية،

المعلم (21): الحذر من استحسان أمور قبل سؤال العلماء عنها.
المعلم (22): الحذر من التوسع في شأن الرؤيا.
المعلم (23): الحذر من رواية الأحاديث المكذوبة.

جزاكم الله خيرااا وفعلا أمور مهمه تلك التي ذكرها الشيخ أثابه الله ونفع بها ..اللهم آمييين
وخصوصا مسألة الرؤيا التي بدأت تظهر الأن وبكثرة …

جزاك الله كل الخير اختي فالله
جزاك الله خير وبارك الله فيك
جزاكم الله خيرا
ونفع بكم
الأخوات الكريمات
جزاكن الله خيراً
وزادكن الله حرصاً وتمسكا بكتاب الله وسنة رسوله وهدى الصحابة والعلماء
جزاكم الله خيرا ونفع بكم

نصائح مفيده في أوقات الفتن والنوازل

جزاك الله خير

الاختان الكريمتان
مجد المكية
وباسمة
أسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح
جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى

للنجاة من الفتن عليكِ أخيه بهذا الدعاء 2024.

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره

ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله

فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله للنجاة من الفتن عليكِ أخيه بهذا الدعاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((تكون فتنة لا ينجي منها إلا دعاءٌ كدعاء الغريق)) [رواه ابن أبي شيبة والحاكم نحوه وصححه

الدعاء (( لا اله الانت سبحانك اني كنت من الظالمين ))

اللهم أكفينا الفتن ماظهر منها ومابطن

لا اله الا الله ..
..

::
آللهم آمييين..
بارك لله فيك غاليتي ..~

جزاك الله خير

لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

جزاكي الله خيرا وفي ميزان حسناتك

تقبلي مروري

؛؛؛
؛

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

؛
أنجانا الله بها من الفتن ما ظهر منها وما بطن

جازاكِ الله خيري الدنيا والآخرة
؛؛
؛

بارك الله فيك غاليتى ملكه

اللهم جنبنا الفتن ماظهر منها وما بطن

لا اله الانت سبحانك اني كنت من الظالمين

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
بارك الله فيك

..
..

حياكن الرحمن
..
..

0 الفتن و قانون الابتلاء 0 2024.

السنن الإلهية في الأمم والجماعات والأفراد في الشريعة الإسلامية ، للدكتور عبد الكريم زيدان ، ص 79

*معنى الفتنة :

جاء في لسان العرب : جماع معنى الفتنة : الابتلاء والامتحان والاختبار وأصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضة والذهب إذا أذبتها بالنار لتميز الرديء من الجيد أو إذا أدخلته النار لتنظر ما جودته.

والفتنة : الإحراق ، الإثم ، اختلاف الناس بالآراء ، الجنون ، الإزالة ، ومنه قوله تعالى : (وإن كادوا ليفتتونك عن الذي أوحينا إليك) أي يميلونك ويزيلونك عن الذي أوحينا إليك.

والفتنة : الكفر ، كما في قوله تعالى : (والفتنة أشد من القتل) ، والفتنة : ما يقع بين الناس من القتال. والفتنة : القتل كما في قوله تعالى : (إن خفتم أن يفتتكم الذين كفروا). وقوله صلى الله عليه وسلم : (أرى الفتن خلال بيوتكم) بأن يكون القتل والحروب والاختلاف الذي يكون بين فرق المسلمين. ويكون بما يبلون به من زينة الدنيا وشهواتها فيفتنون بذلك عن الآخرة والعمل لها.

وفي النهاية لابن الأثير : الفتنة : الامتحان والاختبار ، وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه. ثم كثر حتى استعمل لفظ الفتنة بمعنى الإثم والكفر والقتل والقتال والإحراق والإزالة والصرف عن الشيء.

وفي المعجم الوسيط : الفتنة : الاختبار بالنار ، والابتلاء والاختبار. قال تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة). والفتنة : الإعجاب بالشيء ، والاضطراب وبلبلة الأفكار ، العذاب والضلال. وفتنه : رماه في شدة ليختبره. وفتن فلاناً : عذبه ليحوله عن رأيه أو دينه.

وفي المفردات في غريب القرآن : أصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته. وتارة يسمون ما يحصل عنه العذاب فتنة فيستعملون هذا اللفظ فيه نحو قوله تعالى : (ألا في الفتنة سقطوا) وتارة يستعملون (الفتنة) في الاختبار نحو قوله تعالى : (وفتناك فتوناً). وجعلت الفتنة كالبلاء في أنهما يستعملان فيما يدفع إليه الإنسان من شدة ورخاء ، وهما في الشدة أظهر معنى وأكثر استعمالاً قال تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة). قال تعالى في الشدة : (فتنتم أنفسكم) أي : أوقعتموها في بلية وعذاب ، وقوله تعالى : (واعملوا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) فقد سماهم ها هنا فتنة اعتباراً بما ينال الإنسان من الاختبار بهم. وقوله تعالى : (آلم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) أي لا يختبرون فيميز خبيثهم من طيبهم.

*معنى الابتلاء :

جاء في لسان العرب : بلوت الرجل وابتليته : اختبرته. وابتلاه الله : امتحنه والاسم : البلوى والبلاء. والبلاء : الاختبار يكون في الخير والشر.

وفي المعجم الوسيط ابتلاه : جربه وعرفه. والبلاء : الحادث ينزل بالمرء ليختبره.

وفي النهاية لابن الأثير : الابتلاء في الأصل الاختبار والامتحان ، يقال : بلوته وأبليته وابتليته. والمعروف أن الابتلاء يكون في الخير والشر معاً من غير فرق بين فعلهما ومنه قوله تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة).

وفي المفردات في غريب القرآن : بلوته : اختبرته وأبليت فلاناً إذا اختبرته. وسمي التكليف بلاء من أوجه (أحدها) أن التكاليف كلها مشاق على الأبدان فصارت من هذا الوجه بلاء. (والثاني) أنها اختبارات ولهذا قال عز وجل : (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين). (والثالث) أن اختبار الله تعالى للعبد تارة بالمسار ليشكر وتارة بالمضار ليصبر فصارت المحنة والمنحة جميعاً بلاء.

*الخلاصة من معنى الفتنة والابتلاء :

وخلاصة المعنى الذي نريده في الفتنة والابتلاء في بحثنا هو الاختبار والامتحان للإنسان في الشدة والرخاء. وكذلك لفظ البلاء مع زيادة في المعنى الذي نريده بلفظ (البلاء) وهو الحادث الذي فيه شدة ومشقة وينزل بالمرء لغرض اختباره وامتحانه به.

*من سنة الله الابتلاء بالشر والخير :

وقد مضت سنة الله في الابتلاء أنه يمتحن عباده بالشر والخير أي يخبرهم بما يصيبهم مما يثقل عليهم كالمرض والفقر والمصائب المختلفة كما يختبرهم بما ينعم عليهم من النعمة المختلفة التي تجعل حياتهم في رفاهية ورخاء وسعة العيش كالصحة والغنى ونحو ذلك ، ليتبين بهذا الامتحان من يصبر في حال الشدة ومن يشكر في حال الرخاء والنعمة ، قال تعالى : (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون) ، أي نختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا والمصائب والشدائد كالسقم والفقر وغير ذلك مما يجب فيه الصبر. كما نختبركم بما يجب فيه الشكر من النعم كالصحة والغنى والرخاء ونحو ذلك فيقوم المنعم عليه بأداء ما افترضه الله عليه فيما أنعم به عليه.

وكلمة (فتنة) في قوله تعالى : (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) أي ابتلاء في مصدر مؤكد لقوله تعالى : (ونبلوكم) من غير لفظه. (وإلينا ترجعون)أي فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر. فاختبار الله تعالى لعباده تارة بالمسار ليشكروا وتارة بالمضار ليصبروا ، فالمنحة والمحنة جميعاً بلاء ، فالمحنة مقتضيه للصبر والمحنة مقتضية للشكر ، والقيام بحقوق الصبر أيسر من القيام بحقوق الشكر ، فالمنحة أعظم البلاءين. وبهذا النظر قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : بلينا بالضراء فصبرنا وبلينا بالسراء فلم نصبر.

*من أنواع الابتلاء بالشر :

قلنا : إن من سنة الله في الابتلاء أنه يمتحن عباده بالشر كما يمتحنهم بالخير ، ومن امتحانه لهم بالشر إصابتهم بأنواع البلايا والمصائب والشدائد وما يشق على نفوسهم ، ومن هذا النوع من الاختبار ما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز : (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).

أخبرنا الله تعالى أنه يبتلي عباده أي يختبرهم فتارة بالسراء وتارة بالضراء كالمذكور في هذه الآيات وهو الخوف والجوع ونقص من الأموال ، أي ذهاب بعضها ، ونقص في الأنفس كموت الأصحاب والأقارب والأحباب ونقص في الثمرات فلا تثمر الحدائق والمزارع والأشجار كعادتها. فالذين يصبرون في هذه البلايا ويقولون : (إنا لله وإنا إليه راجعون) ، أي يقولون ذلك عن علم ومعرفة بأنهم ملك لله يتصرف في عبيده بما يشاء وعلموا أنه لا يضيع عنده مثقال ذرة من خير ، ومن الخير صبرهم ، وعلموا أنهم راجعون إليه تعالى فيجازيهم على صبرهم يوم القيامة ، وهؤلاء الصابرون يبشرهم الله تعالى بما أخبرنا به وهو : (أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) أي ثناء من الله ورحمه : (وأولئك هم المهتدون) أي مهتدون إلى الطريق الصواب حيث استرجعوا وسلموا الأمر الله تعالى.

امتحان الناس بزينة الدنيا :

قال تعالى : (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً. وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً). أي جعلنا ما يصلح أن يكون زينة للأرض ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها لنمتحن الناس بذلك ، وذهب الإمام القرطبي إلى أن (الزينة) تشمل كل وجه الأرض ، فلفظ الزينة في الآية عموم لأنه كل شيء على وجه الأرض دال على خالقه جل جلاله ، فكل ما على الأرض فيه زينة من جهة خلقه وصنعه وإحكامه.

وعلى هذا العموم الذي ذهب إليه الإمام القرطبي يكون معنى الآية : إن الله تعالى جعل جميع ما على الأرض من غير ذوي العقول زينة للأرض تتزين به وتتحلى وهو شامل لزينة أهلها أيضاً. وزينة كل شيء بحسبه وهو زينة لأهلها ، ولا شيء مما على الأرض إلا وفيه جهة انتفاع ولا أقل من الاستدلال به على خالقه الله جل جلاله.

ومعنى (لنبلوهم أيهم أحسن عملاً) أي لنختبرهم في زينة الأرض ليتبين من هم أحسن عملاً. وحسن العمل الزهد في زينة الدنيا وعدم الاغترار بها ، وجعلها ذريعة إلى معرفة خالقها والتمتع بها حسبما أذن به الشرع وأداء حقوقها والشكر على ما أوتي منها لا اتخاذها وسيلة إلى الشهوات والأغراض الفاسدة كما تفعله الكفرة وأصحاب الأهواء. ومراتب حسن العمل – أي الزهد في زينة الدنيا بالمعنى الذي نبينه – متفاوتة ، وكلما قوي الزهد كان العمل أحسن ، ولهذا قال الإمام سفيان الثوري في قوله تعالى : (لنبلوهم أيهم أحسن عملاً) أي لنختبرهم أيهم أزهد في زينة الدنيا.

ابتلاء الناس بالتفاوت فيما بينهم :

ومما يمتحن الله به عباده وجرت به سنته تفاوتهم واختلافهم في المواهب والأرزاق ليظهر مدى قيامهم بما يلزمهم شرعاً من فعل أو ترك نحو أنفسهم وغيرهم بناء على الحالة التي هم عليها وامتازوا بها من غيرهم واختصوا بها من دونهم كالعلم والجاه والمال والمكانة الاجتماعية والسلطان وكذلك بناء على فقرهم وضعفهم ، قال تعالى : (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما آتاكم إن ربك سريع العقاب وإنه لغفور رحيم).

والمعنى أن الله تعالى هو الذي جعلكم – أيها المسلمون – خلفاً للأمم الماضية والقرون السابقة (ورفع بعضكم فوق بعض) أي فاوت وخالف بينكم في الخلق والرزق والقوة والفضل والعلم والأخلاق والمحاسن والمساوئ والمناظر والأشكال والألوان وله الحكمة في ذلك. وقد جرت سنته تعالى في هذا التفاوت ورفع بعضكم فوق بعض في هذا التفاوت (ليبلوكم فيما آتاكم) أي ليختبركم في الذي أنعم به عليكم وامتحنكم به ليختبر الغني في غناه ويسأله عن شكره ، والفقير في فقره ويسأله عن صبره ، وليختبر ذا الجاه السلطان في أي شيء استعمل جاهه وسلطانه (إن ربك سريع العقاب) لمن كفر نعمته وعصاه فيها (وإنه لغفور رحيم) لمن قام بشكر نعمته وأطاعه فيها.

من سنة الله في الابتلاء امتحان المؤمنين بالشدائد :

قال تعالى : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب). قال أكثر المفسرين : نزلت هذه الآية في معركة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والبرد وسوء العيش وأنواع الشدائد. وقال بعض المفسرين : نزلت الآية تسلية للمهاجرين حين تركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين وآثروا رضا الله ورسوله ، فأنزل الله تعالى هذه الآية تطييباً ، واستدعاهم الله تعالى إلى الصبر ووعدهم على ذلك بالنصر.

(والبأساء) الشدة تصيب الإنسان في غير نفسه وبدنه كأخذ المال والإخراج من الديار وتهديد الأمن ومقاومة الدعوة. (والضراء) ما يصيب الإنسان في نفسه كالجراح والقتل. (وزلزلوا) أي أزعجوا إزعاجاً شديداً بأنواع البلاء ، وخوفوا من الأعداء.

ومعنى الآية : أم ظننتم أن تدخلوا الجنة قبل أن تختبروا وتمتحنوا كما امتحن الذين من قبلكم من الأمم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا أي خوفوا من الأعداء تخويفاً شديداً وامتحنوا امتحاناً عظيماً حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا معه أخذوا يستفتحون على أعدائهم ويدعون الله بقرب الفرج والمخرج من الضيق الذي هم فيه. وكان الجواب لدعاء المؤمنين أن قال لهم الله : (إلا إن نصر الله قريب).

وفي تفسير القرطبي : وأكثر المتأولين على أن الكلام إلى آخر الآية هو من قول الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين. أي إن الجهد قد بلغ بهم مبلغاً عظيماً حتى استبطؤوا النصر فقال تعالى : ( ألا إن نصر الله قريب). ويكون ذلك من قول الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على معنى طلب استعجال النصر لا على الشك والارتياب في حصول النصر.

وقالت طائفة من المفسرين : في الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : حتى يقول الذين آمنوا : متى نصر الله ؟ فيقول الرسول : ألا إن نصر الله قريب. وإنما قدم ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الآية لمكانته وعلو منزلته ، ثم قدم قول المؤمنين لأنه هو المتقدم في الوقوع من حيث الزمان ، أي قالوا ذلك ثم أجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نصر الله قريب.

وفي تفسير الرازي : ولقول هذه الطائفة نظائر في القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله) أي لتسكنوا في الليل ولتبتغوا من فضله في النهار.

وفي تفسير المنار : يقول الأستاذ الإمام (محمد عبده) إن هذه الآية عتاب لهم – أي للصحابة الكرام – فكيف لا ينكر المسلم على نفسه مثل هذا وهو يعلم أنه دون الصحابة الكرام إيماناً وإسلاماً ودعوة إلى الحق وصبراً على المكاره في سبيل الله تعالى. لماذا لا ينكر على نفسه وعلى من يراه من أمثاله الذين يقولون آمنا بالله ، فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله وآثر ما عند الناس على ما عند الله.

*امتحان المؤمنين بالجهاد :

ومن سنته تعالى امتحان عباده المؤمنين بالجهاد بأن تتهيأ ظروفه وأسبابه فيجب على المؤمنين فيظهر عند ذلك من يقوم بهذه الفريضة ويصبر على مقتضياتها فيستحق بفضل الله وبحسب وعده وسنته الجنة ، قال تعالى : (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين).

قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية : أحسبتم أن تدخلوا الجنة ولم تمتحنوا بالقتال والشدائد ؟ أي لا يحصل لكم دخول الجنة حتى تمتحنوا ويرى الله منكم المجاهدين في سبيله والصابرين على مقاومة الأعداء.

*امتحان المؤمنين بأنواع الأذى :

قال تعالى : (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور). إن من سنة الله في عباده المؤمنين الداعين إليه المجاهدين في سبيله أن يبتلوا بأنواع البلاء ، يبتلوا في أموالهم بما يطلب منهم من الإنفاق منها في سبيل الله ، وما يقع فيها من الآفات. ومن البلاء الذين يمتحنون به البلاء في أنفسهم بالقتل والجرح والأسر في قتال العدو ، ويلحق به الحبس في زماننا حيث يسجن الطغاة الظلمة المؤمنين الدعاة إلى الله تعالى.

ومن البلاء الذي يبتلون به على وجه الامتحان وحسب مقتضيات سنة الله تعالى في الداعين إليه المجاهدين في سبيله ما يسمعونه من أهل الكتاب والمشركين وغيرهم من الكفرة من أنواع الأذى القولي كالطعن في الإسلام وفي الدعاة إليه وبإلصاق التهم الباطلة بهم لصد الناس عنهم وعن دعوتهم. وإن من عزائم الأمور الصبر على هذا الأذى والالتزام بالتقوى ، فهذا مما يجب أن يعزم عليه المؤمنون من الأمور التي تزهق الباطل وتنصر الحق وأهله.

*أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل :

أ- أخرج الترمذي في جامعه عن مصعب بن سعد عن أبيه قال ، قلت : يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء ؟ قال : (الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلباً اشتد بلاؤه ، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة).

ب- وفي حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن أخت حذيفة بن اليمان فاطمة أو خولة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل).

والمقصود بالأمثل فالأمثل : الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى رتبة ومنزلة في الدين والفضل. وقال الراغب : الأمثل يعبر به عن الأشبه بالأفضل والأقرب إلى الخير. وأماثل القوم كناية عن خيارهم.

وإنما كان أكثر الناس بلاء – أي محنة – لتتضاعف أجورهم وتتكامل فضائلهم ويظهر الناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم ، ثم من بعدهم الأمثل فالأمثل من جهة شدة البلاء الذي يتعرضون له ، لأن البلاء في مقابلة النعمة : فمن كانت نعمة الله عليه أكثر فبلاؤه أشد ، فهم – أي الأمثل فالأمثل – معرضون للمحن والمصائب وطروق المنغصات والمتاعب ، ويشمل ذلك كل ما يتأذى به الإنسان من أذى مادي أو معنوي ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، أي على مقدار دينه أي بقدر قوة إيمانه وشدة يقينه ، فإن كان في دينه صلباً أي قوياً شديداً اشتد بلاؤه كمية وكيفية ونوعاً. وإن كان في دينه رقة أي ضعف ولين ابتلي على قدر دينه. فما يبرح البلاء بالعبد أي ما يفارقه حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه من خطيئة ، كناية عن خلاصه من الذنوب فكأنه كان محبوساً ثم أطلق وخلي سبيله وما عليه بأس.

ويستفاد من الحديثين الذين ذكرتهما أن سنة الله العامة في البلاء والمبتلين أن أشدهم بلاء أي محناً هم الأنبياء ، ثم الأفضل فالأفضل في الصلاح والدين وتقوى الله تعالى. وهذه سنة ماضية وباقية في المؤمنين دون تخلف.

*تعليل هذه السنة العامة :

تعليل هذه بالسنة العامة وهي : (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) أن الأنبياء يقومون بتبليغ رسالات ربهم ويدعون الناس إلى الله وعبادته فيكذبهم أهل الباطل ويؤذونهم بشتى أنواع الأذى كما قضت سنة الله في التدافع بين الحق والباطل.

وأما تعليل كثرة البلاء على الصالحين ثم الأمثل فالأمثل ، فإن الصالحين هم القائمون بما عليهم من حقوق الحق والخلق. ومن هذه الحقوق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله ودعوة الخلق إلى الحق جل جلاله ، وما يترتب على ذلك – حسب سنة الله في التدافع بين الحق والباطل – من أذى بشتى أنواعه يلحق بهم ، وكلما كان المؤمن صلباً في دينه أي قوياً في إيمانه كان أكثر جهاداً في سبيل الله فيكون أكثر بلاء من غيره لما يلقاه من الكفر وأهل الباطل في جهاده ومدافعته لهم.

وأيضاً من تعليل هذه السنة العامة قول أهل العلم في تعليل هذه السنة في حق الأنبياء : (لتتضاعف أجورهم وتتكامل فضائلهم ويظهر للناس صبرهم ورضاهم فيقتدى بهم). قولهم بالنسبة لكثرة بلاء الأمثل فالأمثل : (إن البلاء بمقابلة النعمة فمن كانت نعمة الله عليه أكثر فبلاؤه أشد).

ولا شك أن نعمة الله على عباده المؤمنين الصالحين نعمة عظيمة إذ هداهم للإيمان وهذه النعمة تستحق الشكر وشكرها القيام بحقوق الله ، ومنها الجهاد في سبيله وما يترتب عليه من أذى يلحق بالمجاهدين.

ومن تعليل هذه السنة التي نحن بصددها أن في البلاء كالمرض ونحوه زيادة أجر للمصاب به وتكفير سيئات المؤمن كما جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال : (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فقلت : يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً. قال : أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم. قلت : ذلك بأن لك أجرين. قال : أجل ، ذلك كذلك، ما من مسلم يصيبه أذى – حتى شوكة فما فوقها – إلا كفر الله بها سيئاته كما تحط الشجرة ورقها). ومعنى الوعك الحمى ، وقيل ألم الحمى ، وقوله : (ذلك كذلك) إشارة إلى مضاعفة الأجر بشدة الحمى. وقوله (أجل) أي نعم. فالحديث أثبت أن المرض – وهو نوع من البلاء – إذا اشتد ضاعف الأجر ، أو أن شدة المرض ترفع الدرجات وتحط الخطيئات أيضاً حتى لا يبقى منها شيء.

*ابتلاء الأمم الكافرة :

وقد مضت سنة الله في الأمم الكافرة أن يبتليها بالبأساء والضراء عسى أن يردعها هذا الابتلاء عن كفرها وعنادها وترجع إلى ربها ، فإن لم تفعل ابتلاها بعد ذلك بالسراء عسى أن يحملها ذلك على التوبة بعد أن لم تحملها الشدة على ذلك ، قال تعالى : (وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون. ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون).

والمعنى أن سنة الله تعالى في الأمم التي كذبت رسلها أن الله تعالى أخذها بالبأساء وبالضراء أي بالشدة في أنفسهم وأبدانهم وأرزاقهم وأموالهم ، وقد فعل الله تعالى ذلك بهم لكي يتضرعوا. والتضرع يعني الخضوع والانقياد إلى الله تعالى لأن من طبيعة الابتلاء بالشدة أن يوقظ الفطرة التي ما يزال فيها خير يرجى وأن يحمل أولئك المعاندين على التوجه إلى خالقهم فيتضرعوا إليه ويطلبوا رحمته وعفوه ، فلم يفعلوا ذلك فأخذهم بالرخاء ليختبرهم فيه ، ولهذا قال : (ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة) أي حولنا حالهم من الشدة إلى الرخاء ومن المرض والسقم إلى الصحة والعافية ، ومن الفقر إلى الغنى ، ليشكروا على ذلك ويرجعوا إلى ربهم بالتوبة والانقياد فلم يفعلوا ذلك (حتى عفوا) أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم (وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء) يقول تعالى ابتليناهم بهذا وبهذا ، أي بالضراء والسراء ليتضرعوا وينيبوا إلى الله فلم ينفع فيهم لا هذا ولا هذا ، ولا انتهوا عن غيهم بهذا ولا بهذا ، وإنما قالوا قد مسنا من البأساء والضراء ثم بعده من الرخاء مثل ما أصاب آباءنا في قديم الزمان والدهر ، وهذه عادة الزمان في أهله فمرة يحصل لهم فيه الشدة والنكد ومرة يحصل لهم الرخاء والراحة فلم يكن ما مسنا من البأساء والضراء عقوبة من الله بسبب ما نحن عليه من الدين والعمل ، فلم يتفطنوا لأمر الله فيهم ولا اتعظوا ولا اعتبروا ولا استشعروا امتحان الله لهم في الحالين فاستحقوا العقاب قال تعالى : (فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) أي أخذناهم بالعقوبة بغتة أي على بغتة وعدم شعور منهم أي أخذناهم فجأة.

*من ابتلاء الأمم الكافرة :

قال تعالى : (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون). والمعنى : لقد أرسلنا إليهم الرسل فكذبوهم فأخذناهم بالبأساء أي بالبؤس كالفقر وضيق العيش والضراء أي بالضر كالمرض والأسقام ونقصان الأموال والأنفس (لعلهم يتضرعون) أي يتذللون ويخشعون لربهم وينقادون إليه ويتوبون عن ذنوبهم : (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) أي لم يفعلوا ما كان حرياً أن يفعلوا فلم يتضرعوا ولم يلجأوا إلى الله تعالى ولم يرجعوا عن عنادهم ، وجاء بـ (لولا) في قوله تعالى : (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) ليفيد أنه لم يكن لهم عذر في ترك التضرع إلا عنادهم وقسوة قلوبهم وإعجابهم بأعمالهم التي زينها الشيطان لهم ، ولهذا قال تعالى عنهم : (وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون) من الكفر والمعاصي بما يوسوس إليهم من تحسين ما هم عليه من كفر وعصيان لربهم.

*فتنة مدعي الإيمان :

قال تعالى : (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين). والفتنة : الامتحان بشدائد التكاليف من مفارقة الأوطان ومجاهدة الأعداء وما يترتب عليه من أذى في الأموال والأبدان ، والقيام بسائر الطاعات الشاقة وهجر الشهوات والملذات ، وبالفقر والقحط وأنواع المصائب في الأنفس والأموال ، وبمصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم وضرارهم. والمعنى : أحسب الذين نطقوا بكلمة الشهادة وأظهروا القول بالإيمان أنهم يتركون بذلك غير ممتحنين ؟ بل إن الله تعالى يمتحنهم بضروب المحن حتى يختبر صبرهم وثبات أقدامهم وصحة عقائدهم وصدق إيمانهم ليتميز المخلص من غير الملخص ، والصادق في إيمانه من الكاذب فيه ، والراسخ في الدين من المضطرب فيه ، فسنة الله لا تتبدل وهي امتحان مدعي الإيمان ، ولهذا فقد امتحن الله أتباع الأنبياء عليهم السلام بأنواع المحن فلا وجه لتخصيص المسلمين بعدم الامتحان ، فسنة الله في هذا الامتحان ماضية فيهم كما مضت فيمن سبقهم من المؤمنين أتباع الأنبياء السابقين. وبهذا الامتحان يظهر الصادق في إيمانه ويتميز من الكاذب.

*فتنة النعمة :

قال تعالى (وإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته على علم بل هي فتنة ولكن أكثرهم لا يعلمون. قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون). يقول الله تبارك وتعالى مخبراً عن الإنسان أنه في حال الضراء يتضرع إلى الله عز وجل وينيب إليه ويدعوه ، وإذا خوله نعمة منه بغى وطغى وقال إنما أوتيته على علم ، قال تعالى إنكاراً لقول هذا الإنسان : (بل هي فتنة) أي ليس الأمر كما زعم بل إنما أنعمنا عليه بهذه النعمة لنمتحنه فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصي ، أيشكر أم يكفر ، مع علمنا المتقدم بذلك. فما أعطيناه من نعمة فهي فتنة أي اختبار له ، وقد قال مثل مقالته – وهي (إنما أوتيته على علم – وزعم هذا الزعم وأدعى هذه الدعوى كثير ممن سلف من الأمم ومنهم قارون (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) أي ما صح قولهم ولا نفعهم ما كانوا يكسبون من متاع الدنيا وما كانوا يجمعون منه.

*فتنة الأموال والأولاد :

قال تعالى : (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم ) . والمعنى أن الله تعالى جعل الأموال والأولاد فتنة أي اختباراً وامتحاناً منه لكم إذا أعطاكموه ليعلم أتشكرونه عليها وتحافظون فيهم على حدوده أو تشتغلون بها عنه كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لاتلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون). وقوله تعالى : (وأن الله عنده أجر عظيم) أي ثوابه وعطاؤه وجناته خير لكم من الأموال والأولاد فإنه قد يوجد منهم عدو.

* الله وحده هو المتفرد بامتحان عباده :

وليكن معلوماً أن الله تعالى هو وحده المتفرد بامتحان عبده ولا يشركه أحد في هذا الامتحان وما يتعلق به من حيث مكانه وزمانه ومفرداته فهو تعالى يعين مفردات هذا الامتحان أي أنواع الفتن والمحن التي يمتحن الله بها عبده ، وهو تعالى يعين وقت هذا الامتحان ومكانه ومدته. ولا يجوز مطلقاً للعبد كائناً من كان أن يعترض على هذا الامتحان ولا على مفرداته ومواضيعه ولا على زمانه ومكانه ومدته ولا أن يختار مفردات معينة لامتحانه ولا أن يختار مكاناً أو زماناً لهذا الامتحان ولا مدة له ، فكل ذلك لا يجوز مطلقاً ، وإذا صدر من المسلم كان ذلك مناقضاً لإيمانه بل ردة عن الإسلام والعياذ بالله فليحذر المسلم ذلك. إن التلميذ لا يحق له أن يفرض مفردات امتحانه على أستاذه ولا أن يعترض على ذات الامتحان ولا على مدته ، فكيف يجوز للعبد أن يفعل ذلك مع الله جل جلاله بشأن امتحانه ؟ نعم ، يجوز للمسلم أن يدعو الله تعالى أن يخفف عليه الامتحان ويسأله اللطف فيه ويستعيذ به من الفتن ، وهذا ما نبينه في الفقرة التالية.

*الاستعاذة بالله من الفتن :

قلت : إن الله تعالى وحده هو المتفرد بامتحان عباده وبجميع ما يتعلق بهذا الامتحان من جهة مفرداته وزمانه ومكانه ومدته ، وإنه لا يجوز الاعتراض عليه في شيء من ذلك أو يفرض على الله تعالى نمطاً معيناً من هذا الامتحان أو مفرداته، أو يعترض على نفس الامتحان. ولكن يجوز للمسلم أن يسأل الله تعالى ويدعوه ويتوسل إليه أن لا يمتحنه بما يشق عليه وبما لا ينجح فيه ، وأن يقيه شر الفتن التي قد يتعرض إليها ، ولذلك جاءت الأدعية المأثورة في الاستعاذة بالله من الفتن ، من ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : (اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم ، والمأثم والمغرم ، ومن فتنة القبر وعذاب القبر ، ومن فتنة النار وعذاب النار ، ومن شر فتنة الغنى ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال).

وكان الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يقول في دعائه : (أعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات). وفي كتاب الله العزيز (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم).

وجاء في تفسيرها : قال قتادة : لا تظهرهم علينا فيفتنونا ، ويرون أنما ظهروا علينا لحق هو عليه. وعن ابن عباس : لا تسلطهم علينا فيفتنونا.

وفي تفسير الآلوسي : أي لا تسلطهم – أي الكفار – علينا فيسْبونا ويعذبونا ، قاله ابن عباس. قال مجاهد : أي لا تعذبنا بأيديهم أو بعذاب من عندك فيظنوا أنهم محقون وأنا مبطلون فيفتنوا لذلك. والأول أرجح.

*امتحان الجماعة المسلمة :

إن الابتلاء كما يصيب الفرد والأمة يصيب الجماعة المسلمة التي تدعو إلى الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، فما ذكرناه من أنواع البلاء والابتلاء مما يصيب المؤمنين في جهادهم في سبيل الله يصيب الجماعة المسلمة أيضاً فيصيب أعضاءها أنواع الأذى في أموالهم بالمصادرة والاستيلاء عليها ، وفي أشخاصهم بالحبس والتعذيب وبسمعتهم بالاتهامات الباطلة ، ولا سيما في زماننا لذي تنوعت فيه وسائل الدعاية ولا سيما إذا كان خصم الجماعة المسلمة ذا سلطان بماله أو نفوذه أو سلطته بل وربما يكون خصمها الحكام وولاة الأمر أنفسهم. فلا بد للجماعة المسلمة أن تعتصم بالصبر والتقوى لتفوت على خصومها ما يردون ، قال تعالى : (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور).

*الابتلاء للجماعة المسلمة تمييز وتمحيص :

وليكن معلوماً للجماعة المسلمة أن ما يصيبها من مفردات الامتحان الصعب هو ما جرت به سنة الله تعالى في إعداد الجماعات المسلمة التي تحمل الدعوة إلى الله تعالى ، وإن في الامتحان الشاق خيراً كثيراً للجماعة نفسها لأنه يتميز بهذا الامتحان القوي من الضعيف من أعضائها والصادق في إيمانه من الكاذب أو المنافق ، قال تعالى : (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم).

والمعنى : ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من اختلاط المؤمن بالمنافق وأشباهه حتى يميز الخبيث من الطيب أي المنافق من المؤمن بإلقاء المحن والمصائب والقتل والهزيمة ، فمن كان مؤمناً ثبت على إيمانه وعلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن كان منافقاً ظهر نفاقه وكفره ، (وما كان الله ليطلعكم على الغيب) ، أي لا يجوز أن يحصل ذلك التمييز بأن يطلعكم الله على غيبه فيقول : إن فلاناً منافق وفلاناً مؤمن فإن سنة الله جارية بأن لا يطلع عوام الناس على غيبه ، فلا سبيل لكم إلى معرفة ذلك التمييز إلا بامتحانكم بما يصيبكم من المحن والآفات حتى يتميز بذلك المنافق من المؤمن.

فتمحيص صفوف الجماعة المسلمة وتمييز أعضائها بحيث يعرف الصادق في إيمانه الراسخ فيه كما يعرف الكاذب في إيمانه أو المنافق أو الضعيف في إيمانه ، فإن هذا التمحيص والتمييز والعرفان لا يحصل إلا بابتلاء الجماعة المسلمة بالمحن والشدائد ، فالشدائد هي التي تميز القوي من الضعيف وتزيل الالتباس والخطأ بين الصادقين وغيرهم. ولا شك أن هذا التمايز ضروري جداً للجماعة المسلمة لأنه قد ينضم إليها ويعتبر من أعضائها ويحسب عليها المؤمن الصادق والمنافق والكاذب، والقوي في إيمانه والضعيف فيه والمخلص في انتمائه للجماعة والذي جاءها للغنيمة أو للفتنة أو للتجسس أو لغير ذلك من الأغراض التي ليست هي أغراض الجماعة المسلمة ، فالتمايز بين الخبيث والطيب من أعضائها ضروري جداً لها والشدائد والمحن تقوم بهذا التمييز كما تقوم النار بتمييز المعدن الأصيل من غيره.

*من حكمة ابتلاء الجماعة المسلمة :

ثم إن بابتلاء الجماعة المسلمة بالشدائد تعرف الجماعة وزن قوتها الحقيقة ، لأن الشدائد كما قلنا تمييز وتمحيص ، فبانكشاف حال المنافقين المندسين في صفوفها وانكشاف حال القادمين إليها للغنيمة والجاه أو التجسس أو غير ذلك من الأغراض الدنيوية أو الخسيسة سيكون وزن قوة الجماعة قدر وزن الذين ظهر صدقهم وإخلاصهم وثباتهم.

كما أن بالشدائد ينكشف حال أعضائها المؤمنين الضعفاء فتعرف الجماعة أن هؤلاء كانوا يزيدون في عدد أعضائها فقط ولا يزيدون في وقتها ، والمنظور إليه في قوة الجماعة هو قوتها الحقيقية وليس مجرد عدد أعضائها. وفي امتحان الجماعة وابتلائها بالمحن سيعرف كل عضو مؤمن مخلص صادق في إيمانه مقدار إيمانه الحقيقي ومدة عمقه في نفسه ومقدار ثباته عليه ، ومثل هذه المعرفة مهمة جداً للعضو نفسه وللجماعة نفسها ، فقد يغالي المؤمن المخلص في تقدير إيمانه وثباته عليه وتأثيره في نفسه ويعتقد بأنه حاضر للفداء ومتطلبات الجهاد بكل شيء في سبيل الله ولا يعرف ما في نفسه من قصور وضعف وأن ما كان يجول في خاطره وما كان يحس به قبل نزول البلاء بشأن الجهاد وعزمه عليه ، إن ذلك كله كان من قبيل الأماني ، وإن الأماني غير ما يعزم عليه ، وما يعزم عليه غير تنفيذه وفعله فقد تنفسخ العزائم إذا جد الجد وحقت الحقائق. والفعل نفسه قد لا ينقطع ولا يستمر ، أو يستمر ولكن في الجو الهادئ المريح فقط وليس في الرياح العاتية والأعاصير الشديدة. فهذه المعرفة تنفع العضو المؤمن المخلص فينكشف له حاله تماماً مما يحمله على الالتفات إلى نفسه يتأملها ويفحصها ليتعرف على أوجه الضعف فيها فيتداركها بالتقوية ، ويتعرف على ما في نفسه من كدورة ووسخ فيعمل على تنقيتها وغسلها ويزيل عنها العوائق والشوائب التي تمنع من تغلغل الإيمان في كيانه وتجعله حاضراً للفداء والجهاد على وجه الحقيقة لا على وجه الأماني والرغبات.

*من الابتلاء للجماعة المسلمة فقد أميرها :

وقد تبتلى الجماعة المسلمة بفقد أميرها بالموت أو القتل وهو ابتلاء شديد ، فعلى الجماعة المسلمة أن تقف الموقف الصحيح أمام هذا الامتحان الصعب وتقابله بالصبر الجميل والثبات على المعاني التي جاهد من أجلها فقيدها الغالي العزيز ، وقامت الجماعة نفسها لهذه المعاني والجهاد لأجلها ، وهي الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمة الله بإقامة شرعه في الأرض. وهذه المعاني باقية لا تزول ولا تموت بموت أميرها ولا بموت غيره فلا يجوز لها أن تضعف عن الجهاد لمصيبتها بفقد أميرها كما لا يجوز أن توقف العمل وتقعد.

ألا ترى أن جماعة المصلين في مسجد المحلة تستمر على صلاتها الجماعية ولو مات إمام مسجدها ؟ فكذلك الجماعة المسلمة تستمر على عملها ولو مات أميرها. فقد حذر الشرع الصحابة الكرام من وقف العمل والجهاد في سبيل الله لموت الرسول صلى الله عليه وسلم أو قتله فقال تعالى : (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين).

وجاء في تفسيرها : أعلم الله تعالى في هذه الآية أن الرسل ليست باقية في قومها أبداً وأنه يجب التمسك بما أتت به الرسل ، وإن فقد الرسول بموت أو قتل فالأديان لا تزول بموت الأنبياء. ثم قال تعالى منكراً على من حصل له ضعف لموت النبي صلى الله عليه وسلم أو قتله فقال تعالى : (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) أي رجعتم القهقرى وقعدتم عن الجهاد ، ومن فعل ذلك فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين أي الذين قاموا بطاعة الله وقاتلوا عن دينه واتبعوا رسوله حياً وميتاً.

*حذار من جلب المحن أو الحرص عليها :

والمحن وإن كانت مما جرت به سنة الله في ابتلاء عباده المؤمنين وفيه تمحيص لهم وتمييز بين الصادق والكاذب والخبيث والطيب كما قلنا ، وإن هذه السنة تسري على الجماعة المسلمة ولكن حذار أن تجلب الجماعة المسلمة المحن لنفسها أي تسعى لجلبها لنفسها أو تستعجل وقوعها لها مدفوعة بالحماس لنصرة الإسلام أو مستحضرة في نفسها أن المحن والشدائد لا بد منها ، وأنها بدون المحن تنصب عليها تُتهم بالضعف والقصور في خدمة الإسلام والدعوة إليه مما يفقدها رضا الناس وثقتهم بها وتأييدهم لها وإقبالهم عليها … وهذا منها خطأ جسيم مرده الجهل بمعنى سنة الله في الفتن والابتلاء أو طلبها السمعة والرياء أو تصورها الخاطئ لما تحصل به ثقة الناس ، وهذا ما توضحه في الفقرات التالية.

أولاً : استعجال المحن لجهل الجماعة المسلمة :

وأعني بهذا الجهل جهل الجماعة المسلمة بمعنى سنة الله في الفتنة والامتحان وما يجب أن يكون عليه موقفها تجاه هذه السنة الربانية. وبيان ذلك أن هذه السنة تعني فيما تعنيه أن المحن والشدائد مما يلاقيه المؤمنون الداعون إلى الله ، ولكن لا تعني وجوب أو استحباب أو إباحة تقصد جلب هذه المحن وتعمد إيقاعها بالجماعة.

كما لا تعني هذه السنة عدم جواز الحذر أو الوقاية من الفتن والمحن والشدائد لئلا تقع ولا تمنع من رفع المحنة إذا وقعت ، وعلى هذا فالموقف الصحيح للجماعة المسلمة من هذه السنة الإلهية في ضوء المعنى الصحيح لها هو : لا تستغرب الجماعة المسلمة ولا تندهش إذا أصابتها المحن والشدائد ، وإنها – أي الجماعة – غير ممنوعة من الوقاية من هذه المحن لئلا تقع ، وإذا وقعت فعليها أن تقابلها بالصبر الجميل مع سعيها الحثيث لرفعها لأن الشرع قد أذن أو ندب لذلك أو أوجبه عليها.

ومما يقرب إلى الأذهان فهم ما قلته أن من سنن الله في خلقه إصابتهم بالأمراض بناء على سنة الله في الأسباب والمسببات أو بناء على سنته في الابتلاء ، ولكن هذا لا يعني تحريم الوقاية من الأمراض ولا رفعها بالدواء إذا وقعت وأصيب بها المسلم ، فكل هذا – أي الوقاية من الأمراض وعلاجها بالدواء – مأذون به شرعاً ، وإنما تعني سنة الله في ابتلاء الناس بالأمراض وجوب مقابلتها بالصبر الجميل والتأمل في أسبابها وهل وقعت على المصابين بها على وجه العقوبة لهم على معاصيهم فيقلعوا عنها أو أنها جاءت بسبب تقصيرهم في وسائل الحمية المشروعة فيأخذوا بالعلاج ولا يعودوا إلى تقصيرهم في الحمية من الأمراض .. ومثال آخر يقرب إلى الأذهان فهم ما قلته أن الاستشهاد في سبيل الله مما جرت به سنة الله في ابتلاء المؤمنين بقتال الكفار ، ولكن لا تعني هذه السنة تسليم المسلم نفسه إلى الكفار ليقتلوه حتى يصير شهيداً ، وإنما تعني هذه السنة فقط النهوض إلى قتالهم وعدم القعود عن قتالهم ، وأن عليه أن يقاتلهم بأساليب القتال المشروعة مع الحذر المطلوب لئلا يقع بأيدي الكفار أسيراً أو قتيلا ، وإن تعمد أن يأسره الكفار أو تعمد أن يقتلوه مع قدرته على أن يقاتلهم دون أن يسلم نفسه إليهم ليقتلوه فإنه يأثم في الحالتين لإعانتهم على أسره أو قتله. ولكن إذا قاتل كما ينبغي أن يكون عليه القتال ثم جرح فإنه يصبر وإذا قتل مات شهيداً.

وقد دل على ما قلته الحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الناس فقال : (لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا).

وجاء في شرحه : قال ابن بطال : حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر ، وهو نظير سؤال العافية من الفتن ، وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : (لأن أعافى فأشكر أحب إليّ من أن أبتلى فأصبر). وقال غيره : إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تمني لقاء العدو لما فيه من صورة الإعجاب بالنفس والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو ، وكل ذلك يخالف الاحتياط والأخذ بالحزم.

وأخرج سعيد بن منصور حديثاً مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون عسى أن تبتلوا بهم) ، وقال ابن دقيق العيد : لما كان لقاء الموت من أشق الأشياء على النفوس وكانت الأمور الغائبة ليست كالأمور المحققة لم يوثق أن يكون عند الوقوع كما ينبغي فيكره التمني لذلك ، ولما فيه لو وقع من احتمال أن يخالف الإنسان ما وعد من نفسه من الثبات عن لقاء العدو.

وفي وصيته صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد وقد جعله أميراً على جيش المسلمين لغزو الروم قبيل وفاته عليه الصلاة والسلام بأيام ، قال له : (ولا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون لعلكم تبتلون بهم ، ولكن قولوا : اللهم اكفناهم واكفف بأسهم).

ودليل آخر على صحة ما قلته أن الجماعة المسلمة وهي تدعو إلى الله ويقاومها أهل الباطل تصير معهم في حالة تشبه حالة الحرب. وغالباً لا تكون قوة الجماعة مكافئة لقوة خصومها الذين يملكون قوة المال والأعوان والسلطان. ويكون هذا التباين واضحاً وجلياً إذا كان خصوم الجماعة الدولة نفسه أي حكامها ، ففي هذه الحالة يجب على الجماعة المسلمة أن تعرف وزنها وقوتها فلا تتصرف إلا بحذر وبقدر ما يأذن به الشرع وكأنها في حالة حرب فعلية مع خصومها.

وفي الحرب جاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري عن أبي هريرة قال : (سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة). وجاء في شرحه : وأصل الخداع إظهار أمر وإضمار خلافه. وفيه التحريض على أخذ الحذر في الحرب والندب إلى خداع الكفار ، وإن من لم يتيقظ لذلك لم يأمن أن ينعكس الأمر عليه. قال النووي : واتفقوا على جواز خداع الكفار في الحرب كيفما أمكن إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يجوز. قال ابن العربي المالكي : الخداع في الحرب يقع بالتعريض بالكمين ونحو ذلك. وفي الحديث إشارة إلى استعمال الرأي في الحرب بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة. وقال ابن التين : معنى (الحرب خدعة) أي الحرب الجيدة لصاحبها الكاملة في مقصودها إنما هي المخادعة لا المواجهة وذلك لخطر المواجهة وحصول الظفر مع المخادعة بغير خطر.

وخلاصة ما يستفاد من الحديثين الشريفين : (لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا). وحديث (الحرب خدعة) أن على الجماعة المسلمة أن لا تستعجل وقوع المحن وتتعمد وقوعها ، وأن تتصرف مع خصومها بأسلوب الحرب ، والحرب خدعة ، كما جاء في الحديث النبوي الشريف. ومن خدع الحرب وأساليب الحرب : الكر والفر والاختفاء والظهور وتبديل أساليب الدفاع والهجوم والانسحاب ، وعدم الجمود على أسلوب واحد ، وهكذا يجب أن تكون أساليب الدعوة ووسائلها ، فإذا علمت الجماعة المسلمة أن عدوها الكافر يتربص بها ويراقبها ويرصد تحركاتها ليبطش بها فعليها أن لا تريه قوتها ولا أعضاءها ولا تتحرك بعملها بشكل جماعي والطبول أمامها تقرع كما تفعل الجيوش في سيرها ، ولا أن ترفع صوتها بالتهديد والوعيد لمن يخالفها أو يقف في طريقها ، لا تفعل ذلك ، فهذا الصراخ لا يفيدها ، بل يجلب عليها الضرر ويفتح عيون أعدائها عليها ، فيعرف مكانها ومكان أعضائها فيسهل عليه البطش بها وبهم.

إن أساليب الدعوة كثيرة جداً وقد يكون من أسلمها وأنفعها دائماً الدعوة الفردية الصامتة بالقول والفعل والسلوك ، وإشاعة الوعي الإسلامي في الناس وتعميقه في نفوسهم وتبصيرهم بحقائق الإسلام وبواجبهم نحوه ، ولا تبدأ بمهاجمة الحكام فإن آخر ما تفعله هي مهاجمتهم ، وأمامها سوح العمل للإسلام الميسرة المفتوحة كثيرة فلتبدأ بها ، حتى إذا شاع الوعي الإسلامي وانتشر في المجتمع وصار مسلماً حقاً فإن الحكومة المسلمة ستنبثق منه ، لأن انبثاقها من الشعب المسلم شيء طبيعي كخروج الثمرة من الشجرة ، والشعب المسلم هو الذي يشيع فيه الوعي الإسلامي الصحيح وتكون طليعته الجماعة المسلمة المستنيرة المخلصة التي ينجذب إليها الطيبون المؤمنون الصادقون دون طلب منها إلى هذا الانجذاب كما ينجذب الحديد إلى المغناطيس.

ثانياً : رياء الجماعة المسلمة يجلب المحن :

وقد يكون الدافع للجماعة المسلمة في سعيها لجلب المحن لنفسها هو رياؤها وطلبها السمعة نفسها عند الناس. وهذا الدافع للعمل – الرياء وطلب السمعة – داء قديم في الجماعات والأفراد ولكن ضرره بالجماعة المسلمة أشد من ضرره بالأفراد وبالجماعات الدنيوية.

إن الجماعة الإسلامية قامت على أساس المعاني الإسلامية وللدعوة إليها ، فمن التناقض أن يكون الدافع لعملها هو ما حرمه الله : الرياء وطلب السمعة عند الناس. إنها تسعى لإعلاء كلمة الله بتطبيق شرعه ونصرة دينه ابتغاء مرضاة الله وطاعته فيجب أن تنأى عن الرياء بأي شكل كان. وعليها أن تعلم أن خطر الرياء عظيم وتأثيره في النفس كبير ، فقد يحمل الرياء المرائي على أن يعرض نفسه للقتل حتى يقول الناس ولو بعد قتله : ما أشجعه ما أجرأه.

فقد جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال : فما عملت فيها ؟ قال : قاتلت فيك حتى استشهدت. قال : كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء ، فقد قيل ، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار).

والمعنى أن أول الناس يجري عليه القضاء رجل مات في الجهاد أي في قتال الكفار، فيؤتى به ويوقف بين يدي الله تعالى ، فيعرفه الله بنعمه التي أنعم بها عليه في الدنيا فيعترف بها فيقول الله تعالى له : فما عملت في هذه النعم التي أنعمت بها عليك ، هل قمت بشكرها ؟ فيقول هذا الرجل : قاتلت في سبيلك وبطلب مرضاتك حتى استشهدت ، فيقول الله تعالى : كذبت : ولكنك قاتلت حتى يقال إنك جريء ، أي شجاع ، وقد قيل ما قاتلت من أجله. فانظروا – رحمكم الله – يا جماعة المسلمين ، كيف يعمل الرياء بصاحبه ؟ إنه يحمله على أن يموت بيد الكفار حتى يقول الناس ولو بعد موته : إنه شجاع ، وفي الآخرة ينتظره عذاب أهل الرياء ، فهل يليق بالمسلم العاقل المؤمن بالله واليوم الآخر أن يبتغي بعمله مدح الناس وثناءهم عليه مع خسرانه الدنيا بفقد حياته وخسران الآخرة بمقت الله له وإدخاله النار ؟

وأيضاً فإن الجماعة المسلمة إذا عملت للرياء وطلب السمعة بأن تجلب على نفسها المحن والبلايا ليقول الناس عنها ما أجرأها وما أشجع أعضاءها فسيصيبها زيادة على المحن التي جلبتها لنفسها ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاري في صحيحه عن جندب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من سمّع سمّع الله به ، ومن يرائي يرائي الله به).

وجاء في شرح العسقلاني لهذا الحديث : المراد بالرياء إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها. والمراد بالسمعة نحو في الرياء لكنها تتعلق بحاسة السمع والرياء بحاسة البصر. وقال الخطابي في هذا الحديث : معناه من عمل عملاً على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه – أي يسمعوه مدحهم وثناءهم عليه – جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه ويظهر ما كان يخفيه. وقيل في معنى الحديث أيضاً : من قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله فإن الله تعالى يجعله حديثاً عند الناس الذين أراد نيل المنزلة عندهم ولا ثواب له في الآخرة. ومعنى (يرائي الله به) أي يطلعهم الله تعالى على أنه فعل ذلك العمل لهم لا لوجهه تعالى.

ويبدو لي أن المرائي الذي يقصد بعمله ثناء الناس عليه قد يحصل له ذلك كما في الحديث الذي يقاتل ليقال عنه جريء وقد ذكرناه في الفقرة السابقة ، ثم يصيب المرائي انكشاف ريائه للناس وما يترتب على ذلك من ذمهم له وازدرائهم له.

وقد تفعل الجماعة المسلمة فعل المرائي وطالب السمعة الذي يقاتل ليعرف مكانه ويمدحه الناس بأن تتعمد الجماعة المسلمة المواجهة والمقابلة مع عدوها وهي تعلم عجزها عن مواجهته ومنازلته وتعلم أنها يسعها شرعاً أن لا تفعل ذلك ولكنها تفعله وتصر على فعله طلباً للسمعة والمنزلة عند الناس وحتى يقولوا ما أشجع هذه الجماعة وما أجرأها ، ويكون الثمن الذي تقدمه ثمناً باهظاً جداً، إنه سخط الله عليها لأنها لم تقصد بعملها وجه الله وطاعته ومرضاته وإنما أرادت بعملها هذا مرضاة الناس ، ومن طلب مرضاة الناس بسخط الله أسخط الله عليه الناس. ومع سخط الله فإنها تعرض أعضاءها – وهم أمانة عندها – إلى الأذى وتنكيل الأعداء بهم وزجهم بالسجون ومصادرة أموالهم والاعتداء على أعراضهم وتعريضهم للفتنة وزعزعة إيمانهم إلى غير ذلك من البلايا العظام التي سببتها لهم جماعتهم أو قيادتهم.

ثم مع هذا الذي ذكرته ستضيق سبل العمل على الجماعة وينفض ضعاف الإيمان من حولها خوفاً من أن يمسهم الأذى – وقد كان من المأمول تقوية إيمانهم لو بقيت الجماعة في منأى عن البلاء الذي نزل بها – كما أن الناس لا يقبلون على الجماعة خوفاً من تنكيل خصومها بهم.

ولتعلم الجماعة المسلمة أن العمل الخالص لله المقبول عنده هو الخالي من الرياء وطلب السمعة ، فلتحرص أن يكون عملها دائماً خالصاً لله بأن يكون الدافع له مرضاة لله وإعلاء كلمة الله لا طلب السمعة وثناء الناس فقد جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي موسى رضي الله عنه قال : (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرجل يقاتل للمغنم والرجل يقاتل للذكر والرجل يقاتل ليرى مكانه فمن في سبيل الله ؟ قال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).

وجاء في شرحه : قوله : (والرجل يقاتل للذكر) أي ليذكر بين الناس ويشتهر بالشجاعة. وقوله : (والرجل يقاتل ليرى مكانه) وفي رواية أخرى (والرجل يقاتل رياء) فمرجع الذي قبله إلى السمعة ومرجع هذا إلى الرياء وكلاهما مذموم. وقوله : (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) والمراد بكلمة الله كلمة التوحيد ودينه الإسلام المبني عليها والدعوة إليه. واشتمل طلب إعلاء كلمة الله على طلب رضاه وطلب ثوابه وطلب دحض أعدائه.

– وأيضاً ، إن في تعريض الجماعة أعضاءها إلى المحن التي تعمدت وقوعها طلباً للسمعة والرياء إذلالاً لهم على أيدي أعدائها من الكفرة الفجرة ، وهي ممنوعة من ذلك شرعاً ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه. قالوا : كيف يذل نفسه ؟ قال : يتعرض من البلاء ما لا يطيق ) والظاهر أنه في حق من يتعرض إلى البلاء لظنه بقدرته على ذلك ، ومع هذا جاء النهي عنه ، فكيف بالذي يتعرض إلى بلاء للسمعة والرياء وهو يعلم أنه لا يطيق هذا البلاء ؟

– وقد تقع الجماعة في الوهم والتصور الخاطئ وسوء التقدير بما تحصل به الجماعة على ثقة الناس ورضاهم فتعتقد أن ذلك لا يحصل لها إلا إذا أوذيت وقدمت أعضاءها إلى أعدائها ليجلدوهم ويعذبوهم بأنواع العذاب ويذلوهم ويحبسوهم أو يقتلوهم ، وبهذا – في تصورها – تفقد الجماعة (شهادة حسن السلوك) لنفسها لجماهير الناس حتى يثقوا بها ويرضوا عليها. وهذا خطأ جسيم فإن ثقة الناس ورضاهم وإقبالهم عليها لا يحصل شيء منه إلا برضا الله فقط ، ورضاه يحصل بجعل عملها صحيحاً وبإخلاص نيتها. ويكون عملها صحيحاً إذا وافق الشرع وأخذت بسننه العامة واعتبرت بها. وإخلاص النية بأن يكون العمل لله وحده فقط لا غير أي لطلب مرضاته فقط بالمائة. فهذا النهج من العمل إذا التزمت به الجماعة وعضت عليه بالنواجذ ولم تحد عنه قط هو الذي يجلب ثقة الناس بها ورضاهم عليها ، ويكسبها قبل هذا وذاك تأييد الله لها.

اعتراض ودفعه :

وقد يتعرض لها علينا معترض بأن معنى كلامي ومآله أن الجماعة المسلمة أن تقعد ولا تعمل حتى تنجو وينجو أعضاؤها من المحن والبلاء الشدائد ، فهل هذا يجوز ؟ والجواب أنا لم أقصد بكلامي هذا المعنى الذي يقوله المعترض ، وإن كلامه نفسه لا يدل على هذا المعنى ، وإنما قصدت بكلامي شيئين :

الأول : تعمد وقوع المحن من قبل الجماعة وسعيها إلى استجلابها وإيقاعها على نفسها وعلى أعضائها ، وقد بينت خطأ وذلك دليله.

الثاني : بيان ما يدفع الجماعة المسلمة إلى سعيها إلى استجلاب المحن لنفسها ولأعضائها ، فقلت بأن هذا الدافع قد يكون الرياء وطلب السمعة ، وقد يكون التصور الخاطئ لما يجلب لها ثقة الناس ورضاهم عليها ، وبينت أن هذا لا يجوز شرعاً.

أما أن مآل كلامي هو ما ذكره المعترض فهذا فهم غير صحيح ، لأن كلامي واضح ومع وضوحه أزيده وضوحاً فأقول على وجه الإجمال : إن على الجماعة المسلمة أن تزن أعمالها كلها بلا استثناء بميزان الشرع فإذا أذن لها بالتقدم وبالعمل بأسلوب معين تقدمت وعملت ، وإذا منعها من ذلك امتنعت ، لأنها محكومة بالشرع في كل تصرفاتها وفي أفعالها وتروكها ، ولا يجوز أن تخالف الشرع وهي تدعو الناس إلى حكم الشرع وتحكيمه في جميع شؤونهم. وميزان الشرع يقوم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الاجتهاد الصحيح القائم على الكتاب والسنة النبوية.

ومن معاني الشرع ومبادئه الثابتة : (فاتقوا الله ما استطعتم) ودفع أعظم المفسدتين بتحمل أقلها ، وإن درء المفاسد أولى من جلب المصالح ، (ولا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا) وإن من سنة الله في تدافع الحق والباطل وجوب إعداد القوة اللازمة لدفع الباطل ، وإنه قبل هذا الإعداد لا يجوز المقابلة مع العدو بالقتال.

تذكير أخير للجماعة المسلمة :

وتذكير أخير للجماعة المسلمة نختم به كلامنا بخصوص سنة الله في الفتن والابتلاء ، فأقول : إن من السهل لكل إنسان أن يتعمد تقديم نفسه إلى عدوه ليأسره أو يحبسه أو يؤذيه أو يقتله ، ولكن ليس من السهل لكل إنسان أن يجاهد عدوه ويخادعه في جهاده معه لا يعينه على أن يأسره أو يؤذيه ، والمطلوب من الجماعة المسلمة أن تعمل ولا تتعمد تقديم نفسها أو تقديم أعضائها إلى عدوها ليؤذيها ويؤذيهم ويذلها ويذلهم ، ومن هذا التعمد المحظور ، أو يأخذ حكمه ، إصرارها على أسلوب معين للعمل يؤذيها مع أن الشرع يأذن لها بغيره

لاكي

جزاكِ الله خيراً

وجعله الله في موازين اعمالك

جزاك الله خيرا
أهلين أختي عروبة ترى الموضوع منور لاكي و جزاك الله خيرا

آمين أختي smail 2 people جزاك الله خيرا على التعقيب لاكي

و جزاك الله خيرا أختي أم منول لاكي

الدعاء الذي يحفظ الإنسان من الفتن وشر الشهوات 2024.

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الدعاء الذي يحفظ الإنسان من الفتن وشر الشهوات

قل : اللهمَّ عافِني من شرِّ سمعي وبصري
ولساني و قلبي وشرِّ منِيَّتي

لاكي

بارك الله فيك غاليتي
آمييين مشكورة

جزاك الله كل خير وبارك الله فيك
انار الله قلبك بالايمان وطاعة الرحمن
وجعله الله في موازين حسناتك
لاكي

كيف يتعامل المسلم مع الفتن ???? 2024.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أما بعد:

إن العالم في هذه الأيام تجتاحه أمواج عاتية من الفتن والبلايا والمصائب والرزايا زادت في المسلمين فرقة وشقاقاً، واختلفت فيها أفكارهم سلباً وإيجاباً، وخطأً وصواباً، حتى غدا فريق منهم يكفِّر الآخرين إن لم يوافقوه رأيه، أو يتابعوه قوله، وهذا من تمام عتو الفتنة، وشديد بأسها، وجحيم ظلامها، وعدم البصيرة بعواقبها، وسوء مآلها عافانا الله منها، في وقت اتحدت فيه كلمة الكفر فكانت سواء، وحقيقتها :{ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى } [سورة الحشر:14]

وقد بدأوا في نفث سمومهم الصريحة على الإسلام، وظهرت العداوة على ألسنتهم:{قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَر}[سورة آل عمران:118] .

وانشغل المسلمون في النزاع بينهم، يسيرون بغير قواعد؛ فكانت النتائج عكسية .

كيف يتعامل المسلم مع الفتن وهذه الأحداث ؟ سؤال يُردَّد وما الجواب عليه ؟

أسئلة جيدة، لكن هل السائل يطلب الحق، ويستسلم له وفق مفهوم الإسلام؛ إذ لا إسلام بلا استسلام، أو ينتظر جواباً يوافق هواه ومراده، فلا يقبل بغيره؟!

إن الركون إلى العواطف والحماسات، والخطب الناريات دون قواعد واضحات، وأسس جليات؛ إنما يزيد الفتنة فتنة، والبلاء كربة . يُخرِج من بطن المصيبة مصيبة أخرى، وهل يزيد النفط النار إلا ناراً وحريقاً واشتعالاً، والنافخ فيها إلا سواداً واحتراقاً؟!

إن الفتنة شديدة الظلمة، حالكة اللون، قاتمة الرؤية كما أخبر عنها صلى الله عليه وسلم بقوله:[ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ] رواه مسلم والترمذي وأحمد. وهذه الجملة لها معناها الدقيق، ومغزاها العميق؛ إذ لا نور فيها ولا سراج .

إن من يدخل إلى مكان مظلم في كهف أو سرداب؛ لا يفرق بين جامد ولا متحرك، ولا أسود أو أبيض، إنه يكثر من الالتفاف في جميع الاتجاهات: تارة يتقدم، وتارة يتراجع، مرة يظن أنه قد اهتدى إلى الطريق، وأخرى يدرك ضلاله البعيد، وأن سيره الطويل كان عبثاً وضياعاً لما كان يجب عليه فعله .

إنه في هذه الظلمة لا يفرق أو يميز، فقد يضرب جامداً ويظنه متحركاً، ويلطم صديقاً يظنه عدواً، ويسمع صوت مخادع فيحسبه ناصحاً، وكل من يسمع تحركه يسارع إلى ضربه والشك في حركته وقصده، وهو دائما يسئ الظن ولا يأمن، ويجري إلى كل صوت يسمعه، سلاحه مشهر دائماً، فلا مكان له يثبت فيه ولا استقرار، وقد يقترب من هلاكه ظاناً أن فيه نجاته.

وفي هذا الليل الدامس يشع نور، ويضئ قمر، وينبلج فجر، فتتسابق إليه النفوس، ويقصده الموفقون والمبصرون؛ سعياً وجرياً متخطين المصاعب والمتاعب، وما تحدثه الحواجز من خدوش في جوانبهم متناسين جروحهم ودماء أقدامهم التي تسيل بعد اصطدامها بالأحجار، وتجرحها من الأشواك والأشجار أثناء سيرهم إلى ذلك النور، معرضين عن صياح الناعقين لهم بالتوقف عن المسير؛ لأنهم أبصروا نور الإيمان، وشعاع الإسلام، وقواعد ثابتة لا تتغير على مر العصور والأزمان، والأماكن والأيام، لذا كان لا بد للسائرين إلى رب العالمين من بيان وتنبيهات ولوحات وإرشادات تضيء لهم الطريق وتعينهم على السير بدليل وقبل الدخول على تلك القواعد لا بد من إيضاح.

أصول السلامة لك قارئ وسامع:

أولا: لا مجال في حديثنا عن الأصول المسلمات في شريعتنا وديننا، التي لا محل للاجتهاد أو الرأي فيها:

كحرمة دم المسلم وعرضه وبلده وماله وأصل الولاء والبراء، الولاء لأهل الإسلام ووجوب نصرهم وعونهم، والبراءة من أهل الكفر، وعدم جواز نصرهم، أو إعانتهم: بالقول، أو الفعل، أو الإشارة.

ثانيا: إن العاطفة والحماسة مطلوبة شرعاً، محمودة ديناً لكن وفق معيار الشرع لا معيار الخلق وهوى النفس.

يقول الغزالي: "الدين ليس أحكاماً جافة وأوامر ميتة إنه قلب يتحرك بالشوق والرغبة يحمل صاحبه على المسارعة إلى طاعة الله وهو يقول: { وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى }[سورة طه:84] . فكيف تتحول التكاليف الصعبة إلى شئ سائغ حلو؟ – ثم قال- : إن من الناس من تلمس في قلبه عاطفة حارة، ورغبة في الله عميقة، وحباًّ لرسوله صلى الله عليه وسلم بادياً، ومع ذلك تجده ضعيف البصر بأحكام الكتاب والسنة، يعلم منها قليلاً، ويجهل منها كثيراً، ويغريه بالتعصب للقليل الذي يعلمه أنه يأنس من نفسه صدق الوجهة، وقوة محبة لله ورسوله " .

ومع ذلك فكل هذه الأمور لا تؤهله لإصابة الحق، وإبصار النور، أو تغيير شئ من قواعد الشرع، هذا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ وَجَدْتُ مَعَ أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ نَعَمْ ] قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:[ اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي] رواه مسلم وأبوداود وابن ماجه ومالك.

انظر إلى شدة تلك الغيرة والحماس المتأصل في النفوس، المطلوب على المحارم، ومع ذلك بقي الحكم الشرعي لابد من أربعة شهداء بلا تغيير، والقاعدة بلا تبديل عند رؤية ذلك المصاب العظيم الذي يطير له العاقل اللبيب – عافانا الله وإياكم – قال ابن حجر رحمه الله لاكي وفي الحديث أن الأحكام الشرعية لا تعارض بالرأي) .

والشجاعة مطلوبة لكن الرأي مقدم عليها.

والرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المقـام الثاني

والشرع أولى منها تقديماً، فالشرع ميزان الأمور كلها، وشاهد لفرعها وأصلها، بعد هذا البيان إليك:

قواعد في التعامل مع الفتن

القاعدة الأولى: ردها إلى الكتاب والسنة:

فتعرض تلك الوقائع والأحداث على كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، عرضا متجرداً بلا تعصب، أو هوى، أو عاطفة، أو حماساً، أو اندفاعاً، وارتجالاً، فما وافقهما؛ قُبِل وعمل به، وما خالفهما؛ رُدَّ، مهما كان قائله وناقله، وبغض النظر عن الداعي إليه وناشره؛ لأن الإسلام معناه: الاستسلام التام المطلق لله ورسوله، فلا إسلام بلا استسلام : {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }[سورة الشورى:110] وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [سورة النساء:59] .

القاعدة الثانية : الاعتصام بالكتاب والسنة:

في سائر شئون الحياة قولاً وعملاً وتحكيماً، فذاك طوق النجاة في بحر تلاطم المظلمات:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [سورة آل عمران:103] وقال الله سبحانه:{ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة آل عمران:101] وقال سبحانه:{ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون }[سورة الأنعام:153] .

وهذا النبي صلى الله علية وسلم يخبر صحابته ويحذر أمته قائلاً:[ أَلَا إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ] قالوا: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:[ كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ] رواه الترمذي والدارمي وأحمد .

وقال عليه الصلاة والسلام :[ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أَبَداً، كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِي] رواه الحاكم- بنحوه- . فمن اعتصم بهما؛ فقد تكفل الله له بالهداية في الدنيا والسعادة في الأخرى:{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى } [سورة طه:123].

القاعدة الثالثة : ربط الناس بالعلماء الربانيين:

بسؤالهم، والأخذ عنهم، والصدور عن رأيهم؛ فهم نجوم الأرض يهتدى بهم ويسار خلفهم، وأمرنا بسؤالهم:{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }[سورة النحل:43، والأنبياء(7)] .

وأمر الله تعالى برد الأمور إليهم:{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}[سورة النساء:83]

و{أُولِي الْأَمْرِ } هنا: هم العلماء .

وقد أخذ الله عليهم العهد والميثاق بالبيان وعدم الكتمان:{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ }[سورة آل عمران:187] فيلزم حث الناس على الأخذ عنهم، والالتفاف حولهم، وعدم تنقيصهم، أو التقليل من دورهم، أو اتهامهم في مقاصدهم وأقوالهم، وهذه فتنة أخرى يقصدها أهل الفتنة، ويرومها أهل الباطل؛ ليتخبط الناس في ظلمات الجهل بلا قائد عالم، فيعملوا وفق عواطفهم وحماسهم، فيفسدوا في الأرض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.ولتعلم أن من علامة إعراض الله عن عبده أن يصرفه إلى مالا ينفعه، بل لربما وقع فيما يضره.

إن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة:{وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ }[سورة آل عمران:11] .

إن قطع الحبل بين العلماء والعامة هو مايحيكه ويخطط له أعداء الإسلام في القديم والحديث، وقد اشتد الآن لما رأوا فجر الإسلام يضيء، ونوره يشع، وعجلته تسير؛ فرموا بثقلهم في تلك الفتنة وانساق معهم – مع الأسف – بعض رجال الإسلام من حيث يشعرون، أو لا يشعرون؛ لقطع الصلة بين العلماء والناس، فامتلأت سجلات أهل الباطل بالانتصار في هذا المضمار في وقت وجيز، ولحظات يسيرة، لم يكونوا يحلمون بتحقيقها في عقود من السنين.

قولوا لي بربكم إذا أشيع الحديث في العلماء، فمن أين يستقي الناس، وإذا رُدِم مورد مائهم تفرقوا في الأودية والشعاب؛ بحثاً عن مورد جديد، فمنهم من يضل الطريق، ومنهم من يهلك قبل الوصول، ثم متى يجد الناس مورداً لهم يتفقون على الأخذ منه ويقبلوا به، وتجتمع عليه الكلمة ويوحد الصف:{وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }[سورة الأنفال:46].

وهنا سؤال أطرحه: لماذا تحرص وسائل الإعلام – ومنها ما عرف بعدائه للإسلام – على عرض أقوال العلماء في هذه الأحداث بخاصة، وتكرر ذلك وتعرضه للنقاش في الساحات ؟ لماذا

أليس من أهداف ذلك: زرع الفرقة، وإيجاد الشقاق والخلاف والطعن والغمز والهمز واللمز. فإياك- وفقك الله- ثم إياك أن تشارك معهم في مقصدهم، وإذا كان الذب عن عرض المسلم واجباً ومتعيناً فكيف بالمسلم العالم؟! وأين تلمس الأعذار لهم؟

وإذا كان لا بد من نقاش فليكن وفق أدب الخلاف بِدْءاً من طلب الحق فيه واحترام المخالف، وعدم الخروج عن محل النزاع إلى شخص الطرف الآخر وتجريحه، وليكن بعرض القول من دون نسبته إلى قائله خاصة في زمن الفتن مع عدم الدخول في مقاصد القائل:[ أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ] جزء من حديث رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- وأبوداود وأحمد. مع الحرص على تراص الصف، ووحدة الكلمة، وتماسك الأمة، والخندق الواحد، وتأمل هداك الله وأرشدك للحق كيف خالف ابن مسعود عثمان بن عفان – رضي الله عنهما – برأيه في إتمام الصلاة بمنى زمن الحج ووافقه بفعله ولما عوتب في ذلك قال: " الخلاف شر " . وصدق هذا الإمام الخلاف شر.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل الخير
وجعله الله في ميزان حسناتك

الفتن . 2024.

<IFRAME WIDTH=70% HEIGHT=300 SRC="http://mypage.ayna.com/for_44/CProgramFilesSwish1.51al_fetn.swf"></IFRAME>
<br />
جزاكم الله خير

صحيح مسلم
—————–
‏حدثنا ‏ ‏محمد بن عبد الله بن نمير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو خالد يعني سليمان بن حيان ‏ ‏عن ‏ ‏سعد بن طارق ‏ ‏عن ‏ ‏ربعي ‏ ‏عن ‏ ‏حذيفة ‏ ‏قال ‏
‏كنا عند ‏ ‏عمر ‏ ‏فقال أيكم سمع رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يذكر الفتن فقال قوم نحن سمعناه فقال لعلكم تعنون ‏ ‏فتنة ‏ ‏الرجل في أهله وجاره قالوا أجل قال تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ولكن أيكم سمع النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يذكر الفتن التي ‏ ‏تموج ‏ ‏موج البحر قال ‏ ‏حذيفة ‏ ‏فأسكت القوم فقلت أنا قال أنت ‏ ‏لله أبوك ‏ ‏قال ‏ ‏حذيفة ‏ ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا فأي قلب ‏ ‏أشربها ‏ ‏نكت ‏ ‏فيه ‏(((‏ نكتة سوداء )))‏ وأي قلب ‏ ‏أنكرها ‏ ‏نكت ‏ ‏فيه ‏ ‏‏(((‏ نكتة )))‏ ‏ ‏بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل ‏ ‏الصفا ‏ ‏فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود ‏ ‏مربادا ‏ ‏كالكوز ‏ ‏مجخيا ‏ ‏لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما ‏ ‏أشرب ‏ ‏من هواه ‏
‏قال ‏ ‏حذيفة ‏ ‏وحدثته ‏ ‏أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال ‏ ‏عمر ‏ ‏أكسرا لا أبا لك فلو أنه فتح لعله كان يعاد قلت لا بل يكسر وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالأغاليط ‏ ‏قال ‏ ‏أبو خالد ‏ ‏فقلت ‏ ‏لسعد ‏ ‏يا ‏ ‏أبا مالك ‏ ‏ما أسود ‏ ‏مربادا ‏ ‏قال شدة البياض في سواد قال قلت فما الكوز ‏ ‏مجخيا ‏ ‏قال منكوسا ‏ ‏و حدثني ‏ ‏ابن أبي عمر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏مروان الفزاري ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو مالك الأشجعي ‏ ‏عن ‏ ‏ربعي ‏ ‏قال ‏ ‏لما قدم ‏ ‏حذيفة ‏ ‏من عند ‏ ‏عمر ‏ ‏جلس فحدثنا فقال إن أمير المؤمنين أمس لما جلست إليه سأل أصحابه أيكم يحفظ قول رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في الفتن وساق الحديث بمثل حديث ‏ ‏أبي خالد ‏ ‏ولم يذكر تفسير ‏ ‏أبي مالك ‏ ‏لقوله مربادا مجخيا ‏ ‏و حدثني ‏ ‏محمد بن المثنى ‏ ‏وعمرو بن علي ‏ ‏وعقبة بن مكرم العمي ‏ ‏قالوا حدثنا ‏ ‏محمد بن أبي عدي ‏ ‏عن ‏ ‏سليمان التيمي ‏ ‏عن ‏ ‏نعيم بن أبي هند ‏ ‏عن ‏ ‏ربعي بن حراش ‏ ‏عن ‏ ‏حذيفة ‏ ‏أن ‏ ‏عمر ‏ ‏قال من يحدثنا أو قال أيكم يحدثنا وفيهم ‏ ‏حذيفة ‏ ‏ما قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏في الفتنة قال ‏ ‏حذيفة ‏ ‏أنا وساق الحديث كنحو حديث ‏ ‏أبي مالك ‏ ‏عن ‏ ‏ربعي ‏ ‏وقال في الحديث قال ‏ ‏حذيفة ‏ ‏حدثته حديثا ليس بالأغاليط وقال ‏ ‏يعني أنه عن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏

صحيح مسلم بشرح النووي
الحديث في عرض الفتن ففي إسناده ‏
‏( سليمان بن حيان ) ‏
‏بالمثناة ‏
‏و ( ربعي ) ‏
‏بكسر الراء وهو ابن حراش بكسر الحاء المهملة . ‏

‏وقوله : ( فتنة الرجل في أهله وجاره تكفرها الصلاة والصيام والصدقة ) ‏
‏قال أهل اللغة : أصل الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان والاختبار . قال القاضي : ثم صارت في عرف الكلام لكل أمر كشفه الاختبار عن سوء . قال أبو زيد . فتن الرجل يفتن فتونا إذا وقع في الفتنة , وتحول من حال حسنة إلى سيئة . وفتنة الرجل في أهله , وماله , وولده ضروب من فرط محبته لهم , وشحه عليهم , وشغله بهم عن كثير من الخير , كما قال تعالى : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } أو لتفريطه بما يلزم من القيام بحقوقهم وتأديبهم وتعليمهم فإنه راع لهم ومسئول عن رعيته وكذلك فتنة الرجل في جاره من هذا فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة , ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات كما قال تعالى : { إن الحسنات يذهبن السيئات } . ‏

‏وقوله : ( التي تموج كما يموج البحر ) ‏
‏أي تضرب ويدفع بعضها بعضا . وشبهها بموج البحر لشدة عظمها , وكثرة شيوعها . ‏

‏وقوله : ( فأسكت القوم ) ‏
‏هو بقطع الهمزة المفتوحة . قال جمهور أهل اللغة سكت وأسكت لغتان بمعنى صمت . وقال الأصمعي : سكت صمت , وأسكت أطرق . وإنما سكت القوم لأنهم لم يكونوا يحفظون هذا النوع من الفتنة , وإنما حفظوا النوع الأول . ‏

‏وقوله : ( لله أبوك ) ‏
‏كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها فإن الإضافة إلى العظيم تشريف , ولهذا يقال بيت الله . قال صاحب التحرير : فإذا وجد من الولد ما يحمد قيل له لله أبوك حيث أتى بمثلك . ‏

‏وقوله صلى الله عليه وسلم : ( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا ) ‏
‏هذان الحرفان مما اختلف في ضبطه على ثلاثة أوجه أظهرها وأشهرها عودا عودا بضم العين وبالدال المهملة , والثاني بفتح العين وبالدال المهملة أيضا , والثالث بفتح العين وبالذال المعجمة , ولم يذكر صاحب التحرير غير الأول . وأما القاضي عياض فذكر هذه الأوجه الثلاثة عن أئمتهم , واختار الأول أيضا . قال : واختار شيخنا أبو الحسين بن سراج فتح العين والدال المهملة . قال : ومعنى ( تعرض ) أنها تلصق بعرض القلوب أي جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم , ويؤثر فيه شدة التصاقها به . قال : ومعنى ( عودا عودا ) أي تعاد وتكرر شيئا بعد شيء . قال ابن سراج : ومن رواه بالذال المعجمة فمعناه سؤال الاستعاذة منها كما يقال غفرا غفرا , وغفرانك أي نسألك أن تعيذنا من ذلك , وأن تغفر لنا . وقال الأستاذ أبو عبد الله بن سليمان : معناه تظهر على القلوب أي تظهر لها فتنة بعد أخرى . وقوله : ( كالحصير ) أي كما ينسج الحصير عودا عودا وشظية بعد أخرى . قال القاضي : وعلى هذا يترجح رواية ضم العين وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودا أخذ آخر ونسجه فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدا بعد واحد . قال القاضي : وهذا معنى الحديث عندي وهو الذي يدل عليه سياق لفظه وصحة تشبيهه . والله أعلم . ‏

‏قوله صلى الله عليه وسلم : ( فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء , وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء ) ‏
‏معنى ( أشربها ) دخلت فيه دخولا تاما وألزمها وحلت منه محل الشراب . ومنه قوله تعالى : { وأشربوا في قلوبهم العجل } أي حب العجل , ومنه قولهم : ثوب مشرب بحمرة : أي خالطته الحمرة مخالطة لا انفكاك لها . ومعنى نكت نكتة نقط نقطة وهي بالتاء المثناة في آخره . قال : ابن دريد وغيره : كل نقطة في شيء بخلاف لونه فهو نكت ومعنى ( أنكرها ) ردها . والله أعلم . ‏

‏وقوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مربادا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه ) ‏
‏قال القاضي عياض رحمه الله ليس تشبيهه بالصفا بيانا لبياضه لكن صفة أخرى لشدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل , وأن الفتن لم تلصق به , ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء . ‏
‏وأما قوله : ( مربادا ) فكذا هو في روايتنا وأصول بلادنا وهو منصوب على الحال . وذكر القاضي عياض رحمه الله خلافا في ضبطه , وأن منهم من ضبطه كما ذكرناه . ومنهم من رواه ( مربئد ) بهمزة مكسورة بعد الباء قال القاضي : وهذه رواية أكثر شيوخنا . وأصله أن لا يهمز ويكون ( مربد ) مثل مسود ومحمر وكذا ذكره أبو عبيد والهروي وصححه بعض شيوخنا عن أبي مروان بن سراج لأنه من اربد إلا على لغة من قال احمأر بهمزة بعد الميم لالتقاء الساكنين فيقال : اربأد ومربئد والدال مشددة على القولين , وسيأتي تفسيره . ‏
‏وأما قوله : ( مجخيا ) فهو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم خاء معجمة مكسورة معناه مائلا كذا قاله الهروي وغيره . وفسره الراوي في الكتاب بقوله : منكوسا وهو قريب من معنى المائل . قال القاضي عياض : قال لي ابن سراج : ليس قوله كالكوز مجخيا تشبيها لما تقدم من سواده بل هو وصف آخر من أوصافه بأنه قلب ونكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمة . ومثله بالكوز المجخي وبينه بقوله لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا . ‏
‏قال القاضي رحمه الله : شبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المنحرف الذي لا يثبت الماء فيه . وقال صاحب التحرير : معنى الحديث أن الرجل إذا تبع هواه وارتكب المعاصي دخل قلبه بكل معصية يتعاطاها ظلمة , وإذا صار كذلك افتتن وزال عنه نور الإسلام . والقلب مثل الكوز فإذا انكب انصب ما فيه ولم يدخله شيء بعد ذلك . ‏

‏وأما قوله في الكتاب : ( قلت لسعد : ما أسود مربادا فقال : شدة البياض في سواد ) ‏
‏فقال القاضي عياض رحمه الله : كان بعض شيوخنا يقول : إنه تصحيف , وهو قول القاضي أبي الوليد الكناني قال : أرى أن صوابه شبه البياض في سواد , وذلك أن شدة البياض في سواد لا يسمى ربدة , وإنما يقال لها ( بلق ) إذا كان في الجسم , وحورا إذا كان في العين . والربدة إنما هو شيء من بياض يسير يخالط السواد كلون أكثر النعام , ومنه قيل للنعامة : ربداء فصوابه : شبه البياض لا شدة البياض . قال أبو عبيد عن أبي عمرو وغيره : الربدة لون بين السواد والغبرة . وقال ابن دريد : الربدة لون أكدر . وقال غيره : هي أن يختلط السواد بكدرة . وقال الحربي : لون النعام بعضه أسود وبعضه أبيض , ومنه اربد لونه إذا تغير ودخله سواد . وقال نفطويه : المربد الملمع بسواد وبياض , ومنه تربد لونه أي تلون . والله أعلم . ‏

‏قوله : ( حدثته أن بينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال عمر رضي الله عنه أكسرا لا أبا لك فلو أنه فتح لعله كان يعاد ) ‏
‏أما قوله : ( إن بينك وبينها بابا مغلقا ) فمعناه أن تلك الفتن لا يخرج شيء منها في حياتك . ‏
‏وأما قوله : ( يوشك ) بضم الياء وكسر الشين ومعناه يقرب . ‏
‏وقوله : ( أكسرا ) أي أيكسر كسرا فإن المكسور لا يمكن إعادته بخلاف المفتوح , ولأن الكسر لا يكون غالبا إلا عن إكراه وغلبة وخلاف عادة . ‏
‏وقوله : ( لا أبا لك ) قال صاحب التحرير : هذه كلمة تذكرها العرب للحث على الشيء ومعناها أن الإنسان إذا كان له أب وحزبه أمر ووقع في شدة عاونه أبوه ورفع عنه بعض الكل فلا يحتاج من الجد والاهتمام إلى ما يحتاج إليه الانفراد وعدم الأب المعاون . فإذا قيل لا أبا لك فمعناه جد في هذا الأمر وشمر وتأهب تأهب من ليس له معاون . والله أعلم . ‏

‏قوله : ( وحديثه أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالأغاليط ) ‏
‏أما الرجل الذي يقتل فقد جاء مبينا في الصحيح أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقوله : ( يقتل أو يموت ) يحتمل أن يكون حذيفة رضي الله عنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم هكذا على الشك والمراد به الإبهام على حذيفة وغيره . ويحتمل أن يكون حذيفة علم أنه يقتل ولكنه كره أن يخاطب عمر رضي الله عنه بالقتل ; فإن عمر رضي الله عنه كان يعلم أنه هو الباب كما جاء مبينا في الصحيح أن عمر كان يعلم من الباب كما يعلم أن قبل غد الليلة فأتى حذيفة رضي الله عنه بكلام يحصل منه الغرض مع أنه ليس إخبارا لعمر بأنه يقتل . ‏
‏وأما قوله : ( حديثا ليس بالأغاليط ) فهي جمع أغلوطة وهي التي يغالط بها فمعناه حدثته حديثا صدقا محققا ليس هو من صحف الكتابيين ولا من اجتهاد ذي رأي بل من حديث النبي صلى الله عليه وسلم . والحاصل أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر رضي الله عنه وهو الباب فما دام حيا لا تدخل الفتن , فإذا مات دخلت الفتن وكذا كان والله أعلم . ‏

‏وأما قوله في الرواية الأخرى : ( عن ربعي قال : لما قدم حذيفة من عند عمر رضي الله عنهما جلس فحدثنا فقال : إن أمير المؤمنين أمس لما جلست إليه سأل أصحابه أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتن ) ‏
‏؟ إلى آخره فالمراد بقوله ( أمس ) لزمان الماضي لا أمس يومه , وهو اليوم الذي يلي يوم تحديثه ; لأن مراده لما قدم حذيفة الكوفة في انصرافه من المدينة من عند عمر رضي الله عنهما . وفي ( أمس ) ثلاث لغات قال الجوهري : أمس اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين . واختلف العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة , ومنهم من يعربه معرفة , وكلهم يعربه إذا دخلت عليه الألف واللام أو صيره نكرة أو أضافه تقول : مضى الأمس المبارك ومضى أمسنا وكل غد صائر أمسا , وقال سيبويه : جاء في الشعر مذ أمس بالفتح . هذا كلام الجوهري . وقال الأزهري : قال الفراء : ومن العرب من يخفض الأمس وإن أدخل عليه الألف واللام . والله أعلم . ‏

جزاك الله خيرا
وبارك الله فيك
بارك الله فيك وجعله في موزين اعمالك ..
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يثبت قلوبنا على دينه

=======

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

هل هناك أدعية نقولها عند المصائب والفتن : كالحروب واعتداء الكفار على بلاد المسلمين ؟ 2024.

السؤال:

هل هناك أدعية نقولها عند المصائب والفتن : كالحروب واعتداء الكفار على بلاد المسلمين .. ؟

الجواب:

الحمد لله

كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله كثيراً من الفتن كما في حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن " رواه مسلم (2867) ..

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فذكر الحديث وفيه قوله تعالى " يا محمد إذا صليت فقل : اللهم إني أسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي ، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون " رواه الترمذي 3233 وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (408) : صحيح لغيره ..

وكان النبي يتعوذ من الفتن لأنها إذا أتت لا تصيب الظالم وحده وإنما تصيب الجميع ..

ويحسن بنا التعرف على أحاديث الأذكار المتعلقة بالفتن والكروب للدعاء بها ونشرها وحفظ ما تيسر حفظه منها .. وإدراك معاينها للتعبد لله بذلك إذ هي أعظم ما يقال في هذه الأحوال :

1- حديث أَبِي بُرْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَافَ قَوْمًا قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ " رواه أبو داود 1537 وصححه الألباني في صحيح أبي داوود 1360 .

2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم " رواه البخاري 6345 ومسلم 2730.

3- قال صلى الله عليه وسلم : " كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب العرش الكريم " صحيح الجامع الصغير وزيادته (4571) .

4- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا قال : " اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل " رواه الترمذي 3584 وصححه الألباني في صحيح الترمذي 2836

5- وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا ففرج عنه … دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " وفي رواية " لم يدع بها رجل مسلم في شيءٍ قط إلا استجاب الله له " صحيح الجامع الصغير وزيادته (2065) .

6- وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته من الفزع كلمات : " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " رواه أبو داود 3893 وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود (3294) .

7- قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ : اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ " رواه أبو داود 5090. وحسنه الألباني في صحيح أبي داوود 4246 .

8- وكان إذا كربه أمر قال : " يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث " وفي رواية : " إذا نزل به همٌّ أو غمٌّ " صحيح الجامع الصغير 4791

9- وقال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسماء بنت عميس أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الْكَرْبِ أَوْ فِي الْكَرْبِ ( أي المحنة والمشقة ) اللَّهُ رَبِّي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " رواه أبو داود (1525) وصححه الألباني في صحيح أبي داوود (1349) وفي رواية في صحيح الجامع : " من أصابه همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌّ أو شدَّة فقال : الله ربي لا شريك له كُشف ذلك عنه " .

وغيرها من الأحاديث التي لها أثرها الإيجابي الكبير في أوقات الفتن والخوف … من تهدئة للنفس وسلامة في البدن وقرب من الله عز وجل .. مع الاكتفاء بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ففيه غنية عما لا يصح .. وفيه الخير .. والله أعلم

أنظر السؤال 12715 .

الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)

جزاك الله خيرا اختي السلفية
بارك الله فيك ياغاليه وأثابك 0
جزاك الله خير الجزاء على منتقياتك الرائعه المهمه..
جعل الله ما نقلتي في موازين أعمالك أختي السلفية ..
جزاك الله خيرا
بارك الله فيك أختي الغاليه السلفية وأثابك
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير الجزاء ..
بارك الله فيك

بارك الله فيك واثابك الجنة

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة 3 2024.


الأخوة الأعضاء أثناء تصفحي لموقع الألوكة وجدت بعض الكتب المتميزة والتي يمكن تحمليها وذلك حرصي على الاستفادة لي وللجميع

إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة 3

الباقي بالالوكة
http://www.alukah.net/Web/twaijiry/10472/20176/